رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ماذا يفعل رئيس الوزراء الإثيوبي في القاهرة؟

رئيس الوزراء الإثيوبي
رئيس الوزراء الإثيوبي

جاءت زيارة رئيس الوزراء الإثيوبى هايلى ماريام ديسالين، إلى مصر، اليوم، ولقاؤه المنتظر مع الرئيس عبدالفتاح السيسى، وإلقاؤه كلمة أمام مجلس النواب، فضلًا عن انعقاد اللجنة العليا المشتركة بين البلدين، على المستوى الرئاسى- لتجدد آمال تخطى «تعثر» المفاوضات الفنية الخاصة بسد النهضة الإثيوبى. «الدستور» أجرت حوارات مع عدد من الخبراء حول مستقبل المفاوضات خلال المرحلة المقبلة، خاصة إذا ما وافقت إثيوبيا والسودان على مقترح دخول البنك الدولى طرفًا فى المفاوضات.


القوصى: أتوقع موافقة أديس أبابا على دخول البنك الدولى فى المفاوضات

قال الدكتور ضياء الدين القوصى، مستشار وزير الرى الأسبق نائب رئيس المركز القومى لبحوث المياه، إنه لا سبيل أمام مصر وإثيوبيا غير المفاوضات حتى لو استغرقت سنوات، بجانب تفعيل الضغط السياسى. وشدد القوصى، على أن مصر لن تتنازل عن متر مكعب واحد من المياه، لافتًا إلى أن رئيس الوزراء الإثيوبى سيكون مضطرًا لتقديم شىء إيجابى خلال زيارته الحالية، مثل الموافقة على دخول البنك الدولى طرفًا فى المفاوضات.
■ كيف ترى مستقبل مفاوضات سد النهضة؟
- مسار التفاوض ما زال هو الحل الأول، ويمكن اللجوء إلى الحل السياسى والقانونى فى حالة استمرار فشل اللجنة الفنية، رغم أن المكتب الاستشارى الذى تم اختياره من أفضل المكاتب حول العالم، ومن ثم فالدراسات الناتجة عنه ذات أهمية بالغة.
لا سبيل غير المفاوضات حتى لو استغرقت سنوات، وينبغى استئنافها مع تفعيل الضغط السياسى، فالمفاوضات تنتقل من ملف فنى إلى آخر سياسى، وليس أمام إثيوبيا أو مصر من سبيل غير المفاوضات.
■ لكن هناك ١٧ اجتماعًا فشلت فى التوصل إلى حل؟
- من الممكن أن يفشل ٢٧ اجتماعًا، لكن مصر لن تقبل بتأثيرات سد النهضة على مياه وكهرباء السد العالى، ولن تكون هناك نهاية للأزمة حتى نصل إلى واحد من ٣ حلول: أن الطرفين ينتفعان من سد النهضة، أو أن يتعرضا للخسارة جراء البناء، أو أحدهما يأخذ أكثر من حقه، وهذا لن يحدث.
■ هل ترى مؤشرات إيجابية فى زيارة رئيس الوزراء الإثيوبى؟
- بدايةً، مصر لن تتنازل عن متر مكعب واحد من المياه، وأرى أن رئيس الوزراء الإثيوبى هايلى ماريام ديسالين، سيقدم شيئًا إيجابيًا خلال زيارته مثل الموافقة على مقترح دخول البنك الدولى طرفًا فى المفاوضات، فمن غير المعقول أن يأتى أمام مجلس النواب ولا يقدم ما يطمئن المصريين.
■ هل البنك الدولى مطلع على تفاصيل الأزمة؟
- البنك الدولى لديه خبراء، ومنذ مبادرة حوض النيل وهو يعلم جميع تفاصيل الموضوع، وسيعمل كوسيط فنى مثل المكتب الاستشارى، وبالتالى قراره غير ملزم، لكنه يظهر أن الإثيوبيين لا يريدون حل الأزمة.
■ هل بدأ تخزين المياه أمام سد النهضة؟
- التخزين لم يبدأ أمام السد حتى الآن، ومن ثم ليس هناك تأثير على حصتنا، نحن لنا حقوق، والمفاوضات ستستمر لسنوات وتحتاج إلى برود وهدوء أعصاب.
■ كيف تقيّم الموقف السودانى من سد النهضة؟
- الموقف السودانى واضح أنه مع إثيوبيا، والسودان يضيّع حقوقه المائية مقابل الحصول على كهرباء من السد مجانًا، لكن هذا انتحار، لأنك وضعت الصنبور الخاص بك فى يد شخص آخر، ويمكن أن يغلقه فى أى وقت.
■ هل هناك أهمية لاتفاق المبادئ؟
- اتفاق المبادئ الذى تم توقيعه عام ٢٠١٥ بمثابة دليل يرسخ الحقوق المصرية، لأنه وضع بنود إلزام لإثيوبيا يمكن الاستناد إليها عند اللجوء للحل القانونى الدولى.
■ هل تحلية المياه تمثل حلًا لنقص المياه خلال فترة التخزين؟
- عند بناء السد العالى كنا ٣٠ مليونًا، وعام ٢٠٥٠ سنكون ٢٥٠ مليونًا وحصتنا من النيل لن تكفى، لذا سيتم اللجوء إلى التحلية، ولا يوجد حل آخر، رغم أن سعر تكلفتها غالٍ.

منى عمر: استئناف المسار الفنى «ممكن».. ومصر لا تملك تقديم تنازلات
رأت السفيرة منى عمر، مساعد وزير الخارجية للشئون الإفريقية سابقا، أن إشراك «البنك الدولى» فى مفاوضات سد النهضة سيكون أمرا جيدا، رغم كون قراراته وتوصياته غير ملزمة للأطراف المعنية، مشددة على أن مصر لا تملك القدرة على تقديم مزيد من التنازلات فى مسألة السد. وقالت إن المسار السياسى للمفاوضات تأخر كثيرا، وكان ينبغى أن يبدأ بالتزامن مع المسار الفنى، معربة عن أملها فى أن تشهد المفاوضات دفعة جديدة، عقب زيارة رئيس الوزراء الإثيوبى.
■ ما أسباب تعثر مفاوضات سد النهضة؟
- المشكلة أن الإثيوبيين كانوا يقفون عند النقاط الفنية، ولم يتم التطرق للمشكلة ذاتها، وهى مسألة بناء سد فى هذه المنطقة، لذلك فالمفاوضات لا تزال متوقفة عند التقرير الاستهلالى، الذى يضع بعض النقاط والمعايير الأساسية، التى سيتم تضمينها فى التقارير النهائية، أما المسائل المتعلقة بإطالة فترة ملء الخزان، أو الإدارة المشتركة للسد، فهى مرفوضة من جانبهم تماما.
■ ما تقييمك لمسار التفاوض الحالى؟
- المفاوضات استغرقت وقتا طويلا، وهذا يحدث أحيانا، فى ظل تمسك الأطراف بأعلى المطالب فى البداية، ثم البدء فى تقديم التنازلات للتوصل إلى حلول وسط، وأرى أن المسار السياسى الذى بدأ مؤخرا، كان من الأفضل له أن يبدأ منذ البداية بالتوازى مع «الفنى»، وألا يكون الرأى الفنى هو المسيطر الوحيد على مسار التفاوض.
■ هل تملك مصر تقديم تنازلات جديدة أثناء التفاوض؟
- مصر لا يمكنها التخلى عن مطالبها المتعلقة بالأمن المائى، خاصة أننا بالفعل تحت خط الفقر المائى، لذلك لا يوجد مجال لتقديم أى تنازلات، وعلى الطرف الآخر أن يقدم تنازلات، خاصة أن مصر عرضت بالفعل مساهمتها فى تحقيق التنمية فى كافة المجالات التى يحتاجها، بما يحقق مصالح الجميع.
■ كيف تقيّمين موقف السودان فى المفاوضات؟
- للأسف، السودان يأخذ جانب إثيوبيا، رغم كون مصلحته الأساسية كدولة مصب تحتم عليه الاتفاق مع مصر، وربما يرجع ذلك إلى وجود مصالح خاصة، تتعلق باستفادته من الكهرباء المولدة من السد.
■ هل يمكن أن تتلقى المفاوضات دفعة إيجابية أثناء زيارة ديسالين للقاهرة؟
- أتوقع أن يكون هناك تحرك إيجابى أثناء الزيارة، خاصة أن التعاون بين مصر وإثيوبيا يمضى بمنتهى الإيجابية فى كثير من المجالات، عدا موضوع سد النهضة، والتعاون الثنائى فى أفضل فتراته حاليا.
■ هل تتوقعين استئناف المفاوضات بعد الزيارة؟
- يمكن أن ينتج عن الزيارة اتفاق واضح ينص على استئناف مفاوضات اللجنة الفنية الثلاثية، المعنية ببحث التأثيرات السلبية لـلسد.
■ هل يمكن أن توافق أديس أبابا على مقترح إشراك البنك الدولى فى المفاوضات؟
- نرجو أن يحدث هذا، فتدخل البنك الدولى كطرف محايد سيكون مفيدا وله أثر إيجابى على كافة الأطراف، نظرا لما يملكه من خبرة فنية، وقدرة على الفصل فى الخلافات، ونحن فى حاجة إلى كافة الجهود التى يمكنها إعادة الدول الثلاث إلى مائدة المفاوضات، لتحقيق مصلحة الجميع.
■ هل سيملك البنك الدولى تأثيرا على مواقف الأطراف المختلفة؟
- دخول البنك الدولى سيكون كمفاوض أو محكم بين الطرفين، لكن رأيه غير ملزم، وهذه هى المشكلة الحقيقية، فحتى لو خرج قرار، أو كانت نتيجة تقريره أن هناك ضررا ناتجا عن بناء السد، فلا يوجد ما يلزم الأطراف بقبوله، لأن الدول لم توقع على أى اتفاق يتضمن هذا، لذا سنضطر للاحتكام إلى معايير أخرى.

طالب الدكتور خالد أبوزيد، المدير الإقليمى لبرنامج إدارة الموارد المائية فى مركز البيئة والتنمية للإقليم العربى وأوروبا «سيدارى»، بعدم استنزاف مزيد من الوقت فى المفاوضات الفنية حول الآثار السلبية لبناء سد النهضة الإثيوبى. وأوصى «أبوزيد» برفع الأمر كله إلى مستوى الرؤساء، ليتوافق الحل السياسى مع الفنى، مشيرًا فى الوقت ذاته إلى الاقتراح المصرى بضم البنك الدولى إلى طاولة المفاوضات، وقال إنه رغم أن قراره سيكون استشاريًا، فإنه يمكن الاتفاق على ضرورة احترام رأيه.
أبوزيد: ينبغى الاتفاق على قواعد ملء وتشغيل سد النهضة فورًا
■ بداية.. كيف تقيّم نتائج الدراسات الفنية المتعثرة؟
- للأسف الدراسات الفنية استغرقت وقتًا طويلًا، ورغم أنه كان مخططًا استغراقها ١٦ شهرًا منذ فبراير ٢٠١٧، أى تنتهى فى يونيو المقبل، فإنه حتى الآن لم يصدر التقرير الاستهلالى الذى يشرح طريقة إجراء الدراسات، وكيفية التعامل مع المعطيات والافتراضات، ومن ثم التوصل إلى اتفاق لقواعد الملء الأول والتشغيل السنوى، بعد إنهاء الدراسات.
■ ما الحل فى ظل تعثر الجانب الفنى فى ١٧ اجتماعًا سابقًا؟
- لا يصح أن تستمر المفاوضات فى هذه الأجواء من المماطلة، لذلك، وكما هو مذكور فى «إعلان المبادئ»، أنه «إذا حدثت أية نزاعات حول أى من المبادئ، يتم فى هذه الحالة اللجوء إلى وسيط، وفى حالة عدم استطاعته إيجاد حل - مثلما يحدث فى النزاع الحالى - يتم اللجوء إلى رؤساء الدول»، وهى الخطوة التى تعد حلًا سياسيًا لا بد منه، بجانب «الفنى»، وجاء وقتها الآن.
■ هل يمكن الاستغناء عن الجانب الفنى نهائيًا؟
- لا يمكن الاستغناء عن أى من الجانبين السياسى والفنى، وأرى أن الخلافات الناشئة عن الطرف الإثيوبى، تتعارض مع المبادئ العلمية المتفق عليها دوليًا، بالنسبة للدراسات المحتملة للسدود، وهو ما تسبب فى توقف المفاوضات.
■ فى حال استئناف المفاوضات.. هل نتوقع تقدمًا جديدًا؟
- نعم، من الممكن تقديم حلول، لأن هناك أمورًا فنية كثيرة يمكن الاتفاق عليها لتقليل الآثار السلبية لبناء السد، خاصة أن المشكلة ليست فى تخزين المياه فقط، وبالمناسبة، نحن أنجزنا دراسة موازية فى مركز «سيدارى»، ووجدنا أن هناك آثارًا سلبية لسد النهضة على مصر والسودان، وأود أن ألفت إلى أن الجانب السودانى على علم بهذه الآثار السلبية، لكنه لا يريد الإعلان عنها ومصارحة شعبه بها.
■ لماذا لم يصدر التقرير الاستهلالى للجنة الفنية حتى الآن؟
- لم يتم الاتفاق بعد على إصدار التقرير الاستهلالى، لأن الجانب الإثيوبى يقترح أشياء غير منطقية تخالف المبادئ العلمية المتفق عليها فى إنشاء السدود، وذلك مثل مخالفة السيناريو المرجعى قبل إنشاء السد.
النهر كان يسير بالتصرف الطبيعى، وبالتالى تحصل مصر والسودان على حصتيهما فى كل هذه السنوات، وهذا الوضع المرجعى الطبيعى، لذا لا يمكن أن أعتمد المرجعية التى يريدها الإثيوبيون، مثل حجم التخزين، وسبل تشغيل السد.
■ ما الذى ينبغى الاتفاق عليه مع أديس أبابا؟
- يجب الاتفاق على قواعد الملء والتشغيل، بناء على دراسات المكتب الاستشارى والتأكيد على سرعة إنهائها، وأن يتم التفاوض الجدّى على الهدف الأهم، وهو قواعد الملء والتشغيل، التى ستأخذ وقتًا طويلًا، بالإضافة إلى توقيع اتفاق بين الدول الثلاث على هذه القواعد، على أن يكون مفصلًا وواضحًا، وليس مجرد «تصريحات».