رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محسن عيد يكتب: الحرب الشاملة 5 الحرب النفسية في تطهير سيناء من الإرهاب

محسن عيد
محسن عيد

كل شعوب العالم تقريبًا تُصاب بحالة إحباط وتوتر نفسى فى حالة دخولها الحرب، إلا أن الشعب المصرى ربما كان حالة شبه استثنائية، ففى حالة خوضه حربًا تجد حالته النفسية العامة فى ذروة توهجها، وهو ما ينبئ عنه التاريخ بوضوح.
هذا التوهج بدا واضحًا فى اللحظة التى كلف فيها الرئيس عبدالفتاح السيسى الفريق محمد فريد حجازى، رئيس أركان حرب القوات المسلحة، بالقضاء على الإرهاب فى سيناء، خلال زمن غايته ٣ أشهر.
ومنذ رأى بعينه الطائرات الحربية تطير فى سماء القاهرة متجهة صوب سيناء، وبعد إعلان العقيد أركان حرب تامر الرفاعى، المتحدث الرسمى باسم القوات المسلحة عن بدء الحرب الشاملة فى سيناء لاجتثاث الإرهاب، صعدت الحالة النفسية للشعب المصرى للسماء.
الشعب مشروعات للشهادة وأدوات للنصر
كان الرئيس عبدالفتاح السيسى فى كل مناسبة يؤكد أن الإرهاب لن يستطيع كسر الدولة، وأن مصر أكبر من الإرهاب، وكان المصريون يستمدون تلك القوة الإيجابية المنطلقة بقوة ومصداقية ليعلنوا أنهم جميعًا مشروعات للشهادة أو أدوات للنصر حتى تنجلى غمة الإرهاب ويزول دخانها، ويبقى الوطن عزيزًا سالمًا.
وكانت القيادة العسكرية على ذات القدر من القوة والإصرار والصرامة والتحدى وهو ما كان ينعكس إيجابيًا على الشعب، مؤمنًا بأن اللحظة الكاشفة فى القضاء على الإرهاب آتية لا محالة.
قبل حرب أكتوبر عام ١٩٧٣، كانت الحالة المعنوية للشعب المصرى فى قاع انخفاضها، ولم يكن الشعب ليتخلص من حالة الإحباط تلك إلا بمواجهة العدو، فخرجت المظاهرات للمطالبة بإنهاء حالة اللاحرب، والدخول فى مواجهة العدو للتخلص من اعتلالات المصريين النفسية، خاصة بعد أن بدأت تصل إلى مسامعه روايات وأحاديث عن أن القيادة السياسية تستطلع رأى الدجالين والعرافين حول الوقت الأمثل للدخول فى حرب، دون أن يدرك الشعب –حينها- أنها كانت إحدى وسائل الخداع الاستراتيجية التى خططت لها القيادة السياسية فى مصر.
وعندما حانت اللحظة الكاشفة، وانطلقت طائراتنا تهز الأرض فى طيرانها إلى سيناء، وبعد البيان الأول لإعلان الحرب، خرجت الجماهير فى الشوارع بعد أن تخلصت من إحباطها وأمراضها النفسية لتكون ظهيرًا وطنيًا للجيش المصرى، وهرعت إلى المستشفيات للتبرع بالدم للمصابين، وانطلقت حملات الدعم اللامحدود لجيش مصر الذى عاد ببشائر النصر فى حرب عسكرية ما زالت تُدرس خططها فى الكليات والمعاهد العسكرية فى العالم حتى الآن.
والمتتبع للحرب الشاملة على الإرهاب يدرك أن القيادة السياسية قد أولت كل الاهتمام لقواعد الحرب النفسية وكيفية مجابهتها، من ناحية تقوية الجبهة الداخلية وتسليحها ضد كل عوامل الاختراق، خاصة أن هناك من يدعمون الإرهاب ويخططون له، ويفتحون له المنصات الإعلامية، سواء كانت صحفًا أو قنوات فضائية مسمومة أو عبر مواقع التواصل الاجتماعى.
ولذلك، كانت حالة التماهى بين الشعب وقادته أنجع السبل فى طريق الحرب الشاملة ضد الإرهاب، بحيث أصبح الرئيس هو مصدر الثقة فى المعلومة الدقيقة.
ويأتى على رأس أسلحة الحرب النفسية، الشائعات المدمرة للمجتمعات، من خلال تناقل الأخبار الكاذبة، وترويج الشائعات غير الصحيحة من مصادر غير معروفة، ومن أصحاب أجندات خارجية، وانتشارها من خلال وسائل التواصل الاجتماعى «الفضاء الإلكترونى» بهدف زعزعة الأمن والاستقرار فى بلدنا بين الحين والآخر.
ونلاحظ أنه بعد كل قصة نجاح مصرية أو مواقف مشرفة للوطن وقيادته وشعبه، تنتشر الشائعات لتصدير الأزمات، بهدف خلق حالة من الفوضى أو العبث بالأمن الوطنى، والأمثلة لدينا كثيرة لهؤلاء الذين باعوا الوطن وأسراره ومعلوماته مقابل انتفاخ جيوبهم وأرصدتهم بالعملات الصعبة.

القضاء على الشائعات أولًا بأول.. والمصداقية والجاذبية عززتا وصول رسائل القيادة
إذا رصدنا الأركان التى تقوم عليها الحرب النفسية، وما فعلته القيادة فى مصر من محاصرتها واستغلالها وسيلة مضادة لترتد إلى نحور الإرهاب ومن يدعمونه، فإننا سنجد:
أولًا: تقديم أفكار أو حقائق جديدة بالنسبة للمستمع أو المستهدف، أو استغلال وتوظيف هذه الحقائق لخدمة أغراض مصدر الحرب النفسية مع انتقاء الأفكار التى يحتمل أن يقبلها الخصم، وعدم استعمال الأفكار التى من المتوقع أن يرفضها الأعداء.
هذه الحقائق استخدمتها القيادة السياسية فى مشروعات عملاقة جديدة، وتطور ونهضة مجتمعية على جميع الأصعدة، ما ساهم فى تحصين الجبهة الداخلية من الاختراق، وكانت كفيلة ببث الرعب فى قلوب الإرهاب والداعمين له.
ثانيا: تقديم المكافآت أو التعزيزات للجمهور، الأمر الذى أدركته القيادة فسعت إلى فتح آفاق جديدة وخاصة الشباب وإشراكهم فى خطط التنمية، ولم يقع فريسة المكافآت والدولارات غير أولئك الذين فقدوا ضمائرهم، وحملوا أجندات الخارج ضد مصر، لكنهم صاروا مثل مطرب غبى صاحب صوت نشاز يغنى فلا يسمع غير نفسه.
ثالثا: ضرورة توفر المصداقية فى مصدر الرسالة، حتى يصدقه ويثق فيه الجمهور المستهدف، وهو ما كان يعرفه بوضوح وجلاء صانع القرار فى مصر، فكانت المصداقية أساس وفلسفة الحكم، للدرجة التى نادى فيها الرئيس أن نسمع منه لأنه لا يقول إلا الحقيقة، ولا نسمع من المغرضين والكارهين والأشرار.
وعلى الجانب الآخر كان الدم هو الحروف، والقتل هو الكلمات، والذبح بدم بارد هو العبارات التى لا يجيدون غيرها، حتى القنوات والصحف ومواقع التواصل الاجتماعى التى تدعم الإرهاب، كانت عباراتها خبيثة، فانصرف عنها الناس ولم يعيروها اهتمامًا.
رابعًا: يفضل أن يتمتع مصدر الرسالة بالجاذبية والقبول لدى الجمهور المستهدف، فالشخص المكروه لا يقبل الناس على الاستماع إليه، وإن استمعوا إليه لا يصدقونه. وهى الحالة الماثلة أمامنا دون إضافة أو شرح أو تفصيل، فلدينا قيادة تتميز بالجاذبية، أما هم فعلى وجوههم غبرة وعلى ألسنتهم الكفر البواح.
خامسًا: البعد عن الرسائل أو الأفكار التى تتعارض مع عموميات ثقافة المجتمع، كالدين أو المساس بالمقدسات أو العادات الراسخة. وهذا الإرهاب لا ينتمى لأى دين، والإسلام منهم ومما يقولون برىء.. فكيف يصدقهم الناس؟
سادسًا: تستهدف الدعاية زعزعة الناس فى قضيتهم وتشكيكهم فى عدالتها وصحتها. الأمر الذى لا يقبله كل مصرى يؤمن بمصريته، وما هذا الالتفاف والترابط والتلاحم مع الحرب الشاملة على الإرهاب إلا بالإيمان بالقضية وعدالتها.
سابعًا: إبراز نواحى الفقر والحرمان والعوز والجوع، والإشارة إلى معاناة المجتمع من مشاكل، مثل البطالة، وانخفاض مستوى المعيشة، وصعوبة الزواج، وصعوبات التعليم وغيرها. وهو ما أطلقه الطابور الخامس وزبانية وخادمو وداعمو الإرهاب خلال الأيام الماضية، إلا أن الدولة نجحت بامتياز فى دحض هذه الشائعات، ومنها انتهاء صلاحية تطعيم شلل الأطفال، وزيادة أسعار لبن الأطفال المدعم، ومنها أن الحكومة قررت منح المدارس إجازة لمدة أسبوع أثناء فترة الانتخابات الرئاسية.
ثامنًا: إثارة الخوف والفزع والرعب فى نفوس الإرهابيين بدخول قواتنا المسلحة على خط الخلاص منهم، وتوجه المدمرات والمدرعات والبوارج الحربية وحاملات الطائرات وأسراب الطائرات المقاتلة والقاذفة، وجنودنا وضباطنا من أبطال الجيش والشرطة الذين تم تدريبهم على كل أنواع القتال، كانت واحدة من عوامل الذعر الرهيب لدى الإرهابيين الذين يتساقطون واحدًا تلو الآخر، وأصابت داعميهم بالخرس الأبدى.
أخيرًا: تسمو القوة النفسية وتتعاظم من خلال الإيمان بقوة الدولة، وهو ما لاحظناه من المتابعة الدقيقة لعمليات المناورة للقوات البحرية، والتى قرأها الناس على أنها رسالة القوة من مصر إلى أردوغان تركيا، وما تناقلته الصحف التركية نفسها والتى أكدت أنها رسالة تهديد لا تخطئها العين.
وعامة، فإن إدراك المصريين بقوة جيشهم الذى أصبح القوة الأولى فى الشرق الأوسط والعاشرة على مستوى العالم، يعطيه ثقة وقوة نفسية فى طرد كل الرسائل السلبية وحرقها.