رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مذكرات أبوالفتوح تفضح كذبه ودفاعه عن عنف الجماعة في السبعينيات

 أبو الفتوح
أبو الفتوح

دائمًا ما تفجر أحاديث القيادي السابق في جماعة الإخوان الجدل، فرغم أنه يحاول الهروب من الحقائق التاريخية الدائمة إلا أن تصريحاته تدفع الآخرين من بني جلدته للهجوم عليه وإظهار حقيقة ما يقوله.

تمثل هذا عندما خرجت مذكرات الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح «شاهد على تاريخ الحركة الإسلامية في مصر 1970 – 1984» أثناء وجوده في السجن على ذمة قضية التنظيم الدولي للإخوان في يوليو 2009 وكانت الأجواء مشحونة بكثير من الأحداث السياسية أبرزها صراع الجماعة على السلطة والتناقضات الحاصلة في الشارع المصري آنذاك.

أحدثت المذكرات أصداء واسعة سواء في اليسار مثل تعليق أحمد بهاء الدين شعبان على المذكرات، معتبرًا أن السادات استخدم الجماعات الإسلامية المتطرفة لضرب اليسار وفي النهاية قنصته أسلحته في أحد العروض العسكرية أمام جنوده.

كما اعتبرها البعض الآخر خلط الأوراق بين تأسيس الجماعة الإسلامية وتأسيس الإخوان لها واستقطاب الأخيرة لجماعات العنف واستغلالها للضغط على الدولة مثل رد وائل عثمان، أحد مؤسسي الجماعة في السبعينيات.

الأمر الأخطر وهو تقبّل الإخوان للمذكرات والعمل على ترويجها ومحاولاتهم السيطرة على فكرة أن دعوة الإخوان هي الدعوة التي تقبلها الجميع في ذلك الوقت، وكانت أقرب لفكر الجماعة الإسلامية الدعوية وهذا كان ظاهرًا في رد فعل عصام العريان على المذكرات.

في حين خرج التيار القطبي الذي أقرّ أبوالفتوح بأن هناك صراعًا مع نظام ناصر الذي حاول فيه أبوالفتوح في مذكراته أن يبدي شيئًا من المرونة تجاه عبدالناصر وصراعه التاريخي مع الإخوان مجاملة للناصريين الذين يطعنونه، الآن، في حواره مع الجزيرة متهمًا نظام عبدالناصر بالاستبداد وبداية حقبة الصدام مع الجماعة، وهذا ظاهر في رد أحد قيادات التيار القطبي حينها على مذكراته التي نشرت في الصحف وهو يحيي بياض، أحد قيادات التيار القطبي.

الأمر الآخر وهو موقف مجموعات الجهاد وقياداتها التاريخية على ما طرحه أبوالفتوح في مذكراته التي جاءت على لسان طلال الأنصاري المتهم الأول في قضية الفنية العسكرية والذي حكم عليه بالإعدام ثم خُفّف للمؤبد فعند نشر مذكراته في مجلة روزاليوسف هاجمه هجومًا عنيفًا وحادًا.

طعن أبوالفتوح في مذكرات طلال الأنصاري وفي كل معلوماته التي تناولها في مجلة روز اليوسف وقال: "لاحظت أن طلال يكرر في هذه الشهادة الحديث عن علاقته بالإخوان بما يوحي بصلة الجماعة بالتنظيم أو وقوفهم وراء محاولته الانقلابية على السادات، وهو يدلس في هذه الشهادة حين يدعّي وجود صلة من هذا النوع بالإخوان، فالحاصل أن الإخوان كانوا آنذاك محط احترام الشباب وكان من الفخر لأبناء جيلنا أن يجلس أحد منا مع أحد الإخوان الخارجين من المعتقلات حديثًا، ولا مانع أن يكون طلال قد اتصل بهم كما اتصل بهم كل الشباب الإسلامي من أبناء جيلنا دون أن يكون ذلك دليلا على صلة تنظيمية".

وأكد عبدالمنعم أن ما ذكره طلال في شهادته محض افتراء والدليل على ذلك أن أحدًا من المتهمين الآخرين لم يذكر الإخوان في أقواله من قريب أو بعيد، كما لم يتم التحقيق مع أي من أفراد جماعة الإخوان في هذه القضية، وأضاف أبوالفتوح: «ومن ثم لا أستبعد أن ما يقوله عن علاقته بالإخوان هو من خياله أو تأليفه»، بل اتهمه بأنه كان شابا أهوج وعصبيا ويكفر الجميع ولم يكن له أي وجود في الجامعات الإسلامية آنذاك.

طلال الأنصاري أكد من جانبه في تسجيل مصوّر أن ما قاله أبوالفتوح لا يمت للحقيقة بصلة، بل قال في حديثه مع كاتب هذه السطور إن أبوالفتوح كان يأتي لزيارته وهو صغير أثناء المحاكمة في قضية الفنية العسكرية، وكان على اعتقادات التنظيمات والتيارات الجهادية وأنه سوف يحاجه يوم القيامة في اتهاماته في عرضه ودينه وقدم مبررات كثيرة في مذكراته عن هذا الأمر منها أن قيادات الإخوان القديمة- الحالية كانت وقتها داخل المعتقل، وحتى قيادات الجيل الوسط أمثال أبوالفتوح والعريان كانت خارج التيار الإسلامي من الأساس في هذا الوقت، وبالتالى فمن الطبيعى ألاّ يعلموا شيئًا عن هذه الوقائع حتى الذين عاصروا تلك الأحداث، كانت تعليمات مرشد الإخوان لهم واضحة بعدم إفشاء سر يقومون به.

وخرج هاني عبدالمقصود المتهم الرابع والعشرون في قضية الفنية العسكرية بعد ذلك، وأكد صحة ما قاله طلال الأنصاري بشأن صلة الإخوان بالتنظيم وقال: كنا بين خيارين إمّا أن نتحمل القضية منفردين بعيدًا عن الإخوان حتى لا يضاروا بسببنا، أو نقول إننا فرع من الإخوان وتتحمل معنا الجماعة الأمر، واخترنا الخيار الأول وهو أن نتحمل القضية منفردين بعيدًا عن جماعة البنا تمامًا.

وأضاف عبدالمقصود: كنت أجلس بجانب طلال الأنصاري بعد القبض علينا، وكنت مصابًا بإصابات شديدة، ودخلت الحاجة زينب، رحمها الله، وكانت تسير مع فؤاد علام مقدم أمن الدولة آنذاك، وقمنا إليها تقديرًا واحترامًا، وكأنها مثلًا السيدة عائشة، رضي الله عنها، وكنا نحترمها احترامًا شديدًا، فقمنا للسلام عليها، وبمجرد وصول طلال الأنصاري إليها فوجئنا بها تبصق على وجهه، وقالت له: يا كلب يا مجرم، وكان ذلك في مقر مباحث أمن الدولة بلاظوغلي.

ويستكمل د. هاني "تقابلت مع ضابط أمن الدولة وكان اسمه حامد سيف النصر، وقال لي رأيت ما حدث مع طلال الأنصاري وزينب الغزالي، فقلت له: يستاهل لأن طلال الأنصاري غلطان ويستحق ذلك الأمر، وكان في قرارة نفسي أننا يجب أن نتحمل القضية وتبعاتها منفردين، وهذه القناعة يبدو أنها انتقلت إلى الإخوان، وصدق الإخوان أنفسهم بعد ذلك.

في شهادة ثانية حول صلة الإخوان بتنظيم الفنية العسكرية وتناقضات أبوالفتوح يقول القيادي الجهادي السابق ياسر سعد، أحد المتهمين في القضية: هذه القضية تحرك فيها صالح سرية، الكادر الإخواني من العراق، وجاء إلى مصر، والتقى زينب الغزالي وكثيرًا من جماعة الإخوان والتقى المرشد العام للجماعة آنذاك حسن الهضيبي، وعرّفته زينب الغزالي بمجموعة كانت قد بايعت من قبل المرشد الهضيبي، ونحن أدبياتنا هي أدبيات الإخوان ولم نختلف عنهم في شيء، ولم يطلق علينا في هذا الوقت اسم تنظيم الجهاد، وكنا نعتبر أنفسنا إخوان مسلمين، قراءتنا كانت «الرسائل، وأركان البيعة العشرة والظلال ومعالم على الطريق لسيد قطب»، وأي كتابات خارجة من الإخوان كنا نقرؤها، والمشايخ الذين كنا نتردد عليهم كانوا تابعين لجماعة الإخوان، مثل الشيخ محمود عيد، شيخ الإسكندرية المفوه، وكان يخطب صلاة الجمعة بمسجد السلام بالإسكندرية، وكان يؤمّنا في صلاة الفجر بمسجد اسمه مسجد درويش، وهذا المسجد كان قريبًا من منزلي، وتعرفت فيه على طلال الأنصاري، المتهم المشهور في قضية الفنية العسكرية.

وأضاف سعد: نحن مجموعة بدأنا وكنا ننتمي لتنظيم الإخوان فكريًا وأدبيًا، وكنا أعضاء، حسب مفهومنا، تابعين لمُرشد العام للجماعة الهضيبي، وهذا يكفينا.

أكد ياسر سعد أن الذي وضع الخطة طلاب في السنة الخامسة بكلية الفنية العسكرية، وصالح سرية صاحب الفكرة في الأساس، وقال: الإخوان لم يعترفوا قط به، وأنكروه لأنه يضر مصالحهم السياسية، فأنا كجندي كيف أعرف أن المرشد كان عالمًا بهذه الخطة، بسبب العلاقات الوطيدة بين صالح سرية وحسن الهضيبي، المرشد العام، وزينب الغزالي، والشيخ عبده إسماعيل.

خرجت شهادات كثيرة من تنظيم الجهاد المتطرف تروي تناقضات أبوالفتوح ودفاعه المستميت عن جماعة الإخوان الإرهابية التي فضحت انتماءه كما فعلت الجماعة في قضية الفنية العسكرية، ويذكر مختار نوح، المحامي المنشق على الإخوان، أن مجموعة من محامي الإخوان المصريين العاملين بالخارج أرسلوا مبلغًا وقدره 250 ألف جنيه لعدد من المحامين المشاركين في هيئة الدفاع عن أعضاء الفنية العسكرية.