رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في حوار لـ«الدستور».. «شعث» يكشف دور مصر في وقف قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس

نبيل شعث
نبيل شعث

قال نبيل شعث، مستشار الرئيس الفلسطينى للشئون الخارجية والعلاقات الدولية، إن المرحلة المقبلة لن تشهد أفقا لحل القضية الفلسطينية، مشيرًا إلى أن تراجع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب عن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، جاء نتيجة مواقف استباقية، إضافة إلى وقوف عدد من الدول إلى جوار فلسطين، خاصة مصر.

وبدا «شعث» متشائماً بشدة، خلال حواره مع «الدستور»، بشأن مواقف الرئيس الأمريكى المؤيدة لإسرائيل، مشيرًا إلى عدم حدوث أى لقاءات مباشرة أو غير مباشرة بين ممثلين عن السلطة الفلسطينية وإدارة ترامب.


■ هل وصفت ترامب بأنه «ثور مجنون» كما يتردد؟

- لا، بل قلت إنه «ثور هائج فى دكان زجاج».

■ وما قصدك من وراء هذا الوصف؟

- ترامب رجل أعمال، لديه حساباته، فهو يهجم ويكسر، ثم لو وجد أن هذه الخطوة ستتسبب له فى خسارة فإنه يتراجع فهو على سبيل المثال، قرر منع المسلمين من 7 دول «6 عربية وإيران» من دخول الولايات المتحدة، بمن فيهم من لديهم إقامة دائمة، وحتى المتزوجون من أمريكيات، أو الذين لديهم أطفال يحملون الجنسية الأمريكية، والمحاكم رفضت قراره وقالت إنه ضد الدستور والقانون، وأول محكمة أصدرت حكمًا اعتبر أن قاضيها لا يفهم شيئًا، حتى إنه لم يسمه قاضيًا، وقال: «الذى يسمى نفسه قاضيًا»، لكنه تراجع بعد قرار محكمة الاستئناف.

■ وهل نستطيع أن نستشهد أيضًا بموضوع نقل السفارة إلى القدس وحديثه عن مهلة الشهور الستة؟

- صحيح، بل إنه من البداية كانت لديه نية فى نقل السفارة فى أول يوم لتنصيبه رئيسًا، لكن بعد ذلك قال إن الحكاية تحتاج لتفكير، وخرج قبل حتى إعلان الستة أشهر ليقول «سنشكل لجنة، واللجنة ستشكل لجانًا فرعية لدراسة الموضوع وأن الموضوع لم ينفذه الرؤساء الأمريكان السابقون، ما يعنى أن به مشكلة».

هو كالثور فعلًا، ينطح أولًا، ثم يتراجع، وجه سبابه للأوروبيين، وللاتحاد الأوروبى، والناتو، وأنجيلا ميركل، وقال عن الأخيرة إنها أدخلت اللاجئين والإرهاب إلى أوروبا، وحتى رئيس وزراء أستراليا لم يسلم منه، وتحدى المكسيكيين وقال بضرورة بناء سور عريض لمنعهم من الذهاب إلى أمريكا، وعلى نفقة المكسيك أيضا.

وهو من جهة يتصرف تصرفات غريبة جدا ويصعب التنبؤ بها، لكن من جهة أخرى عندما يقف الناس فى مواجهته يتراجع.

■ وماذا عن نقل السفارة؟

- الموضوع لم يتوقف فيه فجأة، أو اعتذر وأقر بخطئه، لكن الأمر جاء نتاج تحركات طويلة، فقد ذهبنا من البداية لمجلس الأمن وحصلنا على القرار 2334، الذى يؤكد أن الاستيطان كله غير شرعى، وممنوع، بما فى ذلك القدس الشرقية، ثم بعد ذلك توجهنا إلى مؤتمر باريس، الذى شارك فيه 70 دولة من بينها مصر وروسيا، وصدر قرار بالإجماع يؤكد أن نقل السفارة إلى القدس عمل غير شرعى وغير قانونى، وضد قرار مجلس الأمن وبالتالى فإننا استبقناه بإجراءات من هذا النوع، كما أننا إضافة إلى ذلك أكدنا أنه إذا اتخذ هذه الخطوة فإننا لن ندخل فى أى عملية مفاوضات من خلال الولايات المتحدة وسنكتفى بالمبادرة الأوروبية الفرنسية، ولن نتعامل معهم حتى لو اقتضى الأمر أن نغلق مكتبنا فى واشنطن، إضافة إلى ذلك، فإن دولا أخرى وقفت إلى جوارنا فى هذا الأمر، خاصة مصر.

■ يبدو أن تلك التحركات أدت المرجو منها عندما أكدت أكثر من دولة أن حل الدولتين لا يمكن التنازل عنه؟

- صحيح، وهو عندما يتحدث عن بديل لحل الدولتين فهو لا يقصد حتى أن يتم العودة لعمل دولة واحدة ديمقراطية، بل إنه يتحدث عن مشروع نتنياهو بألا يكون للفلسطينيين دولة، وإنما يكون لهم حكم ذاتى محدود فى المدن، بشرط الحصول على القدس كلها، وأن يحصل الإسرائيليون على حوض نهر الأردن، وأن يضموه إلى إسرائيل، فى حين يبقى لنا قليل من الحكم الذاتى فى المدن.

ونحن عندما نتكلم عن حل الدولتين فالمقصود هو دولة واحدة هى فلسطين، فإسرائيل دولة، ومعترفون بها، لكن ما يهم فى حل الدولتين أمر واحد وهو قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على الضفة الغربية وغزة.

■ لكن ما حقيقة الحديث المتجدد بين آن وآخر عن دولة فلسطينية فى سيناء؟

- هو مشروع إسرائيلى قديم، ولا جديد فيه، أطلقه مستشار شارون «جيورا آيلاند»، واقترح بأن تحصل إسرائيل على الضفة، وأن يحصل الفلسطينيون على جزء من سيناء مع غزة، مقابل أن تحصل مصر على جزء من النقب بما يربط ممرا آمنا بين مصر والأردن.

بالطبع هذا المشروع رفض بالكامل من جانبنا ومن مصر، ونحن بالتأكيد لا يمكن أن نقبل إلا بوطننا، ووطننا الضفة الغربية تمثل قلبه، والعاصمة القدس تمثل قلب الضفة الغربية. وعلى الرغم من رفض هذا المشروع إلا أنه ظل فى ذهن الإسرائيليين.

■ هل ثمة تواصل أو لقاءات جرت بين السلطة الفلسطينية والإدارة الأمريكية الحالية برئاسة ترامب؟

- حتى هذه اللحظة ترامب رافض أى لقاء معنا «سياسيًا»، سواء مباشرة أو من خلال تمثيل أقل، إلا الاتصال الأمنى، فهو يعنى أننا يمكن أن نتحدث معكم عندما نبحث الموضوع الأمنى، أو بحث موضوع معونات اقتصادية، لكن سياسيًا لا اتصال بيننا وبينه، لذلك الرئيس أبومازن التقى الرئيس السيسى فى أديس أبابا، والتقى بالملك عبدالله فى عمان، قبيل ذهابه للولايات المتحدة، للقاء ترامب، وقبل لقاء الرئيس السيسى بالأمريكان.

لتكون الرسالة بأننا نتحدث لك من خلال أشقائنا العرب، طالما أنك لا تريد لقاءنا، وكذلك السعودية.

■ دخول روسيا على خط القضية الفلسطينية هل يغير من المسألة؟

- ترامب استخدم العلاقة مع روسيا فى «حرب السايبر» أثناء الانتخابات، ومكن الروس من المشاغبة على كلينتون، لكن مستشاره للأمن القومى تم طرده، لأنه كان الوسيط فى العلاقة مع روسيا.

وحتى الآن ليست هناك أى دلائل حول طبيعة بناءة لعلاقته مع روسيا ولا حتى الموقف الروسى، وطبيعته، وإن كان مؤكدا أن الروس يريدون فى المقام الأول حل موضوع «أوكرانيا» وألا يظل فى موقفه المعادى لروسيا بسبب تلك الأزمة.

والروس حتى الآن يفكرون طويلا، فالمسألة هى مسألة حسبة فى الأساس، وهى ما وضحت جليًّا فى علاقة روسيا بتركيا، والتى بدأت بحالة أشبه بالحرب مع إسقاط الطائرة الروسية، ثم بعد ذلك جلسوا وعملوا معا.

■ إذًا، خلال الفترة القادمة لن يكون هناك أى أفق للسلام؟

- أعتقد ذلك؛ وأنا لا أرى أى أفق للسلام، والأفق الوحيد هو كيف نستطيع بناء تحالفات يمكن أن تحمينا قدر الإمكان، لكننا سندفع الثمن الرئيسى فى الحفاظ على وطننا.

■ فى النهاية تبقى المصالحة الفلسطينية هى الأساس.. فماذا عن مستقبلها أيضًا وفقًا للمتغيرات الحالية وفى هذا الضباب الفلسطينى - الفلسطينى أيضًا؟

- جاءت فترة سابقة كان عندى أمل كبير فى حدوثها، لكن حكاية «ترامب» أخرت العملية.

■ هل ترامب كان سببا فى تأخير المصالحة؟

- ليس «ترامب» بذاته لكن «حسبة حماس عن ترامب» هى التى أدت إلى ذلك.

■ بمعنى؟

- هم بعد ترامب، بدأوا يفكرون بعدم العجلة والانتظار ليروا كيف ستسير الأمور، وبعد أن ذهبنا إلى بيروت، وتحدثنا هناك، وبعد الذهاب لموسكو أيضًا، واجتماعات موسكو والحديث عن مجلس وطنى جديد وحكومة وحدة وطنية.

وأنا لست متشائما بالنسبة للوحدة الوطنية الفلسطينية، لكنى أيضًا لست متفائلًا كما كنت قبل شهر.

■ حديثك يعنى أن المجلس الوطنى لن يعقد قريبًا؟

- لم نقل بأنه لن يتم، لكن لم تُتخذ الخطوات التى كان لابد من اتخاذها بعد بيروت وموسكو.

■ لكن رئيس المجلس الوطنى «سليم الزعنون» قال قبل أيام إنه فوض هو والرئيس «عباس» من أجل عقد المجلس والدعوة له؟

- نحن نسير فى الخطوات، لكن يمكن القول بأننا أيضا انشغلنا فى مواجهة ترامب، فأبومازن، اضطر للذهاب إلى أديس أبابا، ليس فقط لرؤية الرئيس السيسى، لكن لرؤية كل الأفارقة، ومنها إلى ماليزيا وباكستان وبنجلاديش، ثم إلى باريس والتقى هولاند، ومنها إلى بروكسل والاتحاد الأوروبى.

كل هذه الحركات اضطر الرئيس للقيام بها لمواجهة ترامب ونتنياهو، ويمكن القول بأن الجانبين تأخرا بعض الشىء بسبب ترامب، ولكن ليس فقط بسبب مواجهته، لكن بسبب أيضًا حالة اللاوضوح التى خلفها ترامب.

■ لكن هناك أزمة فلسطينية حتى داخل البيت الفتحاوى، وما يمكن أن نطلق عليه انشقاقا أو شيئا من هذا القبيل، وهو ما يثير مخاوف أيضًا؟

- لا، هذه المشكلة لها علاقة بدحلان.

■ المسألة إذن ترونها تتعلق فى العلاقة بدحلان فقط؟

- نعم وهذه هى المشكلة، والحقيقة لو أنه يقول بأنه يريد تأسيس حزب له، فلا مشكلة فى ذلك، ليؤسس حزبه ويدخل إلى المعترك، لكن هو يريد العودة إلى فتح، بينما العودة إلى فتح لابد أن تكون عبر السير على نظامها. ونحن كان لدينا مؤتمر الحركة فى نوفمبر، انتُخب ناس وأصبحت هناك قيادة جديدة.

■ لكن ليس دحلان وحده الذى تم استبعاده.. هناك آخرون وهؤلاء تم استبعادهم أيضًا فى المؤتمر؟

- هؤلاء الجماعة معه، وأنا أقول إن من حقه أن يؤسس حزبا ويدخل به الانتخابات ووقتها لا يمكن لأحد أن يقول له لا، لكن المشكلة كلها أنه يعتقد أنه لابد أن يعود إلى فتح، ومن فتح يعمل من الداخل.

■ أى أنك تعتبر أن له تطلعات للسيطرة على فتح من الداخل؟

- بالطبع، وهو لو كان استمر فى فتح، ولم يخرج ربما كان انتخب فى المؤتمر الماضى، وأنا لست ضده كشخص لديه طموح، لكن نحن لسنا فى وقت الصراع على السلطة الآن، لا معه ولا مع حماس.

■ لكن البعض رأى أيضًا أن مسألة استبعاد «مروان البرغوثى» الأخيرة جاءت لتزيد من تعقيد الداخل الفتحاوى؟

- هو أخذ أعلى الأصوات فى انتخابات اللجنة المركزية، لكن مع توزيع المقاعد، قالوا كيف يمكن تسليمه مسئولية قطاع العلاقات الخارجية أو قطاع التنظيم أو الاقتصادى، وهو فى السجن، لكن لا أحد يمكنه استبعاده، وهو منتخب من الجميع، لكن الأزمة كانت فى تكليفه بمهمة فى الوقت الراهن.

■ معروف أنها كانت شرفية أكثر منها تنفيذية، خاصة أن الحديث عنه على مدار سنوات كونه رمزًا فلسطينيًا داخل سجون الاحتلال؟

- صحيح، لكن هو كان عضو لجنة مركزية، ولم يكن له مسئولية عن قطاع معين، لذا هم قاموا بحل وسط، فاتفقوا على أن كل المناصب التى اتفق عليها هى لسنة واحدة، وبالتالى خلال السنة لو تمكنا من الإفراج عنه يعود للحصول على الموقع الذى يريده والجميع معه.

■ أى أن فكرة السنة الواحدة كانت من أجل البرغوثى؟

- جزء كبير منها من أجله.

■ كيف تنظرون لتصريحات أمين عام حركة الجهاد الإسلامى التى أطلقها فى طهران ضد الرئيس والقيادة الفلسطينية؟

- خاطئة، وهذا ليس وقته، والأهم من ذلك، لا يجوز لك أن تذهب لشتيمة بلدك من أجل كسب صداقة وود بلد ثان، وأنا لست ضد العلاقة مع إيران، لكن لماذا تذهب إيران لتكيل لى الشتائم..؟ فهل لابد من هذا التعرض لشعبك وحكومتك وقيادتك وفتح لتكسب إيران!.

هذا خطأ، فلابد من وحدة وطنية أولًا من الداخل، ثم أجرى وحدة وطنية مع أشقائك العرب، ثم تحرك باتجاه الوحدة الوطنية مع المسلمين، الأوروبيين، والروس والعالم، لكن لماذا أقوم أنا ومن أجل علاقة مع روسيا، بشتيمة حماس أو غيرها، هذا خطأ كبير.

■ نتنياهو بدأ فى اللعب على وتر الحرب على الإرهاب بل اعتبر أن وجود دولته يقضى على الإرهاب والتطرف.. ما تعقيبك على ذلك؟

- هو رجل نصاب، ليس لديه إلا مشروع صهيونى أساسى للاستيلاء على الضفة الغربية، والقدس، أما البقية كلها كذب، وحتى الحديث عن دولة يهودية كذب، فلم يكن فى أى وقت شىء اسمه دولة يهودية، وحتى لو كانت هناك دولة يهودية قبل 4 آلاف سنة، فهل سنعود لما قبل 4 آلاف سنة، وهل سنقسم الدول لما كان ذاك الوقت فلن تظل دولة سليمة قائمة.

كل ما يجرى كلام فارغ وهدفه أمر وحيد، هو تشريع سرقة بلادنا، من منطق أنها كانت ملكا لهم قبل أربعة آلاف عام، وبالتالى يكون الاستيطان فيها حقًا، وليس مبنيًا على مخالفة القانون الدولى، وهذا الرجل لا يريد عملية سلام بأى حال، قال لا أريد الذهاب لباريس، وسأذهب لموسكو، وعندما ذهبنا لموسكو رفضها.

■ تسريب نتنياهو الذى تحدث عن لقاء القمة الثلاثى الذى عقد فى العقبة العام الماضى بينه وبين الرئيس السيسى والملك عبدالله الثانى..ما الغرض منه فى هذا التوقيت؟

- هو إعلان خبيث، الغرض منه الإيحاء بأنه يمكنه الاتفاق مع العرب، وبأن يضغط له العرب على الفلسطينيين وبالتالى هو لا يحتاج إلى تفاوض مع الفلسطينيين، وإنما يتفاوض مع العرب.