رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

.. وهل كان لـ«وكر أبوالفتوح» أنشطة سياسية؟


لدينا، كما أوضحنا مرارًا وتكرارًا، عدة أحزاب تضم بين صفوفها إرهابيين، قيل إنهم تابوا، وقال المَثَل إن تابت الـ«نعجة» خرّفت. وتلك هي الصيغة التي أتذكّرها لمثل قديم، ولو تذكّرت (أنت أو واحد صاحبك) صيغة أخرى، ربما تكون هي التعبير الأنسب عن حالة حزب أو وكر «مصر القوية» ورئيسه، عبدالمنعم أبوالفتوح، الذي يزعم أنه إخواني تائب.

المذكور رهن الاحتجاز، الآن، بعد أن أسندت إليه النيابة عدة اتهامات، بينها نشر وإذاعة أخبار كاذبة من شأنها الإضرار بالمصالح القومية للبلاد، والاتصال بجماعة أنشئت على خلاف أحكام القانون، الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين، ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها، والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين، والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي، وتغيير نظام الحكم بالقوة، والإخلال بالنظام العام، وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر. وعلى ذمة التحقيق، أمر المستشار خالد ضياء، المحامي العام الأول لنيابة أمن الدولة العليا، بحبسه لمدة ١٥ يومًا احتياطيًا، مع عرضه على مستشفى السجن بناءً على طلبه، لتوقيع الكشف الطبي عليه بعد أن شعر بإعياء، وإيّاك أن تقول إنه تمارض، أي ادّعى المرض، إذ جاء في الأثر أن صحة الإخوان ومطاياهم تظل في أحسن حالاتها، حتى إذا تم إلقاء القبض عليهم، أصابتهم كل أمراض الدنيا!.

حزب أو «وكر» أبوالفتوح، أعلن أنه اتخذ قرارًا بـ«التعليق المؤقت لجميع الأنشطة والمشاركات السياسية»، وأضاف أنه بدأ «في اتخاذ الإجراءات اللازمة لدعوة المؤتمر العام للحزب لاتخاذ قرار نهائي حول وضع الحزب في ضوء التطورات الأخيرة، مع تركيز الجهود في الأيام المقبلة على الدفاع عن قضية المعتقلين، وفي مقدمتهم السيد رئيس الحزب ونائبه». وتجاهَل أي «طنّش» أن نائب رئيس الحزب (واسمه محمد علي إبراهيم القصاص) حاصل على صفة «إرهابي» بقرار أصدرته محكمة جنايات القاهرة، ودَعْك أي «سيبك» من وصف محتجزين، بقرار من النيابة، بأنهم «معتقلون»، أما السؤال البديهي والمنطقي الذي يستوجب الطرح الآن، فهو: هل كان لـ«وكر أبوالفتوح» أنشطة وممارسات سياسية؟!.

في ٣١ أكتوبر ٢٠١٢ تجمع أعضاء «مصر القوية» أمام مقر لجنة شئون الأحزاب، لتقديم توكيلات الحزب، وفي ١٢ نوفمبر من السنة نفسها، وافقت اللجنة على تأسيس الحزب، وقبول الإخطار المقدم من عبدالمنعم أبوالفتوح بصفته وكيل المؤسسين، وفي ٢٤ نوفمبر بدأ الحزب نشاطه، بتنظيم مسيرة من جامعة القاهرة إلى ميدان التحرير، رفضًا للإعلان الدستوري (إعلان مرسي العياط)، وفي ٢٩ نوفمبر نظّم مسيرة أخرى لرفض الإعلان الدستوري، ودعم مبادرة «مصر القوية» للخروج من الأزمة. وفي ٢٥ يناير ٢٠١٣ خرج بمسيرة من مسجد الاستقامة بميدان الجيزة، وفي ٣١ يناير أقام ندوة لمناقشة مشروع قانون الانتخابات المقترح من حزب مصر القوية. وفي ٥ مارس أقام الحزب مؤتمرًا صحفيًا لـ«إعلان موقفه من المشاركة في انتخابات مجلس النواب». وفي ٣١ مارس طرح الحزب رؤيته «لضمان نزاهة الانتخابات»، وفي ١٦ مايو أقام ندوة بمناسبة «ذكرى النكبة»، أي ذكرى إعلان قيام ما توصف بـ«دولة إسرائيل» في ١٥ مايو ١٩٤٨، ثم ندوة في ٣ يونيو لمناقشة «مشكلة المياه مع إثيوبيا من المنظور الفني والسياسي». وفي ١٨ يونيو ٢٠١٣ أقام الحزب ندوة عنوانها «كشف حساب.. سنة مع الرئيس».

 

كانت تلك هي الأعمال الكاملة، أو الأنشطة الكاملة، لـ«وكر أبوالفتوح»، خلال فترة حكم مندوب مكتب الإرشاد في قصر الرئاسة، وبعد ٣٠ يونيو ٢٠١٣ اختفت أنشطة الحزب، واكتفى ببيان أدان فيه ما وصفها بـ«المجازر الدموية التي حدثت في فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة يوم ١٤ أغسطس ٢٠١٤»، وطالب بـ«محاكمة وزيري الدفاع والداخلية»، باعتبارهما مسئولين عن «مقتل المئات وإصابة الآلاف من المصريين المعتصمين». وفي ٢٥ سبتمبر عاد للأنشطة بندوة عن «الحريات العامة والخاصة بالدستور» تلتها ندوة أخرى في ٢ أكتوبر عن «الحقوق الاجتماعية والاقتصادية في الدستور»، ثم ورشة عمل في ٥ أكتوبر عن «تاريخ الثورات»، وفي ٢٦ أكتوبر دعا إلى المشاركة في المسيرة التي دعت لها ما توصف بـ«جبهة طريق الثورة - ثوار» بميدان طلعت حرب تحت عنوان «الشارع لنا»، اعتراضًا على مشروع قانون التظاهر ومشروع قانون مكافحة الإرهاب، ثم أقام ندوة في ٢٩ أكتوبر، ليحاول الإجابة عن السؤال التالي «هل ستنتصر الثورة؟»، والثورة المقصودة هي ثورة ٢٥ يناير، لأن الحزب لم يعترف بثورة ٣٠ يونيو!.

ظل الحزب كامنًا في نوفمبر وديسمبر، وعاد في ٨ يناير ليقول «لا للدستور»، ثم أقام ندوة أخرى في اليوم التالي، ٩ يناير، تحت عنوان «دستوركم خانة واحدة». وفي ٢٥ يناير ٢٠١٤ دعا الحزب للانضمام إلى مسيرة جبهة طريق الثورة «ثوار»، اختاروا لها عنوان «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية»، قالوا إنها ستنطلق من مسجد مصطفى محمود إلى ميدان التحرير. وفي ١ مارس بدأ «صالون مصر القوية» بحلقة نقاشية حول كتاب «كل رجال الباشا»، استهدفت «عرض الأفكار الرئيسية التي تضمنها الكتاب، والدروس المستفادة من استعراض تاريخ فترة حكم محمد علي، مع إلقاء الضوء على الإسقاطات التي تمس وضعنا الحالي». والكتاب، في رأيي، سقطة علمية تليق بمؤلفه خالد فهمي، الذي يزعمون أنه متخصص في التاريخ، ويقول ما يكتبه إنه متخصص في نقل رسائل يمليها عليه الخواجات!.

بدأ الحزب في ١٢ أبريل «أسبوع إسقاط قانون التظاهر»، وفي ٢٤ أبريل أقام ندوة تحت عنوان «الحركات الاحتجاجية بين المطالب الاقتصادية، ومعارضة النظام السياسي»، ودعا في ٢٦ أبريل للمشاركة في «مسيرة الاتحادية لرفض قانون التظاهر»، ثم عاد صالون مصر القوية في ٧ مايو، ليناقش كتاب «طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد». وفي ١٧ مايو أطلق هاشتاج «أنا ضد جمهورية الخوف»، ودعا إلى «إيفنت» تحت هذا العنوان «إيه الإيفنت ده؟» طرح الحزب السؤال وأجاب: «جمهورية الخوف اللي عايشين فيها أكتر من ١٠ شهور.. جمهورية الخوف اللي فيها آلاف المعتقلين.. جمهورية الخوف اللي فيها آلاف القتلى.. جمهورية الخوف اللي فيها آلاف المفقودين. الإيفنت ده باختصار هو تسجيل موقف ضد جمهورية الخوف.. هنستناكم يوم السبت من الساعة ٧:٣٠ حتى الساعة ١١:٠٠ مساءً بمقر حزب مصر القوية ٨ إبراهيم نجيب - جاردن سيتي، عاوزين اعتراضنا على جمهورية الخوف يوصل للعالم كله عشان كده هنتصور صورة احترافية ببانر مكتوب عليه أنا #ضد_جمهورية_الخوف.. في انتظاركم».

 

منذ ٢١ مايو 2014 وحتى احتفل الحزب بمرور سنتين على تأسيسه في ٣١ أكتوبر من السنة نفسها، أقام الحزب ندوات: تحديات التحول الديمقراطي في مصر «خبرات مقارنة».. حلقة نقاشية حول تنظيم داعش (٢١ يونيو).. إفطار جماعي تعقبه وقفة صامتة (١٣ يوليو).. قافلة شعبية وطبية إلى غزة (١٩ يوليو).. أسبوع دعم جرحى فلسطين (٣٠ يوليو).. مشروع محور قناة السويس، مشروع تنمية اقتصادية، أم مشروع وهم؟ (٣٠ سبتمبر).. نحو موقف ديمقراطي من السياسات الدينية (١٤ أكتوبر). وفي ٣ نوفمبر نظمت لجنة الاتصال السياسي بالحزب، ندوة نقاشية حول «الأحداث الأخيرة في سيناء» شارك فيها إسماعيل الإسكندراني، الذي أحالته نيابة أمن الدولة العليا إلى القضاء العسكري، ضمن قرارها بإحالة القضية رقم ٥٦٩ لسنة ٢٠١٥ حصر أمن دولة عليا. وخلال الشهرين الأخيرين في سنة ٢٠١٤ لم تكن للحزب أنشطة غير إطلاق هاشتاج «لسه العدل غايب»، طالب الحزب في ١٢ ديسمبر «المؤمنين بالجملة دي» بالمشاركة في التدوين: «اكتب عن أي ظلم شفته أو مرّيت بيه أو اتعرض له حد من اللي حواليك».

أنشطة أو فعاليات الحزب سنة ٢٠١٥، بدأت بحملة أطلقها في ٤ يناير تحت هاشتاج «مش حندفع غير جنيه»، طلب فيها من أعضائه أن يشاركوا بـ«الرأي حول سلبيات مترو الأنفاق»، وفي ١٠ يناير أقام ندوة عن «العدالة الانتقالية»، وعن «الاشتراكية فكرة واقعية أم حلم مستحيل؟»، كانت ندوة ٢٦ فبراير. وفي ١٦ مارس أقام ندوة عن «الحركة التعاونية.. الأمل.. التاريخ.. المعوقات». وبعد توقف الأنشطة لمدة خمسة أشهر ونصف الشهر، عادت في ١ سبتمبر بندوة «قانون الخدمة المدنية - الاعتراضات والبدائل». وفي ١١ أكتوبر تم الإعلان عن تدشين ما وصفوها بـ«أكاديمية مصر القوية» التي أقامت في ٢٦ أكتوبر ورشة عمل تحت عنوان «الدولة، المجال العام، الأمن». وناقش الحزب كتاب «الانهيار الكبير» في ٣ نوفمبر. والكتاب صدر سنة ١٩٥٥ ويتناول فيه مؤلفه «جون كينيث جالبريث» الانهيار الكبير الذي أصاب الاقتصاد العالمي منذ سنة ١٩٢٩ حتى سنة ١٩٣٣.

الندوة الأخيرة في ٢٠١٥ كانت في ٨ نوفمبر، تحت عنوان «تحدّي عودة السياسة» بحضور د. دينا الخواجة، مدير برنامج «دعم البحث العربي في مبادرة الإصلاح». وفي ١١ فبراير ٢٠١٦ كانت ندوة عنوانها «بعد خمس سنوات - هل فشلت الثورة؟» ثم في ٢٩ فبراير ندوة «خمس سنوات من الثورة وما زالت الانتهاكات مستمرة». وبدأت سينما مصر القوية في ٣ مارس ٢٠١٦ بعرض فيلم Winter on Fire وفي ١٩ مارس تم عرض فيلم Invictus وبين الفيلمين أقام ندوات: ندوة البحث العلمي في مصر (٥ مارس).. ندوة ماذا يحدث في اقتصاد مصر؟ (٧ مارس).. ندوة قانون الخدمة المدنية بين التطبيق والرفض والتعديل - مواد كارثية (١٢ مارس). وعن «منظمات المجتمع المدني في مواجهة التحديات واﻻنتهاكات الحالية» أقام ندوة في ٢٩ مارس، وفي ٢ أبريل «النيل ومصر وسد النهضة - الأزمة والبدائل»، ثم قام بعرض الفيلم الوثائقي The Take في ١٩ مايو، وفي ٢٤ مايو أقام ندوة في الذكرى ٦٨ للنكبة - حكايات عن مصر وفلسطين والعدو الصهيوني.

بعد توقف شهرين، عاد نشاط الحزب في ٣٠ يوليو بفعالية تضامنية تحت عنوان «الحرية لأحمد أبوليلة.. الحرية لسجناء الأرض»، وذلك في إطار فعاليات أسبوع التضامن مع من وصفهم الحزب بـ«معتقلي الأرض»، دعمًا لهم ومطالبةً بالإفراج عنهم. وفي ٤ سبتمبر أقام لقاءً مفتوحًا مع رئيس الحزب حول الديمقراطية، ثم ندوة مع رئيس الحزب، أيضًا، في ٩ أكتوبر، تلاها في ١١ أكتوبر يوم لفلسطين تحت عنوان «لن ننساكِ فلسطين» بمشاركة «هيئة الجدار الفلسطيني» و«الحملة الشعبية لمقاطعة إسرائيل». وحول كتاب «شمس بين الضباب - خبايا جمهورية يناير»، أقام «وكر أبوالفتوح» ندوة في ٥ نوفمبر، وشهد اليوم التالي ندوة عن «النظام السياسي وأزمته مع الشباب»، ثم في الشهر التالي (في ٤ ديسمبر) ندوة عن «قانون الجمعيات الأهلية ومحاربة منظمات المجتمع المدني».

 

لو رأيت أن أنشطة ٢٠١٦ كانت قليلة، فإنك ستراها كثيرة، نسبيًا، لو قارنتها بأنشطة ٢٠١٧ التي بدأت في أول يناير بندوة عن «الثورة الضعيفة والمعنى المفقود - الثورة المصرية وأسباب التعثر»، ثم استضاف الحزب في ١٠ يناير ٢٠١٧ مؤتمر «تيران وصنافير مصرية»، تلته ندوة في ٧ فبراير عن «أزمة الدواء»، وطرح سؤال «من هم الأشرار في سيناء؟»، في ندوة أقامها، ٥ مارس، وبعد ٦ أشهر، ناقشت الندوة التالية مباشرة «قانون التأمين الصحي الجديد.. بين الرفض والقبول المشروط»، وفي ١٣ سبتمبر عرض الحزب فيلم Modern Times واختفى النشاط حتى ٨ ديسمبر حين تذكّر الحزب «النوبة وأسباب التهجير وحق العودة وسُبل الحل»، ثم كانت آخر الأحزان أو الأنشطة، في ١٢ ديسمبر، تحت عنوان «لقاء خاص بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان»، بالتعاون مع «لجنة الدفاع عن المظلومين». ومنذ هذا اليوم، لم يرتكب الحزب نشاطًا واكتفى بالتدوين والتغريد على «فيسبوك» و«تويتر»!.

 

ما سبق، كان حصرًا شاملًا لكل أنشطة الحزب، أو أعمال «وكر أبوالفتوح» الكاملة، طوال ٤ سنوات ونصف السنة تقريبًا، أي خلال ما يزيد على ٢٣٠ أسبوعًا. وغير أنها لا تليق بحزب سياسي، أو حتى بجمعية أهلية، وغير أن حضورها كان مقتصرًا على عشرات، وغير أن توقفها أو استمرارها لم يقدم أو يؤخر، فإن غالبيتها «إن لم تكن كلها» تفوح منها رائحة «الإخوان»، وتقول بوضوح إن الحزب مع الجماعة بـ«أضعف الإيمان» أي بقلبه، ومعهم بلسانه كلما وجد فرصة، وبالتالي يمكنك استنتاج أنه معهم بيده، وأن الإخواني التائب أو الطيب، هو الإخواني الميت.