رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أسرار لم تنشر منذ قرار إغلاقها فى نوفمبر ٢٠١٦

اختراق محمية نبق

محمية نبق
محمية نبق

قررت وزارة البيئة فى نوفمبر 2016 غلق محمية «نبق» الواقعة على بعد 35 كيلو مترًا شمال مدينة «شرم الشيخ» أمام الزوار، الأمر الذى أثار جدلاً كبيرًا فى ظل شائعات تحدثت عن أن الهدف من الغلق هو «تسقيع» المحمية تمهيدًا لبيعها إلى أحد المستثمرين، وهو ما نفاه الدكتور خالد فهمى، وزير البيئة، بقوله: «المحميات الطبيعية ملك عام وليست للبيع بحكم الدستور».

وأكد بيان صادر عن مركز معلومات مجلس الوزراء فى وقت سابق، أن تعليق زيارة المحمية جاء بناءً على خطاب عاجل من إدارة محميات سيناء، بعد هطول أمطار غزيرة بالمحمية تسببت فى قطع المدقات وغمرت مساحات واسعة من المناطق المنخفضة بها.


لم يكتف «فهمى» بالتصريح وبيان «الوزراء»، والتقى بعدها مجموعة من الصحفيين فى «بيت القاهرة» بالفسطاط، تحدث معهم عن أسباب غلق المحمية، وقدم شرحا كاملا عن مشكلاتها، ومن بينها الحاجة إلى استكمال تطهير مدخلها من المخلفات القديمة تجهيزا لاستثمارها بشكل اقتصادى بيئى وفق القانون، وهو ما تم الاتفاق على تنفيذه مع «الهيئة الهندسية للقوات المسلحة».


ورغم مرور عدة شهور لم تفتح المحمية أبوابها أمام الزوار، وهو ما دفع «الدستور» إلى زيارتها، للتعرف على الأسباب الحقيقية للغلق، وروايات سكانها ومسئولى «البيئة»، وامتدت الزيارة لتشمل محمية رأس محمد لرصد ما أثير بشأن الإهمال هناك.


نبق

مدير المحمية: أغلقناها حرصًا على سلامة السكان والسياح

أول لقاءاتنا فور الوصول إلى محمية «نبق» كان مع الدكتور سيد أبوبكر، مدير المحمية، الذى اصطحبنا فى زيارة لكل ركن بها، وبعد الانتهاء من الشرح بالتفصيل لكل ما يتعلق بالمحمية وأنظمتها البيئية البرية والبحرية، ومدى شهرتها العالمية، واجهناه بأسئلتنا.


سألنا «أبوبكر»: «لماذا أرسلت تقريرًا للوزارة فى القاهرة توصى فيه بغلق المحمية لحين التأكد من سلامة مدقها الرئيسى بعدما جرفت السيول كميات من الرمال والأتربة عليه رغم أنه أمر يحدث سنويًا؟»، فرد: «المعتاد منذ سنوات أن السيول تقع على الجبال المحيطة، وبطبيعة الحال تأتى إلى الوادى».


وأضاف: «ما جرى هذا العام كان سقوط السيول على الوادى نفسه، فحدثت عملية إطماء شديدة لمسار المدق الذى يعد الطريق الرئيسى المؤدى للمحمية، إضافة إلى استمرار منسوب المياه لأكثر من 3 أيام، بارتفاع 60 سنتيمترًا فوق المدق، ما دفعنا لإرسال تقرير مفصل عن الوضع، أرفقت به خريطة لكامل المحمية والمناطق المثيرة للتخوفات، فكان القرار بالغلق لحين انتفاء السبب».


وذكر مدير محمية «نبق» أنها المرة الأولى التى يتم فيها اتخاذ مثل ذلك الإجراء، لكنه كان حرصا على سلامة الجميع السكان والسياح الذين يأتون للمحمية بهدف التخييم لمدد لا تقل عن 3 أيام، مضيفًا: «حتى يمكن إجراء عملية مسح المدق، كان لابد من التنسيق مع القوات المسلحة، لأنها تمتلك إمكانيات لذلك، وهو ما جرى بالفعل».


وتابع «أبوبكر»: «بدأنا بعدها استخدام المدق بحذر، واستخدمته سيارات قوات الأمن وسيارات المياه وسياراتنا، وتم التنسيق والاتفاق مع عمليات القوات المسلحة على تجهيز المدخل بشكل مستدام حتى لا تتعرض المحمية لهذا الأمر مرة ثانية».


وأشار إلى أن مسح المدق مجرد مرحلة، وهناك مراحل أخرى سيتم تنفيذها، لافتًا إلى أن قرار غلق المحمية كان بالتنسيق مع اللواء خالد فودة، محافظ جنوب سيناء، وبدوره خاطب الجهات السياحية التى تصدر تصريحات الزائرين، لوقف تلك التصريحات، مشيرًا إلى أنه عند غروب الشمس يتم تسليم المحمية لحرس الحدود، باعتبارها منطقة حدودية، وليس لجهاز شئون البيئة أى علاقة بها بعد هذه الفترة.


ونوه إلى أن المسئولين عن إدارة المحمية بخلافه، باحثان، وحارسا بيئة، فضلاً عن وجود عمال نظافة يعملون بنظام اليومية.


٣ قرى بدوية تقطن بها.. بتعداد سكانى يصل لـ«١٦٠٠ شخص»

تواصلت رحلتنا فى «نبق» يصحبنا فيها إلى جانب مدير المحمية فردا أمن من وزارة الداخلية وإدارة المحمية، والسائق، وأحد الباحثين.


وفيما وقف مدير المحمية يشرح كل ما يتعلق بـ«نبق» طلت من جهة اليمين جزيرتا «تيران وصنافير» وحولهما بيئة بحرية نادرة، ومن اليسار منشآت سياحية لمجموعة تدعى «الفراعنة»، يليها مشروع «جولدن كوست» لصاحبه السعودى «عبدالرحمن الشربتلى» بمساحة 7 ملايين متر، ثلثها فى مواجهة المحمية، وهى المنطقة التى يتردد أن الحكومة ستبيعها له.


توقفنا بعد السير ما يقرب من 3 كيلومترات خلال مدق تحيطه أشجار النخيل المحمى بسور من الشبك بارتفاع نحو متر ونصف، ليشير مدير المحمية إلى مساحة من الأراضى التى حررت بسببها إدارة المحمية مجموعة من المخالفات ضد رجل الأعمال «جمال عمر»، صديق الرئيس الأسبق حسنى مبارك، بعدما حاول الاستيلاء على بعضها.


وبعد نحو كيلومتر آخر ظهر مسجد مشيد على ساحل البحر مباشرة، يوجد حوله مبنيان بسيطان، وهما مشيدان منذ أكثر من 70 عامًا، أى قبل إعلان المنطقة محمية طبيعية، ويستخدمان حاليا كنقاط تمركز أمنى بعد نقل أهالى قرية «الغرقانة» البدوية من هناك إلى مناطق أخرى بالداخل.


تتواجد فى المحمية 3 قرى بدوية، عدد سكان الأولى يصل إلى 800 مواطن، والثانية 600، والأخيرة 200 فقط، وينتمى بدو محمية «نبق» كلهم إلى قبيلة «المزينة».


ظهرت بعد ذلك جزيرة «المانجروف» التى تبلغ مساحتها نحو 600 ألف متر مربع، وتعد أكبر غابة متصلة لـ«المانجروف» فى مصر، ومن فوائدها، بحسب مدير المحمية، إمكانية الحصول على مياه صالحة للشرب، الأمر الذى يمكن البدو من الحصول على مياه صالحة للأغنام والماعز والجمال على بعد 50 سم فقط.


وتوفر أشجار «المانجروف» ما يشبه «زريعة سمك» حول جذوعها، تهبط وتتغذى عليها الطيور المهاجرة، فضلا عن أن غالبية الأسماك الكبيرة تتزاوج عند هذه الأشجار، فيما توجد فى الجهة المقابلة أشجار «الأرق» التى تتغذى عليها الغزلان، وهى متواجدة بكثافة.


آخر مزاراتنا داخل المحمية كانت مساحة تضاهى ميدان التحرير تواجه شاطئا مكتظا بشجر «المانجروف»، فى مقدمته تجهيزات التخييم، تليها منطقة تعج بالعشش الخشبية المتهالكة، يعيش بها نحو 80 أسرة، بواقع 4 أفراد بكل عشة.


أهالى: مصادر الرزق توقفت.. ونرفض البيع للمستثمرين

«مولودون هنا أبًا عن جد»، بهذه العبارة بدأ «سليمان صبحى المزينى»، أحد سكان قرية «الغرقانة»، حديثه، قائلًا: «يسكن قرية الغرقانة ما بين 75 و80 أسرة».


يرى «المزينى» أن سكان «الغرقانة» يعانون تهميشا واضحا من جانب الحكومة، وهو ما استدل عليه بمطالبته منذ سنوات بتوفير شقة سكنية له ولأسرته دون أى استجابة، رغم وجود وفرة فى الشقق التى أقامتها الدولة فى جنوب سيناء، فضلا عن عدم توافر مقومات الحياة الأساسية.


ويوضح «المزينى»، البالغ من العمر 36 عامًا، أن مصدر الرزق الأساسى لسكان «الغرقانة» ومحمية «نبق» هو السياحة، وعدد قليل منهم يعتمد على الصيد، مضيفًا: «السياحة توقفت تماما عقب قرار إغلاق المحمية جراء تجريف السيول للأتربة، واعتبار مدق التحرك داخلها غير آمن».


ويشير إلى أن مصدر الرزق الوحيد المتبقى هو سياحة «التخييم»، موضحًا أنهم سعوا كثيرا لموافقة البيئة على إنشاء 4 أو 5 مخيمات طبيعية من الخشب يستضيفون فيها الزوار ويقدمون لهم خدمات الإقامة البسيطة، كمصدر رزق يعيشون منه، إلا أنهم لم يتمكنوا من ذلك.


وأضاف: «لو وافقوا لنا على 5 مخيمات طبيعية متوافقة بيئيا، كل مخيم به 20 غرفة على الأقل، نستطيع تشغيلها، لنا تسويق مباشر فى أوروبا، ونعرف جيدا كيف نسوق لها.. لا نحتاج مساعدة الدولة غير فى دعمنا بتسهيل إجراءات التنفيذ، إلا أننا لا نجد فى النهاية غير تعقيد الأمور».


وشدد على أن سكان المحمية ضد أن تباع أو تمنح بمقابل حق الانتفاع لمستثمرين كبار، وقال: «نعم كبار المستثمرين يفيدون ويستفيدون، لكن الدولة عليها الاهتمام بالسكان المحليين، بوصفهم خط الدفاع الأول عن المحميات، ويعرفون جيدا كيف يحافظون عليها، بخلاف المستثمر الذى لا يدخل سوى لغرض الاستثمار الذى يؤدى بدوره إلى تدمير البيئة الطبيعية، والتى لا يعوضها مال الدنيا».


وأشار إلى أنهم لا يتعاملون مع أى جهة غير جهاز شئون البيئة، ولا يعرفون جهة أخرى غيره، مضيفًا: «لم تكن لدينا مشكلة عندما قررت وزارة البيئة غلق المحمية بعد تسبب السيول فى تجريف الرمال والأتربة إلى المدق الذى نتحرك من خلاله، وكان فى اعتقادنا أن الغلق سيكون مدة أسبوع أو أسبوعين أو حتى شهر على الأكثر، بعد الشهر بدأنا نشعر بالقلق، والآن بعد مرور نحو 6 أشهر لا نعرف متى تفتح المحمية بابه؟».


واستكمل: «قلقون إلى أقصى مدى، لدينا تعاقدات مع مكاتب تروج لنا هنا فى شرم الشيخ وفى الخارج، ومنذ الغلق نرد عليهم كلما اتصلوا بنا لإدخال زبائن بأننا منتظرون إعادة فتح المحمية».


استبعاد المحمية من برامج شركات السياحة.. قريبًا

خلال لقائنا مع سليمان المزينى داخل «معكسر تخييم» فى مواجهة الشاطئ، دخل علينا نحو 20 سائحًا أجنبيًا، معهم مستلزمات التخييم ليلة أو اثنتين فى المكان، استقبلهم رجال «سليمان» وبسرعة بدأوا فى تجهيز وجبة غذاء بسيطة، وبعد تناولها استعدوا لنزول البحر والاستمتاع بالمكان، وهو ما دعانا لسؤال «سليمان»: «كيف دخل هؤلاء إلى هنا ونحن نتحدث عن إغلاق المحمية؟».


أجاب «سليمان»: «الناس دى بتدخل من ناحية دهب عن طريق الجبل، وهو أمر مكلف لسعر الرحلة»، مشيرا إلى أن جلب هؤلاء السياح استلزم 3 أيام كاملة، مضيفا: «لا نستطيع إدخال زبائن شرم الشيخ، ولا نستطيع أن نقول لهم إنها مغلقة، لأن ذلك سيتسبب لنا فى أزمة كبرى، تتمثل فى إمكانية قيام مكاتب وشركات السياحة بإدراج مزار آخر، وسنأخذ وقتًا طويلاً حتى نتمكن من إدراجنا ضمن المزارات البيئية المتاحة للسائحين هنا.. لذا نرجو من المعنيين إبلاغنا متى ستفتح المحمية رسميا من جديد».


ولا تتوقف مشكلات سكان محمية «نبق» عند ذلك الأمر، ويكشف «المزينى» أن الشركات التى تجلب سائحين إلى المحمية اشتكت كثيرًا من عدم وجود «سقالات» وهى عبارة عن «مشاية داخل المياه لمسافة صغيرة يتمكن من خلالها السائحون من الغطس».


وذكر أن جهاز تعمير سيناء أرسل فريقا هنا منذ 4 أو 5 سنوات، وادعوا أنهم جاءوا لرفع مقاسات «السقالات»، ثم اختفوا، مضيفا: «عندما نسأل المعنيين يقولون لنا إن المقاول الذى أسند إليه تنفيذها يتضرر من فارق سعر الدولار منذ الاتفاق قبل 3 سنوات حتى الآن، ما يعنى وجود خلافات بينه وبين الجهة الحكومية التى تعاقد معها».


واختتم: «يبقى الوضع على هو عليه.. نتمنى معرفة السبب وراء غلق المحمية حتى اللحظة، خاصة أن شائعة غلقها لغرض البيع بدأت تنتاب الكثيرين منا».


رأس محمد

تشميع مركزى البحوث والغطس دون سبب واضح

من «نبق» إلى محمية «رأس محمد»، حيث تستقبلك على بابها نقطة أمنية تابعة لوزارة الداخلية، تليها بعد عدة كيلو مترات بوابة تخص أمن المحمية التابع لوزارة البيئة، تصل بك إلى مدق أسفلتى، لم يواجه أزمة مدقات محمية «نبق»، إذا تمت إزالة الرمال التى جرفتها السيول عليه بكل سهولة.


تصل بعد ذلك إلى مفترق طرق، من اليسار تبة جبل مفتوحة للتحرك، وجهة اليمين نقطة ارتكاز لقوات حرس الحدود، وبعد الانتهاء من الإجراءات والاطلاع على المخاطبات الرسمية لعبورنا، عبرنا سائرين على مدق بسيط يتوسط جبلين حتى ظهر شاطئ البحر، ومجموعة من المبانى.


على مدخل منطقة التخييم من جهة اليسار يوجد مبنيان متلاصقان، يبدوان على بابهما أنهما مغلقان منذ فترة وتكسوهما الأتربة، وبالسؤال عنهما تبين أنهما مركزا بحوث وغطس بهما جميع الأجهزة والمعدات، إلا أنهما مغلقان منذ فترة.


وحسب روايات مرافقينا فى الرحلة فإن مركز البحوث كان يعمل به نحو 17 باحثًا، سافر أغلبهم إلى دولة الإمارات، طمعا فى الحصول على رواتب أعلى، مشيرين إلى أنه يضم معمل علوم حيوان، ومعمل علوم بحار، ومعمل تفريخ أسماك، ومعمل أبحاث للأسماك.


وكان مركز البحوث يستقبل رحلات علمية تأتى أغلبها من خارج مصر، توقفت عام 2005، عندما تدخلت وزارة البحث العلمى، وطلبت أن تكون الرحلات من خلالها، وبتصريح منها، ما تسبب فى إعاقة استمرار هذا النوع من السياحة، حسب موظفى المحمية.


وبالنسبة لمركز الغطس فقد فكان يعمل لخدمة المحمية، وضم 9 غطاسين مسئولين عن إقامة «الشمندورات» التى تربط عندها المراكب، وهى مهمة لا يجيدها إلا محترفون حتى يمكن الحفاظ على الشعاب من الكسر، إلا أنه أغلق فى 2008، وآخر غطاس تركه منذ عام تقريبا.


«كامبات التخييم» بلا حمامات.. ومطالب بعودة الرحلات العالمية

تعد منطقة «مرسى بريكة» هى الوحيدة فى محمية رأس محمد المخصصة لعملية التخييم، وهى عبارة عن 3 أماكن مفتوحة للاستمتاع بالطبيعة الساحرة فى حضرة البحر.


المنطقة ليست مخصصة للزيارات اليومية، بل للتخييم الذى يستمر 3 أيام أو أكثر، لكنها بالطبع مفتوحة للجميع، سواء كان قادما ليقضى يوما أو أكثر.


عدد من الشباب البدوى استقبلونا بالترحاب فور النزول من السيارة التى نقلتنا إلى هناك، داخل مكان مساحته تقريبا 10 أمتار، وهو عبارة عن أعمدة من شجر النخيل المشقوق، مغطاة بسعف النخيل، داخلها عدد بسيط من «الترابيزات»، وبفراشة بدوية للجلوس مباشرة على الأرض فى مقابلة الشاطئ.


هناك التقينا «جميع نويجع جميع»، المسئول عن المكان، ويبلغ من العمر 50 عامًا، وقال: «أقدم خدمة التخييم هنا منذ الثمانينيات، ولا أريد شيئا من القائمين على خدمة المحمية غير تأهيل المكان لاستقبال الزوار، فحتى الحمامات لا توجد هنا».


وأضاف: «نريد إعادة تشغيل رحلات البحث العلمى التى لا نعرف كيف توقفت.. كنا نستقبل كليات ومدارس من ألمانيا وإنجلترا بكثافة، وكان متوسط تكلفة الليلة 200 جنيه».


وطالب «جميع» بضرورة أن يكون هناك مكان واحد مخصص لإنهاء إجراءات التصاريح بالدخول إلى المكان، خاصة أنه لا يوجد تنسيق بين الجهات المختصة، ما يتسبب كثيرا فى ضياع فرص الدخول.


من جهته، قال المهندس على عبدالبارى بدوى، نائب رئيس المحمية، المسئول عن إدارة الجزء البرى فيها: «أنا هنا منذ 12 عامًا متواصلة، أرصد بشكل دورى الطيور المهاجرة والنباتات المتواجدة هنا، وكذلك الحيوانات والثدييات والشعاب المرجانية، ونجرى مسحًا دائمًا عليها، فضلًا عن متابعة الزوار وتقديم الوعى البيئى، وتحرير المخالفات البيئية فى المحمية وتقييمها».


وأضاف: «نضطر أحيانا للغطس مسافة 40 مترًا تحت الماء لتقييم مخالفة ارتكبتها إحدى السفن، ما يعرضنا لمخاطر عديدة»، مشيرًا إلى أنه فى إحدى المرات تعرض زميل لهم للغرق وتمكنوا من إنقاذه، وأصيب هو شخصيا، وعالج نفسه على حسابه الخاص، لعدم وجود تأمين عليهم فى عمليات الغطس.


ويشير إلى عدم وجود مسمى وظيفى لعملهم، وقال: «كلنا نعمل تحت مسمى باحث بيئى، وعندما نتعرض لأى مخاطر، يلقى علينا باللوم من قبل الجهات الحكومية للدولة، ويسألوننا عمن منحنا حق الغطس فى المكان».


وتابع: «يوجد 5 باحثين فقط فى رأس محمد، منهم 2 فى إجازة، ومطلوب منا يوميا دورية بحرية وأخرى برية، والأخيرة تتطلب تغطية 470 كيلو مترًا، والأولى 360 كيلو مترًا داخل البحر».


شكاوى من تعقيدات التصاريح الأمنية

ألقى المهندس على عبدالبارى بدوى، نائب رئيس محمية رأس محمد، الضوء على دراسة أمريكية خرجت منذ 3 أشهر، تكشف أن المكان الوحيد الذى سيتبقى من الشعاب المرجانية على مستوى العالم بعد 50 سنة هو شعاب «رأس محمد» فى مصر.


وقال «بدوى»: «يوجد فى المحمية أكبر تجمع للشعاب المرجانية حول العالم، بما يقرب من 220 نوعًا، من بينها أنواع يتعدى عمرها 3 ملايين سنة».


وعن سبب خصوصية المكان، ذكر أن ذوبان جليد القطبين سيؤثر فى درجة حرارة البحار والمحيطات، وهو ما سيقتل الشعاب المرجانية لأنها تموت بفعل تأثير درجة الجرارة، سواء ارتفاعا أو انخفاضا، إلا أن البيئة البحرية بمحمية «رأس محمد» غنية بنظام متكامل يعالج نفسه بنفسه فى مواجهة تأثيرات التغير المناخى، ما يضعها قبلة للسياحة العالمية.


وشدد «عبدالبارى» على أن التصاريح الأمنية أحد أهم معوقات السياحة داخل محمية «رأس محمد»، إذ تستلزم إجراءات كثيرة من جهات متعددة، مضيفا: «فى إحدى المرات سألنى سائح: لماذا تم تفتيشى 16 مرة بدءًا من وصولى مطار شرم الشيخ حتى مجيئى هنا؟.. هذا يعنى أن بلادكم غير آمنة»، مشيرًا إلى أنه كان يرد عليهم بأنها إجراءات أمنية لحمايتهم، إلا أنهم كانوا لا يقتنعون.


وتابع: «السائح يأتى فترة محددة، ويخصص يوما على سبيل المثال لزيارة المحمية، وقد يحدث أن تضيع رحلته بسبب تعقيد الإجراءات التى يمكن أن تأخذ يومًا كاملًا يتسبب فى حرمانه من الزيارة، وبالطبع عندما يعود لبلاده سينقل صورة سيئة لأصدقائه هناك».


وتطرق «عبدالبارى» إلى مشروع «أكاريوم رأس محمد»، أوضح أنه مشروع إيطالى كان ينفذ داخل البيئة البحرية للمحمية، وهو عبارة عن أنبوبة زجاجية كبيرة داخل المياه، يمكن التجول من خلالها داخل الطبيعة الساحرة للشعاب المرجانية فى المحمية، مشيرًا إلى أنه توقف تماما، بل يمكن القول إنه تم إلغاؤه. وأضاف: «كان لدينا كاميرات تحت المياه تنقل الحياة داخل المحمية من خلال شاشات فى مدينة شرم الشيخ لحظة بلحظة أيام مشروع الاتحاد الأوروبى، لكنها توقفت عام 2004 بسبب ارتفاع تكلفة تشغيلها لأنها تعمل من خلال قمر صناعى، إضافة إلى ارتفاع تكلفة صيانتها».


وتساءل: «ما المانع من إعادة تشغيلها وتسويقها خارج مصر من خلال قناة تليفزيونية خاصة مثل ناشيونال جيوجرافيك وغيرها؟، والاستفادة من حصرية الصور وما إلى ذلك، خاصة مع توافر أقمار صناعية حاليا لدينا».


«مدرسة الصحراء».. تدريب على «عيشة الرمل»

قبيل العصر بوقت قليل دخل نحو 50 زائرًا إلى مقر «معسكر التخييم»، ويبدو عليهم أنهم مجموعة عائلية يعرف كل منهم الآخر، يحملون معهم تجهيزات تضم خياما وملابس وكاميرات، يلبس أغلبهم تيشيرت يحمل «بادج» مكتوبًا عليه «مدرسة الصحراء».


وقال أحمد سالم، صيدلى أربعينى، إنه أنشأ صفحة على فيسبوك لتعليم مهارات البقاء، وبشكل مستمر يصطحب مجموعة من المتدربين للتعايش فى صحراء مصر، لتطبيق ما تعلموه، خلال «كورسات» يتم تدريبهم عليها، وتساعده مجموعة شباب يعمل أغلبهم فى وظائف مرموقة، ويصطحبون عائلاتهم معهم، ومازالوا يبحثون عن غطاء شرعى من الدولة يجمعهم ويضمن تحركهم بشكل قانونى، حسبما يشير. ولكى يتمكن مسئولو «البيئة» داخل مياه محمية «رأس محمد» لابد من الحصول على موافقة حرس الحدود، وهو ما جرى بالفعل للقيام برحلة 30 دقيقة داخل مياه المحمية وصولا لجزيرتى «تيران» و«صنافير».


وحسب مسئولى محمية «رأس محمد» فإنهم حصلوا على موافقة القوات المسلحة لإنشاء حمامات، لكن «هيئة تعمير سيناء» أخلت بالشروط التى تعاقدت عليها للتنفيذ، فضلا عن عدم مسح طرق المحمية منذ 2005، وعدم وجود أى علامات إرشادية، أو إمكانية إعداد كتيب صغير لكل زائر به كل المعلومات المتعلقة بأبرز معالم المحمية.


أهالى «خريزة» يرفضون عمارات المحافظة: «إحنا حراس الحدود»

يعيش سكان قرية «خريزة» بالقرب من محميتى «رأس محمد» و«نبق» حياة شبه آدمية، حيث لا توجد وسيلة اتصال ولا خطوط كهرباء، فقط آدميون يعيشون بين جبلين شاهقى الارتفاع، يحتمى أغلبهم فى عشش خشبية مصنعة من الشجر الطبيعى، ومطعمة بألواح الخشب المستعمل، وقليل منهم بنى لنفسه منزلا باستخدام الطوب الأسمنتى.


وكشف «صبّاح»، بدوى خمسينى العمر من أهالى «خريزة» أن المحافظة انتهت من تشطيب مجموعة من المبانى السكنية لأهالى القرية، لكن الأهالى لم يوافقوا على السكن فيها، وأرجع ذلك إلى قولهم: «إحنا بدو.. ما بدنا العيشة دى».


وأوضح أن شيخ العرب يسكن فى منزل من دور واحد أمامه «حوش» بين الجبال، فالبدو اعتادوا العيش فى مساحات شاسعة ولا يستطيعون العيش فى مساحات محددة وضئيلة مثل هذه، حسب قوله.


وقال أحد سكان القرية إن أبناءه كانوا يسترزقون من بيع المشغولات اليدوية للسياح مقابل 5 جنيهات للقطعة، وكانوا يعيشون عليها، وبالطبع توقفت بعد غلق محمية «نبق»، مضيفا: «ليس لنا وظائف، ومصدر رزقنا يعتمد على السياحة والبحر فقط.. نحلم بمعرفة سبب غلق المحمية»، وتساءل: «هل يمكن أن تجوعنا الدولة لصالح مستثمرين؟.. نعيش هنا منذ أجداد الأجداد».


وأضاف: «نحن حراس حدود، وقواتنا المسلحة تعلم هذا جيدا، لا نسمح بمرور أى غريب من هنا، أجدادنا لهم تاريخ مشرف فى التعاون مع قواتنا المسلحة منذ الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، ولا نطمع فى غير معاونة الدولة لنا فى تسهيل إجراءات الحصول على تراخيص إنشاء مشاريع بيئية نقتات منها».