رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

صاروخ فى كوم زبالة!


صارت كلمة «صاروخ» من أكثر الكلمات شيوعًا فى لغتنا الدارجة، وتختلف دلالتها ويتغير معناها من طبقة إلى أخرى، ومن مستوى اجتماعى إلى آخر!
فيُقال، مثلًا: ضرب «صاروخ البانجو»، إذا قام الشخص بتدخين لفافة من ذلك المخدر، و«عمل دماغ»!، وهناك من يستخدمون الكلمة، تعبيرًا عن كفاءة الرجل الجنسية، كما رأينا فى فيلم «السفارة فى العمارة»، حين قالت فتاة الليل «ميسرة» لخيرى «عادل إمام»: «يخرب بيتك.. صاروخ»، فاعتقد أنها تجامله أو تمتدح كفاءته، قبل أن يكتشف أن صاروخًا «بجد» اخترق جدران الغرفة!
كما توصف الفتاة بأنها صاروخ إذا كانت «مُزّة»، أى صارخة الجمال، ومن ذلك قوْل «تهامى باشا»، نجم إعلانات ميلودى أفلام، لتابعه «وديع»: «حاتموّتوا الصاروخ لييييييه؟!.. ده يبقى فيلم زبالة»، حين صدمته معلومة موت زوجة بطل النسخة المضروبة من فيلم brave heart وكانت الصاروخ، أو الوجه الجديد حنان، هى من ستلعب الدور!
والصاروخ، كذلك، هو قذيفة ناريَّة أسطوانية الشكل أو مخروطية، تصل إلى مسافات بعيدة بتأثير انفجار الغازات التى تندفِع من أسفل الأسطوانة. وهناك أنواع كثيرة ومتعددة، منها صاروخ الستريلا «Strela SA-7» الروسى، المضاد للطائرات، واسم دلعه أو اسمه الشائع «سام 7»، وهذا أو «ده بقى» هو الصاروخ، الذى قال تقرير كتبه «راف سانشيز» ونشره الموقع الإلكترونى لصحيفة الـ«تليجراف» البريطانية، إن مواطنًا مصريًا وجده فى «كوم زبالة»، وكان مصدره حساب على «فيسبوك» باسم «إبراهيم يسرى»، تدخله فلا تجد صورة واحدة لصاحبه، ولا تعرف أى معلومات عنه غير أنه عامل حر، أعزب، من مواليد 6 أغسطس 1989 وليس لديه إلا 184 صديقًا فقط، وقام بإلغاء خاصية «option» تلقّى طلبات الصداقة، بما يعنى أن احتمال كون الحساب وهميًا، هو الأرجح.
عن هذا الحساب الوهمى «كما أرجّح»، نقل تقرير الـ«تليجراف»، أن صاحبه وجد قاذف صواريخ «سام 7» فى «كوم زبالة» على جانب الطريق المؤدية إلى مطار القاهرة الدولى، وأنه كان مترددًا فى إبلاغ الشرطة بمكان الصاروخ خوفًا من اتخاذ إجراءات ضده، لكنه قرر فى النهاية الإبلاغ، واستطاع بصعوبة إقناع رجلى شرطة، باستدعاء من يحمل ذلك الشىء إلى مكان بعيد!.
وبعد أن زعم «سانشيز» أن يسرى، صاحب الحساب الوهمى «على الأرجح»، رفض التحدث معه لأنه «يخاف من الحكومة الاستبدادية»، ذكر فى تقريره أن هذا الأمر يمكن أن يكون مثيرًا للقلق بالنسبة لبريطانيا، التى تراقب عن كثب أمن المطارات فى جميع أنحاء مصر، لأنها تدرس ما إذا كانت ستستأنف رحلاتها السياحية إلى شرم الشيخ أم لا.
ومضى «سانشيز»، يحكى حكاية الطائرة الروسية التى انفجرت عام 2015، ويستعرض ما جاء فى فيديو منسوب لإرهابيى «داعش» من تهديدات للمسيحيين ويصفهم بـ«الكفار».. ولعل ذلك يكفى وزيادة لمعرفة أن «سانشيز»، الذى تصفه الـ«تليجراف» بأنه مراسلها فى الشرق الأوسط، مجرد «هلفوت» وجد فيما نقله عن الحساب الوهمى، تكأة أو «تلكيكة» لـ«التشنيع» على مصر!.
وكنت اعتقدت، استنادًا لما جمعته من معلومات، أن يكون ما ظهر فى الصور والفيديو، التى صاحبت التقرير، قاذفًا مستهلكًا، وسبب اعتقادى، هو أن قاذف الصاروخ «سام 7»، وهو الجهاز الذى يتم حمله على الكتف، يطلق صاروخًا واحدًا ولا يمكن إعادة تذخيره «أى وضع صاروخ آخر به» إلا بمعرفة جهة الصنع.
غير أن صديقًا ذا خبرة، أكد لى أن القاذف المستهلك «مابيبقاش بيلمع كده.. ومجموعة التتك لونها هافان يا راجل.. ده مدهون طازة.. وده أكبر دليل على إنه ماكيت»، مرجّحًا أن يكون ما فى الصورة، مجرد «ماكيت»، وليس قاذفًا حقيقيًا، ودلّل على ذلك بحالة لون مجموعة «التتك»، أو مجموعة الإطلاق.
ماكيت أو قاذف مستهلك «بفتح اللام»، مش حاتفرق.
المهم، هو أن ما فعلته الـ«تليجراف»، لا يوصف إلا بأنه خطأ مهنى جسيم وفادح، ولا أعتقد أن صحيفة تحترم قراءها أو تحترم نفسها، يمكن أن تنشر تقريرًا أو قصة خبرية مبينة بالكامل على «تدوينة» كتبها مجهول على شبكات التواصل الاجتماعى.
ولأن الشىء بالشىء يذكر، ولأن الكلام بيجيب بعضه، أشير إلى أن وكالات الأنباء والصحف الأجنبية الأكثر رصانة ومصداقية وموضوعية، تتخلى عن رصانتها ومصداقيتها وموضوعيتها وتخلع كل «كل» شىء، حين تتناول حدثًا أو قضية أو شائعة تتعلق بمصر.
وإذا كان سؤالنا عن سبب ذلك أو هدفه أو المقابل المدفوع فيه، مشروعًا، فإن غير المشروع أو ما نراه كارثيًا، هو أن تنقل وسائل إعلام، مصرية «للأسف»، ذلك المحتوى «المخلوع فيه كل «كل» شىء على أنه حقائق تؤسس عليها وتبنى فوقها، وليس كـ«خزعبلات» أو «هلاوس» تفضحها وتسخر منها!.
وأخيرًا، أكاد أرى وأسمع «هلفوت» الـ«تليجراف»، ومن نقلوا عنه، يقفون أمام «تهامى باشا»، يرتدون ملابس الكومبارس نفسها ويقولون: «إحنا ممكن نفرّط فى أى حاجة.. أى حاجة، لكن مش ممكن نفرط فى إشاعة تضر مصر».
فيرد تهامى باشا: «إييييييه.. إيه يا رجالة حاتفرّطوا فى إيه بالظبط»؟! قبل أن يسأل تابعه: «الرجالة دى مش لابسة بنطلوناتها ليه يا ودييع؟!».
وربما يكون هلفوت الـ«تليجراف»، ومن نقلوا عنه، يحتاجون من يريهم «قبضة التهامى»، التى وعد «حنان»، فى نهاية الإعلان، بأن يريها لها!