رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

انفلات في المشهد الإعلامي


فى الفترة الأخيرة سيطرت على عدد ليس بالقليل من وسائل الإعلام حالة من عدم الانضباط وغابت المهنية عن أدائها، فأصبحنا نقرأ يوميًا أخبارًا يتم تكذيبها بعد دقائق من نشرها، كما نشاهد على شاشات فضائياتنا وصلات من «السباب» و«الألفاظ غير اللائقة» كأن «عصر السماوات المفتوحة» عندهم يكمن فى عدم المهنية والانضباط.

وفى اعتقادى أن «المهنية» و«ميثاق الشرف الإعلامى» هما كلمتا السر لإعادة إعلامنا إلى مساره الصحيح، بعيدًا عن «الانفلات» و«التشنج» و«العصبية»، فليس مقبولًا أن تنشر أخبار فى بعض المواقع الإلكترونية دون التحقق من مصادر موثوقة، ونشر مثل هذه الأخبار يعود بالضرر على الأشخاص ومؤسسات الدولة، وتجعل الكثيرين يفتقدون الثقة فى وسائل الإعلام، كما أنه ليس من المعقول أن تتحول فضائياتنا إلى ساحات للتنابز والتناحر فى غياب «لغة العقل»، لدرجة أن هناك اشتباكات تقع بين ضيوف البرامج وهو أمر مؤسف، فالمفترض أن ضيوف هذه البرامج ممن يطلق عليهم «النخبة»، وبدلًا من أن ترتقى هذه البرامج بأسلوب الحوار ساهمت فى تدنيه إلى مستويات غير مسبوقة.

والمجلس الأعلى للإعلام عليه مسئولية كبيرة فى مجال «الصحافة الورقية» و«الإعلام المرئى»، وهذا الأمر لن يتحقق إلا من خلال وضع ضوابط صارمة تلزم جميع الصحف والقنوات التليفزيونية بالعمل وفق المعايير المهنية واتخاذ إجراءات فورية ورادعة ضد من يخالف هذه الضوابط مع ضرورة العمل على تطبيق ميثاق للشرف الإعلامى يكون ملزمًا وليس اختياريًا.

وعلى نقابة الصحفيين أن تجتهد بالتعاون مع المجلس الأعلى للإعلام لوضع حد لمواقع «بئر السلم» الإلكترونية، والتى لايعرف أحد أصحابها وتعمل على بث أخبار وتقارير مغلوطة هدفها الابتزاز وتشويه صورة الشرفاء، وفى الوقت ذاته تساهم فى رسم صورة سلبية للصحافة، على الرغم أن الصحفيين منها براء.. والمضحك والمخجل أن تلك المواقع لا تلتزم بأبسط القواعد المهنية، ناهيك عن الأخطاء اللغوية والإملائية.

ولا يختلف اثنان على أن الإعلام المصرى يمر بمرحلة حرجة ولا أبالغ إن قلت إنها مسألة وجود أو عدم وجود.. فهناك قطاعات كبيرة من المواطنين انصرفت عن التليفزيون الحكومى والفضائيات الخاصة بسبب «التجاوزات المهنية» التى ضربت ثقة المواطنين فى الإعلام فى مقتل، وبالطبع فإن الصحافة ليست هى الأخرى بعيدة عن هذا الأمر فقد أصابها هى الأخرى حالة من التراجع، ومن يرغب فى أن يتأكد من هذا الأمر عليه مراجعة أرقام توزيع الصحف التى انخفضت بصورة كبيرة.. وانصراف المواطنين عن وسائل الإعلام أمر خطير ويجعلهم نهبًا للشائعات.

الخلاصة.. أن إعلامنا فى أزمة و«مفترق طرق»، وعلى كل المؤسسات، وفى مقدمتها نقابة الصحفيين والمجلس الأعلى للإعلام، العمل بسرعة لتصحيح مسار الإعلام المصرى وبما يكفل الحفاظ على تماسك المجتمع وحق المواطنين فى الحصول على المعلومات.