رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ندوة فى نقابة المهندسين للبحث عن الحلول المائية لمصر


دعا المهندس طارق النبراوي نقيب المهندسين خبراء الجيولوجيا والمياه في مصر إلى بدء دراسة دقيقة ومستفيضة حول إمكانية استفادة مصر من مياه نهر الكونغو، مشيرًا إلي أن قضية نهر الكونغو واحدة من القضايا التي تتضمن أراء ووجهات نظر مختلفة ومتعارضة ، ولكن هذا الخلاف يجب آلا يمنعنا من دراسة القضية بدقة وبشكل علمي كامل خاصة وأن المياه واحدة من الأزمات الخطيرة التي تواجه مصر.

وقال النبراوي خلال مشاركته في ندوة " زيادة نصيب مصر من مياه وسط أفريقيا "، مساء أمس، أن هناك مشاكل سياسية بين بعض دول حوض النيل حاليا ، ولكن تلك الأزمات لن تبقى إلى الأبد ، وتلك المشكلات يجب آلا تمنعنا عن دراسة الاستفادة من مياه وسط أفريقيا فكل ما نراه مستحيلا اليوم يمكن أن يتحقق في المستقبل القريب ، وأفريقيا تشهد حاليا طفرة علمية هائلة ستغير وجه الحياة في القارة السمراء خلال 10 سنوات على الأكثر.

من جانبه، أكد علاء عبد العال رئيس الشعبة المدنية، أن مصر تعاني خللا كبيرا بين استهلاكها ومواردها المائية ، مشيرا إلى أن حصة مصر السنوية من مياه النيل تبلغ 55,5 مليار متر مكعب يضاف إليها 1,5 مليار متر مكعب من المياه الجوفية وتستخدم 70% في الزراعة وحوالي 10% في الاستخدامات المنزلية وحوالي 20% في الأغراض الصناعية ، وقال " أزمة المياه في مصر ترجع لعدة أسباب في مقدمتها ممارسات سيئة في استخدامات المياه المنزلية والزراعية ، فضلا عن النمو السكاني بمعدلات مرتفعة جدا ، وزيادة التلوث البيئي عاما بعد آخر .

و أضاف المهندس عبد الرؤف فايد رئيس لجنة المياه بالنقابة العامة أن مصر تعاني عجزا كبيرا بين المتاح والمطلوب من المياه وقال " نصيب المصري من المياه حاليا يبلغ 630 متر مكعب سنويا ومتوسط نصيب الفرد عالميا يبلغ 1000 متر مكعب وهو ما يعني أن مصر دخلت حاليا خط الفقر المائي ، والكارثة أن الدراسات تؤكد أن نصيب المواطن المصري من المياه سيتراجع إلي 500 متر مكعب من المياه في عام 2025 وبالتالي ستزداد الأزمة تفاقما وهو ما يستدعي ضرورة مواجهتها بسرعة وبطرق غير تقليدية .
فى السياق ذاته، أكد الدكتور البهي عيسوي – خبير الجيولوجيا ورئيس هيئة المساحة الجيولوجية السابق خلال مشاركته في الندوة أن مصر يمكنها زيادة حصتها من المياه من خلال تنفيذ عدة مشروعات مائية على نهر الكونغو وفي حوض نهر النيل، قائلًا: " مياه نهر الكونغو تزيد عن مياه نهر النيل 5 مرات ويعيش عليها حوالي 32 مليون نسمة فقط يمثلون سكان دولتي الكونغو وكنشاسا ، ولهذا يقذف النهر مياه هائلة في المحيط الأطلنطي بلغت شدتها لدرجة أنها تندفع لمسافة 170 كيلو متر في مياه المحيط"

وأضاف العيسوى:" رئيس الكونغو أبدي ترحيبا كبيرا بتزويد مصر بالمياه والأمر لا يحتاج سوى لإقامة عدة سدود على مجري نهر الكونغو لتغيير مجري النهر من الشرق إلى الغرب لتصبح في اتجاه الشمال ومنها إلى مصر ومثل هذه المشروعات ستحقق تنمية هائلة للكونغو والسودان وتحل أزمة المياه في دافور للأبد "

وأشار إلى أن :" حوض نهر النيل يستقبل سنويا 1650 مليار متر مكعب سنويا من المياه ، منها 550 مليار متر مكعب فقط يتم الاستفادة منه والباقي يضيع في البحر أو البخر أو المستنقعات ويمكن لمصر أن تقيم مشروعات عديدة في جنوب السودان وغيرها ، توفر للقاهرة كميات هائلة من المياه .. وقال" تنفيذ مشروع واحد في منطقة "جنجه" السودانية توفر مياه تكفي لزراعة 32 ألف كيلو متر مربع في السودان و12 ألف كيلو متر مربع في مصر، وهذا المشروع عبارة عن تغيير مجري النهر لمسافة 20 كيلو متر "
وأضاف " هناك مشروعات مائية يمكن تنفيذها في مناطق النيل الأزرق وبحر الجبل وبحر الغزال ، وهو ما سيوفي لمصر عشرات المليارات الأمتار المكعبة من المياه"، مؤكدًا أن مصر لم يعد أمامها رفاهية تأخير تنفيذ مثل تلك المشروعات، مشيرًا إلي أن مصر تعاني أزمة مائية كبيرة منذ عدة سنوات ، وتحلية مياه البحر لن تحل الأزمة لأن التحلية عملية مكلفة ماليا ، والبديل الذي أمامنا هو تنفيذ العديد من المشروعات المائية في حوض نهر النيل ونهر الكونغو.

وأضاف بأن كل ما يقال عن عدم إمكانية نقل المياه من حوض نهر إلى حوض نهر آخر ، هو في النهاية مجرد كلام فما دام هناك اتفاقا بين الدول الموجودة على حوضي نهرين على نقل المياه بينهما فليس هناك ما يمنع ذلك ، ولو أن الرئيس عبد الناصر، لايزال حيا الآن لكان في إمكانه بسهوله نقل مياه الكونغو إلى حوض النيل دون أن يعارضه أحد بما كان يملكه من تأثير وشعبية وحجب في كل الدول الأفريقية ، بل إن العقيد القذافي كان يمكنه تحقيق ذلك ، بسبب علاقاته الوطيدة بكل قادة أفريقيا

وأوضح أن إسرائيل عرقلت محاولات مصرية عديدة لإقامة مشروعات مائية في بعض الدول الأفريقية ، مشيرا غلى أنها وراء إقامة سد النهضة الأثيوبي.. وقال " سد النهضة لن يؤثر على حصة مصر من مياه النيل ، لأنه سد لتوليد الكهرباء ، ومشكلته الوحيدة في السنوات التي يتم خلالها ملي خزان السد فمصر يطالب بأن يتم ذلك خلال 5 أو 6 سنوات وأثيوبيا تريد أن يتم التخزين في عامين أو ثلاثة فقط.

وسرد "عيسوي" تاريخ نهر النيل في مصر فأشار إلى أن المصريين هم أول من أقام سدود على نهر في التاريخ وأول من زرعوا وأول من عاشوا في مجتمعات بشرية .. وقال " مصر في فجر التاريخ لم تكن تأتيها مياه من أفريقي فالمياه التي كانت تتساقط عليها كانت تكفيها ، وكان المصريون يفضلون الحياة بعيدا عن النهر ولهذا أقاموا مدنهم وسط الصحاري، ومع تراجع كميات المطر بدءوا يعتمدون علي مياه النهر وأقاموا حضارة وزراعة لم يشهدها التاريخ قبلهم ، وكانت سنوات فيضان النيل هي سنوات رخاء أما سنوات الجفاف فكانت سنوات قحط وكانت أيضا سنوات احتلال فكلما كان النهر يضن بمياهه ويحل القحط كان الغزاة يطمعون في احتلال أراضي مصر

وأشار إلى أن مصر كان يجري فيها عدة أنهار وليس نهرا واحدا ، وأن محمد علي وجمال عبد الناصر كانا هما أكثر حكام مصر اهتماما بالنيل والزراعة ، مؤكدا أن زيادة عدد السكان في مصر هو السبب الرئيسي في الأزمة المائية التي تعاني منها مصر حاليا