رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«بيزنس الحجامة».. أسرار نصب الدجالين باسم «الطب البديل»

جريدة الدستور

ظهرت في الآونة الأخيرة العديد من الوجوه التي تطالب بإحلال الطب العلمي القائم على الأدلة والبراهين بالعلاج بالأعشاب تلك التجارة الرائجة، التي تحكمها الخرافات وتديرها عصابات من الدجالين، وتروج لها شاشات التليفزيون، وتدرجها تحت ما يسمى بـ«الطب البديل»، حتى أصبح الطب «بيزنس» مضمون يبيع الوهم.. كان من أبرز هذه العمليات النصب باسم العلاج بالحجامة، لا ننكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم استخدمها ونصح بها، ولكن ما لا يعرفه الكثيرون أن في هذه الآونة لم تكن هناك بدائل لها ولم يكن الطب وصل إلى هذا الحد من التقدم، كما أن الرسول بنفسه استخدمها على يد أناس متخصصون لديهم علم بأمورها، وليسوا كما يستخدمها البعض حاليا من باب «السبوبة».


في السطور التالية يستعرض «الدستور»، مظاهر ظهور هذه الخزعبلات، وأسباب لجوء المريض اليها، وكذلك عملية غسيل المخ التي يستخدمها الدجالين والمشعوذين لإقناع المريض بها.

 

قول الرسول

المشعوذين دائما ما يلجأون إلى الاستشهاد بالآيات القرآنية وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم لإقناع المريض بما يريدون إقناعه، فإذا عرض أحد الدجالين منتج عبارة عن «عسل نحل»، وأرفق معه قوله تعالى «فيه شفاء للناس»، فالأمر بالنسبة للمريض قد انتهى، ولا يمكنه وقتها الاعتراض قوله سبحانه وتعالى، الأمر كذلك في الحجامة فقد استخدم معها الدجالين قوله صلى الله عليه وسلم «إنْ كان في شيءٍ مما تداويتم به خيرٌ فالحجامة»، وهذه الحجة يستخدمها الكثيرون في إقناع مرضاهم بشراء منتجاتهم أو المداواة بها دون التفكير في الأدلة العلمية عليها.

 

فوضى الطب

يلجأ العديد من المشعوذين إلى طريقة أخرى للنصب على أتباعهم، ألا وهي طريقة إعداد الدورات والورشات عن الحجامة وفوائدها للحصول على «معالج حجامة»، والغريب في ذلك أن المحاضرين أنفسهم لا يمتون إلى عالم الطب العلمي أو البديل بصلة، إلى جانب امتهانهم ألقابا لم يحصلوا عليها من الأساس كـ«محاضر ودكتور ومتخصص» وغيرها، وبهذه الطريقة يحصلون على ملايين الجنيهات، بعد استخراج شهادات وهمية باسم «معالج حجامة» من مراكز لم نسمع عنها من قبل.

 

المنهج العلمي

هذه الممارسات تقوم على وسائل لا تعتمد على المنهج العلمي الصارم المتبع في كليات ومدارس الطب والصيدلة الحديثة المعترف بها، حيث لا تخضع هذه الممارسات والعلاجات لقواعد القابلية للفحص والتجريب والاختبار المشروطة فى المنهج العلمي، وغالباً ما تكون هذه الممارسات أو العلاجات قائمة على التقاليد والموروثات والثقافات الشعبية، أو الخرافات والمعتقدات المحلية أو العقائد أو الأديان أو قوى خارقة للطبيعة، أو المغالطات العلمية الجسيمة أو وسائل الاحتيال والتدليس أو الدعاية الإعلامية الموجهة الكثيفة.

 

غياب الدور الرقابي

غياب الدور الرقابي من جانب وزارة الصحة ونقابة الأطباء، كان سببا رئيسيا في انتشار هذه الظاهرة، وانتشارها بشكل لافت على شاشات التليفزيون دون رقابة واضحة، على ما يُعرض، وظهور الكثير من الذين أسمتهم الشاشات شيوخ متخصصون، وهم في الأصل دجالين، لعرض منتجاتهم أو أفكارهم وحبكها جيدا لغسيل مخ المشاهد.

 

خريجو التربية الرياضية

لجأ المعالجون باسم الحجامة إلى الاستعانة بخريجي كليات التربية الرياضية لإقامة دورات وورشات عمل وهمية بمبالغ باهظة، وكذلك لمشاهدتهم وهم يمارسون الرياضة، وذلك لإقناع المريض الذي يفكر في اللجوء إليهم بالبنية الجسمية التي يتمتع بها رجل التربية الرياضية، حتى يفكر في الوصول إلى ما وصل اليه هو أيضا.

 

غسيل المخ

تجار وسماسرة الحجامة يروّجون لهذه الممارسة بعبارة غير علمية تماماً اسمها «الحجامة تعالج الدم الفاسد»، العبارة لها وقع قوى ولكن على الأذن الجاهلة، ولها صدى مؤثر ولكن على العقل الغائب، الذنب ليس ذنب القدماء على الإطلاق، ولكنه ذنب المحدثين الذين يريدون إلباس السلطة الروحية لتلك المعتقدات على جسد ممارسات محنطة ودعها الطب الحديث بمنهجه القائم على الدليل والبرهان وليس على البلاغة والبيان.


توصيات

أوصت هيئة مفوضي الدولة للقضاء الإداري باعتبار الطب البديل وعلاج الأعشاب.. إلخ من العلوم الزائفة وسبل الغش والتدليس والدجل الطبي.

 

وأضافت أن «المقصود بكل من مصطلحات الطب البديل هي ممارسات يزعم ممارسوها أن لها آثار شفاء الطب الحديث، على الرغم من عدم ثبوت صحتها، أو عدم إثبات صحتها بشكل علمى، أو من غير الممكن إثبات صحتها بشكل علمي، أو أن لها ضرراً معروفاً، أو أن هناك اتفاقاً علمياً عاماً على أن هذه الممارسات ليس لها أثر شفائي ملموس أو ليس من الممكن أن يكون لها أى أثر شفائى من الأساس.