رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خطاب إلى رؤساء الكنائس «4-6»


الأحباء الأفاضل رؤساء وقادة مختلف الكنائس المصرية.. تحية طيبة وبعد.. فى الجزء السابق من خطابى قلت إننى أكتب إلى حضراتكم جميعًا هذا الخطاب المفتوح، بعد أن عاد مشروع قانون الأحوال الشخصية إلى الكنائس لتُصوغ منه صيغة توافقية توافق عليها كل الطوائف المسيحية، وهذا الخطاب يتضمن رأيى الشخصى ولا يعبر عن رأى غالبية الإنجيليين فى بلادنا، وقلت أولًا: فى البداية أعلن بوضوح أننى مع استمرارية الزواج وأننى ضد الطلاق على الإطلاق. فالطلاق ليس حلًا.



ثانيًا: لا يختلف اثنان على أن هناك عددًا كبيرًا من المشكلات داخل عدد غير قليل من الأسر المسيحية، قادت كثيرين لتغيير ديانتهم من أجل التمكن من فض الرابطة الزوجية، والزواج ثانية.

ثالثًا: اختلف المفسرون فى تفسير النصوص المتعلقة بالطلاق فى الكتاب المقدس، فمنهم من اعتبر أنه لا يوجد طلاق فى المسيحية على الإطلاق وفقاً لبعض آيات الإنجيل.

رابعًا: هناك من قالوا إن زنى النظرة هو الزنى المقصود.

خامسًا: إن رسل المسيح وتلاميذه لم يزوجوا أى أحد، كما أن المسيح لم يرسم فريضة للزواج ولم يضع أى طقوس له، كما أنه لم يقم بإجراء أى مراسيم دينية لأى زوجين.

سادسًا: المسيح أعطى كامل الحرية لكل فرد أن يختار طريقه فى الحياة بل مصيره الأبدى، واليوم أستكمل.

سابعًا: لعدة قرون بعد المسيح، كان المسيحيون يتزوجون مثلما كانت تتزوج الشعوب التى ينتمون إليها، فكان الزواج يُعد عملًا بشريًا ينظمه المجتمع ولم تكن الكنيسة تتدخل فيه، وفى القرن الثامن بسبب الزواج بين أقرباء العصب، وزنى ذوى القربى، قرر مجمع فرنوى، أن تبادل الرضا بين الزوجين لابد أن يتم علنًا، وأثناء القرنين الحادى عشر والثانى عشر، أضحى من الواجب أن يُحتفل بالزواج أمام باب الكنيسة، وفى القرن السادس عشر صدر كتاب رتبة الزواج فى 1614م لكى تُقر الكنيسة بأنه لا يجوز أن يُعقد الزواج عند باب الكنيسة، بل فى داخلها فى مكان لائق بالقرب من المذبح وأمام خورى، وهنا تدخلت الكنيسة فى موضوع الزواج منذ القرن السادس عشر.

ثامنًا: منذ القرن السادس عشر، وأمام المشكلات الزوجية المتفاقمة، اجتهدت الكنيسة فى تأويل نصوص الطلاق، ووضعت أسبابًا للتطليق لم ترد فى الكتاب المقدس، فهناك كنائس وضعت ضمن لوائحها عددًا من الأسباب الصعبة التى قد تؤدى للزنى، ومن ثم عالجت المشكلة قبل حدوثها فسمحت بالتطليق، وهناك كنائس أجازت الموت الحكمى والزنى الحكمى كسببين للتطليق مع أنهما لم يردا فى أحاديث المسيح، وهناك كنائس اعتبرت أن تغيير الدين هو نوع من أنواع الزنى الروحى، ومن ثم لابد من التطليق فى هذه الحالة، بينما بولس يقول عكس ذلك تمامًا، هذا فضلًا عن أن لائحة 88، التى كانت تجيز التطليق لعدد من الأسباب التى قد تؤدى للزنى، كانت حلًا لكثير من المشكلات.

تاسعًا: إن السماح بتطليق بعض الحالات ليس بدعة حديثة، فهناك من آباء الكنيسة مَن رأى أن التصرفات الخاطئة تحل الزواج مثل القديس كيرلس السكندرى، وقال العلامة أوريجانوس، فى شرح إنجيل متى، «إن سماح بعض رؤساء الكنائس، بأن المرأة تتزوج برجل آخر فى حياة زوجها مضاد لشريعة الكتاب المقدس لأنهم خالفوا ما كُتب ولكن لا يخلو عملهم هذا من عذر، لأنهم ربما تساهلوا بمخالفة الشريعة المُسطرة والمقررة من البدء، منقادين لإرادة الغير، تلافيًا لشرور أعظم».. وللحديث بقية.