رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عبدالمنعم فؤاد يكتب.. الخرباوى والأزهر وثقافة الافتراء

عبدالمنعم فؤاد
عبدالمنعم فؤاد

تعجبت من كمية الجهل المركب التى يحتوى عليها قلم الأستاذ ثروث الخرباوى والذى دأب على تشويه صورة الأزهر، وشيخه المحترم بين الفينة والأخرى، فقد كتب سيادته مقالًا فى جريدة الدستور الغراء بتاريخ 7- 3- 2017م، بعنوان «يا شيخ الأزهر قم»، وفيه تناول الأزهر كعبة العلم، والعلماء باتهامات ما يقولها مستشرق، أو منصر غربى تجاه معهد يحج إليه طلاب الأمة الإسلامية من أكثر من مائة دولة، ويحرصون على الدراسة فيه، وحمل منهجه الوسطى لنشر قيم التسامح، والسلام فى الدنيا كلها.

ثم تناول بقلمه أيضًا فضيلة الإمام الأكبر بألفاظ تنبئ عن ثقافة غريبة عن قيمنا وعادات بلادنا، وحتى لا أتجنى على قلم الكاتب أشير إلى بعض مما ادعاه وتفوه به مع التنبيه على أن الأزهر وإمامه الأكبر لا يحتاجان إلى من يدافع عنهما- فمنهج الأزهر هو حائط صد لكل من يود أن يلقى عليه الغبار، وإمام الأزهر، علمه وخطواته فى حراسة الدين والشريعة من عبث العابثين وهذا لا يخفى إلا على حاقد أو حاسد، أو جاهل.

ومما ادعاه الكاتب قوله :

«بات معروفًا للجميع أن مناهج التعليم الأزهرى.. تحتاج إلى ثورة تصحيحية، فالمناهج القائمة تحتوى على كتب بشعة:

تجيز أكل لحم البشر، والاستنجاء بكتب أهل الكتاب المقدسة! وقد أنتجت لنا هذه الكتب جيلًا من المتطرفين ...»!.

ثم يقول:

«أصدقكم القول، كل هذه المقدمات التى ذكرتها فى مقالى تدل على أن شيخ الأزهر بجلالة قدره يخاف من السلفيين ورموزهم، ومن قبل وإلى الآن يخاف من الإخوان» !. هكذا يتخبط الكاتب بلا وعى فكرى.

ولم يكتف بهذا بل قال:

«نحتاج إلى من يقود ثورة دينية، فإذا لم تكن مؤهلًا... فأحسن لك أن تقدم استقالتك وتترك مكانك لمن يقود ثورة اشتاقت لها الأمة، يا شيخنا قم إلى الثورة، أو قم إلى بيتك».

ولذا أقول: عجيب أن شيطان الكاتب الفاضل صَوَّر له أنه فى مقام عالٍ يجعله يصدر قرارات فورية باستقالة الإمام الأكبر «بل، ويروح بيته».

والعجب الأكبر أن الكاتب يغفل عن تقدير الإمام، ويهدد فضيلته، ثم يحاول أن يستدعى اسم الرئيس المحترم، ناسيًا مخاطبة الرئيس للإمام بما يليق قائلًا سيادته: «أنا أقدرك يا فضيلة الإمام وأحترمك، إياكوا تكونوا فاهمين غير كده تبقى مصيبة».. وفعلا المصيبة يختلقها الكاتب الآن، ولا يحاول الاقتداء بكلام الكبار.

والسؤال: لماذا لم يقتد الكاتب بسيادة الرئيس فى مخاطبة الإمام الأكبر، وهل هناك عيب فى التشبه بالرجال؟ إن التشبه بالرجال فلاح. بل لماذا لم يحاول نشر ثقافة «الاحترام وحسن الخطاب» بدلًا من ثقافة الهجوم والتطاول والافتراء، ثم يقدم نقده إن كان عنده من النقد ما يفيد.

لكن ما رأيناه فى المقال لا علاقة له بذلك البتة، فالرجل قلمه يتخبط ويضرب فى الأزهر، وشيخه بلا وعى،- للأسف - ثم الطامة الكبرى دعواه: إن الأزهر فى مناهجه يبيح أكل لحوم البشر. أى الأزهريين من أكلة لحوم البشر، وتعلموا ذلك فى أزهرهم ّ!. بل يبيحون الاستنجاء بكتب أهل الكتاب. وأن مناهج الأزهر فوق ذلك خَرَّجت المتطرفين الذين تعانى منهم الدنيا الآن !!. وهذا من غير شك استخفاف بعقول القراء.

فلو أن سيادته على وعى بمآلات ما يكتب، للناس ونتائجه، وما يترتب عليه من محاولات لإبعاد الناس عن الأزهر الشريف الذى يتخندق ليلًا ونهارًا فى محاربة التطرف، والانحراف لما فعل ذلك، ولو أنه يريد خيرًا بالشباب، وبناء الوطن لما أطلق هذه الخزعبلات، ونشرها على الملأ.

فالأزهر له فى كل بيت وحارة، وشارع ومدينة فى مصر المحروسة، من الأبناء الذين تخرجوا فيه، وتعلموا على مناهجه، بل وله على كل منبر من يعظ الناس بحسن الخلق كل جمعة فهل هؤلاء من أكلة لحوم البشر؟!.

وهل سمعنا عالمًا أو واعظًا واعيًا ينادى فى العالم كله بفرض الاستنجاء بكتب أهل الكتاب، وادعاء أنه تعلم ذلك فى الأزهر؟!!

وهل فى سجلات المتطرفين فى الدنيا كلها عدد من الأسماء الذين تخرجوا فى الأزهر؟.

ما هذا الهراء، وما هذا الغباء الفكرى الذى يفرزه قلم الكاتب المحترم ؟. فالأزهر لا يخرج أمثال هؤلاء، بل يخرج علماء أفاضل وأدباء، وكفى كذبًا على خلق الله. أما دعوى أن الإمام الأكبر لايزال يخاف من السلفيين، والإخوان، فهى أكذب من أختها، فالكل يعلم أن الذى يخاف حقًا من الإخوان من كان بالأمس على موائد الإخوان، ويسبح بحمدهم، وليس الإمام الأكبر، حفظه الله.

فقد وقف فضيلته للإخوان وقفات رجولة، لم نجدها لدى صاحب المقال، وهو معهم، وإلا فليخبرنا الكاتب الفذ:

من الذى منع هؤلاء من محاولة السيطرة على الجامعة، والإفتاء، وأوقف تعيين ثلاثة نواب لرئيس الجامعة ثمانية أشهر حسومًا؟

ومن الذى ترك رئيس الإخوان فى قلب جامعة القاهرة، ومعه رجال دولته جميعًا لأنهم أخروا مقعد الأزهر، فهل هذا يقال عنه يخاف الإخوان؟، ثم مسألة الصكوك التى أرادها هؤلاء.. من أوقفها وهدم مشروعهم هذا؟ أليس هو من يقول الكاتب إنه مازال يخاف؟

أين حمرة الخجل، وأين أمانة العرض والطرح؟

لذا أطالب بنشر ثقافة الصدق، والاحترام وليس ثقافة الهجوم، والافتراء، حتى نخرج بسفينة البلاد إلى بر الأمان بفضل الرحمن جل جلاله، والله المستعان.