رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

القصة الكاملة لإعلان وحدة الجيش الليبي نظاميًا بدعم مصري (تفاعلي)

جريدة الدستور

أيام قليلة ونقترب من إعلان رسمي بتوحيد الجيش الليبي كـ"جيش نظامي" قادر على تأمين الدولة الليبية، وتوفير الضمانات اللازمة لحماية الأراضي الليبية من أي تدخلات خارجية واحتواء أي فتن داخلية، وكذلك تأمين أي استحقاقات وطنية مقبلة. خطوات مدروسة واستعدادات تجرى على قدم وساق تم الاتفاق عليها بين كل من الجانبين الليبي والمصري ودعم كبير من المؤسسة العسكرية المصرية؛ لإعادة بناء الجيش الليبي الشقيق وتوحيده من جديد .. "الدستور " حصلت على التفاصيل الكاملة للتعاون الذى تم بين مصر وليبيا لإعادة بناء الجيش الليبي والجهود التي بذلتها المؤسسة العسكرية المصرية جنباً إلى جنب مع الدبلوماسية المصرية لإنجاح هذا الملف، وكشفت مصادر أمنية لـ"الدستور" أن الجيش الليبي بعد هيكلته بمساعدات مصرية استحدث وحدات لمكافحة الارهاب، وكذلك قوات للتدخل السريع والاشتباك فيما يشبه حرب الشوارع، وذلك تطوير في المنظومة القتالية العسكرية الليبية. آخر هذه الجهود كانت قبل أيام قليلة، وبالتحديد في الاجتماع الخامس الذى تم بين اللجنة المصرية المعنية بليبيا ووفد الجيش الليبي والذي عقد خلال الفترة من 16 الى 20 فبراير الجاري بالقاهرة، وفيه تم الاتفاق على آليات لتنفيذ ما تم التوصل إليه في الاجتماعات السابقة بشأن القضايا الخاصة بإعادة هيكلة المؤسسة العسكرية، وكذا ما يمكن إنجازه في هذا الشأن من خطوات مدروسة ومدققة ومتوافق عليها خلال الفترة القادمة، كذلك المساعدات والاستشارات الفنية التى تقدمها مصر في إعادة إعمار ليبيا وإعادة تأهيل المؤسسات هناك.
وبالتزامن مع هذا الاجتماع كان هناك عدد من الاجتماعات الموازية لقيادات ليبية برعاية مصرية من أجل استكمال توحيد المؤسسة العسكرية وجمع الشتات، وتوحيد الإدارات وأعداد الهيكل التنظيمي وتكوين هيئة عسكرية موحدة تضم منتسبي القوات المسلحة كافة بعيدا عن السياسة، واتفق جميع المشاركين فى هذه الاجتماعات التي جرت فى أطار سرى على أن توحيد المؤسسة العسكرية يعد حجر الزاوية لتدعيم بناء قدرات الدولة الليبية ومؤسساتها الأمنية، وأن الإسراع في آليات التنفيذ بعد الاستقرار على مضامينها سيسهم بشكل رئيسي في توفير الضمانات اللازمة لحماية أية استحقاقات وطنية قادمة، بما في ذلك على سبيل المثال حماية أية انتخابات قد يتقرر عقدها في المستقبل القريب . وعلمت "الدستور" أن الاجتماع المقبل والمنتظر عقده في مارس المقبل بالقاهرة سيكون بمثابة الحصاد ومراقبة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، خاصة أن الجيش الليبي كان منقسماً بين قادة من قبيلة القذافي مواليه له، وقاعدة أخرى موالية للشعب الليبي بقيادة خليفة حفتر. استضافة 5 اجتماعات للجيش الليبي أما عن الدور المصري في إعادة تأهيل وتدريب الجيش الليبي كان واضحا وجليا منذ بدء الأزمة الليبية لا سيما أن ليبيا تمثل ظهيرا غربيا مهما للداخل المصري وبعدا استراتيجيا مهما، وكذلك انتشار الجماعات المسلحة في ليبيا وعلى رأسها تنظيم داعش بما يهدد الداخل المصري بشكل واضح، فضلا عن أن وحدة ليبيا يجب أن تكون أحد المرتكزات الأساسية فى الأمن القومي المصري، لذلك لم تتوانَ مصر في التدخل بالأزمة الليبية، وبذل الجهود الحثيثة لتسوية النزاع، ومساعدة الأطراف المتناحرة على الوصول لاتفاق يُنهي الصراع الطاحن من جهة، والعمل على تأمين حدودها الغربية مع ليبيا من جهة أخرى، بعد تصاعد نشاط ونفوذ التنظيمات الإرهابية هناك، ودعم محاولات توحيد الجيش الليبي، واستضافت عدة اجتماعات لعسكريين ليبيين من الغرب والشرق؛ للمساعدة على توحيد الجيش وإبعاده عن التجاذبات السياسية وإنهاء حالة الانقسام.
 

تشديد التأمين على الحدود تهدف مصر أيضا الى تعزيز تشكيل جيش ليبي قادر على استعادة تماسك ليبيا من الداخل وحماية حدودها، والتصدي لمحاولات التسلل التي تقوم بها العناصر الإرهابية على الحدود، كما تحاول التصدي لعمليات تهريب الأسلحة والذخائر إلى الأراضي المصرية، وعلى مدار السنوات الماضية تمكن الجيش المصري من احباط محاولات تسلل إرهابيين وافشال عمليات تهريب أسلحة مخدرات . جهود دبلوماسية وبالتوازي مع جهودها في المجال العسكري، تسعى مصر إلى احلال التوافق بين النخب السياسية الليبية المختلفة، وتواصل جهودها من أجل دفع الليبيين لتحقيق مصالحة من خلال التنسيق بينهم، وشارك وزير الخارجية سامح شكري في العديد من الاجتماعات والتقى بالعديد من المسئولين العرب والأجانب مؤكدا ضرورة العمل جنبا إلى جنب لإنهاء الأزمة دبلوماسيا. تاريخياً، وبسبب اتفاقية كامب ديفيد، قرر القذافي التعامل مع أنور السادات باعتباره خائناً والأخير كان يعتبر القذافي مخبولاً. توترت العلاقات بين البلدين وبدأت عمليات على الأرض مثل الاعتداء على المقارّ الدبلوماسية، ثم سحب السفراء. وأعلن القذافي دعمه المعارضة المصرية، فما كان من القاهرة إلا أن ردت بدعم تشاد في حربها مع ليبيا. ثم حركت مصر فرقتي مشاة باتجاه حدودها مع ليبيا فهدد القذافي بطرد العمال المصريين من ليبيا، ثم هاجم القذافي مدينة السلوم المصرية، فانطلق هجوم مصري مضاد بالطيران أسفر عن تدمير القواعد الجوية في شرق ليبيا. وأعقب الهجوم الجوي، اقتحام بري وصل فيه الجيش المصري إلى عمق 20 كلم داخل الأراضي الليبية، وجرت عمليات إنزال لقوات الصاعقة داخل طبرق .استمرت المعارك أربعة أيام لتتوقف العمليات بعدها فجأة، وانسحبت القوات المصرية فجأة دون إعلان، الأمر الذي علق عليه مراقبون بأنه كان قرارا من السادات نتيجة التخوف من الخسائر المحتملة لقواته فى الصحراء الليبية، ولم تتكرر هذه المغامرة لسنوات، حتى دخول الطيران المصري لمدينة درنة الليبية وقصفها على إثر ذبح 21 قبطيا في ليبيا في 2015 على يد تنظيم داعش الإرهابي، وتكررت الضربة مرة ثانية في فبراير 2017 على إثر حادث دير الانبا صموئيل بالمنيا.