رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محسن عيد يكتب: تسربيات نيويورك تايمز

محسن عيد
محسن عيد

بعد أن هدأت عاصفة التسريبات التي انطلقت عبر صحيفة "نيويورك تايمز" ومن بعدها قناة مكملين بشأن محاولة إلباس الاعلام المصري تهمة تطعن في مصداقيته،كان لابد وأن نفكر بهدوء في هذه التسريبات في هذا التوقيت قبيل ذكري الاحداث التي عصفت بمصر في 25 يناير 2011،والتي أحالت حياتنا إلي سلسلة طويلة من الخوف وكثيرا من الفوضي،حتي بدأ الاستقرار يعود،والتقدم ينطلق بعد ثورة 30 يونيو 2013...
فالتسريبات هو عمل نفسي القصد منه عملية التشويه المتعمد لمؤسسات الدولة بقصد إحداث حالة من عدم الثقة بين المواطن والدولة،وهذه الخطوة هي الانطلاقة الاولي نحو حالة التمرد من الشعب،أو إيجاد حالة غضب يقوم بعدها ما يسمونهم نشطاء السبوبة باطلاق سلسلة من الاشاعات تترافق مع التسريبات تكون النتيجة حالة من البلبلة التي تذهب بالهدوء إلي مستوي الفعل الانفعالي،فيجد الخونة منها أرضا خصبة في محاولتهم النيل من الوطن..
وتسريبات "نيويورك تايمز" لا تختلف كثيرا عن تسريبات صحيفة "الجارديان" البريطانية والتي كانت مطية لدعاة الهدم والفوضي وأداة من أدواتهم في عام 2011،عندما تصدرت الصحيفة عناوين ومانشيتات مختلفة تتعلق بثروة الرئيس السابق حسني مبارك وأسرته والتي قدرتها الصحيفة ب 70 مليار دولار،وهو ما ساعد علي انتشار الشائعات في كل مكان في ظل الازمة الاقتصادية التي كان يعيشها الشعب المصري،فساهم ذلك في زيادة الاحتقان والغليان في مصر آنذاك..
ومازالت تقارير ال cnn عن المناطق العشوائية في مصر،وتصويرها بأنها حالة لا آدمية ولا تنسي القناة الامريكية حالة الربط الخبيث بين نخبة اقتصادية تستأثر بكل شيء في مصر وبين حالة الفقر التي يعيشها الشعب،ثم تعود للولوج إلي حالة حقوق الانسان التي تصفها عمدا بأنها الاسوأ في العالم كله..
ولا زالت مواقف قناة الجزيرة القطرية التي أججت الصراع والفتنة في مصر وغيرها من الدول والبلدان العربية،للدرجة التي كانت تتحدث عن مناطق صراع وسقوط ضحايا وكأنها إشارة إلي ثوار السبوبة التي مثلوا وبالا علي الوطن للانتقال إلي هذه الاماكن والصراخ لاحداث حالة من التعاطف معهم،وإحداث حالة من الغضب الشعبي..
كل هذه المقدمات كانت بمثابة النار التي اشعلت الغضب في نفوس الناس فانطلقوا دون إدراك للنتائج للمطالبة برحيل النظام برمته مع رفض أي محاولات للتغيير،وهو الامر الذي كان يريده ساكن البيت الابيض في الولايات المتحدة الامريكية.. فاشتعلت الثورة التي أدركنا بعد ذلك أنها كانت ثورة مزيفة،لانها زيفت إرادة الشعب الذي لم يكن يريد غير تعديل مسارات الحكم وليس إزالته،وهو ما تبين بعد ذلك عندما انطلقت من كل الزوايا والشوارع ثورة الشعب الحقيقية في عام 2013.
إذن وبغير إعمال كبير للعقل فان الهدف من تسريبات "نيويورك تايمز" في هذا التوقيت كان القصد منها إحداث ذات النتائج من التسريبات المشابهة في عام 2011،أي أن التسريبات لم تكن هدفا في حد ذاتها،ولكن كان الهداف هو الجريمة الكبري باحداث حراك من الغضب ضد الاعلام والسلطة في وقت واحد من أجل ثورة جديدة.. ولكنهم قرأوا المشهد مغلوطا لان الاختلاف كان كبيرا بين الان وما سبق من عدة نواحي أهمها:--
أولا: أن حالة من الثقة قائمة ومتينة بين القيادة والشعب في صورة من التلاحم والشفافية والمصداقية وأن الشعب يدرك نظافة يد،وطهارة فكر القيادة السياسية في الوصول بالوطن إلي أسمي درجات التقدم،حتي بات الشعب يفخر بقيادته،والقيادة تفخر بالشعب.
ثانيا: أن مؤسسات الدولة قد انطلقت في ثبات وفكر وسرعة ولم تتوان في الرد علي هذه التسريبات ودحضها،ليتأكد لدي المواطن هذه النوايا الخبيثة التي لا تنقطع عن محاولات النيل من استقرار الوطن وتقدمه،فظهرت التسريبات وكأنها في وادي كالبلهاء لا يسمع لهم أحد..
ثالثا: نسي أصحاب التسريبات أن نشطاء السبوبة لم يعد لهم بيننا وجود أو تأثير،فمنهم من هرب ورحل،ومنهم من دخل في حالة بيات شتوي طويل،لان حركتهم داخل المجتمع لم تعد ترضي المجتمع ولم تعد مصر الحديثة تقبل بوجودهم..
رابعا: لان مصر توحدت خلف قيادتها،فلم يستطع دعاة التسريبات الوهمية النفاذ إلي تسريب كبير وحقيقي،فلم يجدوا غير تسريب ضعيف لاعلاميين ليسوا بإعلاميين ولكنهم يمارسوا عملا اعلاميا،أو أنهم تركوا الاعلام،أو فنانين ليست لهم علاقة بالاعلام،وهو الامر الذي جعل العالم كله ومعه الشعب المصري يضحك سخرية عليهم..
وهو ما يقطع لدينا أن المحاولات لن تتوقف طالما أن مصر تسير في طريق تقدمها سواء بالتنمية أو مكافحة الارهاب أو القضاء علي الفساد،أو عودة مصر إلي ريادتها الاقليمية،ودورها الذي بات واضحا في النظام العالمي..
وستبقي مصر هدفا للالة الاعلامية في حرب منظمة من أجل إحداث حالة من التوقف عن التنمية والتقدم،فكلما تقدمت مصر جن جنونهم وذهب عقلهم،فرغم الحرب علي الارهاب والذي شاء الله أن يكون قدر مصر أن تدافع عن العالم بالوكالة ضد الارهاب وفي نفس الوقت نسير إلي النهضة بتميز وجودة كبيرين..فالتضليل والكذب لن يتوقف والاخبار التي تتحدث عن مشروع القانون في الكونجرس الامريكي فيما يتعلق – كذبا – بحماية الاقباط في مصر ما هي إلا حلقة من هذه الحلقات،ولن تنجح كل هذه الاكاذيب لصرف الشعب عن قادته..
ومهما حاول الاعلام الغربي الذي لم يعد له مصداقية لدينا،لانه يسعي في غير مهنية إلي التأثير علي عقل المواطن باستخدام كل أنواع الخداع،هذا الخداع الذي وجد نفسه في مرحلة سابقة،ولكن الامر اليوم مختلف في صوره وواقعه وتلاحم الشعب مع قيادته.