رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«بغبغانات» في المحكمة!


الهدف، كما فهمت، هو محاولة افتعال قضية من لا شىء!

وربما يكون للقضية المفتعلة استخدامات أخرى وأهداف خبيثة أو طيبة، أترك لمحبى «نظرية المؤامرة» البحث عنها. أما أنا، فما كنت سأتوقف عند «الهلاوس» الإسرائيلية مرة ثالثة، لولا قيام بعض «البغبغانات» التى تردّدها بجعلها موضوعًا لدعوى قضائية، ولولا احتمالية انسياق طيبين «ومشّيها طيبين»، وعليه سأحاول أن أجيب عن عدد من الأسئلة فرضها ما تردّد من «هلاوس»:



هل الحرب على الإرهاب فى سيناء «مزعومة»؟!

وهل باسم تلك «الحرب المزعومة» تم «تفريغ رفح من سكانها، وتهجير أهلها قسريًا، وهدم منازلهم، وحرق أشجارهم بزعم إنشاء منطقة عازلة لتستخدم فى تلك الحرب المزعومة»؟!

وهل «شُنّت حملة عسكرية لتحقيق هذا الغرض منذ أكتوبر 2014»؟!

وهل «لم يعد أهالى رفح لديارهم أو حقولهم، ويبدو أن المخطط هو ألا يعودوا إليها مرة أخرى»؟!.

وهل كانت هناك أى إشارة، قريبة أو بعيدة، إلى سيناء أو إلى اتفاق تبادل أراض بين مصر والإسرائيليين فى المؤتمر الصحفى الذى عقده الرئيس الأمريكى مع رئيس الوزراء الإسرائيلى خلال زيارة الأخير إلى واشنطن؟!

وهل يمكن الخروج بشىء أو تأسيس أى شىء على ما كتبه «وزير إسرائيلى بلا حقيبة.. ترجمتها بالعربية: سوف يتبنى ترامب ونتنياهو خطة الرئيس المصرى السيسى بإقامة دولة فلسطينية فى غزة وسيناء بدلاً من الضفة الغربية»؟!.

وهل يسعى البعض إلى «منح الفلسطينيين جزءًا من سيناء تتم فيه إعادة توطين الفلسطينيين به مقابل حصول مصر على جزء من صحراء النقب وبعض المميزات الأخرى»؟!.

وهل اتفاق المشاركة المصرية الأوروبية «يتيح توطين مواطنى دولة ثالثة بالأراضى المصرية دون الإفصاح عن جنسية هذه الدولة»؟! وهل فعلًا تضمنت المادة رقم «69» من الاتفاق ما يشير إلى أو يوحى بـ«السماح بتوطين مواطنى دولة ثالثة بالأراضى المصرية»؟!

ما بين التنصيص نقلته من مواقع إلكترونية، تحت مستوى الشبهات، زعمت أنه جاء فى طعن تقدم به أمام مجلس الدولة عدد ممن وصفتهم تلك المواقع بـ«المحامين الحقوقيين والسياسيين»، وذكرت أنهم طالبوا فيه بوقف تنفيذ ما قالوا إنها «مخططات إعادة توطين الفلسطينيين بأراضى شبه جزيرة سيناء»!

وهيا نلهو ونلعب، ونحاول الإجابة عن الأسئلة التى تمنعنى أسباب قانونية وأخلاقية من الإجابة عن ثانيها وثالثها، كما لن أجيب عن أولها، لأن ليس لدى حذاء قديم ورخيص «أى جزمة قديمة ورخيصة»، وإن كنت لا أعتقد أن «عاقلًا» يمكنه وصف الحرب التى تخوضها «قواتنا المسلحة» ضد الإرهاب فى سيناء بأنها «حرب مزعومة»، إلا إذا كان إرهابيًا أو متواطئًا مع الإرهابيين، أو يردّد، بلا فهم، ما «يبصقه فى فمه» من يحركه ويحرّكهم!

وعن السؤال الرابع، تكفى الإشارة إلى أن آلاف أهالى رفح والشيخ زويد، بدأوا بالفعل يوم الأربعاء 23 نوفمبر الماضى، فى العودة إلى ديارهم، بعد أن سيطرت قواتنا المسلحة بالكامل على المناطق التى كانت معقلًا للإرهابيين طوال سنوات، وبعد أن ساعد إخلاؤها فى هدم وردم مئات الأنفاق التى كان يستخدمها الإرهابيون لتهريب الأسلحة والهرب من وإلى داخل سيناء، وأنقل عن صديقنا العميد خالد عكاشة، وهو الخبير الأمنى المرموق، أن خطوة إعادة الأهالى جاءت تتويجًا للنجاح الأمنى والعسكرى فى الحرب ضد الإرهاب.

و«الكرة» فى ملعب صديقنا الدكتور إبراهيم مجدى، استشارى الطب النفسى، ليحاول أن يفسّر كيف استنتج هؤلاء أن الرئيس الأمريكى تحدث عن شىء يخصنا «يخص مصر» فى المؤتمر الصحفى المشار إليه، والذى لم يرد فيه ذكر مصر، ولو لمرة واحدة، والتفريغ الكامل للمؤتمر منشور على الموقع الرسمى للبيت الأبيض.

ولعل ما يجعل مهمة الدكتور إبراهيم أكثر صعوبة وتعقيدًا، هو أن صحفيين سألوا رئيس الوزراء الإسرائيلى، فى واشنطن، عن «تغريدة» أيوب قرا، وهو الوزير الإسرائيلى الذى بلا حقيبة، فأجابهم بأن «‏هذه الفكرة لم تكن مطروحة ولم يتم بحثها بأى شكل من الأشكال ولا أساس لها».

وكنت قد تناولت «تغريدة» أيوب قرا وتتابعاتها، فى مقالين سابقين: «هلاوس إسرائيلية ترددها بغبغانات» و«العبيط وزيرًا»، وأوضحت فى المقالين أن محتوى تلك «التغريدة» سبق أن تداولته وسائل إعلام عربية ومصرية للأسف، نقلًا عن وسائل إعلام إسرائيلية، فى 2014 و2016، وتم نفيه بشكل قاطع فى المرتين، مصريًا وفلسطينيًا، كما نفاه الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى، بشكل قاطع وواضح لا لبس فيه، صوتًا صورة، فى «يوم المعلم، 8 سبتمبر 2014». كما أوضحت أن مسئولين فلسطينيين، كشفوا أو فضحوا أن هذا العرض سبق أن طرحه الرئيس المعزول محمد مرسى ورفضه الرئيس محمود عباس.

أما عن اتفاق المشاركة المصرية الأوروبية، الذى زعم من قيل إنهم «محامون» أن مادته رقم «69» تتيح أو تسمح بـ«توطين مواطنى دولة ثالثة بالأراضى المصرية»، فلا يخرج هذا الزعم، فى تصورى، عن كونه «هرتلة» أو «هلاوس»، ربما نتجت عن جهل أو عن شىء آخر، لأن ذلك، إن صحّ، سيكون متاحًا ومسموحًا لـ«مصر» هى الأخرى، أن تقوم بتوطين مصريين أو مواطنين من دولة ثالثة فى دول الاتحاد الأوروبى!

فهل هذا معقول؟! غدًا، أحاول الإجابة.