رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لماذا تعاطف "عرب" مع قاتل السفير الروسي على "فيس بوك"؟ (تحليل)

جريدة الدستور

"الدم ثمنًا للدم" كان ذلك هو الشعار الذي رفعه رواد على مواقع التواصل الاجتماعي، والذين هللوا فرحًا، فور تواتر الأنباء عن مصرع السفير الروسي علي أيدي أحد الضباط الأتراك، معتبرين الحادثة بمثابة عدالة السماء، التي جاءت للقصاص لدماء الأبرياء من شهداء حلب بصفة خاصة، والأراضي السورية بصفة عامة.

الحادثة التي يتوقع البعض لها أن تقود العالم نحو حرب عالمية ثالثة، بعدما تلقي الروسي ثاني طعنة في الظهر خلال فترة وجيزة من حليف الأمس وعدو الغد، المتمثل في نظام الرئيس التركي " أردوغان" لكنها كانت تلك المرة أشد وأنكي من سابقتها، بعدما جاءت الحادثة لتغير من مجرى الأحداث من الرأس حتى القدم.

كثيرون من رواد موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، أيدوا ما حدث بحق " أندريه كارلوف" سفير روسيا في تركيا، والسبب من وجهة نظرهم، تلخص في أن روسيا اختارت عمدا أن تصم أذانها وتعمي أبصارهم، عن النداءات التي طالبتها بضرورة إيقاف هجماتها في حلب، باعتبار أن من يدفع الثمن في النهاية هم المدنيين العزل، الذين لا ناقة لهم ولا جمل، سوي أن قادهم حظهم العثر للوقوع في بين أنياب أنظمة، لا تعرف شيئا عن الرحمة أو الإنسانية.

ورغم محاولات البعض الاخر التنديد بالحادثة، معتبرين أنها تندرج في نطاق الإرهاب، الذي لا دين له، مشددين علي قولهم، بأن السفير الروسي شئنا أم أبينا هو مجرد ناقل ومنفذ للسياسيات العليا، التي تُملي عليه من بلاده، وليس هو المحرك الرئيسي للإحداث، وبالتالي فإن مصرعه نقطة سوداء في الثوب التركي.

لكن سرعان ما خفتت تلك الأصوات، بعدما صب متابعو مواقع التواصل الإجتماعي جم غضبهم علي تلك التبريرات، معتبرين أنها لا محل لها الإعراب، باعتبار أن طباخ السم لابد له من تذوقه، وأن ما يشهده العالم العربي من المحيط إلي الخليج، هو نتاج تلك التدخلات الغربية، والتي حاولت تصدير لباس الجوع والخوف إلي الشرق الأوسط.

لكن وسط تلك الأراء، من المؤكد أن مصرع السفير الروسي، لن يكون هو الحدث الأول والأخير، وأن الأمر برمته مجرد حلقة من حلقات الصراع، سيكتوي بنيرانها آخرين، والدليل كم الهجمات الإرهابية، الذي طال العديد من العواصم الغربية في الآونة الأخيرة، إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.