رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف أحيا "هيكل" شعبية عبد الناصر بعد هزيمة 67؟

 محمد حسنين هيكل
محمد حسنين هيكل

احتفالا بالذكرى السنوية الأولى لرحيل الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، تنشر «الدستور» الفصل السابع من كتاب "أحاديث برقاش.. هيكل بلا حواجز"، للكاتب الصحفي عبد الله السناوي أحد أصدقاء الراحل المقربين.
ويتناول هذا الجزء مرحلة مهمة من تاريخ مصر، في أعقاب هزيمة 67، وكيف استطاع "هيكل" إحياء شرعية نظام عبدالناصر التي سقطت تحت وطأة الهزيمة المريرة، عبر مصطلح "النكسة" الذي صاغه في خطاب التنحي الشهير.
عندما شرع فى كتابة خطاب تنحى الرئيس «جمال عبدالناصر» فى يونيو (١٩٦٧) لم يكن قد استقر تفكيره على وصف الهزيمة العسكرية بـ«النكسة».
سألته: «كيف طرأ التعبير إلى ذهنك فى تلك اللحظة القاسية؟».
«تسألنى بعد كل تلك السنوات والعقود كيف طرأ مصطلح النكسة، وأنا أقول لك أمينا أننى لا أعرف، أظنها مشاعر مواطن لم يكن يقدر على إغلاق أبواب الأمل فى المستقبل أمام شعبه».
«انفردت بنفسى لأكتب خطابه الأخير، وكنت أجلس فى ذلك الركن من الغرفة التى نجلس فيها الآن، وفى خاطرى أن أحلامنا الكبرى انهارت.. فكرت فى عبدالناصر وآلامه فوق طاقة بشر وكأنه كبر مرة واحدة عشر سنوات، كان صادقا فى مشاعره وتصرفاته، معتقدا أنه خذل أمة أولته ثقتها كما لم تفعل مع أحد آخر، قرر أن يتنحى، وطلب منى أن أكتب ما اتفقنا عليه من خطوط عريضة، وكنت الوحيد الذى التقاه فى ذلك اليوم الطويل.. لم يكن يناور، ففى اعتقاده أن النظم التى تعجز عن حماية حدودها تفقد شرعيتها.. وفكرت فى الشعب الذى سوف تصدمه نتائج المواجهات العسكرية فى سيناء، لم أكن مستعدا لكتابة كلمة الهزيمة، ومازلت معتقدا أننى كنت على صواب، كيف أكتب أنها هزيمة والجبهة السورية تقاتل والعراق يرسل قوات عسكرية إليك والجيش المصرى مازالت بعض قواته فى سيناء، كان اعتقادى أننا أمام عثرة مؤقتة، وإن كان عبدالناصر لا يستطيع أن يستكمل دوره فى القتال فإن أحدا آخر يستطيع، لكن شعبه خرج يومى (٩) و(١٠) يونيو إلى الشوارع يطالبه بالبقاء ويعرض المقاومة ومواصلة القتال».
«للتعبيرات قوة تأثيرها فى حركة الأحداث، عندما تقول هزيمة فإن كل شىء قد انتهى، وعليك أن تقر بما جرى وتستسلم له، بينما تعبير النكسة ساعدنا على لملمة جراحنا ودخلت قواتنا المسلحة بعد أيام أحد ملاحمها الكبرى فى معركة رأس العش».
«كل ما فكرت فيه أن النكسة وضع مؤقت والهزيمة استسلام نهائى».
نفس النظرة الاستراتيجية تبناها الفريق «عبدالمنعم رياض»، مستندا إلى خبرة شعوب أخرى تعرضت لهزائم فادحة، لكن روحها العامة لم تنكسر وأعلنت المقاومة مجددا.
كان صعود «رياض» لرئاسة أركان حرب القوات المسلحة المصرية بعد النكسة مباشرة تعبيرا عن ضرورات إسناد المناصب العسكرية للكفاءات القادرة على تحمل مسئولية القتال.
وقد وضع «عبدالناصر» نفس الثقة فى رجل آخر، الفريق أول «محمد فوزى» قائدا عاما برهان أن شخصيته الحازمة تعيد الانضباط المفقود إلى القوات المسلحة، وتساعد فى إعادة بنائها على أسس حديثة.