رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شقيق شيخ الأزهر: مواقف السلفيين بعيدة عن الدين

محمد الطيب
محمد الطيب

تصدينا لمحاولات استقطابنا من «الإخوان»
ونجدد دعمنا للرئيس فى الانتخابات المقبلة
نلتزم بالشريعة الإسلامية ونرفض البدع والخزعبلات ونحل أزمات الصعايدة والأقباط

اختلاط الرجال والنساء فى الموالد «حرام» والله لا يرضى عن احتفالات بعض الطرق
لا علاقة لشيخ الأزهر بالطريقة ومريدونا بالآلاف داخل وخارج البلاد


قال الشيخ محمد الطيب، شيخ الطريقة الخلوتية الحسانية، شقيق شيخ الأزهر، إن الطريقة من الطرق الصوفية الكبيرة فى مصر، وتعمل على محاربة البدع والخزعبلات، ونشر الإسلام الوسطى، فى ربوع البلاد. وكشف «الطيب»، فى حواره مع «الدستور»، حقيقة تقدمه بطلب للحصول على اعتراف رسمى من المجلس الأعلى للطرق الصوفية، موضحًا أن «الخلوتية الحسانية» ترفض أن تكون تابعة لأى جهة، سواء كانت رسمية أو غير رسمية. وأضاف شيخ «الخلوتية»: «لم نسع للحصول على اعتراف من المجلس الأعلى للطرق الصوفية، لأن الطريقة مستقلة بذاتها، ويترأسها علماء الأزهر الشريف»، معتبرا أن التصوف الإسلامى منهج دينى أخلاقى يحكم علاقة الفرد بربه، ولا يتطلب أن يتبع صاحبه اتحادا أو مؤسسة، حتى يكون صوفيا أو غير صوفى.


■ بداية.. لماذا سميت الطريقة بـ«الخلوتية»؟
- سميت الطريقة الخلوتية بهذا الاسم نسبة إلى «الخلوة»، فمشايخها الكبار كانوا يعتكفون فى حجرات خاصة بهم، ويختلون بأنفسهم يعبدون الله ليل نهار، حتى إن الواحد فيهم كان لا يرى أهل بيته لمدة شهر كامل، ولذلك أطلق على أتباع هذه الطريقة الصوفية «أهل الخلوة».
وبمرور الزمان، دشن الشيوخ الكبار الطريقة الخلوتية، لتضم جميع الأتباع والمريدين الذين يعتنقون المنهج الخلوتى، أما «الحسانية» فهى أحد فروع «الخلوتية».
طريقتنا صوفية سُنِّيةٌ، بُنيت على صريح القرآن وواضح السنة، وتتسم بالسير وفق ضوابط الشريعة الإسلامية، متحلية فى ذلك بسيرة النبى، صلى الله عليه وسلم، وتعاليمه، وما وصلنا من آداب الصحابة، وصالح التابعين وتابعيهم.
■ ما الدور الذى تؤديه الطريقة الخلوتية الحسانية؟
- تؤدى الطريقة الخلوتية الحسانية دورا كبيرا فى نشر الدين الإسلامى الوسطى، وليس لها أى علاقة بأى بدع وخزعبلات من التى تمارسها بعض الطرق التى ساهمت فى تشويه صورة التصوف الإسلامى الصحيح، ومنهجنا الرئيسى هو الكتاب والسنة، بعيدا عن الأفكار المخالفة للشرع والدين.
كما أن الطريقة تعقد المصالحات بين المواطنين فى محافظة الأقصر، وتحديدا فى مدينة «القرنة»، فضلا عن الكتب التى يصدرها علماؤها وأبناؤها بشكل دائم لمحاربة التطرف والإرهاب.
■ من مشايخ الطريقة الخلوتية؟
- شيخ الطريقة الأول هو الشيخ أحمد محمد أحمد الطيب الحسانى، ومن بعده ولده والدى الشيخ محمد أحمد الطيب، يليه أنا محمد الطيب، والطريقة موجودة فى مصر منذ قدوم الشيخ محمد بن أحمد كريم الدين الخلوتى.
ومن شيوخنا الإمام الجنيد، ومن بعده من أئمة التصوف العظام الإمام شيخ الإسلام محمد الحفنى، والشيخ أحمد بن أحمد الدردير، صاحب المؤلفات الفقهية التى ما زالت تدرس حتى اليوم بكلية الشريعة بجامعة الأزهر، وبالأخص كتابه «الشرح الكبير على مختصر خليل»، وكذلك كتابه «الشرح الصغير» الذى يدرس بالمرحلة الثانوية الأزهرية، ومنهم أيضًا الشيخ الصَّاوى، الذى تدرس مؤلفاته وحواشيه فى الأزهر حتى يومنا هذا.
■ أين تنتشر الطريقة الخلوتية الحسانية؟ وكم عدد مريديها فى مصر؟
- تنتشر الطريقة الخلوتية الحسانية فى جميع محافظات الجمهورية، خاصة فى الأقصر وأسوان وقنا، وتنتشر خارج مصر فى العديد من الدول الإسلامية، ويأتى المريدون من جميع أنحاء العالم لزيارة الطريقة وعلمائها، والذين يعلمون الناس الدين والفقه والشريعة الإسلامية، فى ساحة الشيخ الطيب، ويقدر عدد المريدين بالآلاف داخل مصر وخارجها.
■ ما موقع شيخ الأزهر من الطريقة؟
- شيخ الأزهر لم يتقلد مشيخة الطريقة الخلوتية من قبل، خاصة أنه كان مشغولًا بدراسته الجامعية، منذ البداية، ثم انشغل بعد ذلك بمنصب رئيس جامعة الأزهر، وتلا ذلك توليه منصب شيخ الأزهر، بما به من مشاغل كبيرة، ونظرا لانشغاله الكبير، وعدم وجود أى وقت لديه، لم يتقلد مشيخة الطريقة، وتقلدتها أنا.
ورغم ذلك فإن شيخ الأزهر يشارك دائما فى حل المشكلات بين المواطنين، ويتواجد معنا أيضا فى ساحة «آل الطيب»، حيث يلتقى أهالى الأقصر والمحافظات الأخرى، الذين يأتون إلى ساحتنا للتعرف على علوم الطريقة الخلوتية الحسانية.
■ ألا يملك الأزهر الشريف أى سيطرة على الطريقة؟
- الأزهر الشريف لا يملك أى سيطرة على الطريقة، لكننا فى الوقت ذاته ننتمى للأزهر الشريف، باعتباره المؤسسة الإسلامية الشرعية التى تقود العالم الإسلامى كله إلى بر الأمان، كما أننا نربى أبناءنا وأتباعنا داخل الساحة الخلوتية الحسانية على محبة الأزهر الشريف وشيوخه الأجلاء، وغالبية أبناء الطريقة من خريجى الأزهر.
كما أن الطريقة الخلوتية الحسانية تعتبر من أكبر الطرق الصوفية التى تدرس العلم والشريعة والفقه، وهى تدعو إلى الله بالمحبة والأخلاق والاحترام.
وأؤكد أن الطريقة ليس لها أى علاقة رسمية من قريب أو من بعيد بالأزهر الشريف وقياداته سوى أن مؤسسيها وشيوخها كانوا- ولا يزالون- من علماء الأزهر الشريف، ونحن على دربهم نسير فى انتمائنا للأزهر دون أن ينتمى إلينا الأزهر.
■ ما حقيقة سعيكم للحصول على اعتراف رسمى بالطريقة من المجلس الأعلى للطرق الصوفية؟
- «الخلوتية» لا تسعى للحصول على اعتراف من المجلس الأعلى للطرق الصوفية، ومبادئها تمنعنا من الانضمام للمجلس، لأنها طريقة مستقلة بذاتها، ليس لها أى علاقة بأى منظمات أو اتحادات، سواء أكانت صوفية أو غير صوفية.
نحن طريقة يتزعمها ويترأسها بشكل دائم علماء الأزهر الشريف، وليس معنى ذلك أننا نختلف مع «الطرق الصوفية»، فأهل التصوف جميعهم أهل محبة وزهد وقرب من الله، لكن كل ما فى الأمر أنه لا تشغلنا هذه الأمور، والذى يهمنا هو ذكر الله آناء الليل وأطراف النهار.
■ ولكن عدم حصولكم على اعتراف «الطرق الصوفية» سيجعلكم مخالفين للقانون المؤسس للطرق الصوفية.. ما تعليقك؟
- ما يلزم الطريقة وأبناءها هو القانون الإلهى، المتمثل فى الكتاب والسنة، كما أننى بصفتى شيخ الطريقة الخلوتية الحسانية غير راض عن الكثير من الأمور التى تحدث فى موالد بعض الطرق، مثل الاختلاط الذى يحدث بين الرجال والنساء، والذى يمنعه الدين الإسلامى.
ونرى فى طريقتنا، أنه ينبغى على بقية الطرق، ضرورة الالتزام بالمبادئ الصوفية، التى تعلمناها على مدار سنوات من مشايخنا، فأهل التصوف الإسلامى ينبغى لهم الالتزام بالقرآن والسنة النبوية، والله- عز وجل- لا يرضى عن الكثير من الأمور التى تتم فى عدة موالد.
■ أتقصد أنكم تحرمون الموالد والاحتفالات التى تقام فيها؟
- نحن فى الطريقة الخلوتية الحسانية نرفض أن يكون الاحتفال بمولد الصالحين من خلال الطبل والزمر والاختلاط، ولذلك لا نذهب إلى هذه الموالد أو الاحتفالات، ونمنع مريدينا وأتباعنا من المشاركة فى هذه الموالد، التى تخالف الشريعة الإسلامية فى الكثير من طقوسها ومعتقداتها.
ورغم ذلك فإن للطريقة الخلوتية احتفالاتها، ونحتفى بالفعل بالصالحين من خلال إقامة الدروس الدينية والعلمية، مع الفصل بين النساء والرجال وعدم جمعهم فى مكان واحد، مثلما يحدث فى الكثير من الطرق الأخرى، وكله فى إطار الالتزام بالشريعة على قدر الإمكان، ومحاولة الحفاظ على المنهج الصوفى من بعض الأمور الدخيلة.
■ كيف رأيتم الاعتراف الرسمى بطريقة مفتى الديار السابق على جمعة؟
- مفتى الديار السابق الدكتور على جمعة هو واحد من أكابر العلماء فى مصر، ومن المؤكد أن طريقته الصوفية ستسير على الكتاب والسنة النبوية، ونرى أن الاعتراف بطريقته أمر عادى جدا، خاصة أنه سيكون إضافة قوية للطرق الصوفية فى مصر، لكن نحن مثلما قلت أكثر من مرة لا تهمنا الشكليات أو المناصب، أكثر من العمل على الأرض ونشر التصوف الإسلامى، بالأخلاق والمعاملات.
■ هل حاولت جماعة الإخوان الإرهابية التواصل معكم أو استقطابكم؟
- بالفعل، حاولت جماعة الإخوان ضم الطريقة ومريديها إليها، لكننا رفضنا، لأننا صوفية، لا نعترف بمنهج جماعة الإخوان المتطرف، ولذلك التزمنا بمنهجنا الصوفى الوسطى، ورفضنا الانضمام لمثل هذه التيارات، سواء الإخوان أو السلفيين، وشاركنا فى ثورة ٣٠ يونيو.
وتاريخ محاولات جماعة الإخوان للتواصل مع الطريقة قديم جدا، فسبق أن حاولوا ضم الطريقة فى فترة الستينيات، لكننا رفضنا، وحاولوا منذ سنوات، ورفضنا، لأننا- كما ذكرت- طريقة صوفية مستقلة بذاتها لا تتبع أى جهة أو تنظيم.
■ وما موقفكم من التيارات السلفية التى تكفّر أهل التصوف دائما؟
- الإسلام دين وسطية واعتدال، ولا يجب على الإطلاق أن يكفّر المسلم أخاه فى الدين، والسلفية أفكارهم غريبة بعض الشىء، وينتهجون مواقف بعيدة عن الدين، لكن أهل التصوف لا يعرفون الكره أو البغضاء أو كراهية الآخر، ودائما ما تجدهم متسامحين، لا يكفّرون ولا يهاجمون أحدا.
نحن ديننا الحب، ولا نعرف الكره أو البغضاء الموجودة لدى الآخرين، كما أننا كطريقة صوفية نعلّم أتباعنا دائما أن الدعوة إلى الله تعالى تكون بالحكمة والموعظة الحسنة، وليس بالهجوم على الآخر وتكفيره ومهاجمته.
■ ما قصة «ساحة آل الطيب» التى يتوافد عليها الناس من داخل مصر وخارجها؟
- ساحة الشيخ الطيب فى الأقصر تم إنشاؤها منذ أكثر من ١٥٠ عامًا تقريبًا، وتعد من أكبر الساحات على مستوى الأقصر وقنا، وهى تقع فى البر الغربى للأقصر بمدينة «القرنة»، ويتردد عليها المئات من الفقراء والمحتاجين وأهالى المحافظة يوميا، طلبًا لقضاء حوائجهم، وحل مشكلاتهم.
تمتلئ الساحة بمريدى ومحبى الشيخ الطيب يوميًا، ويعتمد العمل داخل الساحة على نهج الطريقة الصوفية، وذلك فى عقد جلسات الصلح بين المواطنين من كل المحافظات، قريبها وبعيدها، مسلمين كانوا أو مسيحيين، وأيضا النصح والإرشاد بالقرآن والسنة والعمل بهما، وذكر الله.
■ ما الدور الذى تؤديه «ساحة آل الطيب» لأبناء محافظات الصعيد؟
- الساحة أسهمت فى حقن دماء كثير من المسلمين، من أهالى الصعيد، من خلال جلسات المصالحة، وأسهمت فى الحد من انتشار الثأر بين العائلات، ويتولى هذه المهمة بشكل دائم عالم من علماء الأزهر، وطريقنا فى الساحة هو العلم وتعليم صحيح الدين، وإقامة الحق والعدل بين الناس، وهو الطريق الذى توارثناه عن آبائنا، ونمضى عليه حتى الآن.
دور الساحة ليس مقصورًا على خدمة المسلمين فقط، بل الإخوة الأقباط أيضًا، الذين دائمًا ما يقصدون الساحة طلبًا للحصول على حقهم، أو أخذ الحق منهم، ويقصد الساحة أيضا الأجانب المقيمون فى الأقصر لحل مشكلاتهم، خاصة أن بعض أهل الأقصر تربطهم علاقات زواج بأجانب، وكذلك هناك مشروعات مشتركة بينهم، فتعمل الساحة على حل المشكلات بالطرق الودية والصلح بين المتخاصمين.
ما موقفكم من الرئيس عبدالفتاح السيسى؟
- نحن أول من أيد الرئيس عبدالفتاح السيسى، لأننا نعلم حقيقة الأخطار التى تواجه الدولة المصرية، ولذلك ساندناه منذ أن جاء للسلطة، وندعمه أيضا فى الانتخابات الرئاسية المقبلة، لأنه يحاول إنقاذ البلاد من خطر التطرف والإرهاب، الذى يريد القضاء على بلدنا الغالى مصر.
والطريقة تقف مع الجيش المصرى، قلبا وقالبا، من خلال الندوات والدروس العلمية التى تقدمها، داخل ساحاتها فى جميع المحافظات، ولن نتأخر لحظة واحدة فى الدفاع عن الجيش المصرى، وقياداته الشرفاء، الذين يحاولون الحفاظ على الأمن والأمان فى كل شبر من أرض الوطن.