رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جائزة الفئران الميتة!


 

فكرة مهمة، رائعة، وملهمة، تبنّاها أو ابتكرها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أرى أن علينا الاستفادة منها، وتطبيقها، مع تعديلات طفيفة نتحايل بها على حقوق الملكية الفكرية!. أما لو كنت ممن يعتقدون أن الرجل مجنون أو «لاسع»، فسيرد عليك الأقدمون بـ«خُذ الحكمة من أفواه المجانين»!.

قبل وبعد دخوله البيت الأبيض، لم يتوقف هجوم الرئيس الأمريكي المتكرر، أو شبه اليومي، على وسائل الإعلام التي نتفق معه في وصفها بـ«الكاذبة وغير النزيهة»، ولم يقتصر الهجوم على الأقوال فقط، بل كانت هنا أيضًا بعض الأفعال، بينها قيامه بمنع وسائل إعلام، من حضور المؤتمرات الصحفية اليومية للبيت الأبيض. وكانت أحدث أفعاله «أو حركاته» قيامه، خلال مؤتمر انعقد قبل أيام بطرد، جيم أكوستا، مراسل شبكة «سي إن إن». ويحق لك طبعًا أن تراها أفعالًا غير مقبولة، لكن بعد اتفاقي معك على ذلك، سأقول إنها مبررة، وإن غالبية وسائل الإعلام التي هاجمها ترامب، كان لنا من أكاذيبها نصيب.

هذا الهجوم، تم تتويجه بإعلانه، الخميس، عن جوائز لـ«الأخبار الكاذبة» كان بعضها من نصيب شبكتي «سي إن إن» و«إيه بي سي» وجريدتي «نيويورك تايمز» و«واشنطن بوست» ومجلتي «تايم» و«نيوزويك». وفي تغريدة على «تويتر»، كتب الرئيس الأمريكي أن «٢٠١٧ كان عام الانحياز المفرط، والتغطية الإعلامية غير النزيهة، والمعلومات الكاذبة المخجلة»، وأن «الولايات المتحدة تحت إدارته ستعمل على الحد من انحياز وسائل الإعلام لتعود عظيمة من جديد» - حسب تعبيره، ثم نشر رابطًا لتقرير يحتوي على قائمة الفائزين بالجوائز.

ككرة لهب مربوطة في ذيل قطة، انتشر هاشتاج #FakeNewsAwards ووصل إلى قائمة الأكثر تداولًا. ولو ضغطت على الرابط أو «اللينك»، ستجد بول كروجمان، الحائز على جائزة نوبل للاقتصاد سنة ٢٠٠٨، عن مقال نشرته «نيويورك تايمز»، بعد فوز «ترامب»، أكد فيه أن الاقتصاد الأمريكي سينهار. وحصل على المركز الثاني براين روس، الذي طردته شبكة «إيه. بي. سي» بسبب تقرير زعم فيه أن ترامب أمر مايكل فلين، مستشاره السابق للأمن القومي بإجراء اتصالات مع الكرملين قبل انتخابات الرئاسة. وفازت شبكة «سي. إن. إن» بالمركز الثالث عن خبر ذكر أن ابن الرئيس، دونالد ترامب جونيور، اطلع على وثائق قبل تسريبها إلى موقع «ويكيليكس». وجاءت مجلة «تايم» في المركز الرابع، بتقرير يتهم ترامب بالعنصرية، بزعم أنه أمر بإزالة تمثال مارتن لوثر كينج من المكتب البيضاوي. واحتلت المركز الخامس «واشنطن بوست»، بصورة ملعب، مدرجاته شبه خالية، قالت إن ترامب سيتحدث فيه أمام مؤيديه!.

المراكز السادس والسابع والتاسع، كانت من نصيب شبكة «سي. إن. إن»، وحدها، بسبب فيديو ظهر فيه ترامب، وهو يطعم السمك خلال زيارته لليابان، وتقرير حول اتصالات أجراها مع روسيا عبر أنتوني سكاراموتشي، وكذلك تقرير زعم أن جيمس كومي، مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق، لم يخبر ترامب بأنه لن يتم التحقيق معه بشأن قضية التدخل الروسي. وفي المركز الثامن جاءت مجلة «نيوزويك»، لأنها نشرت تقريرًا قالت فيه إن السيدة الأولى في بولندا، أجاتا كورنهوسر دودا، لم تصافح ترامب. وعن تقرير يزعم أن إدارة ترامب أخفت تقريرًا عن المناخ حلّت جريدة «نيويورك تايمز» في المركز العاشر. وأخيرًا، كان المركز الحادي عشر من نصيب كل التقارير التي تناولت قضية التدخلات الروسية التي وصفها التقرير بأنها «أكبر عملية خداع تعرض لها الشعب الأمريكي». بعد كل ذلك، وبعد كل الهجوم الذي شنه ترامب على وسائل الإعلام، ستضحك طبعًا، حين تجد التقرير يستدرك بأنه «باستثناء التغطيات الإعلامية الفاسدة جدًا والكاذبة والمنحازة وغير النزيهة، هناك كثير من الصحفيين الممتازين الذين نحترمهم». وقد تستنتج سبب هذا الاستدراك، لو عرفت إعلان تلك الجوائز سبقه بساعات، قيام نائبين جمهوريين بمجلس الشيوخ، بتوجيه انتقادات حادة للرئيس الأمريكي، بزعم أنه يهدد حرية التعبير، بممارساته وهجماته المتكررة ضد وسائل الإعلام التي تنتقده بحجة الأخبار الكاذبة.

في مقال نشرته «واشنطن بوست»، انتقد جون ماكين الرئيس الأمريكي، ودعاه إلى التوقف عن الهجوم على وسائل الإعلام، لأن «القادة الأجانب، يستخدمون عباراته كذرائع للحد من حرية التعبير». وزعم السيناتور الجمهوري أن «تعبير (أخبار كاذبة) الذي أعطى له ترامب شرعية، يستخدمه الطغاة لإسكات الصحفيين». وكان السيناتور الآخر هو جيف فليك الذي قال أمام الكونجرس إنه «لم يعد ممكنًا تجاهل الهجمات التي يقوم بها رئيس لا يقبل الانتقاد على وسائل الإعلام». وندّد «فليك» بما وصفه بـ«استخفاف الرئيس بالحقيقة»، ووصفه لوسائل إعلام بأنها «عدو الشعب». كما اتهم ترامب باستخدام «لغة ستالينية»، في إشارة إلى الرئيس الروسي الأسبق جوزيف ستالين، الذي يرى البعض أنه الـ«بُعبُع» ويراه آخرون ديكتاتورًا!.

على جنب، أو في كيس بلاستيك، ضعْ هذه الانتقادات وغيرها، فما يهمنا هو الفكرة أو التجربة، المهمة، الرائعة، العظيمة والملهمة، التي أرى أن علينا الاستفادة منها، وتطبيقها. ولأن الرئيس عبدالفتاح السيسي لن يقع في «الفخ»، أدعو «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» إلى تنظيم مسابقة لـ«الأكثر كذبًا وفسادًا وانحيازًا»، يحصل الفائزون فيها على فئران ميتة، يتدرج عددها من مائة «أو ألف» للفائز الأول إلى فأر واحد للأخير. وطبعًا، ستكون هناك جوائز مالية ضخمة، لن يحصل عليها الفائزون، وإنما سيتم تحصيلها منهم، على أن تذهب الحصيلة لصالح مشروع قومي يستهدف القضاء على الفئران والصراصير المنتشرة في وسائل الإعلام!.