رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

صور.. مصر تطلب المدد على باب «الحسين»

جريدة الدستور

بدأ الصوفية فى مصر، منذ الثلاثاء الماضى، الاحتفال بمولد سيدنا الحسين، تحت شعار «تحدى الإرهاب»، بعد الأحداث الدموية التى طالتهم مؤخرًا بتفجير «مسجد الروضة» التابع للطريقة الجريرية الأحمدية، فى سيناء، خلال ديسمبر الماضى. ومن المقرر أن يشارك فى الليلة الختامية «الكبيرة»، المقررة الثلاثاء المقبل، قرابة ٢ مليون مريد، من جميع أنحاء الجمهورية. ورغم اشتعال الحرب الصوفية- السلفية حول وجود رأس «الحسين» من عدمه داخل مسجده فى «الجمالية»، كل عام، فإن تلك الحرب لا تمنع توافد الآلاف من أتباع الطرق الصوفية من مختلف المحافظات للاحتفال بمولد «سبط النبى».

لا سرادقات لدواعٍ أمنية.. والسلفيون كعادتهم: «حرام.. حرام»
انتشرت مراكز خدمات الزوار، التى تقدم «نفحات» المشروبات والأطعمة، فى الشوارع الجانبية لميدان الحسين وأزقة حى «الجمالية»، مع استمرار توافد المحتفلين من كل حدب وصوب.
واكتسى مسجد الحسين بالأنوار وانتشرت قوات الأمن وكثفت من وجودها فى محيط المسجد منذ بداية الاحتفال، فيما شهد مقام الحسين توافد الزائرين و«زغاريد» مجلجلة من النساء، فرحًا ببدء الاحتفالات.
وشهدت مراكز الخدمات إقبالًا كبيرًا من المريدين، الذين يقدم لهم الطعام، ويغلب عليه «الفول النابت» والجبن، نظرا لارتفاع الأسعار، بعد أن كانت تقدم لهم اللحوم، فى السنوات السابقة.
وأعلنت المشيخة العامة للطرق الصوفية عن إقامة احتفالها الرسمى داخل مسجد الحسين، عقب صلاة العشاء، طوال أيام المولد.
وقال عبدالهادى القصبى، شيخ مشايخ الطرق الصوفية: «نظرًا للحالة الأمنية تقرر عدم إقامة سرادقات بمحيط المسجد أو الشوارع الجانبية، والاكتفاء باحتفال كل طريقة داخل المسجد فقط، حرصًا على الأمن العام».
ومن المقرر أن تقيم الطرق الصوفية خيمة كبيرة أمام مسجد الحسين، تشارك فيها الطرق من جميع المحافظات، على أن يشارك المنشد الكبير ياسين التهامى، وابنه محمود التهامى فى الليلة الختامية.
فى سياق الاحتفال، صرح جابر طايع، رئيس القطاع الدينى بوزارة الأوقاف، لـ«الدستور»، بأنه تم التنبيه على عمال مسجد الإمام الحسين بالتواجد على مدار اليوم خلال أيام الاحتفال لرصد أى تجاوزات تحدث من قبل الزوار، لافتًا إلى أنه حال حدوث أى تجاوزات سيتم إغلاق المسجد حتى انتهاء المولد.
وأعلن «طايع» أن مسجد الإمام الحسين وضريحه مفتوحان على مدار اليوم أمام الزوار الذين يأتون من كل أنحاء الجمهورية.
فى الوقت نفسه، أطلقت صفحات سلفية على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك»، حملة لمنع الصلاة فى مساجد أولياء الله الصالحين، قبيل الاحتفال، ونشرت فيديوهات لمشايخها تحرّم الصلاة فى هذه المساجد.
وقال أبوإسحاق الحوينى، الداعية السلفى، إن الصلاة فى المساجد التى بها قبور «محرمة» وليست باطلة، فلا يجتمع مسجد وقبر فى دين الإسلام.
أما ياسر برهامى، نائب رئيس «الدعوة السلفية»، فقال: «رأس الحسين لم يأت القاهرة، والحديث عن وجوده أكاذيب، ومن يذهبون إلى مسجد الحسين يقرأون الفاتحة لأحجار لا تنفع ولا تضر»، معتبرًا أن ذلك قد يخرج الناس من الملة.
وأضاف «برهامى»، فى أحد مقالاته: «الإثباتات التى تؤكد وجود رأس الإمام الحسين بالقاهرة ضعيفة جدًا، والدليل الأوضح والأكيد أنه موجود فى العراق ولم يأتِ إلى مصر، وعلى ذلك يجب على الأزهر والأوقاف وكافة المؤسسات الإسلامية فى العالم التأكد من ذلك، لأن ترك الناس تذهب إلى هذا الضريح دون تثََبُّت، يخلق فتنة كبرى فى الشارع المصرى».
وتابع برهامى: «الصوفية تنظم الاحتفالات المليونية كل عام، ويصرف عليها الملايين، وهذا خطأ كبير جدًا، لأن الله- عز وجل- لم يأمرنا بذلك، وهذا يعد إسرافًا غير مبرر، ويجب على علماء الدين أن يقفوا لمثل ذلك، لأن هذا يستهدف هدم التراث الإسلامى السنى الذى من المفترض أن يقوم الجميع بالدفاع عنه، حتى لا نتحول إلى شيعة مبتدعة».
وطالب القيادى السلفى سامح عبدالحميد، بتشكيل لجنة من «الأوقاف» وعلماء التاريخ لفحص كل الأضرحة الموجودة فى مصر، والكشف عن حقائق المشايخ والأولياء فى المحافظات، وقال: «ما يقوم به الصوفية خرافات لا بد من توقفها، فهم بوابة التشيع».
وكتب «عبدالحميد»، على صفحته عبر «فيسبوك»: «الحسين، رضى الله عنه، لم يأتِ مصر حيًّا ولا ميتًا، ومسجد الحسين بالقاهرة ليس فيه الحسين، وما يقوم به الصوفية مجرد خرافات ولا بد من وقفها، بعدم السماح لهم بإقامة الاحتفالات داخل مسجد الحسين». وأشار إلى أن السماح بإقامة هذه الاحتفالات يعد فتحًا لبوابة التشيع فى مصر، من خلال تعاون الصوفية مع الشيعة لإحياء هذه «البدع المنكرة»، مضيفا: «على وزارة الأوقاف غلق الضريح المنسوب للحسين، نهائيًّا»، حسب قوله.

دار الإفتاء: الاحتفال أمر مرغوب فيه شرعًا
رد عبدالهادى القصبى على اتهامات السلفيين، قائلا: «مزاعم السلفيين بأن الاحتفال بمولد الحسين بدعة، وأن الحسين لم يأت إلى مصر حيًا أو ميتًا، كلام ليس بجديد، والهدف من اتهاماتهم تفريق الأمة، تنفيذًا لأجندات ومخططات خارجية، ونحن لن نستجيب لمثل هذه الدعوات».
وأضاف لـ«الدستور»: «الطرق الصوفية لا تمارس البدع والخرافات، كما يزعم البعض، ولسنا بوابة للتشيع، وهناك فارق بين الصوفية ومريديها وبين التشيع، وبالتالى ما يروجونه من مزاعم لا أساس لها من الصحة، وكلامهم لا يستحق الرد عليه».
وتابع شيخ مشايخ الصوفية: «السلفيون لا يقرأون التاريخ، فنحن نحتفل ببطولات الحسين وسيرته الذاتية ونطعم الزوار ونقوم بقراءة القرآن وترديد الأذكار».
وقالت دار الإفتاء إن الاحتفال بموالد آل البيت وأولياء الله الصالحين وإحياء ذكراهم بأنواع القُرَب المختلفة أمر مرغَّب فيه شرعا، لما فى ذلك من التأسّى بهم والسير على طريقهم، فلا بأس مِن تحديد أيام معينة يُحتفل فيها بذكرى أولياء الله الصالحين.

دعم السيسى حاضر بـ«استمارات الترشح»
كشفت مصادر صوفية لـ«الدستور» استعداد الطرق الصوفية لاحتفالات المولد بتأمينات مشددة، خوفًا من حدوث أى عمليات إرهابية تعكر صفو المحتفلين، لافتة إلى أن شباب الطرق ومريدى الصوفية سيشاركون فى التأمين مع قوات الأمن التى تكثف من وجودها فى محيط «المشهد الحسينى».
وقالت المصادر إن الصوفية سترفع خلال احتفالات العام الجارى شعار «نعم للسيسى.. لا للإرهاب»، وسيتم الإعلان عن دعم الرئيس السيسى فى الانتخابات الرئاسية المقبلة، وفق ما أعلنه شيخ مشايخ الطرق الصوفية الدكتور عبدالهادى القصبى، خلال مؤتمر «عمال مصر».
وكشف الشيخ عبدالخالق الشبراوى، شيخ الطريقة الشبراوية، عن أنه سيتم جمع آلاف الاستمارات الخاصة بدعم الرئيس السيسى فى الانتخابات الرئاسية المقبلة، من قبل أتباع الصوفية الذين يشاركون بالملايين فى هذا الاحتفال الكبير.

أين يوجد رأس «سبط النبى»؟
تعددت الأقوال التاريخية حول مدفن رأس الحسين، فيقول البعض إن الرأس أعيد إلى كربلاء فدفن مع الجسد فيها، وهناك رأى ثانٍ يقول إن الرأس الشريف أرسل إلى عمرو بن سعيد بن العاص، والى يزيد على المدينة، فدفنه بـ«البقيع» عند قبر أمه فاطمة الزهراء.
وأيضًا هناك رأى ثالث يروى أن رأس الحسين وجد بخزانة للخليفة يزيد بن معاوية بعد موته، فدُفن بدمشق عند باب الفراديس، أما الرأى الرابع فيحكى أنه طيف بالرأس فى البلاد حتى وصل إلى عسقلان فدفنه أميرها هناك.
وهناك رأى خامس يأخذ برواية سابقه، ويضيف أن الرأس بقى بعسقلان حتى استولى عليه الإفرنج فى الحروب الصليبية، فدفع لهم الصالح طلائع، وزير الفاطميين بمصر، ٣٠ ألف درهم على أن ينقله إلى القاهرة، حيث دفن بمشهده فى الجمالية.
أما الرأى السادس والأخير فنقل عن سبط ابن الجوزى، الذى يؤكد أن الرأس دفن بمسجد الرقة على نهر الفرات.