رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"التسجيلات السرية" التي هزمت جنرالات إسرائيل

محمد حسنين هيكل
محمد حسنين هيكل

احتفالا بالذكرى السنوية الأولى لرحيل الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، تنشر «الدستور» الفصل السابع من كتاب "أحاديث برقاش.. هيكل بلا حواجز"، للكاتب الصحفي عبد الله السناوي أحد أصدقاء الراحل المقربين.
ويتناول هذا الجزء تفاصيل اجتماع التقييم الذي عقده عبد الناصر مع قادة الجيش، في أعقاب "النكسة"، استعرض خلالها التسجيلات السرية لجنرالات إسرائيل، التي كانت سببا رئيسا في إصرار النظام المصري على استعادة "سيناء" بقوة السلاح.
بتلك الأيام القاسية طلب «عبدالناصر» من اللواء «حسن البدرى» أن يتقدم بعرض ما لديه من تسجيلات للجنرالات الإسرائيليين بأصواتهم وصورهم على شاشة فى قاعة ببيت منشية البكرى.
فى جلسة التقييم وجد «رياض»، وقادة آخرون، و«محمد حسنين هيكل».
قال «رياض»: «سيادة الرئيس.. إننا فى هذا الذى رأيناه لهم.. رأينا مقتلهم».
سأله «عبدالناصر»: «أين ذلك؟».
أجاب: «الغرور!».
«أقول وقد تابعت التاريخ العسكرى بشكل أو آخر: هذا الذى سمعناه فيه درجة من الغرور أكبر بكثير مما تسمح به حقائق القوة.. سوف نستطيع أن نفاجئهم وأن نضربهم دون أن يتصوروا ودون أن يقدروا التقدير الكافى.. لقد لمحت الثغرة التى نستطيع منها أن نتقدم لكى ننال منهم.. وهى ثغرة الغرور، المهم بالنسبة لنا.. هو المفاجأة».
«أرجوك يا سيادة الرئيس ألا تقبل عودة سيناء بلا قتال حتى لو عرضوا عليك الانسحاب الكامل منها بلا قيد أو شرط».
«لا مستقبل لشعب يتعرض لاحتلال أراضيه ثم لا ينهض لحمل السلاح مستعدا لدفع فواتير الدم».
لم يكن بوسع «هيكل» حتى أيامه الأخيرة إخفاء إعجابه العميق بكل ما مثله «رياض».
كلما تذكر حوارا معه، أو ذكر اسمه فى سياق عام، كان ينظر أمامه كأنه يطل فى مرآة الزمن الذى ولى برجاله وأبطاله.
«رياض ضابط مدفعية ينظر إلى بعيد ويقصف ما لا يرى، وذلك يستدعى أن تكون حساباته للمسافات صحيحة ومعرفته بالمواقع مؤكدة».
«عرفت رياض لأول مرة عن طريق خاله حسن صبرى الخولى الممثل الشخصى لعبدالناصر، وكان إعجابه بزعيم يوليو ظاهرا فى كلماته وإيماءاته، يؤيد تجربته ومقتنع بها ويشاركه الأفكار ذاتها، وإن أردت أن تستخدم المصطلحات السياسية الحالية فإنه ناصرى».
«ثم رأيته مرة أخرى فى سكرتارية مؤتمر القمة الأول فى يناير ١٩٦٤، ولمحته مرات فى مكتب عبدالحكيم عامر قبل أن أعرفه عن قرب وأحاوره طويلا فى الاستراتيجية والأمن القومى ومستقبل الصراع العربى ــ الإسرائيلى، وتصوراته عما بعد حرب الاستنزاف وإعداد القوات المسلحة لخوض حرب تحرير أراضيها المحتلة فى سيناء».
«كان هو الرجل الذى توصل إلى أنه إن لم يكن بوسع قواتنا مجاراة إسرائيل فى قدرة سلاحها الجوى فإن بمقدورها إلغاء أثره وفارق تفوقه اعتمادا على الدفاع الجوى وشبكة صواريخ متقدمة، وهو الذى وضع الخطوط الرئيسية لخطة عبور قناة السويس وتحرير سيناء التى طورها الفريق سعد الدين الشاذلى فى حرب أكتوبر».
عندما استشهد على جبهة القتال الأمامية فى يوم (٩) مارس (١٩٦٩) خرجت فى جنازته بميدان التحرير مئات الألوف تردد هتافا واحدا لخص الموقف كله: «رياض مامتش والحرب لسه مانتهتش».
بذلك اليوم ذاب «عبدالناصر» فى الجموع الحزينة مزيحا حرسه جانبا.