رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خطوة مُبشرة للأمام




لا شك أن تعيين سيدتين فى وزارة شريف إسماعيل مع إطلالة العام، يمثل عدة خطوات مبشرة للأمام.. وليست خطوة واحدة.. كما يعكس هذا التوجه إرادة لا تتراجع لدى رئيسنا فى دعم المرأة المصرية.. وهى من ناحية أخرى فرصة ذهبية لإثبات كفاءتها فى العمل العام.
إنها المرة الأولى فى تاريخ مصرنا الحبيبة التى تضم فيها الوزارة ٦ سيدات.. هذا الخبر أسعد المصريين والمرأة المصرية بشكل خاص، لأنه بذلك يفتح الطريق أمام المرأة لتولى المناصب العليا بحيث تصبح أمرًا عاديًا وطبيعيًا، السيدتان هما د. إيناس عبدالدايم لوزارة الثقافة، ود. رانيا المشاط لوزارة السياحة.. وأيًا كان الأمر، فإنه مما لا شك فيه أن مصر تتحرك للأمام، وأن مواقف المرأة المصرية المشرفة من أجل الوطن قد أثمرت، وحان الوقت لأن يتم الاعتراف بها.. وأتوقف عند كلمة بليغة لفتت نظرى قالها الرئيس السيسى فى خطابه فى مؤتمر «حكاية وطن» حين قال إن المرأة «هى ضمير الوطن».
لقد أثبتت المرأة المصرية أنها قادرة على العطاء للوطن فى كل موقع، فهى التى تقدمت الصفوف فى ثورة الشعب ٣٠ يونيو ٢٠١٣، وكان صوت الشابات والأمهات والجدات يصل إلى عنان السماء ضد حكم الظلام.. لقد ضجت المرأة المصرية بمحاولات العودة بها إلى الوراء ونزع مكتسباتها ومحاولة هدم كل تقدم تم إنجازه.. حتى القوانين التى كافحنا وناضلنا لإقرارها، مثل قانون الطفل ورفع سن الزواج، حاولوا أن يلغوها.. كما أنبه إلى أهداف خبيثة للفتاوى المضللة التى تنزع عن المرأة حقوقها وتهمشها، وتحتقر شأنها، وهى فتاوى لا تزال مستمرة، ولم يتم منع من ينادون بها بأعلى الأصوات فى الفضائيات وفى المواقع وفى صفحات التواصل الاجتماعى.. حيث يظهر علينا بشكل مستمر شيوخ يتسمون بقبح الشكل، وبـ«ذقون» طويلة لإرهاب السيدات، وإعلان فتاوى بهدف عودتها للخلف.. وأيضًا من ناحية أخرى فإن هذه الخطوة هى خير رد على كل محاولات تهميشها وتحقير شأنها وكأنها مواطن من الدرجة الثانية.
لهذا فإنه سيكون على الوزيرتين مهام عاجلة.. د. إيناس عبدالدايم، وزيرة الثقافة، سيكون عليها نشر رسالة وفكر التنوير فى ربوع مصر كلها، وليس فى القاهرة والمدن الكبرى فقط.. وسيكون عليها أيضًا تفعيل دور قصور الثقافة وملؤها بالأنشطة والعروض والفعاليات التى تنشر التنوير والفنون فى أنحاء المحافظات.. وهو دور فى منتهى الأهمية فى مواجهة غربان التطرف والعنف، وتشويه المرأة والشابة والبنت منذ صغرها.
نريد أن تفتح أبواب المسارح، وأن تتم إنارة قصور الثقافة لاكتشاف المواهب الفنية والثقافية.. نريدها أن تصبح منارات للإشعاع الفنى والتنويرى.. نريد أن نضاعف عدد المهرجانات ودور السينما للشعب، وتقديم كل أنواع الفنون الراقية فى مواجهة الإسفاف والابتذال والفجاجة.. ولقد أثبتت د. إيناس، من قبل، نجاحها وقدرتها على الإدارة الرشيدة فى دار الأوبرا المصرية، وإذا كان العبء ثقيلًا والمسئولية كبيرة، فإنها بحسن اختيار المعاونين يمكنها أن تنهض بأحوال الثقافة المصرية وتوصيلها إلى المواطن المصرى فى المحافظات والقرى والنجوع، وذلك هدف نريدها أن تنجح فيه.
أيضًا د. رانيا المشاط، وزيرة السياحة، سيكون عليها مضاعفة الجهد لاجتذاب السائحين ليأتوا لزيارة مصر فى وقت تتم فيه محاربة مصر، وضرب السياحة من عدة جهات، وعدة دول.
إن النهوض بأحوال السياحة المصرية وإعادتها إلى عصرها الذهبى ضرورة عاجلة، فهى من أهم مصادر الدخل القومى لمصر، ونحن فى حاجة إلى استعادة مجد السياحة المصرية، ففى بلد يملك أهم آثار العالم لا بد أن يكون الدخل القومى مرتفعًا وقادرًا على أن يعطى مردودًا يشعر به المواطن فى حياته اليومية.. وأن نعمل على فتح أبواب مصر لاستقبال كل أنواع السياحة.
الحقيقة أن نظرة على أحوال المنطقة المحيطة بالأهرامات تجعلنا ندرك إلى أى مدى هناك تدهور فى معاملة السائحين الذين يطاردهم العاملون هناك لركوب الخيل والجمال.. ولا بد من ضمان أمن السائح وحسن معاملته منذ أن يطأ أرض مصر.
أيضًا لا بد من النهوض بأحوال المطارات المصرية وتأمينها، لأنها أول ما يقابل السائح القادم إلى بلدنا.. إن السائح حين يأتى إلى مصر فإنه يأتى إلى أرض التاريخ والحضارة، ولا بد أن نوفر له كل وسائل الراحة والأمان والمواصلات، إنه يريد أن يقضى وقتًا جميلًا وأن يستمتع برحلته، وهذه مهمة عاجلة لوزارة السياحة.
وإذا كان لدينا الآن ٦ وزيرات، فإن الرئيس السيسى بما يُكنه للمرأة المصرية من تقدير واحترام ودعم، فإن المرأة المصرية فى المقابل عليها أن تُضاعف الجهد، وأن تدرك أن دورها فى دعم الوطن وتقدمه لا بد أن يترجم على أرض الوطن بأداء متميز وبنجاح واضح للعيان، وربما يتبع ذلك فتح الباب للعديد من التعيينات فى المحليات، وفى المحافظات، وفى مختلف القطاعات ليصبح وجود المرأة المصرية ذات الكفاءة.. حقًا مكتسبًا وبديهيًا وعاديًا فى حياتنا.