رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تطرقت للعلاقة بين السلطة ورجال المؤسسات القومية

تطرقت للعلاقة بين السلطة ورجال المؤسسات القومية.. وثائق المخابرات الأمريكية عن «صحافة عصر مبارك»

جريدة الدستور

أفرجت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية «CIA» قبل أيام عن مجموعة ضخمة من الوثائق السرية تتضمن تقديرات رجال الجهاز حول العديد من الملفات السياسية والأمنية فى مصر والشرق الأوسط، وتكشف بوضوح دور الوكالة الأمريكية فى سير الأحداث فى المنطقة خلال تلك الحقبة التاريخية.

جانب مهم من الوثائق الأمريكية يرصد ويحلل كواليس العلاقة بين السلطة السياسية والإعلام فى مصر، خلال حقبة الرئيس الأسبق حسنى مبارك مع بعض المقارنة بحقبة الرئيس أنور السادات، وتعود معلومات الوثائق التى بين أيدينا لشهر مايو من عام 1984، وهى ترصد بدقة ما كان يجرى فى الساحة الإعلامية المصرية خلال هذه الفترة.

وأكد تقرير للوكالة أن الصحافة المصرية مستمرة فى تشكيل آراء وعقول عدد كبير من المصريين، كما أنها تتمتع بحرية أكبر فى عهد الرئيس محمد حسنى مبارك، أكثر ما كانت عليه منذ قيام ثورة 1952، وأن مبارك أعاد الصحفيين والمعارضين، الذين أقصاهم السادات مع منتقديه خلال شهر سبتمبر من عام 1981، كما سمح بإنشاء الأحزاب المعارضة و بنشر الآراء المعارضة الدينية.

واضع التقرير أوضح أن أهداف مبارك تمثلت فى السماح بإنشاء صحافة حرة تسمح ببناء سياسة شرعية بين النخبة المدنية، من أجل تحسين صورته الديمقراطية قبل الانتخابات البرلمانية، مشيرًا إلى أن الصحافة المصرية مازالت تتمتع بحرية أقل من نظيرتها فى دول الغرب، فالصحف القومية المملوكة للحكومة تدرب نفسها على مراقبة نفسها ذاتيًا، كما رفع النظام من سقف الحريات بصورة كبيرة، فلم تعد الصحف المعارضة تحت ضغط ما يسمى «مراقبة ما قبل النشر».

وكشف التقرير عن أن العلاقة بين مبارك والصحف المعارضة بدأت فى النمو بشكل تدريجى، وأوضح أن علاقة مبارك مع الصحفيين فى الصحف القومية أكبر وأقوى، ولكنها قد تتآكل وتنخفض فى حال استمرت الرقابة المشددة على الصحف، إلا أن مبارك قد يتجنب سياسة الرئيس الراحل أنور السادات والتى تعتمد على التقييد.

وأكد جامع المعلومات أنه على الرغم من هذا فإن السياسة الأمريكية الناقدة ستستمر بالظهور بشكل روتينى فى الصحافة المعارضة وبشكل متقطع فى الصحف القومية، مضيفا: «نحن نؤمن بأن القيادة المصرية قادرة على جعلنا نصدق أنها قادرة على عمل توازن بين المعايير التى طلبتها القيادة الأمريكية لتشجيع الصحافة وحرية التعبير».


أسامة الباز وصفوت الشريف يجتمعان أسبوعيًا برؤساء التحرير
أشار التقرير إلى أنه بالإضافة إلى السفارة الأمريكية فى القاهرة وبعض المصادر الأخرى، فإن مبارك شدد الرقابة على الصحف القومية خلال العام الماضى، وأن رؤساء تحرير الصحف القومية هم المسئولون عن حذف بعض المعلومات، وتتوقع الحكومة أن تكون مسئولة اجتماعيًا بشكل أكبر عما كانت عليه فى عصر السادات.

ووفقًا لقانون الصحافة لعام 1980، يمكن محاكمة الصحفيين ليس فقط بتهمة الخيانة، ولكن لأسباب أخرى منها السب والقذف أو التحريض على الجريمة أو انتهاك الآداب العامة أو نشر الإلحاد أو تشجيع الشباب على الانحراف الأخلاقى.

وأكد التقرير أن هناك اجتماعاً أسبوعياً يتم بين رؤساء تحرير الصحف وأسامة الباز، مستشار الرئيس ووزير الإعلام صفوت الشريف، وذلك وفقًا للسفارة الأمريكية بالقاهرة، فهذا الاجتماع يعمل على تزويد رؤساء التحرير بتفكير الرئيس مبارك، وتعد هذه فرصة لنقل مسئولى الصحف إحباطهم للحكومة، وأكدت السفارة الأمريكية فى القاهرة أن بعض هذه الاجتماعات كان تتضمن انتقادات لاذعة للحكومة، من قبل المحررين الذين أجبروا على مساندة النظام تحت الضغط.

وأشار إلى أن نظام مبارك قد يكون فعالاً، لأن هناك عدداً قليل جدًا من الصحفيين مقبوض عليهم حتى الآن أو متوقف عن العمل، باستثناء واحد وهو الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل، رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير مؤسسة الأهرام، حيث منع كتابه خريف الغضب من النشر فى عهد السادات، بالإضافة إلى الكاتب الروائى يوسف إدريس الذى تم منعه من الكتابة فى الأهرام، بعد وصفه نصر أكتوبر عام 1973 بـ«الخيالى».


إبراهيم نافع ومحمد عبدالجواد الأقرب للرئيس



أكد التقرير أن مبارك لم يكن مثل السادات، حيث سمح مبارك لأعدائه الشخصيين باتخاذ مناصب فى الصحف القومية، حيث كانت مفاتيح الصحافة بالكامل بحوزة السادات بحلول عام 1981.

وأشار إلى أن مبارك كان لديه علاقات جيدة بعدد من الصحفيين، ولكن يبدو أنه يعمل بشكل مقرب جدًا مع عدد قليل منهم، ولاحظ المراقبون الغربيون أن رئيس تحرير جريدة الأهرام إيراهيم نافع لديه تصريح مرور مباشر لمبارك، بالإضافة إلى محمد عبدالجواد، رئيس مجلس إدارة وكالة أنباء الشرق الأوسط، الذى كان يقدم ملخصاً للأحداث الدولية للرئيس قبل تقاعده.

وأكد التقرير أنه خلال العام الأول له فى الحكم، أظهر مبارك تسامحاً كبيراً لجميع الأيدولوجيات والاستماع للصحف القومية، كما سمح للناصريين واليساريين من الصحفيين بالعودة للعمل مرة أخرى بعد أن تم إبعادهم من قبل السادات، بالإضافة للمفكرين الإسلاميين.

وأضاف أنه فى هذا المناخ الأكثر حرية، فإن ما حدث من قبل الإسرائيليين فى لبنان وفلسطين بمخيمات صبرا وشاتيلا عام 1982، خلق موجة غضب تجاه إسرائيل فى الصحف القومية المصرية، وفى وقت لاحق من نفس العام تعرض الاقتصاد الأمريكى لضربة، ويبدو أن الصحف القومية قامت بدعم آراء مبارك فى أواخر عام 1982 وبداية عام 1983.

وقال جامع معلومات التقرير: «لا نصدق أن نظام مبارك لم يأمر الصحف باتخاذ نفس رأيه فى هذه القضية تحديدًا، وفى كل هذه الأحوال، فإن الإعلام الحكومى قد يخفف من أى أزمة حتى لا يحرج الحكومة».


ضغوط أمريكية لوقف انتقاد الإعلام لواشنطن وتل أبيب
أكد تقرير المخابرات الأمريكية أن جهود واشنطن للتأثير والضغط على حكومة مبارك من أجل تخفيض حدة الانتقادات الموجهة للسياسات الأمريكية والإسرائيلية قد حققت بعض النجاحات، حيث اعتبرت القيادات المصرية أن بعض الجهود تعد بمثابة تدخل فى الشئون الداخلية، كما أن هذه الجهود تعتبر وسيلة اليساريين لانتقادات التأثير الأمريكى على مبارك.

وأضاف جامع المعلومات «نحن نؤمن بأن القيادات تظهر معياراً مزدوجاً من خلال التشجيع الأمريكى لحرية الصحافة، والتى تطالب فى الوقت نفسه بكبح الانتقادات ضد السياسات الأمريكية والإسرائيلية، كما أن القيادة المصرية تؤكد أن أمريكا لا تبذل نفس الجهود للتقليل من الحملة العدائية ضد مصر فى الصحافة الإسرائيلية».

أكد تقرير المخابرات الأمريكية أن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر قد أسس القاعدة الأساسية للصحف القومية عام 1960، وكان الهدف من إنشائها هو أن تكون مؤثرة وتروج للسياسات الحكومية، وكانت الصحف القومية تحت رقابة الحزب الحاكم، وهو الحزب الوحيد الذى سمح بإنشائه.

وقام جمال عبدالناصر بتقليد الكتاب والصحفيين اليساريين أعلى المناصب، بينما أرسل كتاباً آخرين عظماء لمنازلهم، كما قام بتمويل مؤسسة جديدة لتصبح وكالة «أنباء الشرق الأوسط»، وكان بعض الكتاب أقرب لعبدالناصر وعلى رأسهم محمد حسنين هيكل رئيس تحرير جريدة الأهرام، وكان أقرب مستشاريه والمتحدث الرسمى باسم النظام.

أما محمد أنور السادات، فبدأ بسياسة الحرية فى الصحافة وخاض التجربة بهدف أن تصبح صمام أمان الحكومة فيما بعد، وحاول تجنب الحملات الناصرية، وتمنى السادات أن تقوده الديمقراطية لتجنب مراكز القوى التى كانت موجودة فى عهد عبدالناصر والتى شكلها هيكل فى الأهرام.

الهجوم على عائلة مبارك «محرم»
ذكر التقرير أن الصحفيين كانوا يعتقدون أنه على «مبارك» اتخاذ إجراءات أكثر فيما يتعلق بتخفيض القيود على الصحف، خصوصًا تلك المملوكة للحكومة، إلا أنه فى شهر مارس من عام 1983، قد أشاد الصحفيون المصريون بتحركات مبارك نحو الديمقراطية والترحيب بعودة الأحزاب المعارضة، وأنه يبدو أن عائلة مبارك مازالت محرمة على الإعلام منذ عام 1981، وهو ما يعنى أن قائمة الأزمات التى بها حساسيات خاصة قد تزايدت.

وأشار التقرير إلى أن الحكومة المصرية حركت بعض القيود لتصبح أكثر حرية، وتضمنت توسيع صحافة المحاربين، والآن من المنتظر أن تقوم الصحف بدعم الحزب الوطنى الذى ينتمى له مبارك قبل الانتخابات البرلمانية، كما أنه يريد تدعيم صورته الديمقراطية للحصول على المزيد من الدعم والاستثمارات من قبل الدول الغربية.

ووفقًا لبعض مصادر بالسفارة الأمريكية فى القاهرة فإن جمال عبدالناصر اعتقل الصحافيين المعارضين له، بينما أبعدهم السادات عن المشهد، فى حين أن مبارك يصرخ بهم إلا أنهم فى كل الأحوال مستمرون فى الكتابة.


فى التوزيع.. الأهرام أولاً

عرض التقرير جدولاً به أسماء الصحف الموجودة فى مصر وأسماء رؤساء التحرير وسعة انتشارها، بالإضافة إلى تقييم عام لها.
بالنسبة لجريدة الأهرام، ويتولى منصب رئيس التحرير إبراهيم نافع وتطبع 650 ألف نسخة، وهى جريدة لديها تغطية ممتازة للشئون الخارجية ولديها أفضل المفكرين، وجريدة الأخبار ورئيس تحريرها موسى صبرى وتطبع مليون نسخة ذات انتشار واسع لديها تغطية ممتازة للشأن الداخلى ولديها جمهور عريض من الفئة المتوسطة.

وجريدة أخبار اليوم ورئيس تحريرها إبراهيم سعدة وتطبع مليون نسخة، وهى النسخة الأسبوعية لجريدة الأخبار، وجريدة الجمهورية وتطبع 460 ألف نسخة ورئيس تحريرها محسن محمود، وهى جريدة بكفاءة أقل من سابقتيها، وجريدة المساء ورئيس تحريرها سمير رجب، وآخر ساعة ويشغل منصب رئيس التحرير وجدى قنديل، بالإضافة إلى مجلة المصور ورئيس تحريرها مكرم محمد أحمد.