رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أبرزها «تيندز» و«أوكيه كيوبيد» و«آشلي ماديسون»..

مواقع المواعدة.. الباب الخلفى للزواج فى مصر

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

فقر وفراغ وكبت جنسى وأمراض اجتماعية وتكنولوجيا حديثة فى متناول الجميع، كلها أشياء تدفع الشباب والفتيات إلى الوقوع فى فخ خيوط الشبكة العنكبوتية، حيث مواقع «التعارف والمواعدة»، فتنهار العلاقات الأسرية والروابط الواقعية، وتحل مكانها علاقات افتراضية، معظمها ينتهى بمآسٍ وأوجاع، ونادرًا ما تكتب لها نهاية سعيدة.

«الدستور» رصدت حكايات زواج فتيات وشباب من خلال مجموعة من المواقع والتطبيقات الإلكترونية التى اجتاحت مصر السنوات الخمس الأخيرة، بجانبيها الإيجابى والسلبى، سواء ممن تزوجوا عبر تلك المواقع، أو ممن كانوا على علاقات جنسية، بالمواعدة خارج إطار الارتباط، ورصدت أيضًا أضرارها على العلاقات الأسرية.


عبير تعارفنا عبر موقع إسلامى فالتقينا وتزوجنا.. وأنجبنا توأمين

من بين قصص عديدة، كان لعبير محمد، صاحبة الـ28 عامًا، قصتها الخاصة مع مواقع الزواج، فالفتاة التى وجدت نفسها تقترب من سن الثلاثين، ولم تعثر بعد على شريك حياتها، لم تجد أمامها إلا تلك المواقع: «كنت فتاة خجولة للغاية، وشخصية ملتزمة دينيًا، فكان صعبًا علىّ التعامل مع الشباب فى الجامعة أو العمل، فبدأ العمر يمر بى، وأنا مازلت بلا أى علاقة حب أو خطبة أو زواج، ومن طريقة حياتى علمت أن شيئًا لن يتغير إذا بقيت على هذه الحال، وسط ضغوطات أمى المتتالية بأننى أكبر فى السن ولم أتزوج إلى الآن، وكانت جاراتنا وصديقات أمى ووالدات صديقاتى يتوسطن ويدفعن البعض إلى التقدم لى، لكن فى كل مرة كان الأمر يفشل، نظرًا لتعقيدات الزواج».

بدأت رحلة «عبير» على عالم الشبكة العنكبوتية مؤخرًا: «لم أكن ممن يستخدمن الإنترنت، بدأت أفعل ذلك بالمصادفة، عندما كنت أمارس إحدى الألعاب على جهاز أخى، ووجدته يمتلك حسابًا على موقع ما للتواصل، دخلت على البحث وكتبت كلمة زواج، فظهرت لى عشرات المواقع المختلفة، وبعدها كتبت «زواج إسلامى»، فظهرت أيضًا عشرات المواقع التى تختص بهذا الأمر، اخترت أحدها واشتركت به، وكتبت بعض المعلومات عنى، وذكرت أننى أرتدى الخمار، ولم أتحمس لوضع صورتى، لكننى وصفت تفاصيلى وطولى ولون بشرتى وما إلى ذلك».

على عكس العشرات من القصص التى بدأت على الشبكة العنكبوتية وانتهت بمأساة على أرض الواقع، كان الأمر مختلفًا مع عبير، وكانت النهاية السعيدة: «فى أحد الأيام، وبعد فقدان الأمل، وجدت رسالتين من شابين، أحدهما فى سن الـ43، والثانى فى الـ31 من العمر، فاخترت الأخير لاقتراب عمره منى، وتواصلت معه وتعارفنا، ويوماً بعد يوم من التواصل على الشات، طلب رقم هاتفى، وبدأنا الحديث عبر الهاتف ما يقرب الـ5 أشهر، ثم التقينا أكثر من مرة، ومن بعدها تقدم لخطبتى، التى استمرت 7 أشهر، ثم كتبنا كتابنا فى مسجد بمدينة 6 أكتوبر وسط حضور أهلنا وأصدقائنا».

وتختتم عبير: «الأمر كان جميلًا ومليئًا بالحب والرحمة، كان مهذبًا وقريبًا من شخصيتى، وهادئًا، ونمتلك الأفكار ذاتها، كنا متشابهين فى أغلب حياتنا وأمورها، والآن نمتلك توأمين جميلين أكملا قصتنا البسيطة».

الشباب المصرى الأكثر إقبالًا عليها

قائمة تلك المواقع الخاصة بالمواعدة فى مصر والعالم، أبرزها «آشلى ماديسون»، وهو من أشهر المواقع العالمية الذى يقوم بدور الوسيط لمن يعقدون لقاءات تعارف أو إقامة علاقات عاطفية وجنسية خارج إطار الزواج، وتم إنشاؤه عام 2002، إلا أن عدد المستخدمين زاد بشكل كبير حتى عام 2014، وذلك قبل تسريب المعلومات الخاصة بمستخدميه بعد استيلاء قراصنة على بطاقات ائتمان ومعلومات وبيانات وأماكن ونص الرسائل المتبادلة بين المتواعدين عليه عام 2015، وكذلك «تيندر» وهو تطبيق تم إنشاؤه عام 2012، وتم تحميله أكثر من 50 مليون مرة، ويعد من أشهر التطبيقات لتسهيل التعارف واللقاءات، ويطلب التطبيق من مستخدميه نشر صور لهم، وينصحهم بأن تكون جذابة حتى يستطيعوا جذب مزيد من الانتباه، ولابد قبل المراسلة وجود علامات إعجاب متبادلة بين الطرفين من خلال ضغط كل واحد منهما على إشارة الإعجاب أسفل الصورة، وهو ما يقلل من المضايقات والتحرش ويفسر الإقبال الكبير عليه من الجنسين.

وفى تقرير له، كشف موقع «Vocativ» أو «فوكاتيف» الأمريكى، تصاعد اهتمام الشباب المصرى من جميع طبقات المجتمع مواقع المواعدة على الإنترنت، فى بلد محافظ، كما يصفها التقرير، حيث إن المعايير التقليدية حول الجنس والزواج لاتزال سائدة، وذلك من خلال استخدام الشباب والشابات لمواقع مثل «تيندر» «Tinder» و«أوكيه كيوبيد» «Okcupid» وغيرهما.

وأجرى الموقع لقاءات عدة مع شرائح مختلفة فى المجتمع المصرى، ومنها خريجة من الجامعة الأمريكية المرموقة فى مصر، تبلغ من العمر 25 عامًا، دون الكشف عن هويتها، فقالت إن والديها أصولهما من جنوب مصر، وهى تعيش مغتربة مع صديقاتها فى القاهرة، وإنها تعرفت على صديقها عن طريق «تيندر»، الذى زادت شعبيته بين المصريين، هو ومواقع تعارف أخرى، سواء من الطبقة العليا والطبقة المتوسطة التى تتطلع إلى الدخول فى عالم الشللية والصداقات والجنس ومعارف جديدة فى القاهرة.

تلك المواقع تطلب للتسجيل بها البيانات الشخصية، مثل السن والجنس والاسم والعنوان، ووضع صورة شخصية، تطلب منك مواصفاتك المفضلة للشخص الذى تريد مواعدته، سواء مكان إقامته أو شكله أو عمره والأشياء المفضلة والمشتركة بينكما، ومعظم تلك المواقع مجانية وطريقة التسجيل بها بسيطة للغاية، تشبه أكثر المواقع شهرة كـ«فيس بوك» و«تويتر».

وبحسب التقرير الأمريكى أيضًا، فإن المرأة المصرية، برغم أنها أقل حرية بكثير من الرجال على هذه المواقع، إلا أن السرية هى أيضًا جزء من اللعبة، ولذلك معظم لقاءات الموقع الأمريكى مع نساء طلبن عدم الكشف عن هويتهن، لما يمثله ذلك من وصمة عار، لأنهن يخشين على سمعتهن، إذا عرفت الأسرة والأصدقاء أو الزملاء.

وفى لقاء للموقع الأمريكى مع محامية مصرية تبلغ من العمر 27 عامًا، قالت: «أنا أكره المجتمع المصرى»، وأضافت أنها قامت بعدة صداقات على موقع «تيندر» مع شباب أصغر منها، وأوضحت أنها استخدمته لأول مرة عندما كانت فى كندا، وواصلت استخدامه فى القاهرة لتوسيع دائرة التعارف.

ورأى التقرير الأمريكى أن التغيرات الاجتماعية والسياسية والتكنولوجية بعد ثورة 25 يناير 2011 أدت إلى تآكل تقاليد وتعزيز معايير أخرى حول الجنس على الإنترنت فى نفس الوقت؛ لتزايد معدلات مالكى التكنولوجيا الحديثة والهواتف الذكية، التى أوجدت مساحات جديدة، فضلًا عن المشاكل الاقتصادية للبلاد التى أصبح معها من الصعب على نحو متزايد للشباب تحمل الطقوس التقليدية للزواج.

مغامرات إيلينا فى مصر.. أمريكية مهووسة بـ«الشرقيين»

«إيلينا آر»، فتاة عشرينية، أمريكية تعمل وتقيم فى القاهرة، ومهووسة بالشرقيين، ووضعتها التجارب فى مغامرات عديدة مع مصريين، بعدما اكتشفت أن الغالبية العظمى ممن يستخدمون تطبيق «تيندر» يعيشون فى مصر.

أولى مغامرات «إيلينا»- حسبما روت لـ«الدستور»- كانت مع شاب يعمل رئيسًا تنفيذيًا بإحدى الشركات، وعاش نصف حياته فى الخارج، وكانت ملامحه جذابة، ولذلك أحبت أن تخرج معه، وكان متحمسًا وعاطفيًا كأى رجل شرقى، وتوضح كيف انجذبت إليه فى البداية، وكيف كانت النهاية: «كنا نتناول عشاءنا، وكان يتحدث الإنجليزية بشكل جيد، وأعطانى سترته عندما شعرت بالبرد، وذهب للاطمئنان علىّ عندما بقيت فى غرفة حمام السيدات فترة طويلة، وطلب أن أغير المكرونة، لأنها كانت حارة، ولكن فى ذلك المساء أظهر جانبه العدوانى قليلًا، عندما قام رجل يجلس على طاولة قريبة كان يحدق فى وجهى، فصرخ فيه ووجه إليه ألفاظًا نابية، وتناول كثيرًا من الخمور فى ذلك العشاء، ودعانى لممارسة الجنس، لكنى كنت أشعر بالخوف منه، ولم أكرر رؤيته مجددًا، فظل يطاردنى برسائله ومكالماته الهاتفية بعد ذلك، لكنه توقف بعد فترة من عدم الرد عليه». رجل آخر التقته «إيلينا» عبر تطبيق «تيندر»، وصفته بأنه «مستر نايس»، كونه رجلًا مصريًا لطيفًا، وأنه على عكس المصريين كان ذا بشرة فاتحة وشعر فاتح، وكان مزيجًا نادرًا جدًا وجذابًا، ووفقًا لما قالته، فإنه لأسباب غير معروفة، قال إنه معجب بها جدًا، وبدآ فى التحدث الفيديو كول، وبعد ذلك خرجا معًا: «كان يدخن سيجارة بعد أخرى على الرغم من أننى توسلت إليه أن يتوقف، وبغض النظر عن شراهته للتدخين، إلا أنه كان شخصًا لطيفًا، وحاولت استفزازه أكثر من مرة، لكننى لم أنجح، وبدأ يتذمر، لأننى لم ألب له ما أراد». بعيدًا عن المصريين، كانت لـ«إيلينا» تجربة مع رجل أوروبى انخدعت فيه، لأنه كان يضع صورة له مرتديًا ملابس عربية، ولذلك أعجبت به- حسب قولها- وفى غضون أيام حاورته على تطبيق «تيندر»، وكان لطيفًا فى البداية، وبدآ فى الخروج، وكانت لديهما محادثات هادئة وممتعة، ولم تكمل معه؛ بسبب أن أظافره كانت غير نظيفة.

قصة نيرفانا

فتاة مصرية تعيش بالكويت مع أهلها لظروف عملهم، تعرفت على إسماعيل، الشاب المصرى الذى يعمل فى أمريكا، تحديدًا فى ولاية لوس أنجلوس منذ عام 2012، من خلال موقع «تويتر»، ليظلا على مدار أكثر من 3 أعوام بينهما حديث فقط عبر الشاشة، كل حديثهما وتعاملاتهما تتم فى الواقع الافتراضى، قبل أن ينتقلا إلى عالم الواقع عام 2016، ويكلل حب نيرفانا الفستان الأبيض فى القاهرة لتتزوج من حبيبها رغم بعد المسافات.

تجاهلت دردشات زوجها الجنسية للحفاظ على البيت

تروى «د. م»، 26 عامًا، لـ«الدستور» أنها تزوجت عن قصة حب طوال سنوات الدراسة، وتزوجت بالفعل من حبيبها، وأنجبت منه طفلين مازالا فى عمر الزهور، ولاحظت بعد إنجابها لأول طفل وهو فى عمر الرضاعة، أن زوجها يجلس كثيرًا أمام جهاز الحاسب الخاص به، فظنت أنه يقوم بعمله أو يسلى أوقات فراغه فى مشاهدة برنامج أو فيلم، لكنها لاحظت أنها عندما تقترب منه يغلقه تمامًا، وفى إحدى المرات ذهب ليرد على الهاتف، لتفاجأ بالرسائل ذات المحتوى الجنسى بينه وبين إحدى الساقطات على أحد مواقع المواعدة.

تمالكت الزوجة أعصابها، وتظاهرت بأنها لم تشاهد شيئًا، بل ابتسمت له عندما انتهى من المكالمة، وتبرر تصرفها بقولها: «كنت عايزة أحافظ على بيتى وعيالى وعارفة إنى مابقتش أهتم بنفسى زى الأول بعد ما خلفت، بس مش ده جزاتى»، وأكدت أنها حاولت مرارًا وتكرارًا الاهتمام بنفسها ومحاولة جذبه إليها مرة أخرى والاهتمام به، وبالفعل نجحت فى إبعاده عن تلك الدردشات، وعند مصارحته بأنها كانت تعلم بالأمر، شعر بالندم وبكى أمامها لأول مرة، ووعدها بتعويضها عما حدث وطلب منها مسامحته.

وعند سؤالها عما إذا كان يخونها أحيانًا ويدخل إلى هذه المجموعات مرة أخرى، أكدت أنها تعلم ذلك ويفعل ذلك بالفعل من وقت لآخر، قائلة: «هاعمل إيه؟ عايزة أحافظ على بيتى وعيالى ما يتحرموش منه، وبكرة يكبر ويعقل حتى لو عايشة فى نار بس كله عشان ولادى».

تقول فاطمة حسن، خبيرة علم الاجتماع، إن ذلك النوع من العلاقات ينشأ نتيجة الفراغ العاطفى، وأحيانًا يكون المحرك هو الدافع الجنسى، فيبدأ كل طرف فى البحث عن الآخر الذى يكمل احتياجاته، وتعتبر التكنولوجيا وسيلة متاحة وسهلة أيضًا وتمكن أى طرف من قطع العلاقة بسهولة فى أى وقت يريد، وتكون مساوئها أكثر من مميزاتها، وقد تسبب الشعور بالخذلان، نتيجة عدم التواصل أو اكتشاف خداع الطرف الآخر، ونصحت فاطمة بضرورة توخى الحذر من العلاقات عبر الإنترنت، لأنها تؤدى إلى التعرض للابتزاز أو الخذلان فى معظم الوقت.