رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الحلم الذي تبدد في كنيستنا


بعد اختيار الأنبا شنودة، أسقف التعليم، ليكون البابا شنودة الثالث البطريرك 117، بدأ خدمته بهمة ونشاط، فهو الخادم النشط فى حقل مدارس الأحد منذ شبابه المبكر، والراهب الناسك والمتوحد، وتلميذ الراهب مينا البراموسى المتوحد «فيما بعد البابا كيرلس السادس»، وتلميذ الأب متى المسكين طوال فترة شبابه، وهو أحد ضباط الاحتياط المنضبطين فى حياتهم وسلوكياتهم، والكاتب الصحفى، ورئيس تحرير مجلة «مدارس الأحد» فى فترة من الفترات.



كما عمل فى سكرتارية البابا كيرلس السادس فى عام 1959، والواعظ المفوه بدون منازع، والكاتب القدير، والتلميذ النابغ طوال فترة دراسته «بشهادة أساتذة الرياضيات بعلوم عين شمس كما شهدوا لى عنه»، والمحاور البارع، والقارئ الجيد لتاريخ مصر وللثقافة المصرية القديمة واللغات الإنجليزية والقبطية واليونانية بالإضافة إلى العربية الفصحى. كل تلك المؤهلات، وغيرها، جذبت الناس إليه بمختلف طوائفهم ودياناتهم. كانت النقطة الوحيدة فى تلك القضية أنه كان أسقفًا وجلس على كرسى البطريركية!!، وهو كان يعلم هذا الأمر جيدًا، حتى إنه فى إحدى المحاضرات بالكلية الإكليريكية بالإسكندرية قال لطلبة الكلية بالنص: «أنا كان مالى والغُلب ده». لكن لأنه كان قوى العزيمة فقد تحمل بصبر كامل الآلام الشديدة التى واجهته طوال فترة بطريركيته «حوالى 40 عامًا».

بدأت تلك الشدائد فى أحداث «الزاوية الحمراء» التى حدثت فى عام 1972، أى بعد جلوسه على كرسى مار مرقس «فى 14 نوفمبر 1971» فى أقل من سنة، وكانت أشدها فى عام 1981 عندما اختلف مع الرئيس السادات وصدرت القرارات التعسفية فى 5 سبتمبر 1981 والتى نصت على إبعاد البابا شنودة الثالث إلى دير الأنبا بيشوى بوادى النطرون، بعد أن كانت رغبة الرئيس السادات المُلحة هى تقديم البابا شنودة الثالث إلى محاكمة عاجلة لولا التدخل الصريح للقمص متى المسكين ومنع الرئيس السادات من الإقدام على هذا الأمر.

بالإضافة إلى بعض الأحداث الطائفية الأخرى التى كان آخرها المجزرة التى حدثت فى مطلع عام 2012 وبالتحديد فى الساعات الأولى من يناير 2012 عندما تم الهجوم على كنيسة القديسين بمنطقة شرق الإسكندرية واستُشهد فيها عشرات المصلين الآمنين وهم فى الكنيسة يصلون من أجل استقبال مقدس للعام الميلادى الجديد!!، جميع تلك المشاكل- كما يخبرنا تاريخ الكنيسة- بسبب المخالفة فى اختيار بطريرك الكنيسة، لأن هناك حرومات وضعتها المجامع المقدسة، والعديد من بطاركة الكنيسة القبطية، على الأساقفة الذين يشتهون كرسى البطريركية.

خلاف ذلك لابد أن نشهد للبابا شنودة الثالث أنه كان له العديد من الأيادى البيضاء فى كثير الأعمال طوال الأربعين عامًا، منها النهضة الحقيقية للكنيسة فى المهجر، وفى إفريقيا. اهتمامه الصادق بتوعية الشعب فى الأمور الروحية توعية حقيقية، وأسلوب مفهوم مبنى على الكتاب المقدس وأقوال آباء الكنيسة الأولين، فكان يحرص أن يعقد اجتماعا عاما للشعب بالقاهرة يوم الجمعة، وبالإسكندرية «كل أسبوعين» عند حضوره للإسكندرية، كما حرص على تعليم الشعب – فى القاهرة – اللغة القبطية. حرص على إلقاء محاضرات على طلبة معهد الدراسات القبطية بالقاهرة وطلبة الكلية الإكليريكية بالقاهرة أيضًا.

شجع الأساقفة على تأسيس أكليريكيات فى إيبارشياتهم وكان يتابع بنفسه المقررات الدراسية بفهم ووعى وحُسن إرشاد. اهتم بإحياء دير الأنبا بيشوى بوادى النطرون بعد أن كان مُهملًا وأيضًا دير البراموس بوادى النطرون. احتضن مجموعة من رجال الآثار لإحياء الأديرة المندثرة. ونستكمل فى الحلقة القادمة.