رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مَنْ الأسد.. القرد.. الكلب؟


يحكى أن «كلبًا» كان خائفًا من أن يلتهمه «أسد الغابة» ففكر فى حيلة يخدعه بها.. فجمع بعض العظام وألقاها حوله، وأخذ عظمة منها وجلس معطيًا ظهره للأسد متظاهرًا بأنه مستمتع بلعق العظمة، قائلاً بصوت عال: «ياللروعة عظام الأسد لذيذة حقًا.. إذا حصلت على المزيد منها فسأقيم حفلًا»!!. خاف «الأسد» وقال لنفسه: «هذا الكلب يصطاد الأسود، على أن أنقذ حياتى وأهرب» وركض بعيدًا.

كان هناك «قرد» على إحدى الأشجار يتابع ما يحدث، فقال لنفسه«لابد أن أتحالف مع «الأسد» وأن أجعله صديقًا لى حتى لا أضطر إلى القلق والخوف منه فى المستقبل، سأستغل هذه الفرصة بأخباره بخديعة «الكلب».. وركض «القرد» باتجاه «الأسد».

شاهد «الكلب» «القرد» وهو يركض تجاه «الأسد» فأدرك أن «القرد» سيكشف خديعته لـ«الأسد» ففكر فى خديعة جديدة!!.

بعد ما حكى القرد للأسد الخديعة.. زأر «الأسد» غاضبًا بصوت عال، وطلب من «القرد» أن يمتطى ظهره وتوجه إلى «الكلب» مسرعًا.. فوجد «الكلب» معطيًا ظهره له يقول: «ياااه.. لقد استغرق هذا القرد ساعة كاملة وهو عاجز عن الإيقاع لى بأسد آخر».

فرمى «الأسد» «القرد» من على ظهره وقام بافتراسه عقابًا له على خيانته.. مرددًا لنفسه «هذا الكلب يصطاد الأسود، فعلى أن أنقذ حياتى وأهرب» وركض بعيدًا عن الكلب بسرعة!!

لا أعرف لماذا وأنا أقرأ هذه القصة، تبادر إلى ذهنى «وطنى مصر»، كما تبادر إلى ذهنى الوجوه الكثيرة التى تحيط بنا الآن فى وطنى!! فوجدت أننا محاطون بمجموعة من الكلاب، القرود، الأسود وبأساليبهم المختلفة الملتوية، المتقلبة، المتلونة، الخادعة ولكن يجتمعون جميعهم على هدف واحد «السلطة».. «الثروة».. «النفوذ»!! هل تعرفت عليهم وكشفتهم مثلى؟!

«الكلاب» هم متبعو أسلوب المتلاعبين بالوطن، يستخدمون دهاءهم، مكرهم وخبثهم وألاعيبهم المتجددة دائمًا للحفاظ على وجودهم، كياناتهم، نفوذهم، إمبراطوريتهم، ألقابهم، مراكزهم، وضعهم الاجتماعى والسياسى.. ألا يذكرك هذا بأسلوب «الكلاب» التى تعمل على إظهار قوة زائفة لا تمتلكها فى الشارع أو فى المجتمع!!

ألا يذكرك هذا بأسلوب الساسة والأحزاب الذين يروجون لقوة وتواجد فى الشارع لإيجاد مكان على الخريطة السياسية وهم لا يمتلكون حتى أصوات الشارع الذى يقطنون فيه!!

أما «الأسود» فهم من يتمتعون بقوة خارجية زائفة، وهشاشة وضعف داخلى، الذين لا يتدبرون الأمور، لا يستخدمون العقول ولا العلم ولا المنطق بل يزمجرون دون تفكير، دون وعى، ويهربون من المسئولية أو يسقطون عند أول منحدر.. تعالوا معًا نتذكر، كم من أسود حولنا فروا من الوقوف حول الوطن وعادوا للظهور بعد إنقاذ الوطن؟!

أما «القرود» فهو أسلوب المستغلين الذين يحيطون بالسلطة فى أى زمان ومكان، الذين يلتفون حول السلطة، يتقربون منها، يتوددون لأصحاب الكراسى للحصول على جزء من التورتة، أو للبقاء فى السلطة أو تحت الأضواء وللحفاظ على المناصب، الثروات، المكاسب!!

هذا «الأسلوب القردى» الذى يمثل كثيرًا من الملتفين حول الكرسى بدءًا من التقرب والتودد من مدير المصلحة فى أى وزارة إلى أعلى سلطة فى مصر.. فهم الباحثون عن السلطة، المتقربون والمتوددون إليها والمنتفعون.

«الأسلوب القردى».. هو الأسلوب الأغلب والأعم والأكثر شيوعًا فى مصر فهو أسلوب «الحرامية» و«السرقة» من جيوب الشعب.. فهو الأسلوب المتبع والشائع من عامل القمامة الذى يستغل عمله وتواجده فى الشارع ليعمل شحاذًا ليكسب أموالًا إضافية من جيبك أو الصراف الذى يفرض عليك «بقشيشًا» لتقبض مرتبك أو الموظف الذى تدفع له رشوة من أجل إنهاء مصلحتك القانونية، إلى المدير الذى يسرق الملايين من جيوب الشعب.. الجميع يسرقك؟.. لكن السؤال الأخطر.. هل أنت تسرق غيرك مثلما تُسرق من غيرك؟

فى النهاية.. هل تعرفت الآن على أساليب «القرد» و«الكلب» و«الأسد»؟.. والسؤال الأهم الذى لابد أن نطرحه جميعًا على أنفسنا أمام المرآة؟! هل أنا «القرد» أم «الكلب».. أم «الأسد»؟ موعدنا الإثنين المقبل إن شاء الله..