رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وسائل إعلام إسرائيلية: إعلان تفاصيل «صفقة القرن» قريبًا

ترامب
ترامب

«معاريف» أكدت أنها ستتضمن «خطة خارج الصندوق» رغم معلومات أمريكية بشأن التراجع عنها

لا حديث فى الأوساط السياسية الإسرائيلية والفلسطينية هذه الأيام سوى عن مسيرة السلام والتوقعات المتعلقة بشأنها، بعد قرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل وما تلاه من قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة برفضه، ووفق المراقبين، فإن الأحداث الأخيرة قد تشكل أزمة جديدة فى مسيرة السلام، وفى تمرير «صفقة القرن» التى دعا إليها الرئيس الأمريكى.

«بيجن - السادات» يطالب بإبعاد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى عن مفاوضات السلام.. و«هآرتس»: «أعطوا الفلسطينيين دولة»
ولا تخلو الأوساط الإسرائيلية من أصوات تنادى بإقامة دولة للفلسطينيين، من بينهم الكاتب «دانيل برينبيوم» الذى قال فى مقاله بصحيفة «هآرتس»: «على خلفية الخطوة الأمريكية أحادية الجانب، أتوجه للعالم وأقول: اعترفوا بفلسطين كدولة ذات سيادة، بالضبط مثلما تعترفون بإسرائيل كدولة، فلا يمكن توقع مصالحة بين شعبين لا يعترف أحدهما بوجود الآخر»، مضيفًا: «الفلسطينيون تحت الاحتلال منذ خمسين سنة، ولا يمكنهم إجراء مفاوضات فى ظل الوضع الراهن».
وتابع الكاتب الإسرائيلى قائلًا: إن خطوة ترامب ستُعقد الوضع، لأنها تزرع الأمل الكاذب فى طرف، وتزيد اليأس فى الطرف الآخر، مقترحًا أن يكون غربى القدس هو عاصمة لإسرائيل وشرقى القدس عاصمة لفلسطين.
واتفق معه، العميد بالاحتياط «غيورا عنبار»، الذى رأى فى مقاله بجريدة «يديعوت أحرونوت» أن ترامب لن يرسم حدود إسرائيل فى القدس خلال مبادرته، بل سيتركها وقت المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، مرجحًا أن تكون القدس الغربية فى الاتفاق النهائى عاصمة لإسرائيل، فيما تكون القدس الشرقية عاصمة لفلسطين.
وأضاف أنه بعد أن اعترفت الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل، حان الوقت للاتفاق على حدود القدس الإسرائيلية وعلى حدود دولة إسرائيل، وإلى جانبها دولة فلسطينية، معتبرًا أن حل الدولتين سيعزز مكانة القدس كعاصمة شرعية لإسرائيل، وسيحافظ على طابعها اليهودى الديمقراطى، وهذه مصلحة صهيونية عليا، وفق قوله.
فى الإطار ذاته، كشف السفير الإسرائيلى السابق «زلمان شوفال» فى مقاله بجريدة «معاريف» عن تفاصيل صفقة القرن الأمريكية التى ستُعلن قريبًا، وفق قوله، وسط معلومات أمريكية بشأن التراجع عن الصفقة ورجح «شوفال»، أن ترامب سيوسع اقتراحاته، متوقعًا أن تكون الخطة خارج الصندوق، مثلما صرح نتنياهو سابقًا.
وقال «شوفال» إن تفاصيل الصفقة ليست معروفة بعد، لكن نتنياهو الذى أجرى اتصالات مكثفة مع طاقم السلام الأمريكى يعلم بخطوطها العريضة، وواشنطن تدرك أن إسرائيل لن تقبل بخطة لا تحقق الأمن الإسرائيلى، وعلى رأس ذلك الحدود فى غور الأردن، والوجود الأمنى لمدى طويل فى الضفة الغربية، وتجريد السلطة الفلسطينية من السلاح، والرقابة على المجال الجوى والحظر على الارتباطات الأمنية الفلسطينية مع جهات خارجية.
وكشف «شوفال» أن وضع المستوطنات الجديدة، خاصة تلك التى خارج الكتل الاستيطانية، لن تندرج فى الخطة فى هذه المرحلة، مع ترجيحات بالتوافقات الأمريكية حول كتل المستوطنات الكبرى، إضافة إلى البناء فى القدس، مشيرًا إلى أن خطة ترامب ستتناول أيضًا صيغة الدولتين كهدف نهائى، لكن من دون جدول زمنى محدد، مضيفًا: «إسرائيل ستعلن تأييدها العام والمبدئى للخطة، وستبقى ملحوظاتها المفصلة للمفاوضات مع الفلسطينيين إذا تمت».
وأشار «شوفال» إلى أنه من غير الواضح حتى الآن، كيف سيتغلب ترامب على الرفض الفلسطينى والخلافات فى موضوعات مثل حق العودة، والقدس، والاعتراف بإسرائيل كدولة الشعب اليهودى وما شابه، متسائلًا: «هل سيتخلى فى حينه عن كل الموضوع أم ربما يفضل اتخاذ نهج براجماتى من التسويات الجزئية والعملية حتى يتمكن من دفع المبادرة؟».
فى السياق ذاته، نشر مركز «بيجن – السادات» ورقة بحثية للعقيد الاحتياط موردخاى كيدار، تناول فيها ١٠ قواعد مهمة للإدارة الإسرائيلية عند التفاوض مع العرب حتى لا تتكرر الأخطاء التى حدثت أثناء التفاوض مع مصر والأردن سابقًا، موضحًا أنه عندما تفاوضت إسرائيل مع البلدين، أدى جهلها بثقافة التفاوض فى الشرق الأوسط إلى ارتكابها أخطاء فادحة، مشيرًا إلى أن الدول العربية لا تريد السلام مع إسرائيل، بل مساعدة إسرائيل فى مواجهة عدوهم إيران، وإذا لم يكن هناك أى تهديد إيرانى، فإن فكرة السلام مع إسرائيل لن تعبر عقولهم، وفق رأيه.
وأضاف أن السلام مع الدول العربية يجب ألا يكون مرتبطًا بالقضايا الأخرى، ولاسيما القضية الفلسطينية، حتى لا تتكرر أخطاء مناحم بيجن عام ١٩٧٨، عندما وافق على فكرة الحكم الذاتى الفلسطينى، ومنحها قوة شرطة قوية، وهو ما مهد الطريق لإنشاء السلطة الفلسطينية.
وستشترط إسرائيل أن يتضمن اتفاق السلام ما هو أكثر من وقف إطلاق النار، إذ ستصر تل أبيب على التطبيع الكامل الذى يتضمن المجالات الثقافية والسياحية والتجارية والصناعية والفنية والعلاقات التكنولوجية والرياضية، والأكاديمية العلمية، وتوجيه رسالة إلى العالم العربى: «إذا كنت ترغب حقًا فى مساعدة الفلسطينيين، يمكنك بناء المدن والبلدات لهم فى دولكم».
وطالبت الورقة البحثية بضرورة اعتراف الدول العربية بحق إسرائيل فى القدس، وبألا تسمح تل أبيب بالتحريض ضد الدول العربية فى وسائل الإعلام الإسرائيلية، بالمقابل، لن يسمح العرب بالتحريض ضدها.
الغريب أن الورقة البحثية طالبت بإبعاد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى عن طاولة المفاوضات، باعتبارهما ليسا طرفا فى الاتفاق.


.. وتل أبيب تستعد لحرب على قطاع غزة بتهيئة الرأى العام
رغم عدم رغبتها فى «التصعيد» على أى من جبهاتها، لخوفها من دخول أى «صراع عسكرى» فى الوقت الحالى، إلا أن إسرائيل بدأت فى اتخاذ مجموعة من الإجراءات استعدادًا لأى «مواجهة عسكرية» فى أى من هذه الجبهات، خاصة أنها تدرك أن أى «حرب» تبدأ بـحادثة صغيرة، وهو ما يجعل الجبهتين الشمالية والجنوبية مهددتين بالاشتعال فى أى وقت.
على الجبهة الجنوبية مع غزة تبدو الأمور «متوترة» بشدة منذ قرار ترامب اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، فى ظل إطلاق المقاومة الفلسطينية مجموعة من الصواريخ على إسرائيل، التى ترد من جانبها بحذر خشية التصعيد.
وقال المُحلل «ليرم شتنسلر»، فى مقاله بصحيفة «معاريف»: «التنظيمات الجهادية الفسلطينية تقصد سقوط الصواريخ على أراض قريبة من مناطق سكنية، حتى تشكك فى قدرة (القبة الحديدية) على التصدى لتلك الصواريخ، وهو ما سيسبب ضغطًا جماهيريًا على الحكومة فى (تل أبيب) ومطالبتها برد فعل عسكرى قوى».
واعترف «شتنسلر» بأن إسرائيل تحاول تهيئة الرأى العام الدولى لحرب جديدة على غزة، وتسعى لكسب شرعية لعملية عسكرية فى القطاع، وهى سياسة إسرائيلية معروفة، لافتًا إلى أنها ستعمل على توجيه «إنذارات» لـ«حماس» أمام الأسرة الدولية، فإذا ما بدأت عملية عسكرية تردد أمام العالم أنها سبق أن حذرت «حماس» وغيرها من التنظيمات الفلسطينية.
أما الجبهة الشمالية، وهى الحدود السورية واللبنانية، فيرى المراقبون أن نجاح بشار الأسد فى توسيع المنطقة الخاضعة لسيطرته جنوب سوريا بالقرب من الحدود مع إسرائيل، يجعل التقديرات تشير إلى أن خطوة النظام السورى المقبلة قد تكون بالقرب من إسرائيل.
وقال المحلل العسكرى «عاموس هرئيل»، فى مقاله بصحيفة «هآرتس»: «هجمات الجيش السورى والميليشيات المساعدة له ضد تنظيمات المتمردين ستبدأ قريبًا فى الانتقال إلى الحدود السورية – اللبنانية، وسفوح جبل الشيخ السورى الشمالية، لقطع طريق إمدادات هؤلاء المتمردين من لبنان نهائيًا». وأضاف: «إذا استمر هذا بنجاح فسيحاول الجيش التقدم جنوبًا، على طول الحدود مع إسرائيل فى هضبة الجولان، لطرد المتمردين من جنوب سوريا». وأشار إلى أن إسرائيل تستعد لتغيير سياستها حيال سوريا، وستتخذ موقفًا أكثر تشددًا من نظام «الأسد»، إزاء كل تصعيد على الحدود أو فى الجولان، مختتما: «أيديولوجية المتمردين معادية جدًا لإسرائيل، وهو ما يرجح احتمالية التصعيد بالقرب من الحدود».