رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل تنهي"سرت" أسطورة"داعش"ليبيا؟..التنظيم يتقهقر..ورفع العلم الرسمي على المباني الحكومية..أوروبا ترفع درجة الاستعداد لمواجهة العناصر الفارة..ومخاوف من لجؤها إلى مصر وتونس..وعسكريون:حدودنا مؤمنة بالكامل

جريدة الدستور

"داعش" أسطورة صنعت بفعل الأزمات التي عصفت بالدول العربية بعد الأحداث التي عرفت بـ"الربيع العربي" والتي استغلها التنظيم أحسن استغلال بعد تدمير أنظمة الدول وتقتهقر جيوش هذه الدول، فكان لخبرة بعضهم في التعامل مع الاسلحة دور كبير في السيطرة على الأرض واستغلال إتقانهم لعمليات "غسيل الأدمغة" التي احترفوها داخل سجون الدول العربية في الانظمة التي سقطت في تجنيد الآلاف من الشباب المتحمس لصناعة دور له والظهور في شخصية المخلص والبطل حيث تعمدت الأنظمة البائدة إبعاده عن المشاركة في الحياة السياسية والعامة بل في مختلف المناحي فلم تهتم به لإظهار ذاته في الأنشطة الرياضية والثقافية والاجتماعية ليرتموا في أحضان من يحسن استغلال احتياجتهم مهما كان الثمن.

التنظيم قام بتعميم هذه الاستراتيجية في حرب الشوارع وغسيل الأدمغة لاستقطاب الشباب في جميع الدول التي كان له موطئ قدم بها، إلا أنه في بعض المناطق وجد استقبالًا جيدًا بفعل أيدلوجية شعوب هذه المناطق المرتبطة بالدين والتي يحسن التنظيم الإرهابي العزف على هذا الوتر بفكرة إعادة دولة الخلافة وتطبيق الشريعة، فكان له انتشار كبير في عدة أشهر داخل الأراضي الليبية وتساقطت المحافظات الواحدة تلو الأخرى في قبضته وبدأ مشروع تأسيس دولته المزعومة.

انطلاقة التنظيم في ليبيا كانت من مدينة درنة، والتي سيطر عليها نهاية عام 2014 ، بعد ان رفع رايته على المباني الحكومية وحول الملاعب الرياضية إلى ساحات لتنفيذ قرارات الإعدام والجلد بحق المخالفين للتنظيم ولوائحه الحاكمة، وامتد نفوذ التنظيم مستغلًا حالة الصراع القائم بين الجيش الليبي وقوات فجر ليبيا، ليحكم سيطرته في عام 2015 على محافظتي سرت ومصراته ويبث بيانًا يدعوا السكان المحليين لمبايعة قائد التنظيم أبو بكر البغدادي.

امتد التنظيم ليصل إلى عدد من الموانئ النفطية، حيث قاتل بشكل عنيف لمحاولة السيطرة على منطقة الهلال النفطي والتي تحوي المخزون الأكبر من النفط، إضافة إلى احتوائها على مرافئ السدرة ورأس لانوف والبريقة، وتسيطر عليها القوات الليبية حاليًا.

تحرير سرت

قبل ساعات أعلنت عمليات "البنيان المرصوص"، التابعة لحكومة الوفاق الليبية، السيطرة الكاملة على مدينة سرت واستعادتها من قبضة تنظيم داعش بشكل رسمي.

وقالت غرفة العمليات الحربية، في بيان رسمي، "انتهت بشكل رسمي من تطهير آخر منطقة كانت تحت سيطرة تنظيم داعش في سرت بعد مرور 8 أشهر من بداية العمليات ضد داعش في المدينة سرت.

خسائر ومكاسب

محمد الغصري، الناطق الرسمي باسم قوات عملية "البنيان المرصوص"، التي تم تشكيلها في مايو الماضي، اكد أنه تم الإعلان عن تحرير مدينة سرت بالكامل، قائلًا:" منذ بداية العمليات وحتى التحرير، قدمت قوات عملية البنيان المرصوص 720 شهيدًا و3000 جريح، وتم القضاء على نحو 2500 عنصر من مسلحي تنظيم داعش، وعملية التمشيط والقضاء على مخلفات الحرب والألغام، التي زرعها الإرهابيون تحتاج بعض الوقت قد يصل قرابة شهر على الأقل".

قائد عسكري بلواء المحجوب التابع لعمليات البنيان المرصوص، أنه تم رصد خسائر بشرية لتنظيم داعش الإرهابي وصلت إلى 1500 قتيل، قائلًا:"في الأشهر الأولى من القتال لم نكن نجد جثثهم، كانوا حريصين على سحبها، لكن الآن أصبحوا يتركونها للانسحاب بسرعة، نظرا لقصر المسافات بين الطرفين".

الحدود المصرية

اللواء أركان حرب، محمد عبد الله الشهاوي، الخبير العسكري والاستراتيجي، أكد في تصريح خاص لـ"الدستور"، أن قوات إنفاذ القانون الليبية نجحت في دحر التنظيم في سرت والقضاء على العناصر الإرهابية، مشيرًا إلى أن العناصر التي نجحت في الفرار من سرت ستتجه إلى المدن المحيطة لإعادة تنظيم الصفوف والانطلاق من جديد لاستعادة الأراضي التي خسروها بواقع ضربات الجيش الليبي.

وأضاف الشهاوي، :" في ظل تقارير غربية تفيد بفرار عناصر داعشية من سرت باتجاه السواحل الليبية واستقلال مراكب الهجرة غير الشرعية للوصول إلى الأراضي الإيطالية لتنفيذ عمليات إرهابية هناك ، أعتقد أن التنظيم لن يلجأ إلى هذه المجازفة في البحر خاصة وأن هناك مفارز أمنية على السواحل الإيطالية تستطيع رصد هذه العناصر والتعامل معها أو إعادة المشكوك في أمرهم إلى وجهتهم القادمين منها".

وأردف الخبير العسكري،:" عناصر داعش ستتجه إلى الدروب الجبلية لإعادة تشكيل الصفوف فيما هناك احتمال ضعيف بتوجهها نحو الحدود التونسية والمصرية بيد ان القوات المسلحة المصرية لديها استعدادات قوية لمواجهة مثل هذه السيناريوهات على طول الحدود مع ليبيا والبالغة 1200 كم والمؤمنة بواسطة المنطقة الغربية العسكرية حيث يوجد مشروعات تعبوية استراتيجية تم التدريب عليها لمواجهة هذه العناصر".

اللواء أركان حرب، أحمد عبد الحليم، أكد ان تنظيم داعش الإرهابي سيكون أمامه استراتيجيات متعددة للتعاطي مع هزيمته في مدينة سرت، قائلًا:" قد يتجه إلى السيطرة على مناطق أخرى أو تجميع الصفوف والإغارة مرة أخرى على مدينة سرت، فيما الاتجاه ناحية الحدود المصرية سيكون هلًاكا له على أيدى أبطال القوات المسلحة بالمنطقة الغربية وسلاحي الطيران وحرس الحدود".

وأضاف عبد الحليم، في تصريح خاص لـ:" الدستور"،:" لا يوجد نصر حاسم في ليبا حاليًا لكثرة الأطراف المتصارعة فلا يوجد أمر ثابت يمكن الحكم عليه، فيما سيناريوهات لجوء التنظيم إلى أوروبا عبر الهجرة غير الشرعية للوصول إلى السواحل الإيطالية أمر وارد وتم قبل ذلك بتنفيذ عناصر إرهابية هجمات في العمق الأوروبي".

هزيمة مرحلية

وزير الدفاع الفرنسي، " ايف لودريان"، أكد أن هزيمة تنظيم داعش في مدينة سرت خطوة مهمة إلا أنها تعد مرحلة في عمليات دحر التنظيم، قائلًا:" الأمر لم ينته بعد فهناك مجموعات مسلحة توزعت على أراض شاسعة داخل المحافظات الليبية وتشكل خطرًا في السيطرة على مناطق أخرى بخلاف المحررة".

حلف الناتو، أعلن على لسان الأمين العام " ينس ستولتبيرغ"، عن توسيع مهام العمليات البحرية قبالة السواحل الليبية للحد من تسرب الأسلحة والأفراد إلى الدول الأوروبية في ظل تضييق الخناق على التنظيم في المناطق الليبية وطرده من مدينة سرت.

تونس والجزائر

حراك وحدات الجيش التونسي والجزائري لم يتوقف خلال الفترة الماضية على طول حدودهما مع ليبيا وسط إعلانات عن ضبط خلايا تابعة لتنظيم داعش ومواقع كان يجهزها لنقل مواقعه وشن هجمات في مناطق أخرى خارج ليبيا، حيث اكدت السلطات الجزائرية ضبطها لكمية أسلحة تشمل 17 صاروخا مضادا للطيران على مشارف محافظة وادي سوف الحدودية مع ليبيا.

القوات التونسية، تمكنت من كشف مخزنين للسلاح في منطقة بن قردان المتاخمة للحدود الليبية بالإضافة لإعلانها عن تمكنها من قتل "طلال السعيدي" زعيم منظمة إرهابية موالية لتنظيم داعش.

الأفريكوم

قوات "الأفريكوم" أعلنت قلقها من تسرب عناصر داعش إلى وجهة غير معلومة، بعد تسلمها تقارير تفيد بوجود تحركات لأرتال مسلحة تابعة للتنظيم فارة من سرت وصلت إلى مناطق ليبية وغير ليبية، وأنها ترصد تحركاتها عن كثب، فيما تعد قيادة "أفريكوم" خططًا بناء على معلومات استخباراتية مرجحة أن سلاح الجو الأميركي قد يوسع من عملياته الجوية الحالية في سرت إلى خارج المدينة لملاحقة العناصر الفارين.

تقارير غربية، اكدت أن تنظيم داعش بدا يتجه نحو الشمال الليبي للوصول إلى السواحل الإيطالية لتنفيذ عمليات إرهابية في أوروبا، حيث يستغل عناصر التنظيم قوارب الهجرة غير الشرعية للوصول إلى السواحل الإيطالية، حيث كشفت وثائق لتنظيم داعش عثر عليها في مدينة سرت المحررة، وصول عناصر فارة من المدينة إلى مدينة "ميلانو" الإيطالية، وهو ما ينذر بهجمات إرهابية محتملة داخل الاراضي الإيطالية خلال الفترة المقبلة.