رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"عناق الأديان".. ومن قال لكم إن الدين متهم أصلًا بالإرهاب؟

جريدة الدستور



لن أخفى إعجابى الشديد بحالة التواصل الكبيرة التى جرت على هامش زيارة بابا الفاتيكان إلى القاهرة، ليس بين الأديان فقط، ولكن بين الطوائف المسيحية أيضًا، ربما لأننى أرى الأديان وسيلة لخدمة الإنسان وإسعاده، وليس لترهيبه وتعذيبه فى الدنيا والآخرة، ثم إن تعددها يمنحنا حرية اختيار الطريقة التى نعبد الله على أساسها، ولا يبنى حالة الحرب والقتل والتصفية التى يمارسها أتباع الأديان.

لقد اعتبر متابعو الزيارة أننا أمام انتصار كبير، ولا أنكر ذلك بالطبع، إذا اعتبرنا أن الكلمات البروتوكولية يمكن أن تحسم أمرًا على الأرض، لقد غادرنا البابا بعد أن منحنا بكرمه فرصة عظيمة تحتاجها مصر على المستوى السياسى، لكنه مضى وأمور الدين على حالها، لم يتغير فيها الكثير، وحتى ما قاله الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وأعجب كثيرين، تأسيسًا على أنه ينفى عن الإسلام تهمة الإرهاب والتطرف.

كان شيخ الأزهر ذكيًا بالطبع عندما أشار إلى أن هناك منحرفين عن الأديان جميعًا ارتكبوا أعمال عنف باسم الدين، فى محاولة منه لتبرئة الأديان من الحض على العنف، وهو ما يحتاج إلى بعض التأمل والتفكير، فلا أحد عاقل يمكن أن يقر بأن الأديان الحقيقية يمكن أن تشكل خطرًا على البشرية، نعرف أن هناك من انحرفوا عن نصوصها، وذهبوا لتأويلها على مزاجهم الخاص، بما يخدم مصالحهم. ما صمت عنه الدكتور الطيب هو دور رجال الدين وعلمائه، ماذا فعلوا وهم يرون أمامهم من ينحرفون بالأديان عن مقاصدها الأساسية؟ لقد اهتم برد التهمة عن الدين رغم أن الدين ليس متهمًا، وصمت عن التهمة التى تلصق بثوب من يعملون بالدين وهذه هى المشكلة.

الزيارة التى استفدنا منها سياسيًا، يجب أن نعكف عليها من الآن للاستفادة منها دينيًا، وهذا مشوار طويل، لابد أن ينسى فيه الجميع الخلاف، ويجتمعوا على قلب واحد، قلب يعمل من أجل السلام ليس لأتباع دين واحد، ولكن أتباع كل الأديان.