رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في حوار لـ"الدستور".. إسلام بحيري: المسيحيون ليسوا كفارًا بنص القرآن

إسلام بحيري
إسلام بحيري

الأزهر تحول لمؤسسة كهنوتية تعتبر نفسها فوق الدولة.. وهى فى طريقها إلى الزوال
إذا كان زيدان وجويدة لا يحبان أفكارى فهذا شرف لى


واصل الباحث إسلام بحيرى هجومه الحاد على مؤسسة الأزهر وشيوخها، واتهمها فى الجزء الثانى من حواره مع «الدستور» بالتحول إلى الكهنوتية، والتوغل فى الحياة المدنية بكل المجالات، بشكل يعكس إحساسها بأنها أصبحت فوق الدولة. مؤكدًا أن هذه الهيمنة ظاهرية، ففى الحقيقة يبدو الأزهر فى طريقه إلى الزوال.

وتساءل «بحيرى»: إذا كانوا يعتبروننى بلا وزن ولا قيمة، فلماذا يخافون من شعبيتى ويلاحقون برنامجى ويحرضون صبيانهم على النيل منى؟ لماذا «ركبهم خبطت فى بعضها» بعد حلقة المناظرة مع د. سعد الهلالى؟، مردفًا: لقد أحسوا بأن الناس تستمع لكلامى، وتقتنع به.

وأكد «البحيرى» أن الأزهر لم يتخلص من الإخوان والسلفيين، «على العكس تمامًا فقد تم دمجهم داخل المؤسسة، حتى أصبح صوتهم هو الصوت المسموع المتحكم فى الناس ومهاجمتهم ورفع القضايا عليهم».

■ هناك اتهامات توجه إليك بأنك تفتى دون علم، بل لمجرد قراءة بعض كتب التراث. تسعى لهز الثوابث دون أن تملك ثوابت حقيقية. تكتفى بإثارة الجدل بمجموعة من القصص المنسية فى كتب التراث، وإنك كنت تستبعد من فريق إعداد برنامجك كل صاحب فكر، وما السجن سوى محطة لتحقيق مكاسب؟

ــ أقول لمن اخترعوا هذا القول وروجوا له: لو أننى حقًا أفعل كل هذا لأجل الشهرة، فما الذى يقلقكم منى، فتطاردوننى وتضعوننى فى السجن وتريدون منع البرنامج؟ هل أفكار بحيرى، سواء كانت خيرًا أو شرًا، قادرة على هدم ثوابت الدين؟

حسنًا أنا كل هذا، لكن الناس تستمع إليّ، لماذا لا تحاول أنت إقناعهم بغير كلامى؟ اقنعهم أن من تسميهم علماء الأمة عظماء، اقنعهم أننى لا أمتلك منهجًا، ما الذى يخيفك من شعبيتى؟ أنا أسوأ شخص فى الدنيا، أسمعهم أنت العكس ودعهم يختارون. لكن أن تمنعنى وتخاف منى وتصرخ: «الحقوني»، خصوصًا بعد حلقة «سعد الهلالى» التى سببت لهم أزمة كونية، ألهذه الدرجة أنت ضعيف وهش؟

■ ما قلته فى برنامجك تناوله الكثيرون من قبلك، لكن انتشارك الواسع بين كثير من الناس بفضل الإعلام المرئى، وضعف الإقبال على القراءة، هو ما عرَّضك لهذه الحرب.. أليس كذلك؟

ــ ومن قال إننى لم أكتب؟ أنا مش راجل ميديا، وكتبت من قبل ولمدة ١٥ سنة كتابات أكاديمية، وكتبت فى جريدة «اليوم السابع» منذ ظهورها وحتى ٢٠١١، ومن قبلها كانت لى كتابات أكاديمية كثيرة جدًا.

ما وجهنى إلى الميديا الضرورات الفلسفية، فقد شعرت بأن كل ما كتبته برغم ذيوعه وانتشاره لم يؤثر فى شىء إطلاقًا، نهاية ٢٠١١ كانت بداية لتغيير حياتى عندما اكتسح الإسلاميون مجلس الشعب فتركت الكويت وعدت إلى مصر دون أن يكون أحد وجه إلىَّ الدعوة لتقديم برنامج ولا الناس كانت تعرفنى أبدًا. انتقلت بمفردى ولدى رغبة فى مواجهة الإسلاميين ثم الرجوع لعملى فى الكويت مرة أخرى.

■ وماذا حدث بعدها؟

ــ مع تطور المناظرات، تحديدًا مناظرة «محمود شعبان» اتصل بى طارق نور، وعرض علىَّ تقديم البرنامج لمواجهة الإسلاميين، فوافقت، وتحولت حياتى تمامًا. فبعد خروج الإسلاميين وجدت الناس متقبلة للبرنامج وما يطرح فيه، وبدأتُ الكلام عن الفساد الذى أصاب رأس السمكة وليس ذيلها، وأن الإرهاب منبعه الأصلى من هذا التراث، مما ترك أثرًا كبيرًا لدى الناس، والأزهر «ركبه خبطت فى بعض»، وكيف أن شخصًا واحدًا بمفرده «مجننهم»، والناس مقتنعة به، ليس فى مصر وحدها، إنما فى كل مكان.

فى العموم «اللى يقول يقول»، ولو أنهم شطار، فليعيدوا إلى الناس الاقتناع بأن البخارى مقدس. لكنهم يعرفون أن هذا لن يعود أبدًا، لقد انتهت القداسة، وعلى الأقل هذا هو الأثر الأهم الذى تركته، ولو استطاع الأزهر أن يقول إن هذه الأحاديث غير صحيحة يتفضل، ولو أنى أبحث عن شهرة كما يقولون، كنت قلت أشياء وأمورًا أخرى موجودة فى الكتب، لكننى التزمت الصمت التام، ولم أتحدث إلا عن القتل والردة وأهل الكتاب والطوائف الإسلامية غير السنية والفترة الدموية التى نعيشها.

■ هل تعنى أن هناك أمورًا أخرى لم تتطرق إليها؟

ــ أنا لم أقل شيئًا بعد، حتى فى المناظرة الأخيرة مع سعد الهلالى، الرجل قدم اعترافًا خياليًا أمام الناس، حين قال عن كتب التراث: هم أخطأوا لكننى لن أقول ذلك. لكننى فى النهاية أقنعته أنهم أخطأوا. هذه الحلقة كانت كاشفة جدًا، خاصة أن «الهلالى» لديه شعبية، وتبدو رغبته فى الاتجاه نحو التنوير، لكنه فى هذه اللحظة انتهج نهج الأزهر، ورفض أن يقول إن البضاعة فاسدة وانكشفت الحكاية التى كان وراءها مكاسب عظيمة، ليس فى شخص سعد ولكن فى الأزهر ومناهجه وما يدرسه، كلها انكشفت فى ليلة واحدة، فكان انتصارًا سماويًا، لأن الناس تقول ما قلته أنا على المستوى العام بأن هذا الكلام عقلانى، وعلى المستوى الخاص طرح السؤال من الناس نفسها «هو الراجل لما ده فكره اتسجن ليه؟»، المهم، لو كان الأزهريون الذين يكتبون هذا الكلام، وإن كان يوسف زيدان وفاروق جويدة هما فقط من المثقفين الذين لا يحبون أفكارى، فهذا شرف لى يثبت أننى على حق.

■ أعلنت وزارة الأوقاف عن انتهائها من إعداد قوائم موضوعات خطب صلاة الجمعة، وتشمل 54 موضوعًا، هل تكون هذه الخطوة ذات جدوى فى الحد من السموم التى تبث فى آذان المصلين وتشكل وعيهم حتى وصلنا لمشهد ذبح مواطن فى وضح النهار؟

ــ هذا هزل. أفكار خطبة الجمعة أو الموضوعات التى لا يجب أن تخرج عن إطارها لا يمكن تسميته إلا بأنه هزل، لا تجديد ولا مواجهة إرهاب. نحن فى دولة تواجه الإرهاب، وفى لحظة نجد فيها من يقتل باسم الدين كل يوم، عيب.. عيب.. عيب «مش هارد أكتر من كده، ده هزل».

■ بعد تبدل المشهد السياسى تقدم الأزهر خطوة فى إثبات حضوره اجتماعيًا فى مصر كممثل بديل ووحيد أيضًا للإسلام، هل يمكن القول إن الخطاب الأزهرى الرسمى قد صار أكثر قوة وأكثر صراحة فى التعبير عن تشدده؟ خاصة وهو يشعر بعد 30 يونيه أنه تخلص من منافسيه «الإخوان والسلفيين» ومن خصومه العلمانيين، ويرى أن الدولة ممثلة فى نظام السيسى عليها دفع ضريبة بالوقوف إلى جواره ضد أى هجمات علمانية؟.

ــ لا أستطيع القول ما الذى يفكر فيه الأزهر أو الأزهريون، لكن أستطيع التحدث عن النتائج. أولًا: الأزهر لم يتخلص من الإخوان والسلفيين، فهو يحبهم، كما أنهم متغولون ومنتشرون فى الأزهر لأبعد مدى، فأين هذا التخلص الذى تتحدثين عنه؟

ثانيًا: الأزهر لم يتخلص من خصومه ممن يسمون العلمانيين أو المدنيين أو التيار الفكرى التنويرى، لأنه من الصعب جدًا التخلص منهم، بل مستحيل. الأزهر يحاول هذا وكانت مسألة سجنى فى هذا السياق. فى البداية أحبوا التجربة، والآن كرهوها جدًا حيث إن حبسى نشر الفكرة أكثر وأكثر، ولم يقلص ذيوعها بين الناس.

أما عن تغوله على الدولة، فطبعًا الأزهر الآن يعيش أفضل فترات تاريخه، وهذا يتطلب تكاتفًا دستوريًا قانونيًا فكريًا للوقوف ضد تغوله على الدولة بهذا الشكل وفى كل كبيرة وصغيرة لدرجة أنه أصدر بيانًا عندما ارتفع الدولار، وهذا يعكس إحساس الأزهر بأنه فوق الدولة وإن كان إحساسًا مؤقتًا وزائلًا وفى طريقه للتفكك مرة أخرى، ليصبح مؤسسة عادية جدًا من مؤسسات الدولة.

■ هل نرى تحول الأزهر إلى مؤسسة كهنوتية؟

ــ الأزهر وصل بالفعل إلى مرحلة كهنوتية بحتة، للدرجة التى دفعته لإقامة دعوى فى القضاء الإدارى لوقف برنامجى، فأى تجديد خطاب ينادى به الرئيس؟، الغريب أن الرئيس منذ ثلاث سنوات يطلب منهم شيئًا واحدًا لم يتقدموا فيه خطوة واحدة، ولا حتى «منظر».

ثلاث سنوات والناس تقتل على الدين، والأزهر لم يفعل أى شىء. أما ما تسألين فيه فهو يخص الرئيس، يفعل فيه ما يريده، سواء أعاد دعوته إليهم للتجديد أو لا. لا دخل لى فى السياسة.

وإن كان بالفعل كما أشرت أن الأزهر متغول ويعتقد أنه فوق الناس والدولة، هو وحده الذى يتحدث فى الإسلام. وأمور لم تفعلها حتى المكارثية ومحاكم التفتيش. بلا شك نحن فى طريقنا للقضاء على هذا التغول، وسواء أنا أو غيرى فهذا الفكر سيستمر بلا شك، والتجديد سيحدث بهم أو بدونهم. هذه حركة تدافع ذاتى لا تحتاج إلى قرارات.

والخلاصة: نعم الأزهر يعتقد أنه فوق الدولة والناس والفكر لكنه خاسر بالضرورة، وحكاية أنه تخلص من الإخوان والسلفيين كذبة كبرى، على العكس تمامًا فقد دمجهم داخل الأزهر حتى أصبح صوتهم هو الصوت المسموع، المتحكم فى الناس ومهاجمتهم ورفع القضايا عليهم، وربما يبدو أن الأزهر ظاهريًا يعيش أفضل لحظاته لكنه باطنياً فى سبيله للزوال أو على الأقل زوال أشخاصه بشكل ما.

■ لماذا يصر علماء الدين على مناداة المسيحيين بالنصارى، وما حقيقة تكفيرهم فى القرآن؟

ــ كلمة النصارى كانت معروفة أيام النبوة، حيث لم تكن قد ظهرت كلمة المسيحية بعد، والقرآن التزم المناداة الطبيعية لهم، وبالمناسبة كانت كلمة لا تهين، لكن فى الحفرية الكلامية الآن تغيرت يعنى اليهود ظل اسمهم هكذا بلا تغيير، لكن ظهر مسمى جديد اسمه «المسيحية» وهم يأنسون إليه أكثر، فلننادهم به، أو نخرج من هذا وذلك ونسميهم أهل الكتاب التى التزم بها القرآن كثيرًا حتى عندما جاء ليقول إن بعضًا منهم مش كويسين فقال «أوتوا الكتاب» وليس أهل الكتاب، ولنتأمل مقدار الود فى كلمة «أهل». إنما من يسمون علماء «فرحانين أوى» بكلمة النصارى، وكأنها دليل بالنسبة لأى مسلم على أنهم يتبعون الأفكار القديمة، ومينفعش يقول مسيحى، هذه أشياء هزلية مضحكة يرتكبها الأزهريون والسلفيون بشكل مرضى.

أرى أن كلمة النصارى مجرد لفظ تاريخى، قل أهل الكتاب وبعدها سمّ كما تشاء. القرآن لم يكفر أهل الكتاب ولم يقل فيهم أبدًا يا أيها الذين كفروا، على العكس، كان دائمًا بعد كل الخلافات الفكرية يخاطبهم بـ«يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء»، والمناداة جزء من المنادى جزء من الصفة، يعنى القرآن لما يقول يا أيها الذين كفروا، يبقى كفروا ويقصد أهل قريش عبدة الأصنام، لكننى لم أر ولا آية فى القرآن تتحدث عن أهل الكتاب بمناداة أنهم كفرة، حتى عندما قال آية «لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ».

■ لكن القرآن وصف بعضهم بأنهم مشركون؟

ــ نعم، القرآن خصّ جزءًا من أهل الكتاب بأنهم أشركوا، لكن دائمًا يشكر فيهم، يبقى إيه الخلاف؟ أرى أن الخلاف كان فى العقيدة، فى تصور طبيعة الله. بعد كل هذا قال لهم فى القرآن: «يضاهئون قول الذين كفروا»، وكانت فى أواخر العصر المدنى، بما يعنى أن هذه خلاصة رأى الإسلام فى أهل الكتاب: «يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِى دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ». بمعنى أن رؤيتهم للمسيح عليه السلام فيه محبة زيادة، هذا اختلاف على طبيعة الإله.

الخلاف فى العقيدة لا يعنى وصف المخالف بأنه كافر، الإسلام نفسه بعد القرن الأول والثانى ظهرت فيه تصورات مختلفة عن طبائع الله، هاتى معتزلى وصوفى وأشعرى ليجلسوا مع بعض ويتحدثون عن طبيعة الله، وسلفى طبعًا، سنجد من يعتقد أن الله يجلس على كرسى له جهة واتجاه ويد، وسنجد الأشعرى يقول كلامًا آخر، والصوفى سيقول: إن الله ليس موجودًا فى مكان معين، بل فى كل مكان. المعتزلى سيقول كلامًا آخر تمامًا. هذا هو الطبيعى أن يكون للكل آراء، تختلف مع بعضها لكن لا يكفر أحد آخر. فما بالك والإسلام نفسه فيه هذا الاختلاف الشديد فى فكرة طبيعة الله الذى لا إله إلا هو. إذن من باب أولى أن تكون للأديان الأخرى الحق فى رؤية الله كما تريد. وقالها الله فى القرآن بمنتهى الوضوح، إن العقيدة مختلف عليها، لم يقل نحاسبهم أو نكفرهم أو نضعهم فى خانة المحارب، إلا إذا بدأوا هم بمحاربتنا. لكن كتب التراث خرجت بآية السيف وهى التى سادت، ومنها تفرعت مسائل نغزوهم ونجبرهم على دفع الجزية وهم صاغرون، ولا أدرى أين هذا فى مقابل آية واحدة فى القرآن «وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين»؟

هذه آية تضع شروط القتال: أولًا أنه فى سبيل الله، ثانيًا ألا نكون نحن البادئين، بل ندافع فقط إذا ما وقع علينا هجوم، ثم يختتم الآية بـ«ولا تعتدوا»، وهذا ما قلته فى المحكمة، هل هذه الآية أيضًا منسوخة وإلا فإن الله بهذا المعنى يحب المعتدين والإيذاء؟!

■ إذن متى حدث هذا التحول فى قراءة النص القرآنى؟ ولماذا؟

ــ بعد وفاة الصحابة الأربعة الكبار: أبوبكر، عمر، عثمان، على، تحول القرآن عبر التراث إلى مجرى آخر تمامًا فى المعنى العام والمقصد وفى الهدف وفى الدم ونشر الإسلام فى كل شىء.

نحن غير مطالبين بتكذيب من أمامنا ولا توصيفه، طالما القرآن ألزمنا بأن نقول إنهم أهل الكتاب وأصحاب دين بغض النظر عن الخلافات بيننا فى العقيدة، ولديهم خلافات أيضًا مع اليهود فى العقيدة، كل ما هو مطلوب ألا يكفر أحد أحدًا، وبالتالى لا يكون مأمورًا بقتله، لكن «البهوات» بيفسروا آية «لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة»، بأنهم كافرون ولا يعرفون أن هناك فرقًا بين توصيف العقيدة وبين أن يكون معتنقوها كفارًا فيحاربوا أويقتلوا.

مرة أخرى، القرآن كان واضحًا فى الحديث عن طبيعة هذه العقيدة وتحدث عنها ست مرات تقريبًا، لكن هذا لا يعنى أن نأخذ الآية ونجرى، فبجانب أن هذا الدين فيه إيمان لكن أيضا فيه غلو نهى عنه القرآن ولم ينزع الإيمان عن أهل هذا الدين.

وربما نقع نحن أيضًا فى فترة مقبلة فى مثل هذا الغلو، عندك مثلًا يمين اليمين فى التصوف أحيانًا يبالغ فى الغلو أو ما يمكن تسميته بـ«المحبة الزائدة» لكن لا يستطيع أحد تكفيره ويبقى مسلمًا. الموضوع بسيط جدًا: أهل الكتاب اسمهم أهل الكتاب، ومفيش حاجة فى القرآن أبدًا بتقول عنهم إنهم كفار ولا مطالبين بدفع الجزية ولا أى شىء من هذا إطلاقًا، وحتى عندما حدث هذا كان الإجراء فى إطار محلى ضيق جدًا ضد أناس أوقعوا الضرر المالى على المسلمين لمدة سنة، فلما تمكن منهم المسلمون كان لابد من إيذائهم ماديًا فقط كما آذوا المسلمين من قبل، وانتهى بانتهاء المجموعة التى كانت أمامهم. ما أعرفه أن الأديان الثلاثة أديان موحدة وإن اختلفت طريقة تفكيرهم فى طبيعة الله.


مناظرة سعد الدين الهلالى


■ قال الدكتور سعد الدين الهلالى فى المناظرة التى جرت بينكما، ردًا على مطالب تنقية الأحاديث والتراث بصفة عامة، إننا سنرجع للمربع صفر، هل ونحن فى الألفية الثانية بكل ما وصلت إليه البشرية من تقدم علمى، نحتاج لهذه التفاسير من الأصل خاصة أن تضارب تفاسيرها أو صحتها من عدمه خلفت أنهارًا من الدماء؟

ــ هو يريد القول أن نبنى على ما بنوه. لا طبعًا، من الأفضل لنا أن نبدأ حتى ولو من الصفر فكرًا عقلانيًا ومتوافقًا مع الروح العامة ومقصد الشريعة الأسمى فى حفظ الدماء، وأن تكون الناس أعقل وأبعد ما تكون عما يسمى بالعصر الخرافى. بينما الحاصل اليوم عكس هذا تمامًا، ما بناه الأولون ليس به أى درجة من درجات التقدم لنبنى فوقها، فالبناء هش وسيقع بنا جميعًا، وإذا كان د. سعد الهلالى يرى أننا سنبدأ من المربع صفر، فلنبدأ منه، فالصفر فى هذه اللحظة هو أفضل رقم يمكن أن نصل إليه.