رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

صبرى فواز: الفن برىء من إفساد الأجيال ولن نحاسب على مشاريب مؤسسات عطلانة

صبرى فواز
صبرى فواز

لا أعادى أشخاصًا بل أفكارًا.. ومعيارى فى اختيار أدوارى: «عمل تقدمى وآخر جماهيرى»

فنان موهوب، تمكن من حجز مقعد أمامى على الساحة الفنية، بأدوار مميزة وأداء مبهر، وأصبح «تميمة نجاح» لأى عمل يشارك فى بطولته، سواء على مستوى السينما أو الدراما.
هو الفنان صبرى فواز، الذى رغم عمله لما يقرب من ٣٠ سنة فى المسرح، إلا أن انتقاله للسينما والدراما ساهم كثيرًا فى انتشار شعبيته ونجاحه الجماهيرى.
«الدستور» التقت «فواز»، وأجرت معه حوارا شاملا، عن بداياته واختياراته وطموحاته لنفسه وللفن، وعن أفكاره وتقييماته للفنانين.

■ بداية.. كيف كانت بدايات صبرى فواز؟
- أتيت من الريف، والحواديت فى ذلك المجتمع كانت «سيد الموقف»، مثل «أمنا الغولة» بكل تفاصيلها الفنتازية، بالإضافة إلى أن والدى، رحمه الله، كان سائقا، وكان بحكم عمله يذهب إلى أماكن كثيرة ومختلفة، وعندما يعود يظل يحكى لنا حكاياته التى مر بها فى يومه، لكن وهو يحكى كان يؤدى، أى يقلد الأشخاص الذين التقى بهم طوال اليوم بلهجاتهم.. كان يقلد اللكنات المختلفة للبلاد المجاورة ويتحدث مثلهم.
أما على مستوى الصورة فكان البراح أمامى طوال الوقت متمثلًا فى الغيطان الواسعة، فلا توجد حواجز، بالإضافة إلى أننا كأطفال كنا نستخدم الطين ونصنع ألعابنا منه كالحصان والعرائس، بالإضافة إلى رجل عظيم اسمه سعد مكاوى كان يطلق ما يسمى «القوافل الثقافية» لتجوب القرى والنجوع والأرياف كى تعرض مختلف الفنون.
وفى يوم وضعوا «ملاءة بيضاء» على حائط، وعرض عليها فيلم «رجال لا يخافون الموت» للمخرج الراحل نادر جلال، وما إن رأيت هؤلاء الممثلين على الشاشة حتى لمعت عيناى وشعرت أننى أريد أن أكون على هذه الشاشة.
■ لماذا أثار مشهد «التحرش» فى مسلسل «رمضان كريم» كل هذه الضجة؟
- هذه الضجة لأن «البجاحة غلبت المنطق».. كلنا نعرف الشخص المخطئ، ولأن هذا الشخص يصيح كالمثل القائل: «خدوهم بالصوت»، لا أحد يقف بجانب المغلوب، فنادرًا أن تجد رجلًا يقف مع فتاة تحرش بها شخص، وضع خطا عريضا تحت كلمة «رجل».
■ على مدار ٣٠ سنة.. كيف تغير الفن؟
- أولًا اختفت فكرة «البطل الأوحد» إلا قليلًا، وأصبح العمل الجماعى هو الأكثر تأثيرًا على مدار الخمس سنوات الماضية، والدراما أصبحت عريضة تتسع لكل الأنماط، بخلاف أن المهنة أفرزت على مدار الفترة الماضية بسبب تعدد الأعمال وكثرتها كمًا كبيرًا من الشطار والموهوبين على جميع المستويات، سواء فى التمثيل أو الكتابة أو الإخراج، وأصبح وجود الشباب حاضرًا وبقوة، وأصبحوا أكثر تطورًا وأكثر اتساعًا فى رؤيتهم للعالم الخارجى، وأيضا فكرة الكتابة الجماعية، وتطور شكل الكتابة الفانتازية، ونحن أحق بهذا النوع، لأننا نمتلك مخزونًا كبيرًا من الحكايات الشعبية والخيالية.
■ كيف تختار أعمالك؟
- فى ٢٠١٣ كنت «سليم عثمان - نيران صديقة» وبجانبه «مجدى - فرعون»، وفى ٢٠١٤ «محمود - السبع وصايا» بجانبه «هيكل- صديق العمر»، و٢٠١٥ «الضوى- العهد» بجانبه «محروس- بين السرايات»، وفى ٢٠١٦ «كرم يونس- أفراح القبة»، «جمال الشربينى- الميزان»، و«خميس- رمضان كريم» بجانبه «أيمن واصل- الحصان الأسود». لو لاحظت، ستجد أن كل صنف من هذه الأعمال له جمهور معين، كما قلت: «عمل تقدمى بجانبه عمل جماهيرى»، لأنه ببساطة من حق كل فرد من الجمهور أن يرى بضاعته عندى، بمعنى أن من حق كل فرد أن يرانى فى الصنف الذى يحبه، وبالتالى فكل نافذة أستطيع أن أرى منها الجمهور أذهب إليها.
■ مَن مِن المخرجين تستمتع بالعمل معه؟
- سامح عبدالعزيز، أشعر بالانسجام والهدوء والمتعة معه، غير أنه يوجهنى أثناء اللقطة، بمعنى أننى لا أخرج خارج «المود» العام، حتى لو وجهنى أثناء التصوير، وهذا نادرا ما يحدث.
■ كيف تُحضِّر للشخصية التى ستؤديها؟
- ما بين «الأكشن» و«الاستوب» يعد الأسهل فى التمثيل، فالأصعب هو بعد أن أنتهى من قراءة السيناريو حتى يبدأ التصوير، وهى مرحلة البحث عن الشخصية، فإذا توصلت لمعلومة كيف تمشى الشخصية وإيقاع خطواتها، أكون حينها أمسكت بمفاتيحها.
■ هل يمكنك أن توضح أكثر؟
- خطوتك هى تراكم خبراتك وهمومك ومشاكلك وتجاربك فى الحياة، خطوة الطفل مختلفة تمامًا عن خطوة العجوز، وخطوة الشاب الأهوج مختلفة تماما عن خطوة الشاب المثقف، وخطوة القهوجى تختلف كليًا عن خطوة الطبيب، وكل شخص لديه لغة جسد تعكس شخصيته ولا يستطيع إخفاءها.
وكما يقول أهالينا فى الريف: «حركتك فضّاحة»، وبالتالى متى توصلت للغة جسد الشخصية فستحكم لجامها بعد ذلك، لأن أهم ما فيها هو شكلها الخارجى، واللفتة، و«التشويحة»، والنظرة.. إلخ، لكن عليك أن تعرف أن الممثل يقع بين حدود المؤلف وحدود المخرج، فالمساحة المنتصفة بينهما هى حرية الممثل.
■ ما مشروعك المسرحى الذى تحلم بتقديمه؟
- «إيزيس» لـ«توفيق الحكيم» وقدمته لوزارة الثقافة مباشرة وتم رفضه فى بداية الألفية، وكنت أود وضعه على خريطة السياحة الثقافية كل عام فى نفس الميعاد، فى «شم النسيم»، هذا العرض من أهم العروض التى تنتمى لمصر القديمة وتعكس جماليات هذا العصر.
■ ماذا تتمنى للفن بعد ١٠ سنوات؟
- أتمنى أن نحقق فكرة، ولتكن «ألمانيا» نموذجا نعول عليه، فهو مجتمع منضبط قانونًا وتجارة وصناعة.. إلخ، ويمارسون شطط جنونهم فى الفن بحرية، فتجد الفنون حرة ومزدهرة، وعلى النقيض تجد مجتمعات يمارس شعوبها كل الخطايا، ويطالبون الفن وحده بأن يلتزم، فتجد مجتمعات متفسخة وفنونا مختنقة.
على المجتمع أن ينضبط أولا، ودع الفن يمارس خياله وشططه، والفن مرآة، فما ذنب المرآة إذا كان وجهك قبيحا؟، التعليم مسئولية وزارة التعليم، فإذا فسد الجيل حملنا ذلك للفن.. «الفن مش هيحاسب على مشاريب فساد مؤسسات عطلانة مش بتعمل شغلها».
لكن هناك فرقًا بين الفن واللافن، الفن ابن المجتمع وليس أباه، من أراد تعليمًا فليذهب إلى المدرسة، ومن أراد الوعظ فليذهب للمسجد أو للكنيسة أو المعبد، فالفن لا يعلم ولا يقدم وعظًا، الفن يختار لحظة ويتأملها.