رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أزمة التسويق السياسي


فى الوقت الذى يعتمد فيه الرئيس عبدالفتاح السيسى، على شخصيته ومصداقيته وحب الجماهير له، إضافة إلى حجم الإنجاز الذى صنعه، بمجهوده الفردى الجبار، لا تزال تلك الإنجازات التى حققها فى حاجة إلى تسويق سياسى، لإظهار قيمتها الحقيقية فى أذهان المواطنين.
ويعد مؤتمر «حكاية وطن»، ومبادرة «اسأل الرئيس»، ومؤتمرات الشباب، نماذج ومحاولات جيدة من الرئيس للتسويق السياسى لمنجزاته الضخمة، ولكنها ما زالت غير كافية.
وبذل الرئيس مجهودًا جبارًا فى إنقاذ بلد، كان منهارًا اقتصاديًا، ويخوض حربًا فى مواجهة إرهاب دولى، فى المقابل تحتاج كل هذه المجهودات، إلى خطة بديلة لتسويقها بطريقة أكثر فاعلية.
وفى ظل كاريزما السيسى، لم يظهر حتى الآن مرشح حقيقى يستطيع أن يخوض الانتخابات الرئاسية أمامه، وأن يظهر بصورة مختلفة أمام الجماهير، حيث لم تستطع الأحزاب صناعة أى نجم سياسى، فى ظل أن أغلب المرشحين أمام الرئيس يخوضون الماراثون الانتخابى من أجل الشهرة.
وكشفت دراسة أعدتها «جنيفر ليس مارشمنت»، أستاذة التسويق السياسى بجامعة أبردين بأسكتلندا، عن أن نجاح السياسيين مرتبط بتطبيق عدة قواعد وآليات لتسويق القرارات وصناعة الرأى العام.
وترى «مارشمنت» أن التسويق السياسى يحتاج إلى نهج شامل، يمكن تطبيقه ليس فقط على السلوك الحزبى - الانتخابى، ولكن على الهيئات التشريعية، والحكومة المحلية، ووسائل الإعلام، والخدمات العامة، مع تطبيق مفاهيم وتقنيات التسويق، وفهم أدبيات العلوم السياسية، وكذلك الدراسات الإدارية.
ولا يعتبر التسويق السياسى خاصًا فقط بفترة الانتخابات، وإنما هو ضرورة مستمرة بعد انتهاء الانتخابات، لمساعدة المسئولين فى الدولة، لتسويق قراراتهم وخطابهم السياسى، وشخصية المسئول نفسه إلى المواطنين.
وتطور علم التسويق السياسى فى العالم الغربى بشكل كبير، وأصبح أكثر احترافية وحداثة، حيث لا يستطيع أى سياسى كفرد أو حزب أو جماعة، الاستغناء عنه.
ويتضمن التطور هنا، فى معرفة الفرق بين تسويق منتج، أو سلعة، وتسويق أفكار سياسية، لأن طريقة تسويق الأخيرة مختلفة تمامًا، وتحتاج إلى عقليات احترافية.
وتختلف القدرة على الإقناع بالفكرة والشخص، وجذب أصوات المؤدين عن بيع المنتجات والسلع الغذائية، كما يحتاج التسويق أيضًا إلى صناعة «النجم السياسى»، وهى العملية التى تتطلب فكرًا مختلفًا، ومراحل مختلفة، نادرًا ما ينفذها حزب سياسى أو مسئول فى مصر.
وأجرى استبيان على ٥٠ من خبراء التسويق السياسى، من جميع أنحاء أوروبا بشأن آرائهم ومواقفهم المهنية، وليس من المستغرب أن ثلاثة أرباعهم، أشاروا إلى أن المرشح السياسى، محور كل حملة، مؤكدين على الحاجة إلى الحملات السياسية، لوضع صورة واضحة لكل منتج سياسى.
ويشدد خبراء التسويق السياسى، على ضرورة أن يكون المرشحون على دراية بكيفية طرح أنفسهم أمام الجماهير، وطرح سيرتهم الذاتية أمام الناخبين.
ويرى الخبراء، أن التسويق السياسى، مرتبط بالقدرة على إدارة الانطباعات السياسية والصورة الذهنية للسياسى عند الجمهور.
ويشير الخبراء إلى ضرورة أن يفهم هذا التحديث للسياسة، على أنه اتجاه نحو التسويق، والعولمة، والثقافة المرئية التى تعتمد على وسائل الإعلام التليفزيونية على وجه الخصوص.
ويتطلب فهم التسويق، دراية تامة بثقافة الجمهور، ووعيه، وكيفية مخاطبة مشاعره، وفهم دوافعه، وإستخدام خطاب وأداء سياسى يبهر الجمهور، فى ظل العولمة والتطور التكنولوجى الهائل.
ويعتبر فهم الدوافع ومخاطبة المشاعر، جزء هام فى التسويق السياسى، ويتطلب دراسة جيدة لعلم النفس السياسى.
وتشير تلك الأبحاث والدراسات، إلى أن مصر بعيدة تمامًا ومتأخر للغاية فى مجال التسويق السياسى، وأن المسئول السياسى فى مصر، وكذلك الأحزاب، ما زالت تعتمد على طرق بدائية قديمة، انقرضت، وأن الحملات عشوائية أو هى مجرد محاولة تقليد جوفاء مشوهة، للحملات الانتخابية الغربية.
ويتطلب هذا أن يغير السياسيون فى مصر، أفكارهم، بالحملات الحديثة التى تعتمد على صناعة النجم السياسى، وخلق شعبية وأرضية له عن طريق وسائل التواصل الاجتماعى.