رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

5 رسائل يحملها اعتراف تقرير الاستخبارات الأمريكية بالقرصنة الروسية على انتخابات "ترامب" و"كلينتون"

ترامب وكلينتون
ترامب وكلينتون

حمل تقرير جهاز الاستخبارات الأمريكية حول تلاعب روسيا إلكترونيًا في الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة - مما ساعد على فوز دونالد ترامب "المرشح الجمهوري" بمنصب الرئاسة، وهزيمة هيلاري كلينتون "مرشحة الحزب الديمقراطي" - 5 رسائل هامة.
أولى الرسائل - التي حملها التقرير - هي تفوق تكنولوجيا المعلومات الروسية وفشل الأجهزة الأمريكية في كشف عملية القرصنة في حينها وإحباطها، وثانيها يتمثل في هزيمة المخابرات الأمريكية أمام المخابرات الروسية ونجاحها في اختراق المجتمع الأمريكي.
ويتمثل ثالث هذه الرسائل في اعقاب إدارة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته باراك أوباما على تجاوزها السياسي ضد روسيا على مدى السنوات الثمان الماضية، بتعزيز جهود دفع مقعد الرئاسة خارج الحزب الديمقراطي، حيث يظهر هذا التجاوز في العقوبات الاقتصادية التي فرضتها أمريكا ودول أوروبية أخرى على خلفية النزاعات في جزيرة القرم التي زجت المجتمع الروسي في أزمة اقتصادية.
أما الرسالة الرابعة التي حملها تقرير الاستخبارات الأمريكية فهي محاولة احتواء الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب المتطلع إلى تغيير جذري في السياسة الخارجية للولايات المتحدة.
والرسالة الأخطر والأهم التي يحملها هذا التقرير - إن صحت الحقائق التي تضمنها - هي نجاح جهود الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في استعادة عرش القيصر المفقود، و تعافي روسيا من تبعات تقسيمها والتي فككتها المخابرات الأمريكية في عهد الرئيس جورباتشوف (١٩٨٨-١٩٩١)، وقت أن أصدر كتاب البروسترويكا، وذلك بتدخل المخابرات الأمريكية في اختيار رؤساء المؤسسات السوفيتية الكبرى وتعيين الأفشل، فانهارت المؤسسات التي كانت تحمل الدولة، وبالتالي انهارت الدولة العظمى وتفككت إلى دول صغيرة .
فصل جديد من ميثاق الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا التي يتشكل دستورها حاليا ، ولا أحد يدرى ترتيبه في فصول الحرب الباردة بين الدولتين، فهناك محاولات مستميتة من أحد الطرفين لإعادة ثنائية القطبية في العالم، يقابلها جهود أكثر استماتة من الطرف الآخر للاحتفاظ بأحادية القطبية، تلك المحاولات التي يحبس العالم أنفاسه أمامها خاصة مع بدء العد التنازلي لاستقبال الرئيس الأمريكي الجديد (الـ٥٤)، المختلف تمامًا في نظرته للعلاقات الأمريكية الخارجية، وسياساتها الداخلية رغم القيود التي تحتم عليه السير على نفس النهج، إلا أن بصماته الخاصة الطامحة إلى تغيير، والتي ظهرت واضحة في اختياره لأعضاء إدارته الجديدة من الذين تتفوق لغة المال فيهم على السياسة، ربما تغير اتجاه القطار نحو مبدأ "الولايات المتحدة أولًا وأخيرًا" بطريقة أو بأخرى.
دونالد ترامب كان قد فند مزاعم تقرير الاستخبارات الأمريكية قائلا - عقب اجتماعًا له مع أجهزة المخابرات - :"عمليات القرصنة التي اتهمت المخابرات الأمريكية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالوقوف وراءها لتقويض فرص المرشحة هيلاى كلينتون، لم تؤثر على نتائج الانتخابات"، مؤكدًا أن روسيا والصين تحاولان بشكل دائم اختراق البنية التحتية للمؤسسات الحكومية الأمريكية وبعض المؤسسات مثل الحزب الديمقراطي، إلا أن ذلك لم يكن له تأثير على الإطلاق على نتائج الانتخابات، وتابع قائلا :"كانت هناك محاولات قرصنة على الحزب الجمهوري، ولكن بدفاعاته القوية فشلت تلك القرصنة".
إذن هي أشياء ومفردات كثيرة تظهر في حياتنا اليومية نتيجة التطور التكنولوجي المذهل الذي يحمله إلينا كل صباح، تحولت إلى سلاح رهيب رفع سقف رهانات العالم في جميع المجالات، وأخطرها التدخل السياسي لإسقاط أنظمة ورفع أخرى، وأحدثها الهالوجرام "الصور المجسمة" تلك التكنولوجيا الفريدة من نوعها، التي يمكن باستخدامها إعادة تكوين صور الأجسام بأبعادها الثلاثية باستخدام أشعة الليزر.
وتستخدم هذه التقنية في التضليل الإعلامي والتكنولوجي خاصة في الدول المتقدمة حيث يمكن فبركة أي حدث أو خبر أو صورة بما يخدم السياسات التضليلية ولو على حساب الشعوب الأخرى.
فضائح العلاقات الأمريكية سالفا، والمتمثلة في تجسس وكالة الأمن القومي الأمريكية والتنصت على 35 من زعماء العالم من بينهم الحلفاء الأوروبيون للولايات المتحدة، والتي هزت ثقة الحلفاء والأصدقاء في الولايات المتحدة بسبب التجسس عليهم، قد يشفع لروسيا في قرصنتها على غريمتها القديمة الحديثة، ويرد لها الصاع، لكنه يوجه تساؤل للعالم أجمع "هل تكنولوجيا المعلومات التي لا يستطيع أي من البشر أن يحيا بدونها نعمة أم نقمة؟".