رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عن شروط الإخوان!


 

 

شروط ستة طرحها القيادي الإخواني يوسف ندا، عبر وكالة أنباء «الأناضول»، التركية، على الفريق سامي عنان، حتى يوافق «الإخوان» على انتخابه رئيسًا. ونقلت وكالة الأناضول أيضًا أن المتحدث باسم الفريق ردّ بقوله: «لن نأخذ شروطًا من أحد، لكن سنقرأ الرسالة أولا، وننظر ما يمكننا اتخاذه من إجراءات تجاهها». ولا معنى للفعل ورد الفعل، لو سلّمت بسلامة القوى العقلية للرجلين، غير أننا أمام «لعبة» ساذجة ومفضوحة، تخاصم الواقع الذي يقول إن الأستاذ الحاج الفريق، سبق أن وافق، وبصم بالعشرة، على تلك الشروط، بل وعلى ما هو أكثر منها!.

لاحظ أنني، إلى الآن، لم أتطرق إلى حق الأستاذ الحاج الفريق في الترشح لانتخابات الرئاسة. وأنني، في المقالين السابقين، توقفت فقط أمام اسمين فرضهما خبر ترشحه (أو الدفع به) الذي تمنيت أن أتجاهله، وكدت أنجح لولا أن الله جعل مِن بين أيدي الذين دفعوا به سدًا ومن خلفهم سدًا، وأعمى أبصارهم وبصائرهم، فاختاروا له المدعو حازم أحمد حسني نائبًا، ومتحدثًا رسميًا باسمه. ثم دفعني الذين اعتقدوا أن الأستاذ «جنينة» يغسل أكثر بياضًا، إلى تفنيد الأسطورة، التي استندوا إليها، والتي شاعت وانتشرت، بالتضليل والتدليس والتطبيل!.

لاحظ أيضًا، أنني لم أكتب رأيي في شخص الأستاذ الحاج الفريق، أو أهليته لتولي الحكم من عدمه، ونقلت فقط رأي نائبه، المتحدث الرسمي باسمه، الذي سبق أن أعلن، في تدوينه أن عنان والمشير طنطاوي «تسببا في كارثة يستحقان المحاكمة عليها، وأن عليهما أن يحمدا الله على ما هما فيه، وأن يتواريا تمامًا عن مشهد الحاضر، وألا يطمع أيهما في أن يتصدر مشهد المستقبل». وكتب في تدوينة أخرى أنه «بالتأكيد» لا يصلح رئيسًا للجمهورية، و«لم يكن يصلح أصلًا لمنصب رئيس الأركان، ولا لتمثيل شرف العسكرية المصرية أو عزتها أو اعتداد قادتها بأنفسهم». ولو سألتني عن رأيي، سأرد بمنتهى البساطة بأن الترشح حق يكفله الدستور والقانون لكل مَن تنطبق عليه الشروط، وأن الكلمة، الأولى والأخيرة، للشعب الذي أتفق تمامًا مع الأستاذ الحاج الفريق في أنه هو «السيد في الوطن السيد».

المهم، هو أن يوسف ندا، الذي يوصف بأنه «المفوض السابق للعلاقات الدولية بجماعة الإخوان»، وجه رسالة لـ«الفريق سامي عنان بمناسبة إعلان عزمه الترشح لرئاسة مصر العزيزة»، نشرتها وكالة أنباء الأناضول، وتأكدت الجزيرة من صحتها، في اتصال تليفوني مع الرجل، قاله له فيه إن الإخوان «قد يقبلون» بانتخابه للرئاسة ووضع ستة شروط، هي «عودة الجيش لخدمة الشعب وحمايته وحماية الدولة»، «إعادة الاعتبار لنتائج الانتخابات والطلب من رئيسها المنتخب محمد مرسي التنازل لصالح الأمة»، إلى جانب «تطهير القضاء» و«إلغاء الأحكام المسيسة التي حكمت في عهده والإفراج عن المعتقلين وتعويضهم»، و«تطهير الشرطة» و«إعادة النظر في القرارات المتعلقة بثروة مصر وحدودها».

الشروط كما ترى، عبثية. وعليه، رأيت أن الواجب يقتضي أن أنصح «السيد»، أي «الشعب»، بالعودة إلى مقال عنوانه «كيف لعب أيمن نور والإخوان بالأستاذ الفريق سامي عنان؟!» كنت قد كتبته في ١٢ مارس الماضي، بدأته بالإشارة إلى أن إحدى علامات رضا ربنا على عبده، عبدالفتاح السيسي، أن سخّر له معارضين «ولا أقول منافسين» من هذا النوع، الذي استطاع مبتدئ أو تلميذ «بلغة المصاطب» أن يلعب به «الكورة». ووقتها، كان مَن يلعب بـ«عنان» هو أيمن نور، الهارب من مصر، منذ انفض مولد الإخوان.

ما حدث، هو أن أيمن نور انتقى، في نوفمبر ٢٠١٥، عددًا ممن يصفهم بـ«فرقاء ثورة يناير» ودعاهم للتوحد ضد الرئيس السيسي بتشكيل كيان سماه «الهيئة التحضيرية للجمعية الوطنية»، وبعد فشل تلك المحاولة أو المبادرة بسبب رفض الإخوان التنازل عن «عودة مرسي»، سعى المذكور إلى الاستفادة من الزبائن، أو أعضاء الفريق، واستبعد ما كان محل خلاف، وظل طوال أسبوعين، يتواصل، مع عدد من الشخصيات المحسوبة على ٢٥ يناير والمنتمين لجماعة الإخوان وجماعة «اللي مش إخوان بس بيحترموهم» و«اللي مش إخوان بس مركوبين منهم». ثم ضرب كل هؤلاء في الخلاط، وقام بعمل جروب، على «واتس آب»، ضم ٢٥٠ شخصًا، ناقشوا معًا صيغة مبدئية، قبل أن يتفقوا على الصيغة النهائية، تضمنت تشكيل لجنة من الحكماء والشخصيات العامة، تتكون من تسعة، تكون مهمتها متابعة الالتزام بما تم الاتفاق عليه.

بين الـ٢٥٠ شخصًا، ضم «الجروب» أو المجموعة عددًا من الأسماء اللامعة أو «اللاسعة» و«كام عيّل» من ٦ أبريل، وعددًا من الإخوان على رأسهم محمود حسين، أمين عام الجماعة، وعصام تليمة، حامل «فوطة» القرضاوي. ومع هؤلاء وغيرهم، اندمج في النقاشات، على جروب الـ«واتس آب»، شخص اسمه «سامي»، كان سهلًا على أي شخص في «الجروب» أو المجموعة أن يأخذ رقم تليفونه ويضعه على برنامج «تروكولر»، ليعرف أن صاحب الرقم هو الفريق «سامي عنان»!.

وقتها، أي منذ شهور مضت، خرجت مواقع وقنوات الإخوان بالبشرى السارة، وقالت إن رئيس أركان الجيش المصري الأسبق، تواصل مع سياسيين مصريين في الداخل والخارج، عبر مجموعة إلكترونية على «واتس آب»، وأنهم توافقوا على اسم «عنان»، مرشحًا للرئاسة، قبل أن يزعموا أن أعضاء الفريق اختلفوا وأن المبادرة فشلت. وسواء صحت تلك المزاعم أم لم تصح، فإن انضمام الأستاذ «الفريق» إلى ذلك الفريق، يعني بوضوح أنه وافق وبصم بالعشرة، على ما اتفق عليه أعضاؤه، والذي تضمن ما هو أكثر من شروط يوسف ندا الستة!.