رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جيتوهات الإخوان في 10 محافظات.. أين يعيش فلول الإرهابية الآن؟

جريدة الدستور

رغم ما حققته الضربات الأمنية المكثفة على معاقل الإرهاب من نجاحات، فإن المعركة مع مثل هذا النوع من الخلايا والتنظيمات ممتدة، تعتمد على النفس الطويل، ويزيد من شراستها ذلك الدعم اللا محدود لتلك التنظيمات من الخارج فى ظل ظرف إقليمى ودولى شديد التعقيد. داخل كل محافظة بقيت هناك مجموعات وخلايا نائمة أحياناً ونشطة أحياناً أخرى تقوم على تنفيذ وتخطيط العمليات التى تستهدف ضرب الاستقرار، وجدت هذه المجموعات فى العناصر الخارجة على القانون وعصابات تهريب السلاح ضالتها، وفى المناطق النائية فى المحافظات يتزايد تواجد وأنشطة هذه التنظيمات، التى لا تجد مانعاً شرعياً ولا أخلاقياً من إراقة الدماء ما دامت ملايين الجنيهات تنتظرهم.

«الدستور» من خلال السطور التالية تلقى الضوء على أبرز وأهم مناطق تمركز التنظيمات الإرهابية فى المحافظات لترسم فى النهاية خريطة تحركات وتكتيكات تلك التنظيمات فى محاولة لتضافر الجهود فى مواجهة هذه البؤر والخلايا.


الدقهلية.. الشبول عاصمة التفجير الأولى

تعد الدقهلية من المحافظات التى يحظى فيها الإخوان بتواجد ملحوظ، لارتباط حدودها مع 5 محافظات أخرى بها نشاط إخوانى كثيف، ولطالما خرج منها قيادات وأعضاء وعناصر إرهابية خطرة.

ويعد مركز ميت غمر من أبرز المراكز الـ21 الذى يسهل فيه اختباء العصابات والإرهابيين فى عدد من قراه الملاصقة للشرقية، إضافة إلى وجود فرع النيل الفاصل بينها وبين محافظة الغربية، وأبرز تلك القرى: هلا، والحاكمية، والرحمانية وسنفا، وكفر حجازى، وتفهنا الأشراف، والأخيرة شهدت عملية زرع قنابل بخط السكة الحديد، وبجوار كنيسة ميت غمر.

ومن أخطر بؤر الإرهاب والإجرام منطقة «الشبول»، ويتمركز فيها أخطر العناصر الإجرامية، التى تمتلك أسلحة حديثة الصنع، يتم تهريبها عن طريق البحيرة، ويأوى البلطجية إرهابيين داخلها مقابل مبالغ ضخمة، وسبق أن تم القبض على أحد العناصر المشتركة فى مذبحة بورسعيد، التى راح ضحيتها 73 من مشجعى فريق الأهلى. ويضم مركز شربين قرى اشتهرت وعرفت بإخوانيتها، مثل كفر الترعة القديم، مسقط رأس أحد أخطر عناصر المحظورة وهو خيرت الشاطر. ومن أبرز بؤر الإرهاب قرية سنبخت التابعة لمركز أجا، وهى أحد معاقل الإخوان، وخرج منها قيادات إخوانية. ومن القرى الشهيرة المعروفة بإيوائها إرهابيين نفذوا العديد من العمليات، قريتان بمركز نبروه، وهما بهوت ونشا، وقرية أويش الحجر التابعة لمركز المنصورة التى تعد أكبر تجمع إرهابى، حيث انطلقت منها أكثر من عملية إرهابية.


البحيرة.. الدروب الصحراوية ممر الأسلحة الليبية


تعتبر محافظة البحيرة معقلاً من معاقل الجماعة الإرهابية بمصر، وتسعى دائما قيادات الجماعة من الصف الأول للاختباء بها لعدة أسباب منها الطبيعة الصحراوية الهادئة فى عدد من مراكزها، التى ترتبط بظهير صحراوى مع عدة محافظات مجاورة، مما يسهل عملية الهروب. وكشف مصدر أمنى رفيع المستوى، فى تصريحات خاصة لـ«الدستور»، عن قيام بعض الجماعات الإرهابية المتطرفة مثل تنظيم داعش الموجود فى ليبيا بإمداد تنظيم الجماعة الإرهابية فى مصر بالأسلحة عن طريق الدروب الصحراوية المتاخمة للمحافظة، كما يقومون بتخزين الأسلحة والمتفجرات فى سهول الجبال حتى لا يتمكن رجال الأمن من الوصول إليها.

وأشار المصدر الأمنى إلى قيام الأجهزة الأمنية بصفة دورية بشن حملات أمنية مفاجئة على المزارع والشقق المفروشة بمركز بدر ومدينة النوبارية ووادى النطرون ذات الطبيعية الصحراوية الوعرة بجانب تكثيف التواجد الأمنى خاصة بالمدن الجديدة والمناطق الصحراوية المتاخمة لها والتوسع فى الحملات الأمنية المكبرة لمواجهة العنف الجنائى، حيث تم ضبط العديد من التشكيلات العصابية والعناصر الجنائية الخطرة والهاربين من تنفيذ الأحكام.



القليوبية.. العشوائيات ملاذ آمن للتكفيريين

فى محافظة القليوبية، تنتشر المناطق العشوائية فى مدن الخصوص، والعبور، وشبرا الخيمة، والخانكة وشبين القناطر، والمثلث الذهبى، وتستغلها العناصر الإرهابية كملاذ آمن للاختباء عن أعين أجهزة الأمن، والتخطيط لتنفيذ العمليات الإرهابية التى حصدت العشرات من شهداء الشرطة والجيش.

مصدر أمنى رفيع المستوى بمديرية أمن القليوبية، يقول إن الجماعات الإرهابية تستأجر شققًا سكنية فى مناطق عشوائية بمدن شبين القناطر والخانكة والخصوص والعبور دون أن يعرفهم أحد، مشيرًا إلى أن مدينة العبور تعد بوابة الإرهابيين للهروب إلى محافظات الشرقية والإسماعيلية وشمال سيناء، ونقطة ارتكاز حيوية لهم لتنفيذ العمليات الإرهابية.

ومن أشهر الخلايا التى اتخذت من عشوائيات القليوبية بؤرة لها، خلية عرب شركس التى ظلت عدة شهور داخل إحدى الشقق السكنية بمنطقة عرب شركس التابعة لمدينة القناطر الخيرية، دون أن يعرفهم أحد، ونفذوا سلسلة من العمليات الإرهابية المتنوعة حتى تم رصدهم وتصفية 6 إرهابيين وضبط 8 آخرين، واستشهاد ضابطين من القوات المسلحة، وكانوا يعدون لتنفيذ أكبر عملية إرهابية من نوعها، وهى محاولة تفجير المحاكم لإرهاب القضاة الذين ينظرون قضايا جماعة الإخوان الإرهابية.



الفيوم.. مزارع الموالح نقطة انطلاق خلايا العنف
تعتبر مزارع الموالح والمناطق الصحراوية بمراكز محافظة الفيوم أخطر بؤر تستخدمها العناصر الإرهابية نقاط انطلاق لتنفيذ عملياتها ثم العودة للاختباء عن أعين أجهزة الأمن.

فطن فرع الأمن الوطنى بالفيوم لذلك وتمكن من توجيه ضربات أمنية موجعة وكشف العديد من تلك الأوكار، ومنها الوكر الذى كان يتخذه الإرهابى الخطير «حتيتة»، فى مزرعة موالح واقعة بنطاق قرى السليين وفيديمين، وهو من نفذ العديد من العمليات الإرهابية، كان آخرها محاولة اغتيال أحد ضباط الشرطة، إلا أنه لم يمت، ومات بدلًا منه ابنته جاسى وصديقه المحامى، حتى تمكن فرع الأمن الوطنى من تحديد وكر الإرهابى ومساعديه بأحد مزارع الموالح وتصفيته ومن معه فى تبادل لإطلاق النار.

ومن مزارع الموالح إلى المناطق الصحراوية، خصوصًا فى نطاق مركز يوسف الصديق، حيث تتخذ بعض العناصر الإرهابية من تلك الأماكن مرتعًا لها، وشنت أجهزة الأمن عشرات الحملات.



الشرقية.. وادى الملاك وكر الهاربين من سيناء

تنتشر البؤر الإرهابية فى الشرقية، ففى مركز الحسينية، شمالى محافظة الشرقية، وبالقرب من الإسماعيلية، تقع منطقة «سامى سعد» المعروفة بين الأهالى والأجهزة الأمنية باسم «منطقة الشر»، وخرج منها بعض الخلايا الإرهابية، وفيها تم ضبط خلية ينتمى عناصرها لتنظيم «أنصار بيت المقدس» الإرهابى، وصفاهم الأمن فى الحال، وهى منطقة حدودية جبلية، تعد مقرا للمجرمين والعناصر الإرهابية من منفذى الهجمات الانتحارية ومستهدفى أفراد الأمن. وتعد منطقة «وادى الملاك» مأوى للإرهابيين، من جميع المحافظات الأخرى، خاصة جنوب وشمال سيناء، وهى من المناطق الوعرة التى يصعب اختراقها حيث تبلغ مساحتها 88 كيلو مترًا مربعًا، وهى منطقة حدودية تربط بين محافظتى الشرقية، والإسماعيلية، ومدينة العاشر من رمضان.

ومن أشهر الخلايا الإرهابية التى تم ضبطها بمدينة العاشر من رمضان خلية يتزعمها طبيب شرعى، كما تم القبض على خلية يتزعمها طالب بالمعهد العالى للهندسة، نجح فى استقطاب شباب من عدة محافظات، وكون خلية مكونة من 5 أفراد لتجنيد الشباب وبث الأفكار التكفيرية، وتنفيذ أعمال تخريبية فى الدولة.



بني سويف.. المزارع المهجورة بالمناطق الصحراوية مأوى الإرهابيين
تعتبر بنى سويف من معاقل جماعة الإخوان الإرهابية، حيث ينتشر عناصرها فى العديد من قرى ومدن المحافظة، منها الميمون وبنى حدير التابعتان لمركز الواسطى، وأشمنت بمركز ناصر، وتلت وشنرا بمركز الفشن. واتخذ أعضاء الجماعة من المزارع المهجورة فى المناطق الصحراوية والجبلية شرق النيل بالقرب من الطريق الصحراوى الشرقى، مأوى لهم بعيدا عن أعين رجال الشرطة، للتدريب على تنفيذ مخططاتهم الإرهابية. وسبق أن قامت الأجهزة الأمنية بحملات على مناطق تمركز الجماعة سقط خلالها 3 خلايا إرهابية، كان أبرزها فى يونيو من العام الماضى عندما ألقت الأجهزة الأمنية القبض على خلية إرهابية تابعة لتنظيم ولاية سيناء مكونة من 22 إرهابياً نفذوا 13 عملية إرهابية. واعترف المتهمون أمام نيابة بنى سويف بتنفيذ ثلاث محاولات اغتيال لعدد من أمناء الشرطة بالأمن الوطنى وضباط شرطة ببنى سويف، كما شاركوا فى محاولة اغتيال النقيب أحمد جمال، من وحدة مباحث مركز شرطة إهناسيا. أما منطقة جنوب بنى سويف فيتخذ أعضاء الجماعة الإرهابية من المنطقة الصحراوية والجبلية على حدود مركز سمسطا مأوى لهم.




الأقصر.. أصفون منارة الجماعة فى فى إسنا

تعد مدينة إسنا جنوبى محافظة الأقصر البؤرة الأكبر لتجمع أكبر عدد من العناصر الإرهابية فى المحافظة، فالمدينة وقراها كانت تضم مجموعة من نواب مجلس الشعب عن حزب الحرية والعدالة.

ويتمركز أنصار جماعة الإخوان المحظورة بشكل كبير فى قرية أصفون، وكانوا يسيطرون على أحد مساجدها، ويتخذونه مكانا لإطلاق دعوتهم نحو تأييد جماعة الإخوان المحظورة ودعمها، إلا أن مديرية الأوقاف بالتنسيق مع مديرية الأمن تمكنت من إعادة سيطرتها على ذلك المسجد وطرد العناصر الإرهابية.

وما زالت الأجهزة الأمنية تعمل على مطاردة عناصر الإرهابية خاصة الهاربين منهم، والذين صدر بحقهم قرارات ضبط وإحضار وآخرين صدرت ضدهم أحكام قضائية. أما فى منطقة وسط الأقصر فكانت العناصر الإرهابية المنتمية لجماعة الإخوان تحاول السيطرة على مسجد «الإيمان»، وتعمل من خلاله على جذب المواطنين خاصة الشباب، وما ساعد على ذلك هو وجود مقر حزب الحرية والعدالة. وكشف مصدر أمنى، عن أن الجهود الأمنية تمكنت خلال الفترة الماضية من تضييق الخناق على العناصر الإرهابية المتواجدة بالمحافظة، وإلقاء القبض عليهم، بينما تمكن البعض منهم من الفرار للاختباء بالقاهرة والمحافظات النائية.


أسيوط.. شقق مفروشة لإقامة الانتحاريين
تكتيكات جديدة تتخذها عناصر التنظيم السرى المسلح لجماعة الإخوان الإرهابية للاختباء عن أعين ضباط أجهزة الأمن بأسيوط، اختلفت عن مثيلتها إبان حقبة التسعينيات، حيث كان يستغل التنظيم الجهادى المساجد، التى كانت الجماعة تسيطر عليها للاختباء والتخفى واستهداف ضباط الأمن.

وتختبئ أيضا عناصر الجماعة فى مزارع صحراوية يمتلكها أعضاء بارزون، وفى وحدات سكنية مفروشة، ضمن مئات الوحدات المملوكة للجماعة، حيث ضخ الإخوان خلال العشرة أعوام الماضية نسبة كبيرة من استثماراتهم لشراء أبراج سكنية ووحدات مختلفة بمناطق عديدة بمحافظة أسيوط، وتشير التقديرات إلى وجود ما يقارب 230 ألف وحدة سكنية غير مستغلة تم شراؤها برؤوس أموال عديدة. وكشفت أجهزة الأمن خطط الجماعة، وشنت العديد من الحملات التى أسفرت عن استهداف 38 مزرعة بمراكز القوصية وديروط غربا، بالقرب من طرق التهريب إلى الفرافرة على الحدود الليبية، بالإضافة لمزارع بمركز منفلوط، ومزارع منتشرة بجزر نيلية شرق أسيوط بمركز ساحل سليم والفتح والبدارى، ومزارع صحراوية بالقرب من الحدود ما بين أسيوط والبحر الأحمر.


قنا.. تمركزات متطرفة في المغارات الجبلية

تعتبر قنا من أكثر محافظات مصر شهرة ونشاطا فى مجال تجارة الأسلحة، مما جعلها لا تسلم من انتشار المجموعات الإرهابية وتشكيلات مسلحة متفرقة، وتمثل منطقة المغارات الجبلية فى الجبل الشرقى بقنا أكثر أماكن تمركز تجار الأسلحة، ومأوى الإرهابين والهاربين من تنفيذ الأحكام ومن يتولون عمليات إمداد جميع محافظات الصعيد بالأسلحة بشتى أنواعها، ويشهد عدد من مدنها تمركزاً واضحاً للإخوان والجماعات المتطرفة فى فترات سابقة، أبرزها مدن نجع حمادى وفرشوط وقفط وقوص، إلى جانب مناطق داخل مدينة قنا ذاتها. وشهدت قنا خلال الثلاث سنوات الأخيرة قيام عدد من الأفراد والجماعات المنتمين للإخوان وتنظيم داعش الإرهابى، بمعاودة نشاطهم الإرهابى، بعد توقف للعمليات الإرهابية فى قنا دام لأكثر من 20 عاماً. العمليات الإرهابية التى شهدتها المحافظة فى الآونة الأخيرة كانت فى المجمل زرع قنابل بدائية الصنع، بالقرب من المصالح الحكومية ومجمع المحاكم والمستشفيات.

الوادي الجديد.. ممرات وكهوف ومدقات لعبور القتلة
تنتشر الدروب الصحراوية والطرق الجبلية والمدقات بصحراء الوادى الجديد والتى يسلكها المهربون والجماعات الإرهابية لتنفيذ عملياتهم فى العمق المصرى، سواء لاستهداف أكمنة قوات حرس الحدود أو أكمنة الشرطة، وكان آخرها واقعة استهداف كمين النقب الحدودى 16 يناير.

مصدر أمنى كشف لـ«الدستور» أن الجماعات الإرهابية والمهربين يسلكون نفس الدروب الصحراوية والمدقات الجبلية لتنفيذ مخططاتهم الإجرامية، ويختبئون فى الكهوف المنتشرة على الهضاب والجبال العالية بطول الوادى الجديد وتحيط به من جهتى الغرب والشرق.

وأشار المصدر إلى أن منفذى عملية كمين النقب الحدودى جاءوا من الدرب الجبلى القادم من منطقة نجع حمادى، والذى تستغله وزارة الكهرباء فى وضع أبراج الضغط العالى بطول الصحراء لتغذية الوادى الجديد بالكهرباء، وينتهى هذا الدرب قبل 500 متر من كمين النقب الحدودى بطريق الخارجة - أسيوط الأسفلتى، ثم يتوجه الإرهابيون شرقًا ليصبحوا على الطريق الأسفلتى من ناحية واحة الخارجة، حتى موقع الكمين بنقطة الكيلو 67 بالطريق.