رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الدستور» ترصد توابع الموافقة على قانون السلطة القضائية

صوره ارشيفيه
صوره ارشيفيه

عمومية لـ«مجلس الدولة» غدًا.. ومطالبات للرئيس بعدم التصديق

تصاعدت أزمة موافقة البرلمان على قانون السلطة القضائية، وتعديل اختيار رؤساء الهيئات القضائية، وبدأ رؤساء الأندية ورؤساء الهيئات القضائية التحرك على الأرض، فأعلنوا عن 3 جمعيات عمومية بداياتها، غدًا السبت، لمجلس الدولة، والثلاثاء لمجلس القضاء الأعلى والنقض، والجمعة 5 مايو لنادى القضاة.

وقال المستشار سمير البهى، نائب رئيس نادى قضاة مجلس الدولة، إن مجلس النواب وقع فى أخطاء دستورية لتمرير القانون، الذى وصفه بـ«المشبوه»، موضحًا أن «إجراءات التصويت على القانون خالفت الدستور، وأتحدى رئيس مجلس النواب بأن يثبت صحة النسبة المقررة دستوريًا، وهى ثلثا أعضاء المجلس، فى التصويت على القانون».

وأضاف «البهى»، لـ«الدستور»، أن الأمل لا يزال معقودا على رئيس الجمهورية ليعترض على القانون ورده مرة أخرى لمجلس النواب.

وفى سياق متصل، أصدر نادى مجلس الدولة بيانا شديد اللهجة، قرر فيه عدم الإشراف على الانتخابات البرلمانية المقبلة، وإنهاء انتدابات أعضاء مجلس الدولة، خاصة بمجلس النواب، وتسجيل الاعتراض على القانون فى محاضر جلسات المحاكم وجلسات التحضير، إضافة إلى الوقوف دقيقة حدادًا على إهدار القانون المشبوه استقلال القضاء، وأكد المجلس أنه فى سبيل الدعوى لعقد جمعية عمومية طارئة، لافتًا إلى أن «كل الخيارات متاحة لمواجهة هذا التغول المتعمد على استقلال القضاء، بدءًا من الاعتراض على القانون مرورًا بتدويل القضية وانتهاءً بتعليق العمل بمحاكم مجلس الدولة وأقسامه المختلفة». فيما طالب المستشار محمد عبدالمحسن منصور، رئيس نادى قضاة مصر، الرئيس عبدالفتاح السيسى، بالتدخل ورفض التصديق على قانون السلطة القضائية، واصفا القانون بأنه «سيئ السمعة»، مضيفًا «القانون ينتهك استقلال القضاة، وأتمنى أن يستخدم الرئيس سلطته الدستورية بعدم التصديق على القانون»، مشيرا إلى أنه تم التواصل مع مختلف الهيئات القضائية لاتخاذ موقف موحد، وأن الفيصل بين القضاة والبرلمان، هو الدستور، مؤكدا على أن «الاستقلال ليس منحة للقضاة، لكنه ضمانة للعدالة». وأضاف أن نادى قضاة مصر تواصل مع رئيس مجلس النواب، الدكتور على عبدالعال، قبل إصدار القانون، من أجل إعطاء النواب مزيدا من الوقت لبحث القانون ودراسته حتى تتضح الصورة لهم.

البرلمان: دورنا انتهى.. ولن نتدخل مجددًا إلا بطلب رئاسى

قال سليمان وهدان، وكيل مجلس النواب، إن البرلمان وافق على قانون الهيئات القضائية بموافقة أغلبية نوابه، ما يعنى أن أقراره من جانب مجلس النواب أصبح بشكل رسمى، ولا ينتظر سوى توقيع الرئيس عبدالفتاح السيسى عليه لإصداره ونشره بالجريدة الرسمية.

ورأى «وهدان» أن دعوات القضاة لعقد جمعية عمومية لن تفيد بشىء بعد أن وافق البرلمان على القانون بشكل نهائى، واستبعد إعادة النظر مرة أخرى فيه، وقال: «مفيش حاجة اسمها نناقش القانون مرة تانية عشان نرضى حد.. البرلمان دوره انتهى بمجرد الموافقة، لذلك لم نجر أى اتصالات ولم ندعو لعقد أى لقاءات مع القضاة حول القانون بعد الموافقة عليه».

وعن رفض بعض النواب طريقة التصويت على القانون، قال «وهدان»، إن التصويت على القانون تم بموافقة أغلبية الثلثين طبقًا للائحة والقانون، وشدد على أن مجلس النواب لم يخالف القانون أو اللائحة فى أى من إجراءات الموافقة على قانون الهيئات القضائية، ورأى أنه لا شىء فى دعوة القضاة لتدخل الرئيس قائلًا: «مفيش مشكلة خالص من تدخل الرئيس.. حقهم يطالبوا بأى شىء».

واتفق معه نبيل الجمل، وكيل اللجنة التشريعية، وقال: «قانون الهيئات القضائية موجود فى رئاسة الجمهورية، ولن يتدخل البرلمان فيه مرة أخرى إلا إذا طلب الرئيس ذلك»، مضيفًا: «لا أعتقد أن الأمور تصل إلى سحب القضاة المستشارين من مجلس النواب، وسيتم الوصول إلى حلول توافقية من قبل الرئاسة» .

وأوضحت الدكتورة عبلة الهوارى، عضو اللجنة التشريعية فى البرلمان، أن ما اتخذه المشرع نحو تعديلات قانون السلطة القضائية من حيث تعيين رئيس الجهات و الهيئات القضائية يتفق مع صحيح الدستور، خاصة أنه لم يمس من قريب أو بعيد مهام أو اختصاصات السلطات القضائية، وتعرض فقط لعملية تنظيمية إدارية بحتة.

وأضافت فى بيان: «موافقة البرلمان على قانون الهيئات القضائية يأتى متماشيًا مع نص المادة 185 من الدستور التى أوجبت الرجوع إلى تلك الجهات وأخذ رأيها فى مشروعات القوانين المنظمة لشئونها، وهذا ما حدث بالضبط، بعد أن تم الرجوع لهيئة النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة والمجلس الأعلى للقضاء ومجلس الدولة مرتين، الأولى عند إعداد مشروع القانون، والثانية عند تعديل نص المادة المطروحة الخاصة بتلك الجهات والهيئات».

ورأت أن رفض الجهات والهيئات القضائية مشروع القانون ليس له أى مبرر، خاصة وأن المشرع غير ملزم بما انتهت إليه الجهات والهيئات القضائية من رأى فى قانون السلطة القضائية.

السيسى: أرفض «تغول السلطات».. ومصادر ترجح التصديق

فيما تصاعدت الأزمة بين مجلس النواب والقضاة، بسبب قانون السلطة القضائية، ومطالبة القضاة رئيس الجمهورية بعدم التصديق عليه، أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى ضرورة تكاتف مؤسسات الدولة، وإيقاف حالة الجذب فيما بينها، مشددا على رفضه تغول السلطة التنفيذية على أى مؤسسة أخرى.

وقال الرئيس، خلال مشاركته فى فعاليات المؤتمر الوطنى للشباب بالإسماعيلية، أمس: «أشاهد أن هناك حالة جذب بين مؤسسات الدولة، ومصر فى وضع يتطلب تكاتف الجميع.. كل مؤسسة لها احترامها، ونريد الحفاظ على مؤسسات الإعلام والقضاء والبرلمان، كى تزيد كل مؤسسة ولا تنقص، وهذا يتطلب من المسئولين فى كل مؤسسة أن يضعوا فى اعتبارهم أن القضية أكبر من كل قطاع بمفرده، لكنها ليست أكبر من كل المصريين مع بعضهم البعض».

وشدد الرئيس على ضرورة التكامل والتوازن بين كل المؤسسات، محذرًا من خطورة تغول مؤسسة فى الدولة على أخرى، قائلا: «ليس لى وصاية على أحد، لكن عاوزين نتجرد شوية، وأنا مسئول معاكم على دولة.. وإحنا عاوزين نثبتها، وأرجو أن لا تتقاطع المؤسسات المصرية أو تختلف، وتقبل بعضها البعض دون تغول.. لا أريد التغول على أحد، كسلطة تنفيذية، إذا كنا نتحدث عن التوازن الحقيقى.. والتوازن يبدأ بالفكر قبل الإجراءات.. نحن بحاجة إلى التجرد وألا يحدث تضارب بين مؤسسات الدولة».

ويترقب القضاة موقف رئيس الجمهورية من الأزمة المشتعلة بين البرلمان والهيئات القضائية، على خلفية موافقة البرلمان على تمرير قانون السلطة القضائية، الذى ينظم اختيار رؤساء الهيئات القضائية، ويعد الرئيس الحلقة الأخيرة فى إصدار القانون، بالتصديق عليه ونشره بالجريدة الرسمية ليصبح ساريا.

وطالب القضاة الرئيس باستغلال المادة 123 من الدستور، التى تنص على أنه «من حق الرئيس إصدار القوانين أو الاعتراض عليها، وإذا اعترض رئيس الجمهورية على مشروع قانون أقره مجلس النواب رده إليه خلال 30 يوما، من إبلاغ المجلس إياه، فإذا لم يُرد مشروع القانون فى هذا الميعاد، اعتبر قانونا وأصدر، وإذا ورد فى الميعاد المتقدم إلى المجلس، وأقره ثانية بأغلبية ثلثى أعضائه، اعتبر قانونا وأصدر».

وتوقعت مصادر سياسية عدم دخول الرئيس على خط الأزمة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، مشيرة إلى أنه لا يجوز أن ينحاز الرئيس لسلطة على حساب الأخرى، خاصة أن قانون السلطة القضائية مر بمراحله الدستورية والقانونية على نحو صحيح، وبتصويت ثلثى البرلمان، أى الأغلبية، مرجحا أن يصدق الرئيس على القانون، عقب إرساله من البرلمان.

وأوضحت المصادر أن انحياز الرئيس لإحدى السلطتين، على حساب الأخرى، سيزيد من حجم الأزمة، ويرسخ لمبدأ التغول على السلطات، لافتة إلى أن الرئيس رفض التدخل فى أزمات سابقة بين جهات ومؤسسات مختلفة بالدولة، وترك الأمور تسير فى القنوات الطبيعية، القانونية والدستورية.

وأضافت أن اعتراضات الهيئات القضائية على القانون، يجب أن تسرى بالطرق القانونية الطبيعية، وهى الطعن على القانون أمام المحكمة الدستورية عقب إصداره، ليكون لها الكلمة الفصل، إذ تنص المادة 192 من الدستور على أن تتولى المحكمة الدستورية العليا، دون غيرها، الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح وتفسير النصوص التشريعية.