رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عنقودية «منظمة العفو» الإرهابية!


القنابل العنقودية، تتكون من عبوة ينطلق منها عدد كبير من القنابل الصغيرة في الهواء، لتغطي منطقة كبيرة، ولأن قذفها يتم من ارتفاعات متوسطة أو عالية، تتزايد احتمالات انحرافها عن الهدف، ويكون معدل فشل إصابتها للهدف كبيرًا جدًا. ولأن كثيرًا من تلك القنابل لا ينفجر، ويستقر في الأرض كألغام قد تنفجر بعد فترة، تمتد لسنوات، رأت عدة دول ضرورة وجود اتفاقية دولية لحظر استخدامها.

هذه الاتفاقية، اتفاقية حظر استخدام القنابل العنقودية، دخلت حيز التنفيذ في أغسطس ٢٠١٠، بعد مفاوضات واجتماعات دولية استمرت من فبراير ٢٠٠٧ حتى مايو ٢٠٠٨، قبل التوقيع عليها في العاصمة النرويجية أوسلو، في ديسمبر من السنة نفسها. وفي ١٢ نوفمبر ٢٠١٠ أعلنت الدول المشاركة في الاجتماع الأول للدول الأطراف في الاتفاقية تبنيها إعلان فينتيان (عاصمة جمهورية لاوس)، وما تضمنه من فقرات رئيسية عن الأذى الذي سببته وتسببه القنابل العنقودية، وضرورة الحد من مخاطرها والالتزامات التي تراها الدول لتحقيق عالم خالٍ من القنابل العنقودية، بعد ٤ أيام من النقاشات، غابت عنها الولايات المتحدة الأمريكية، وما توصف بـ«دولة إسرائيل»، غير الموقعتين على الاتفاقية، والمستمرتان في استخدام تلك القنابل.

إلى الآن، توجد آلاف القنابل العنقودية في العراق، لم تنفجر بعد، منذ أطلقتها القوات الأمريكية والبريطانية، خلال غزوها للعراق في ٢٠٠٣. وفي لبنان، أيضًا، مليون قنبلة عنقودية، منذ ٢٠٠٦ من مخلفات هجمات جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي يُعد أكبر مستخدم لهذا النوع من القنابل خلال السنوات العشر الأخيرة، وتأتي الولايات المتحدة في المرتبة الثانية، التي سبق أن أعلنت من نفسها، أو مع نفسها، أنها ستتوقف عن استخدام تلك القنابل في بداية سنة ٢٠١٩، لكن في ٣٠ نوفمبر الماضي، قررت وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون»، تأجيل تطبيق الحظر المقرر على استخدام القنابل العنقودية إلى أجل غير مسمى. ونقلت شبكة «فوكس نيوز» عن المتحدث باسم البنتاجون، أن القنابل العنقودية أسلحة مشروعة ومهمة في تنفيذ هجمات تستهدف تشكيلات قوات الأعداء.

قواتنا المسلحة، التي لم يثبت طوال تاريخها أنها ارتكبت أيّ مخالفة أو انتهاك للقانون الدولي، والملتزمة بشكل صارم باتفاقيات جنيف الأربعة، اتهمتها منظمة العفو الدولية (أمنستي) باستخدام قنابل عنقودية، ضمن العملية العسكرية الجارية في سيناء «سيناء ٢٠١٨». وزعمت المنظمة، في بيان، أن خبراءها حللوا الفيديو المنشور على الصفحة الرسمية للمتحدث العسكري على موقع «تويتر»، بتاريخ ٩ فبراير الجاري، ووجدوا فيه أفرادًا من الجيش المصري يقومون بتحميل مقاتلات مصرية بقنابل عنقودية. وزعمت المنظمة المشبوهة أن «فرض السرية على ما يجري في سيناء أعطى أفراد القوات المسلحة الشعور بأن بإمكانهم أن يرتكبوا انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، دون عقاب». وطالبت مصر بـ«عدم استخدام الذخيرة العنقودية تحت أي ظرف، وتدمير مخزونها من تلك الأسلحة، والانضمام إلى اتفاقية حظر استخدام القنابل العنقودية».

المزاعم التي تضمنها البيان لا تدين قواتنا المسلحة، وإنما تدين تلك المنظمة المشبوهة وتؤكد من جديد أنها تحاول منح الإرهابيين غطاءً حقوقيًا، كما سبق أن فعلت بدل المرة عشرات، بل مئات المرات. وتكفي الإشارة، مثلًا، إلى أن جريدة الـ«تايمز» البريطانية كشفت أو فضحت، في ١٧ أغسطس ٢٠١٥، علاقة مسئولة رفيعة ومهمة في المنظمة نفسها، منظمة العفو الدولية أو «أمنستي»، بشبكة دولية سرية تضم تنظيمات متطرفة، بينها جماعة الإخوان.

الجريدة البريطانية كشفت (أو فضحت) أن ياسمين حسين، مديرة قسم العقيدة وحقوق الإنسان، التي تتقاضى راتبًا قدره ٩٠ ألف إسترليني من المنظمة، كانت على صلة بمنظمة إغاثة، في «يوركشاير» ببريطانيا، توفر الدعم المادي لحركات إرهابية، وأنها زارت القاهرة في مهمات عمل للمنظمة، قبل ٣٠ يونيو ٢٠١٣، وعقدت لقاءات خاصة مع قيادي في جماعة الإخوان كان مسئولًا حكوميًا في ذلك الوقت، بل إنها أقامت في منزله وباتت فيه حتى الصباح. وطبقًا لما نشرته الجريدة فإن عاملين بالمنظمة أخطروا الإدارة العليا، في ٢٠١٢، بأن «ياسمين حسين»، أثناء زيارة عمل إلى مصر، التقت عدلي القزاز، القيادي في جماعة الإخوان، ومستشار وزارة التربية والتعليم وقتها وأقامت وباتت في منزله.

الأكثر من ذلك هو أن السيدة نفسها متزوجة من وائل مصباح، أحد أبرز الإسلاميين في بريطانيا، والذي أدانه القضاء الإماراتي سنة ٢٠١٣ مع أكثر من ٦٠ إرهابيًا تآمروا على قلب نظام الحكم. كما ثبت أن الاثنين، ياسمين وزوجها، كانا قياديين في جماعة «مجتمع الثقة ببرادفورد»، التي كانت جزءًا من شبكة أيديولوجية ومالية معقدة تربط أعضاء الإخوان في بريطانيا وأيرلندا بأعضاء الجماعة في الإمارات. ومع أن المنظمة أصدرت تقريرًا يطعن في نزاهة تلك المحاكمة، ووصفت وثائق إدانة المتهمين بأنها «مزعومة»، ومع أن وائل متزوج من ياسمين منذ ٢٠ سنة، إلا أن المنظمة ادعت عدم معرفتها بوجود علاقة بينهما أو بين ياسمين وجماعة الإخوان!

وعليه، يكون طبيعيًا ألّا نسمع صوتًا للمنظمة المشبوهة أو تعليقًا، على إصابة مدنيين سوريين باختناق بسبب إطلاق القوات التركية قذائف تحوي غازًا سامًا على قرية في محيط عفرين شمالي سوريا. إذ كانت وكالة أنباء «سانا» قد نقلت عن مدير مستشفى عفرين، تأكيده إسعاف ٦ مدنيين مصابين بحالة اختناق نتيجة إطلاق الجيش التركي قذائف سامة، موضحًا أن أربعة مصابين حالتهم مستقرة، وأن الاثنين الآخرين حالتهما حرجة، كحالة «منظمة العفو الإرهابية» بالضبط.