رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بالصور.. شارع الأمريكية " قطعة سورية على أرض مصرية "

جريدة الدستور

*لاجئون يؤسسون سوقًا سوريًا.. "حلويات وعطور ‏وحلاقة" على الطريقة الدمشقية فى 6 أكتوبر
*أبوعمار السورى : مصرى ساعدنى فى تأسيس محل عطور والحرب دمرت منزلى وضاع كل ما أملك

إذا سرت في هذا الشارع دون أن تعرف تاريخه جيدًا، ستشعر كأنك في سوريا وليس في ‏مصر، فكل ما به يحمل طابعًا سوريًا خالصًا، ومن يعملون به سوريون الأصل والمنشأ، وكأنه قطعة من ‏العاصمة دمشق استقرت في إحدى شوارع المحروسة.‏

هو شارع "الآمريكية" القابع في قلب محافظة 6 أكتوبر، يضم بين جنباته كل ما تحتاج إليه بشرط أن ‏يكون سوريًا.. على اليمين طعامًا شاميًا خالصًا، وفي اليسار حلاقون على الطريقة السورية، وأمامك ‏ملابس تُحاك على موضة العاصمة دمشق، حتى التداوي والعطور أخذت طريقة صنعها من عطاري ‏وأطباء حلب.‏

في ذلك السوق الشاسع، بات يسميه أهالي الحي باسم منطقة سوريا، نزح إليه منذ 6 سنوات مضت ‏العديد من السوريين اللاجئين، ممن رغبوا للعمل في بلاد غير وطنهم، بعيدًا عن الحرب المشتعلة ‏وويلاتها، حوى السوق على إيديهم العديد من المحلات السورية اكتظت بالكثير من المصريين.‏

اقتربت عدسة "الدستور" من تلك الجنة السورية التي سكنها سوريون ومصريون، لتقابل أربعة سوريين ‏ نزحوا جميعًا بعد قيام الحرب السورية، وشاركوا في بناء ذلك السوق السوري.‏

‏"سحر الماسة للعطور"‏
الحاج "أبو عمار" سوري جاء إلى مصر منذ ثلاث سنوات مضت، بعدما دمرت الحرب منزله ومحل ‏العطور الخاص به في سوريا، ليفتتح محل آخر في ذلك السوق يقدم بداخله عطور سورية يصنعها بنفسه، ‏يقول الرجل: "جئت إلى مصر برأس مال صغير، بعدما أضاعت الحروب كل ما نملك، وكنت وقتها في ‏حاجة شديدة للعمل لأجل راحة صغاري وإعالة أسرتي".‏

يروي "أبو عمار"، أنه تعرف على رجل مصري هو من ساعده في تأسيس محل العطور، حتى اشتركا ‏سويًا في رأس المال، وأصبحا يديران المحل، وعملا على تقديم أفضل المنتجات، ليتهافت عليهما ‏المصريون قبل السوريون.‏

أما عن نشأة السوق السوري، يضيف الرجل: "نحن السوريين نحب القرب، ونرغب في التواجد سويًا ‏سواء في الوطن سوريا أو داخل وطننا الآخر مصر، وأنا جئت إلى السوق وقتما كان يحوي محلًا واحدًا، ‏وبعد أن افتتحت المحل تبعي جذبنا كل السوريون الراغبون في العمل الهادىء بمصر".‏

‏"أيس كريم الشام"‏
وفي ممر ضيق يتبع شارع الأمريكية السوري، تقطن محال أخرى، انتقيت إحداهم للتعرف عليه ‏أكثر، لكونه يقدم حلوى الآيس كريم، وتعرف بلاد الشام باحترافها في هذا الشأن، وهو ما أكده "وليد" ‏السوري، الذي يعمل في المحل منذ أن وطأت قدمه أرض المحروسة.‏

يقول وليد: "نزحت إلى الأردن وقتما بدأت الحرب السورية ومنها إلى مصر، عملت بالبداية في مصانع ‏كثيرة، وكانت يومية العمل قليلة لم تسعفني على إعالة أطفالي الأربعة، إلى أن استقر الوضع بيّ بعامل في ‏محل للحلويات الشامية، بعدما كنت امتلك سلسلة محال في سوريا للحلويات، لكن الحرب افقدتني كل ما ‏أملك".‏

يروي الرجل السوري، أن صاحب محل الحلويات الذي يعمل به سافر للخارج وترك له الإدارة كاملة، ورغم ذلك ظل ‏عمله في سوريا أفضل كثيرًا من مصر لاسيما من الناحية المادية، فكان يمتلك منزل خاص به ومحال ‏للحلويات لكن الحرب قصفتهما، مختتمًا: "بدأ السوق بمحلات منفردة حتى اجتمعنا وصار على حاله الآن، ‏وبدا كل سوري ينزح إلى مصر يأت إليه من أجل العمل".‏

‏"روستو للشاورما السورية"‏
وعلى يساري كان هناك ازدحامًا شديدًا من المصريين والسوريين أمام إحدى المحال، التي تقدم أشهر ‏الأكلات الشامية المعروفة في دمشق باسم "الشاورما"، يعمل بها "يحيى" السوري، الذي لم يختلف عمله ‏في سوريا عن مصر سوى الغربة.‏

جاء "يحيى" إلى مصر خلال عام 2013، وعمل في أكثر من مكان، حتى استقر به الوضع في محل ‏‏"رستو للآكلات الشامية"، التي يتهافت عليها المصريين دومًا، ويؤكد أنه لن يعود إلى الوطن إلا بعد أن ‏يستقر الوضع.‏

انضم إلى حديثنا، "وليد" سوري الأصل، مصري الشكل، سعودي اللكنة، بسبب تلاطمه في الدول العربية ‏وكثرة تنقله فيها بعد الحرب السورية، حتى استقر الوضع به داخل مصر، في محل الطعام السوري، بعدما ‏كان يعمل بمجال الهندسة في سوريا.‏

‏"حلويات سنابل الشامية"‏
‏"اتفضلوا يا صبايا، تعالوا هون".. كان "عبدالرحمن" السوري النازح إلى مصر منذ 3 سنوات، ينادي ‏بتلك الكلمات خارج محله الصغير للحلويات الشامية لجلب الزبائن إليه، يروى السوري قصته قائلًا: "كنت ‏في سوريا عندي بيت كبير وسيارات كتير ومحل خاص لتجارة الهواتف، ووقت الحرب في سوريا نزحت ‏إلى مصر، وعملت في معامل الحفر".‏

ويضيف: "لم تكفيني اليومية بالمصانع، فذهبت للعمل في هذا المحل، ونصنع فيه الحلويات الشامية بكل ‏أنواعها لأجل المصريين".. "عبدالرحمن" السوري ليس سعيدًا في مصر فقد كان وضعه أفضل في وطنه، ‏فضلًا عن حرقة قلبه على بلده المشتعلة.‏

وعن السوق السوري الذي يعمل به، يروي: "جئنا نحن السوريين في مصر، بعدما بعنا أملاكنا في سوريا، ‏وقصفها الحرب كلها، ورضينا بأي عمل حتى يقضي الله أمرًا آخر".‏