رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قال إن «حاجة المملكة للجماعة فى سوريا واليمن ربما تدفعها للتدخل لدى النظام فى مصر»

خالد الزعفرانى: «عزت» يراهن على دور سعودى لإعادة «الإرهابية»

خالد الزعفرانى
خالد الزعفرانى

«حازمون» وعناصر السلفية الجهادية يقودون تيار العنف داخل «الإخوان».. و«حسم» تتلقى تدريبات فى السودان وليبيا «الإخوان» تمارس نشاطها فى حدود ض

على خلاف كل أبناء جماعة والإخوان الذين تحدثوا إلى «الدستور» يرى خالد الزعفرانى، أن مشروع الإسلام السياسى انتهى بالسقوط الفعلى لجماعة الإخوان، وأنه لا أمل سوى ما سماه «إسلامًا شعبيًا»، يقبل كل الأطراف ولا يخاصم الدولة.
«الزعفرانى» الذى عاش مع أعضاء الإخوان فى الدوحة بعد عزل رئيسهم محمد مرسى، أكد أن الأجهزة القطرية تحدد حركة أبناء الجماعة. وكشف عن العديد من المعلومات عن حراك وأهداف الأطراف المتصارعة داخل الجماعة، ومصير التنظيم بشكل خاص، والإسلام السياسى بشكل عام.. وإلى نص الحوار:
■ كيف تقضى العناصر الإخوانية أمورها التنظيمية فى ظل القبضة الأمنية التى تعيشها البلاد لمواجهة العمليات الإرهابية؟
- جماعة الإخوان حصلت على مساحات واسعة، وأطلقت لها الأنظمة السياسية حرية كبيرة فى التحرك والعمل تحت الأرض، منذ أيام حكم الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وتزايدت هذه المساحات ورقعة عمل الجماعة فى ظل حكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك، وبرغم نجاحها فى إحراز تقدم كبير على مستويات عدة، عندما سيطرت على العمل النقابى فى مصر، إلا أن هذا الحراك وهذه المساحات جميعًا تظل تحت القبضة الأمنية المحكمة، فالأجهزة الأمنية لم تكن لتعطى الجماعة تلك المساحة التى حرمت منها أحزابًا وتيارات أخرى، لولا أنها اخترقت التنظيم وكانت على دراية تامة بكل كبيرة وصغيرة.
وفى هذه الأيام، لا تستطيع جماعة الإخوان ممارسة أنشطتها سوى فى حدود ضيقة للغاية، بعدما واجه التنظيم ضربات قوية جعلته يخسر نسبة كبيرة من المنتمين إليه، فإلى جانب الأعداد التى ألقى القبض عليها، وتلك التى هربت من مصر بعد عزل محمد مرسى، هناك أعداد أخرى لم تعد تؤمن بالبقاء داخل التنظيم، ورحلت عنه لعدم ثقتها فى صناع القرار وفقدانها الأمل فى إحراز أى نجاحات.
■ وما مخططات الجماعة للمستقبل؟
- جماعة الإخوان تواجه تحديات ومشاكل داخلية كبيرة فى هذه الآونة بسبب الخلافات بين تيار الحرس القديم الذى يقوده محمود عزت، والتيار الصاعد المتمثل فى الشباب ومؤيدى العمل النوعى ضد السلطة، وهذا الصراع، بالإضافة إلى النجاحات الكبيرة التى حققتها الدولة فى مواجهة التنظيم، يجعل الجماعة لا تفكر سوى فى هدف واحد، وهو الاستمرار وحماية التنظيم من الزوال، ويظن أعضاء الجماعة التابعون لهذين التيارين أنها قادرة على عبور الأزمة، وأنها ستنجح فى الحفاظ على تماسكها وترابطها.
■ ما مساعى محمود عزت والحرس القديم خلال الفترة المقبلة لمواجهة النظام؟
- محمود عزت ومجموعته يعملون أولا على السكون والهدوء التام وعدم الدخول فى أى صراع من أى نوع مع الدولة، لحين لملمة الجماعة والإبقاء على التنظيم وتقليل دائرة الخصومات؛ ويتوهم عزت أن النظام قد يحتاج للجماعة فى فترة ما مع حدوث تغييرات سياسية ودخول تعديلات كبيرة على المشهد، والسبب فى ذلك حاجة المملكة العربية السعودية للجماعة فى اليمن وسوريا فقد تتدخل المملكة لدى النظام فى مصر ويراهن عزت على احتمالية حدوث فراغ سياسى لن يملأه سوى الإخوان فى غياب تواجد الأحزاب السياسية.
■ لكن بعيدًا عن أى نظام.. قطاعات كبيرة من الشعب لفظت التنظيم ولا تقبل بعودته.. ألا يدرك قادة الجماعة ذلك؟
- لا يدركون ذلك، ويعتقدون فى مظلومية الجماعة، وهو السلاح للعودة من جديد كما كانت فى الماضى، لكنها اصطدمت مع الشعب فى الآونة الأخيرة، ولم يعد مقبولا أن تعود بنفس الشكل الذى كانت عليه.
■ وما هى مساعى التيار الصاعد؟
- أولاً تعمل اللجان النوعية والإلكترونية لجماعة الإخوان على إثارة ضوضاء وضجيج أكثر مما هو واقع، فى محاولة لهز صورة مصر أمام الرأى العام العالمى، ويسعون لتكوين وإنشاء تحالفات سياسية مع بعض القوى السياسية الأخرى التى تمثل معارضة النظام الحاكم انتظارا لحالة ثورية شعبية قد تظهر ضد السلطة، أو لخوض أى معركة سياسية مقبلة، لكنها محاولات فاشلة ولن تفلح لأنها مجموعة محدودة وأدواتها غير فاعلة كما يتوهم البعض.
■ وما الخطط المستقبلية لتيار الإرهاب داخل الجماعة الذى أسسه محمد كمال؟
- هذه المجموعات تهدف لمواجهة النظام بعمليات اغتيالات وتفجيرات طوال الوقت، وتتكون من شباب متحمس لم يكن ينتمى تنظيمياً للجماعة قبل رابعة العدوية، ومعظمهم يتبعون الشيخ حازم صلاح أبوإسماعيل وجماعات السلفية الجهادية الأخرى، والجماعة أخطات خطأ عمرها عندما اعتمدت عليهم وفتحت الباب أمامهم، بخطابها التحريضى من منصة رابعة العدوية، فكان من الضرورى أن تغير الجماعة خطابها لتجنب ما تعيشه اليوم، كما فعلت أيام السادات، وهذه المجموعات خرجت عن الهيكل الإدارى وسيطرة التنظيم، لكنها صغيرة ومحدودة التأثير، وستنقسم إلى مجموعات كثيرة؛ لأن طبيعة المرجعية والأفكار القطبية هى الانشقاق والانشطار، ومن السهل للأمن اختراقها والقضاء عليها، فلن تمثل خطرًا على مصر.
■ وأين تتواجد هذه العناصر؟
- بوصول المجموعة القطبية لمراكز صناعة القرار فى مكتب إرشاد الإخوان ومجلس الشورى، وتحكم مجموعة محمود عزت ومحمود حسين ومحمد بديع ومحمود غزلان وخيرت الشاطر، وجميعهم يؤمنون بالفكر القطبى، فإن الجماعة فتحت أبوابها أمام اتجاهات قطبية أخرى من خارج الجماعة، ومنحت القيادة فى كل المحافظات للعناصر المنتمية إلى نفس المدرسة التكفيرية، وأصبحت محافظات دمياط والفيوم والصعيد والسويس منابع للإرهاب.
■ لماذا الفيوم بالتحديد تشهد تواجد عناصر متطرفة بهذه الغزارة؟
- السبب الرئيس يعود إلى جماعة الشوقيين التابعة لشوقى الحاج الذى قتل عام 1990 لكنه ترك جيلا يؤمن بالتطرف والعنف ومواجهة الدولة بالسلاح، ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى ارتكب خطأ كبيرا عندما أفرج عن الشوقيين بعد صعود الإخوان الكبير فى الفيوم، حينما فازوا بمقاعد البرلمان بالفيوم فى انتخابات 2005، فأراد الإفراج عن الشوقيين لمواجهة الإخوان هناك، فزادت حدة التطرف فى هذه المناطق.
■ هل توجد معسكرات تدريبية للعناصر الإرهابية فى مصر؟
- لا أعتقد ذلك لأن العناصر الإرهابية تحتاج لبيئة جبلية وأماكن خالية من التواجد الأمنى، وهذا غير متوافر فى مصر، والعناصر التابعة لحركة داعش تتدرب فى غزة، أما حسم وغيرها من الحركات التابعة للجماعة فتتلقى تدريباتها فى ليبيا والسودان.
■ كم مكتبًا إداريًا تحت سيطرة محمود عزت؟
- بشكل عام، محمود عزت يحكم المكاتب الإدارية فى جميع المحافظات بشكل كامل، عدا جزء صغير، وله تواجد أيضا فى المكاتب الإدارية التابعة للتيار الصاعد الذى لا يتحكم سوى فى أجزاء صغيرة من بعض المكاتب الإدارية، وهذه المجموعة لا تستطيع التأثير على الأرض ولا تمتلك أى أدوات سوى الكلام عبر مواقع التواصل الاجتماعى والحديث عبر وسائل الإعلام، ولو سُحبت منهم هذه الوسائل فلن تجد هذه المجموعات من الأساس.
■ وماذا عن انتخابات مجلس الشورى الذى انتخبته تلك المجموعة؟
- غير صحيح، ولا يوجد داخل جماعة الإخوان سوى مجلس شورى واحد تحت سيطرة عزت، ومن انسحبوا لا يستطيعون تكوين مجلس شورى جديد، حتى لو أجروا انتخابات وهمية، مثل تلك التى تحدثوا عنها وروجوا لاجتماعات فارغة لا أثر لها فى محاولة لكسب نقاط فى مواجهة التيار الآخر وكسب مؤيديه، لكن ذلك لا يحدث على الأرض ويتعارض معه تمامًا.
وهذه المجموعة ستنتهى فى أقرب وقت، طالما تمسكت بالعمل الثورى، وهذه ليست المجموعة الأولى، فسبقها عام 1949 مجموعة شباب محمد التى اختلفت مع التنظيم وكفرت قادته ودخلت فى صدام مع الدولة والمجتمع ولم تدم طويلاً.
■ مَن داخل الإخوان يمتلك مفاتيح التواصل مع الغرب .. وما هى مطالبهم فى المنافذ الدولية؟
- تيار عزت هو المتحكم بشكل كبير فى التواصل مع المجتمع الغربى، وإبراهيم منير هو من يقوم بهذه المهمة، ويسعى لتبرئة ساحة الإخوان من تهمة الإرهاب التى تلاحقهم فى كل مكان وتهدد وجودهم وسط المجتمعات الغربية؛ لذلك تجده طوال الوقت يتحدث عن سلمية الجماعة وابتعادها عن دائرة العنف والإرهاب وتبنيها مناهج سلمية ديمقراطية تتعايش مع المختلفين معها فكرياً وعقائدياً وثقافياً.
■ هل تخلى الغرب عن الإخوان بسقوط مرسى وفشل مشروعها مبكراً؟
- بريطانيا ترتبط بالإسلام السياسى ارتباطا استراتيجيا، وحقق لها انتصارات فى محافل عديدة ولن تخسر هذا التيار، وإن أظهرت خصومتها معه فهى تستخدمه كورقة لتحقيق أغراضها فى أماكن كثيرة، لذلك سيبقى التنظيم قويًا هناك.
■ بعض الخبراء يتوقعون خروج حركة إسلامية جديدة تختلف مع الإخوان فى الفكر والمنهج لملء الفراغ؟
- غير صحيح بالمرة، فلن تظهر أى جماعة تنتهج الإسلام السياسى مرة أخرى، وأى حركة تخرج من رحم جماعة الإخوان مصيرها الفشل، وتمثل خطرًا على المجتمع المصرى، وأنوه هنا إلى أن القيادات التى انشقت عن التنظيم وتنتقده فى كل وقت وتتهمه باتباع الأفكار المتطرفة كانت أكثر تطرفاً، وخلافها مع القيادات الحالية كان خلاف سلطة، ولو أتيحت لها فرصة قيادة الجماعة لأقبلت على نفس القرارات التى أقبل عليها محمود عزت وخيرت الشاطر، لذلك هذه العناصر غير صالحة لتكوين مجموعات جديدة، والأمل الحقيقى فى «إسلام شعبى» يخرج من الشارع، يكون إسلاما متعايشا مع الجميع، لا يصارع أى طرف ولا يخاصم الدولة ويعمل تحت مظلتها ورعايتها، ولا يمكن بأى حال من الأحوال أن يكون منافساً للنظام السياسى أو يطرح نفسه بديلاً له.
■ لكن هناك جماعات منتمية للإسلام السياسى لا تزال تجد مساحة للعمل.. هل تمثل خطرًا؟
- كل من يؤمن بأن الإسلام لا يقوم سوى بالجماعة، يمثل خطرا على المجتمع ولا يصلح أن يعمل مع الشعب، فلو نظرت للجماعة فى المغرب ستجدها اختلفت مع أفكار التنظيم هنا وتخلت عن الصراع مع أى قوى، وكذلك تحاول الجماعة فى تونس التى تشهد صراعا حول التحول إلى حزب سياسى أو الإبقاء على الحال الذى تعيشه فى المرحلة الحالية.
■ ما مصير الإسلام السياسى؟
- فى مصر لا يوجد مستقبل للإسلام السياسى، وأى محاولة لنشوء تيار جديد لن تجد أرضية وشعبية وجماهيرية سوى فى أرضية الإخوان ومحبيها، وهذه الأرضية تشبعت بالأفكار المتطرفة وكراهية المجتمع والصدام مع الدولة وتهديد نظامها، وأعتقد أن كل من يدور فى فلك الإخوان سواء خرجوا منها أو استمروا لا يصلحون للعمل السياسى.
■ هل هناك دور لقادة السجون فى قيادة الجماعة؟
- لا يزال خيرت الشاطر ومحمود عزت الحاكمين لجماعة الإخوان، ويضعان الإطار العام لتحرك الجماعة فى الداخل والخارج، وما زال محمد بديع مرشدًا رمزيًا للجماعة رغم انتقال كل صلاحياته وسلطاته إلى محمود عزت الموجود خارج السجن.
■ هل تمثل حركة «حسم» تهديدًا قويًا للدولة المصرية؟
- «حسم» ليست حركة قوية، والمعهود أن العمل الإرهابى سهل جداً أن تؤلمه من خلال «شكة دبوس»، ومواجهة تلك الحركة لن تكون صعبة على الأجهزة الأمنية المصرية التى اعتادت على مواجهة تلك الجماعات منذ أزمنة بعيدة، ونجحت فى كل مرة فى إسقاط هذه المجموعات، وهذه المرة ستكون أسهل، وهذه المجموعات ستتفكك قريباً ولن يكون لها أى تواجد فعلى على الأرض المصرية.
انتخابات شورى الجماعة «وهمية» و«جناح العواجيز» يحكم المكاتب الإدارية

الجماعة تسعى للتحالف مع القوى السياسية المعارضة للنظام
عشت مع الإخوان فى قطر بعد عزل مرسى.. كيف يقضون أيامهم؟
التليفزيون هو السبيل الوحيد لهم، وهم يتحدثون للحصول على الأموال فقط، والجميع يتوهم أن أبناء الجماعة وقادتها يتمتعون بحرية التنقل والتعايش فى قطر على خلاف الحقيقة، فحركة الجماعة مقيدة وكل خطوة لهم من خلال السلطات ولا يستطيعون أن يقوموا بأى شىء داخل البلاد إلا بعد إبلاغ السلطات، لدرجة أن عناصر تابعة للجماعة نظمت حفلاً فى إحدى المرات دون استئذان السلطة القطرية، فكان مصيرهم جميعاً الترحيل من الدوحة خلال أقل من 24 ساعة.
وبالنسبة لتركيا فهناك صعوبات أيضا فى التعايش لأفراد الجماعة وعناصرها فى تركيا بسبب عوامل اللغة والثقافة، فضلاً عما يعانيه نظام أردوغان من معارضة سياسية وغربية لدعمه الإسلام السياسى واستقباله العناصر الإخوانية وفتح الأبواب أمام المتطرفين، ما يجعل عناصر الإخوان أيضا غير مرتاحين فى التواجد داخل تركيا، وهم يرتاحون بشكل كبير فى لندن وغيرها من البلدان الغربية عن تركيا، ويسافرون كثيرًا إلى بلاد أوروبية وبلاد شرق آسيا، ولا ينعمون بالحياة التى يتخيلها البعض.