رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اسحبوا الجنسية من الإخوان


السؤال الذى يجب أن نطرحه بقوة ونصمم عليه هو: لماذا نقف عاجزين أمام تحركات الإخوان على المستوى الدولى؟!، لماذا لم نتخذ أى إجراءات ضد الذين هربوا من مصر إلى قطر وتركيا ولندن ثم هم من بلاد «المهرب» يحرضون ليل نهار ضد وطننا؟!. لم يقف الأمر عند تحريضهم العامة من الناس ضد الوطن، ولكنهم يحرضون دولًا لتعمل على إسقاط الدولة المصرية، لماذا لا نعاقب الذين يحركون صحفًا كاذبة كالإيكونوميست البريطانية؟.
يقينى أنه ليس أشق على النفس من طغمة مفسدة ينتسبون بالاسم لمصر وهم فى الحقيقة لا علاقة لهم بها، لا يؤمنون بالوطن ولم يكن الوطن فى يوم من الأيام من أولوياتهم، يجمعون أمرهم ويذهبون من تركيا إلى لندن لمقابلة رئيسة وزراء بريطانيا، ويخرجون من اللقاء وهم يحركون أشداقهم من النشوة ويقولون: «لقد حرضنا بريطانيا على أن تفرض حصارًا اقتصاديًا على مصر»!، ثم يذهبون إلى الكونجرس الأمريكى ليطالبوا بتوقيع عقوبات دولية على مصر، ومع ذلك نقف أمام هؤلاء موقف العاجز مع أننا نملك قانون سحب الجنسية من الذين يهددون الأمن القومى للبلاد، فليس من حق من يهدد بلده أن يظل محتفظًا بجنسيتها، وقانون الجنسية يسمح لنا بذلك، ولكى يكون الأمر واضحًا للجميع فإن قانون الجنسية ينص فى إحدى مواده على أنه: يجوز بقرار مسبب من مجلس الوزراء إسقاط الجنسية المصرية عن كل من يتمتع بها فى أى حالة من الأحوال الآتية:
«إذا كانت إقامته العادية فى الخارج وصدر حكم بإدانته فى جناية من الجنايات المضرة بأمن الدولة من جهة الخارج». وهذه الحالة تنطبق على جمال حشمت ويحيى موسى ووجدى غنيم وعشرات غيرهم من الذين ارتكبوا ولا يزالون يرتكبون جرائم مضرة بأمن مصر من جهة الخارج، وأمن مصر من جهة الخارج يعنى أنهم يقفون ضد مصالح مصر من أجل تحقيق مصالح دول أجنبية.
وحالات سحب الجنسية أيضًا تتحقق فى حالة «إذا كانت إقامته العادية فى الخارج وانضم إلى هيئة أجنبية من أغراضها العمل على تقويض النظام الاجتمـاعى أو الاقتصادى للدولة بالقوة أو بأى وسيلة من الوسائل غير المشروعة».
وهذه الحالة تنطبق على كل الإخوان الذين فروا من مصر وذهبوا إلى قطر وتركيا واتفقوا مع حكامهما ضد مصر، وفتحت لهم هاتان الدولتان قنوات فضائية يحاربون بها البلاد كل دقيقة، ويخططون فيها لارتكاب عمليات اغتيال كشفت عنها أجهزة الأمن».

الأمر إذن شديد الوضوح ولا يحتاج إلا لقرار من مجلس الوزراء، فالإخوان فى كل أدبياتهم يعلنون صراحة أنهم لا يؤمنون بالأوطان، فهم يعتبرونها حفنة عفنة من التراب. وحين أنشأ البنا جماعته لم يكن هدفه الإصلاح الاجتماعى للبلاد أو حتى الإصلاح السياسى أو محاربة الإنجليز وإرغامهم على الجلاء، ولكنه أنشأ الجماعة، كما يقول، لاستعادة الخلافة مرة أخرى، تلك الخلافة التى كانت بمثابة المخدر لأجيال عديدة توهمت أنها من الإسلام أو من أعلى فرائضه وهى لا علاقة لها بالإسلام أبدًا، غاية الأمر أنها كانت نظام حكم ارتضاه الأولون لأنفسهم، ومن عجب أن يقبل مصريون أن تتسيد عليهم دولة أخرى وتسوسهم وترسم مستقبلهم وتستولى على ثرواتهم، وهم من بعد كل ذلك يفتخرون بالمحتل الذى يسلبهم أقواتهم لمجرد أنه يسمى نفسه الخليفة، ودولته تسمى نفسها دولة الخلافة!، ولذلك كانت الخلافة بالنسبة لحسن البنا ولجماعته «رمز القومية الإسلامية» وبناءً على ذلك يرفض البنا فكرة الوطنية التى تقوم على حدود للوطن فيقول فى رسالة من رسائله «الإخوان المسلمون لا يؤمنون بالقومية، ولا بأشباهها، ولا يقولون فرعونية وعربية وسورية».

وإذا كان حسن البنا يشكل الرافد الأول من روافد عقيدة الإخوان فإن سيد قطب شكل بأفكاره الرافد الثانى للإخوان، ولم يختلف سيد قطب فى كثير أو قليل عن حسن البنا، بل وضع سيد قطب دائرة أخرى للوطن هى دائرة «المؤمنين» وهم ينتسبون مع بعضهم البعض فى وطن «الإيمان» الذى يشاقق ويخالف وطن «أهل الجاهلية» ولو كانوا من المسلمين، وفى هذا يقول سيد قطب «إن المجتمع الإسلامى وحده هو المجتمع الذى تمثل فيه العقيدة رابطة التجمع الأساسية، والذى تعتبر فيه العقيدة هى الجنسية بين الأسود والأبيض، والأصفر والأحمر، والعربى والرومى، والفارسى والحبشى، وسائر الأرض فى أمة واحدة ربها الله».

ولم يهتم سيد قطب بإقامة دولة الخلافة، وفى ذلك كان يختلف عن حسن البنا، إذ كانت تصوراته تقوم على إعادة الإسلام للحياة أولًا ليكون منهجًا، وتكون فيه كلمة الله هى العليا، وبعد ذلك ستنشأ دولة الخلافة وحدها، وتكون رابطتها بين من يؤمنون بتصورات الإخوان العقائدية، بمعنى أنها ستكون خلافة ليست على نهج النبوة الأولى، ولكن خلافة على نهج الإخوان، وطريقة سيد قطب، وفكرة حسن البنا، فهى إذن خلافة إخوانية، وسيكون وطنهم حينئذ ليس هو الإسلام كما قال البنا، ولكن وطنهم هو الإخوان.
ولكن ما معنى أن يتجاوز الإخوان فى مفهومهم للوطن الحدود والأرض والتاريخ والمواطنة؟.. معناه أن فكرة الإخوان فكرة أممية ومن ثم يكون ولاء المنتسب للإخوان ليس لوطنه، بل لتنظيمه، فله أعطى بيعة لا يستطيع الفكاك منها وإلا مات ميتة جاهلية، كما يعتقدون، وينسحب ولاؤهم لرئيس بلدهم إلى مرشدهم فهو صاحب البيعة وهو رئيس التنظيم الذى حل محل الدولة، وبالتالى يثور التساؤل حول التعارض بين الانتماء للوطن والانتماء للتنظيم العالمى، إذ يُفترض فى المواطن، أن يكون ولاؤه فقط لوطنه، فإذا ما تعارض ذلك مع ولاء آخر، فإن هذا يعد من قبيل الخيانة العظمى، وهذا الأمر كان محل محاكمة جنائية لإخوان الإمارات منذ أعوام قليلة، حيث تمت محاكمتهم بتهمة الخيانة العظمى لقيامهم بأداء بيعة لمرشد تنظيم الإخوان.

ولعلنا نجد حكومة الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال تضع شروطًا لجنسيتها، من أهمها أن يقسم المواطن الحاصل على الجنسية بالولاء للولايات المتحدة الأمريكية، فإذا ثبت بعد ذلك أنه أقسم قسم الولاء لدولة أخرى سقطت عنه الجنسية، بل من الممكن اتهامه بالخيانة العظمى.
هذا قليلٌ من كثير، وفى الجعبة الكثير، ونحن ننتظر أن يتحرك مجلس الوزراء فيمارس اختصاصاته، ويصدر قرارًا بسحب الجنسية من الإخوان الهاربين الذين يرتكبون جرائمهم ضد مصر، وإنا لمنتظرون.