رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الكنيسة واللغة القبطية: مراحل جهود إحياء التراث القديم

جريدة الدستور

اللغة القبطية هي المرحلة الأخيرة من مراحل تطور اللغة المصرية التي تكلم بها، وكتبها قدماء المصريين منذ أكثر من خمسة آلاف سنة، والرأي السائد لدى العلماء أنها تنحدر من اللغة المصرية المتأخرة مباشرة، حسبما كانوا يتحدثونها في القرن السادس عشر قبل الميلاد مع بداية الدولة الحديثة.

◘ دور الكنيسة في تعميم استخدام اللغة القبطية
بالرغم من أن المحاولات الأولى للكتابة القبطية، وكذلك أيضا الوثائق المعروفة باسم «النصوص القبطية القديمة»، تمت بواسطة المصريين القدماء، إلا أن الفضل في تثبيت الأبجدية المصرية القبطية في الوضع الذي تعرف به حاليًا، وتطبيع نظام هجاء الكلمات كان بواسطة الكنيسة المصرية في عهد البابا ديمتريوس البطريرك الثاني عشر 189 - 232م وخلفائه.

ففي البداية كان الإنجيل يقرأ باليونانية ثم يترجم شفاهيًا ولم يمكن كتابته بالديموطيقية، بسبب احتوائها على الكثير من الرموز والمشتقات، ولما زادت الحاجة إلى ترجمة مصرية مكتوبة لـ«الأنجيل» استخدمت الأبجدية اليونانية لهذا الغرض، مع إضافة بعض الحروف المصرية الديموطيقية هما Ϣ Ϥ Ϧ Ϩ Ϫ Ϭ Ϯ، وهي الكتابة التي تعرف بالقبطية.

ومع انتشار ترجمة الإنجيل، بين الناس انتشرت معه الكتابة القبطية وعم استخدامها، ومن بين أشهر المخطوطات القبطية التي ترجع إلى نهاية القرن الثالث وبداية القرن الرابع الميلاديين، «مخطوطات نجع حمادي الغنوصية».

◘ الاهتمام بتطوير اللغة القبطية في الكنائس المصرية
○ البابا شنودة الثالث
اهتم البابا المتنيّح شنودة الثالث بتدعيم جهود إنعاش اللغة القبطية، والتحدث بها منذ رسامته، أسقفًا للمعاهد الدينية في سنة 1962م، وكلف بعض الأقباط المثقفين بهذه المهمة، وعندما جلس على الكرسي المرقسي، واصل تشجيعه لهم وشجع البعض على دراسة اللغة القبطية، والحصول على أعلى الشهادات، وقد نال أحدهم على شهادة الدكتوراة في صوتيات اللغة القبطية، وأثرها على اللغة العربية في مصر وأثبت صحة اللفظ القبطي القديم وأصالته.

وتدعيمًا لجهود تعليم اللغة القبطية أسس البابا شنودة الثالث معهد اللغة القبطية، الذى يوجد حاليًا، بالدور الثالث بمبنى الأنبا رويس، بالكاتدرائية المرقسية الكبرى بالعباسية، يوم الخميس 9 ديسمبر 1976م، الموافق 30 هاتور 1693ش، وقد بارك الرب هذا المعهد ولا يزال يواصل رسالته في أحياء تراث اللغة القبطية، والتحدث بها بلفظها الأصيل.

ونبغ عدد كبير في إجادة وإتقان اللغة القبطية، والتكلم بها من العلمانيين والشمامسة، والأساقفة والكهنة، ويوجد الآن عدد من العائلات والبيوت يستخدمون اللغة القبطية في حياتهم المعيشية على سبيل المثال فقط وليس الحصر عائلة الأنبا ديمتريوس، أسقف ملوي، وعائلة الدكتور كمال فريد وغيرهم الكثير من أساتذة اللغة القبطية ومعلميها.

وبفضل الكليات الإكليريكية والمعاهد العليا المتخصصة، ونشاط الآباء الرهبان الحاصلين على أعلى الشهادات استردت اللغة القبطية عافيتها، خاصة أن اللغة القبطية الآن تدرس في كثير من الجامعات في أوروبا وبلاد المهجر، مما شجع العدد الكثير من المهاجرين على دراسة اللغة القبطية، والتكلم بها مع ذويهم في الكنائس والبيوت.

○ الأسقف العام للشباب
اهتم الأنبا موسى الأسقف العام للشباب من خلال مناهج مهرجان الكرازة بأسقفية الشباب، التابعة للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، التى تعدها الأسقفية سنويًا للأطفال والكبار، بمنهج خاص للغة القبطية بدءًا من مرحلة حضانة وحتى مرحلة الخريجين.
وأصبحت الكنائس على مستوى جميع الإيبارشيات المصرية، تهتم بمنهج مهرجان الكرازة السنوى، للغة القبطية، وتدريسه للأطفال من خلال فصول مدارس الأحد الأسبوعية.

○ مدارس الأحد وتعليم اللغة القبطية
كان لمدارس الأحد دور مهم فى نشر وتعليم اللغة القبطية، فمنذ أن تم تأسيس مدارس الأحد على يد الشماس «حبيب جرجس»، اهتمت الكنيسة بتعليم اللغة القبطية للأطفال منذ مراحل الطفولة، بتخصيص وقت محدد فى يوم اللقاء الأسبوعى للأطفال فى مدارس الأحد، بتعليمهم الحروف والكلمات القبطية.
إضافة إلى فصول الألحان، فالألحَان فى الكنيسة جزء كبير منها يقال باللغة القبطية، فاهتمت الكنائس بعمل فصول خاصة لتعليم الأطفال الألحان باللغة القبطية، وحاليًا أصبحت هناك مدارس خاصة للألحان، حتى يتعلم الأطفال منذ الصغر ألحان الكنيسة باللغة القبطية.