رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وقعوا في غرامه من أول نظرة

قصة ملوك الموتوسيكلات في مصر

صورة من  الحدث
صورة من الحدث

رغم المحاذير الكثيرة والخطر الشديد الذي يتعرض له عشاق الموتوسيكلات والحوادث التي قد تكلفهم حياتهم إلا أن حب المغامرات انتصر على مخاوفهم ومخاوف أسرهم والرغبة في تحدي الطبيعة جعلهم في سباق مع الزمن للانتصار علي الطبيعة .

شعراوي
30 عامًا فى غرام الدراجة النارية

«هي تلك العجلات الرقيقة المثبتة في هيكل صغير متناغم، تجعلك تقع في غرامها من النظرة الأولى، تبذل الغالي والنفيس لتحصل عليها، لتكون ملكك إلى الأبد مهما كلفك الأمر من مصاعب، حتى وإن أخذت حياتك كلها إلى الأبد.. لا بأس فعشقها يهون عليك كل شيء»، هكذا يتحدث «ياسر شعراوي» أحد المهووسين بقيادة الدراجات النارية. ياسر شعراوي الذي يبدو شابًا يافعًا يتأرجح بدراجته البخارية، عمره الحقيقي 51 عامًا، أمضى منها 30 سنة على ظهر «موتوسيكل». يقول: «الموضوع بدأ سنة 87، وقتها الموتوسيكلات كانت بتيجى مصر متهربة من أوربا، ومن غير ورق، محدش كان يعرف يعنى إيه موتوسيكلات، كان بيجبها البحارة الإسكندرانية، وقدرت أجرب ركوب الموتوسيكل لأول مرة، وهنا وقعت في غرامه وقررت أشتريه». يتذكر شعراوي ما قالته والدته: «مش هجيبلك حاجة تموت عليها، عايز تجيبها اشتغل واشتريها»، يكمل الرجل: «أنا ماكدبتش خبر بدأت أحوش لحد ما اشتريت نوع اسمه «ياماها إكس تى» في سنة أولى في الجامعة، وكان رفيق حياتي لإنى كنت واحد من 3000 شخص حول العالم امتلكوا النوع ده».

شعراوي اختير لمنصب المسئول المالي لمجموعة» «ايجيبت رايدرز»، فهم يجرون انتخابات كل عام لاختيار قائد جديد، وبصفته المسئول عن متابعة الأسعار يشرح كيف أثر الدولار على رحلاتهم: «أسعار قطع الغيار كلها تضاعفت ، الحاجة التي كانت بألف أصبحت بـ2500، ودا انعكس على عدد رحلات الجروب، الفلاتر، الزيوت، فرد الكاوتش، اللبس، الخوذة، الإكسسوارات، كل دا أسعاره بقت مضاعفة، لأننا نشتريه من بره مصر والدفع بيكون بالدولار، وكمان ارتفعت أسعار الفنادق التي نقيم فيها وقت الرحلات، وده أجبرنا على تقليل عدد الرحلات».
كمال
اجري ورا الموت.. يجرى منك


مهمته في المجموعة تبدو هادئة، فهو ينظم الرحلات ويجمع البيانات اللازمة للرحلات الطويلة، لكن صاحب تلك الوظيفة بتلك الملامح الهادئة يخبئ وراءها الكثير من الشغف والعشق تجاه الدراجات النارية والسرعة.. هشام كمال المدير الإداري للمجموعة، بدأت قصته منذ سنوات قليلة، لكنها كانت كافية ليكون أحد أكثر «البايكرز» جنونا وهوسا. الفارق بين الدراجة النارية والسيارة كبير، فمتعة قيادة الدراجة أفضل بكثير، حسبما يؤكد «كمال»، فالسيارة تكون بداخلها، على العكس من الموتوسيكل، الذي يعانق الهواء والطريق بجسده، إضافة إلى السرعات العالية للدراجة مقارنة بالسيارات: «بحب السرعات فيختار أكتر طريق سريع خالي من العربيات، وأسوق على سرعات عالية 250 أو 300 كيلومتر في الساعة.

دائما ما تعارضه والدته على قيادته الدراجات النارية، حتى إنها لا تستطيع النظر إلى الموتوسيكلات عندما تزور ابنها في منزله، خوفا عليه من التعرض للحوادث، لكن زوجته لم تعد تخشى ذلك، فقد تعودت على ذهابه إلى رحلات السرعات العالية. تعرض «كمال» إلى حادثتين مؤلمتين، إحداهما سببت له شرخا فى عظام إحدى قدميه، أما الأخرى فقد كانت على سرعة 299 كم/ساعة، عندما انفجر الإطار الخلفي لدراجته النارية، وحينها بدأ «كمال» ينطق بكلمات الشهادتين استعدادا للموت، لكن لم يكن مقدرا له الموت في ذلك اليوم ونجا بأعجوبة مع بعض الكدمات: «الحادثتين جعلوني أحس بالخطر، وكأن ربنا يعتلى إشارة عشان أخلى بالى لأن عندي بيت وعيال».

«نفسي أشوف ابني يستمتع بركوب الموتوسيكل مثلما استمتعت أنا به».. وعلى العكس من الرأي المنتشر بين «مهاويس الموتوسيكل»، بأن يبعد ابنه عن ذلك الشغف، نظرا لما يحويه من مخاطر، فإن «كمال» يقنع ابنه بأنه سيمنحه إحدى دراجاته النارية، حالما يكبر ويتعلم القيادة، لكنه يؤكد أهمية أن يتعلم جيدا قبل البدء فى ركوب الدراجات: «بقول لإسماعيل، ابني عنده 7 سنين، إني بحب الموتوسيكل زى ما بحبه، وسأعطيه له بعد أن يتعلم ويبدأ يركب تدريجيا حاجات صغيرة، وسوف أتأكد أنه لم يركب شيئاً أعلى منه، لأنه يسبب حوادث كثيرة».

نجيب
«بايكر» في مهمة وطنية

كان عمره خمسة عشر عامًا حين وبخه والده بسبب حبه للموتوسيكلات ورغبته الدائمة فى تعريض نفسه للخطر، محمد نجيب الذي بلغ عامه الخامس والأربعين، ومازال والده يعارض هوايته ويراها خطرًا يمشى على قدميه. نجيب أحد أعضاء فريق «إيجيبت رايدرز» نائب رئيس المجموعة، انضم إليهم في بدايات التأسيس قبل خمسة أعوام، لكن قصته مع الموتوسيكلات بدأت منذ الطفولة، مع الـ «بيبى هوندا» وسيزوكى 80، وظل يبحث عن الرفقة المناسبة حتى وجدها.

يتحدث عن تجربته مع المجموعة: «نسير على الطريق بنظام ونلتزم بالسرعات المحددة، وعندنا مسئول للأمن، يتأكد من سلامة الجميع من جميع الجوانب الجسدية والقانونية والميكانيكية، حتى لا يتعطل في الطريق أو أحد يتعرض للخطر».

يحرص أعضاء «إيجيبت رايدرز» على ارتداء ملابس باللون البرتقالي لتميزهم وسط السيارات على الطرق السريعة، على العكس من باقي راكبي الدراجات البخارية، الذين يفضّلون اللون الأسود. اتخذ نجيب من هوايته سبيلًا لخدمة بلاده، فيذهب إلى المحافظات التى يخشاها الأجانب، مثل سيناء، ليتأكد الجميع أن مصر آمنة بالكامل، يوضح: «البايكرز لا يذهبوا إلى طريق إلا لو آمن بشكل كامل، والأجانب يبقوا فاهمين النقطة دى، فمعنى إننا نروح مكان نتأكد إن المكان ده والطريق ده على أعلى درجة من الأمان. «إيجيبت رايدرز» لا يمنعون أي شخص من الانضمام إليهم، لكن على المتقدم أن يخضع لمقابلة شخصية، وتجربة قيادة.


صدقي
أكبر الأعضاء سنًا ورّث حب المغامرة لابنته


قبل 30 عامًا دخل هشام صدقي أبواب الجامعة على ظهر دراجة نارية من نوعية «هوندا»، التفت الجميع إليه مذهولين من مشهد يرونه للمرة الأولى، فلم تكن مصر تألف الدراجات النارية إلا في الأفلام السينمائية.

هشام الآن في الخامسة والخمسين من العمر، ومازال عاشقًا للموتوسيكلات، بشغف يفوق الشباب.

قديما كانت سرعة الدراجات النارية لا تتخطى الـ80 كيلومترًا في الساعة، لذلك لم يخش الوالد من اقتناء ابنه دراجة نارية، وكان أقصى ما يمكن فعله هو الذهاب إلى أحياء أو مناطق مجاورة، وما لبث أن اشترى دراجة نارية جديدة، يستطيع السفر بها إلى الإسكندرية وطريق مطروح: «كنت أخد زوجتي لفة في المهندسين أو في الزمالك، وبعدها سافرت فترة أمريكا كنت بسافر بين الولايات المختلفة بالموتوسيكل».

يوضح «أكبر قائد دراجات في المجموعة»: «قبل 2010 لم تكن لدي فكرة حب الموتوسيكلات موجودة في مصر مثل هذه الأيام لكن بعد الثورة بدأت في الظهور والشباب حبوا الفكرة، لكن كانت منتشرة في أمريكا وبعض الدول العربية من زمان»، مضيفًا أنه اختار الانضمام إلى (إيجيبت رايدرز) بسبب تنظيمهم وطريقة تفكيرهم، واحترامهم للناس وللقواعد المرورية».

يمتلك «صدقي» العديد من الدراجات التي استخدمها على مدار حياته، ويسميها «حبيباتى»، ويضعها فيما يشبه المتحف، لكن المميز فى حياة الرجل الخمسينى هو أن ابنته ورثت حب الدراجات النارية، حتى إنه اشترى لها دراجة «سكوتر»، حيث انضمت إلى إحدى مجموعات عشاق الموتوسيكلات، لتنطلق في رحلات هي الأخرى.



الشيخ
«مسئول تمام» الخوذة والجوانتى وواقي الرقبة


لكل مجموعة قائد، ولكل قائد مساعدوه، ولكل مساعد وظيفة محددة لا يحيد عنها، ووظيفة الأمن والأمان، في مجموعة «إيجيبت رايدرز»، من نصيب محمد الشيخ، لأن الأمور الأمنية من مهام عمله، لكن هذه المرة لن يحمى أفرادًا عاديين، وإنما عشاق قيادة الدراجات النارية.

اشترى «الشيخ» أول موتوسيكل عام 2009، ومنذ تعيينه مسئولا أمنيًا بات المسئول عن الاهتمام بكل التفاصيل المتعلقة بسلامة الركاب والمركبات، خلال الرحلات والمغامرات التي تخوضها المجموعة.

يتحدث الشيخ عن طبيعة عمله قائلا: «الأمن هو مجال شغلي، وعشان كدا وظفته في ركوب الموتوسيكلات، بهتم بكل التفاصيل، وأهمها أمن الأفراد والدراجات النارية، لازم أعضاء الحروب يكونوا ملتزمين بتعليمات الأمان قبل أي رحلة، يكونوا حفظينها وعارفين طريقة تطبيقها بشكل جيد».

من مهام المسئول الأمني أن يتأكد من إحضار الفريق لكل الملابس الواقية، قبل الانطلاق، ابتداءً من الرأس حتى القدمين، المتمثلة فى الخوذة، الجوانتى، واقي الركبة، الحذاء، والأهم من الاستعدادات اللوجستية للفريق هي التهيئة النفسية. فقائد الدراجة عليه أن يكون مستعدًا نفسيًا وجسمانيًا للرحلة الطويلة، وأن يكون بعيدًا كل البعد عن التوتر والإجهاد. «الحالة الميكانيكية للموتوسيكل مهمة جدًا، لازم أتأكد من جاهزية الكاوتش، والأنوار، والمرايا، ومن وقت للتانى بتابع عملية تغيير الزيت، وقبل كل مشوار طويل نعمل صيانة كاملة للموتوسيكلات، لنتفادى أي عطل على الطرق» هكذا شرح «الشيخ» الاحتياطات التي يتخذها قبل بدء الرحلة، مضيفًا: «حادثة بسيطة لفرد واحد من المجموعة، قد تلغى الرحلة بأكملها، وتؤثر سلبًا على باقي أعضاء الفريق»