رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصر تفتح "أبواب الشك" في وجه فرنسا.. شبح الإرهاب يطارد "الطائرة المنكوبة".. مفاجأة القاهرة تربك حسابات باريس.. والتقصير الأمني يحرج "شارل ديجول"

جريدة الدستور

مفاجأة مصرية تطلق أجنحة الغموض حول لغز اختفاء الطائرة المصرية المنكوبة في مايو الماضي، وذلك بعدما كشفت لجنة التحقيق المصرية في آخر تقرير لها، عن وجود مواد متفجرة في رفات بعض ضحايا الحادث، الأمر الذي يعد تطورًا مفاجئًا في مسار التحقيقات، وهو ما من شأنه ترجيح فرضية الهجوم الإرهابي وراء الحادث، وليس خطأ تقني مثلما أشيع في بادئ الأمر.

"اختفاء الطائرة المصرية"
وكانت طائرة مصر للطيران، أقلعت من مطار "شارل ديجول" بباريس في 19 مايو الماضي، وأثناء تحليقها في المجال الجوي اليوناني اختفت من شاشات الرادارات، وكان على متنها 66 شخصًا بينهم طفل ورضيعان، و7 من طاقم الطائرة إضافة إلى 3 من أفراد الأمن، ولم يتم العثور عليها بعد محاولات عديدة، ما رجح احتمال سقوطها وتحطمها، فيما جرت عمليات بحث واسعة امتدت إلى أسابيع بحثًا عن حطام الطائرة.

وفور اختفاء الطائرة، أصدر وزير الطيران المدني المصري شريف فتحي، قرارًا بتشكيل لجنة التحقيق في حادث تحطم الطائرة المصرية المنكوبة، فيما أعلن الجيش المصري، العثور على أجزاء من حطام الطائرة المصرية المنكوبة في مياه المتوسط، وبعض الأمتعة الشخصية التي تعود لركاب الطائرة.

وفتحت مصر أبواب التحقيق الرسمي في حادث اختفاء الطائرة، وفي متصف يونيو الماضي، تمكنت لجنة التحقيق من العثور على الصندوق الأسود للطائرة، وعليه بعض الأضرار، الذي كان يحتوي على محادثات قمرة القيادة للطائرة المنكوبة.

"عمل إرهابي"
وجاء آخر تقرير للجنة التحقيق في حادث تحطم طائرة أول أمس الخميس، ليقلب موازين التحقيقات رأسًا على عقب، إذ كشف تقرير الطبيب الشرعي المصري، عن تضمن إشارة إلى العثور على آثار مواد متفجرة ببعض رفات ضحايا الحادث.

وأضافت اللجنة في بيان لها، أنه تطبيقًا للمادة رقم (108) من قانون الطيران المدني رقم 28 لسنة 1981 والمعدل بالقانون رقم 136 لسنة 2010، التي تقضي بأنه إذا تبين للجنة التحقيق الفني وجود شبهة جنائية وراء الحادث وجب عليها إبلاغ النيابة العامة، وعليه فإن لجنة التحقيق الفني قد أحالت الأمر إلى النيابة العامة، كما وضعت اللجنة الفنية خبراتها تحت تصرف النيابة.

"الرد الفرنسي"
وفي أول رد للجانب الفرنسي، صرح المتحدث باسم هيئة سلامة الطيران الفرنسي أول أمس الخميس، أنه في غياب معلومات تفصيلية عن الظروف، التي تم فيها أخذ العينات من رفات الضحايا، والإجراءات التي أدت لاكتشاف آثار متفجرات، فإن هيئة سلامة الطيران تعتبر أنه لا يمكن في هذه المرحلة استخلاص أية نتائج حول سبب الحادث، الذي أدى إلى مقتل 66 شخصًا، حسبما نقلت وكالة "فرانس برس".

من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية، إن وزارة الخارجية المصرية أبلغت وزارته، "بتقرير للجنة التحقيق التي شكلت في أعقاب حادثة الطائرة"، مضيفًا أن: "التحقيق سيستمر من أجل تحديد الأسباب الدقيقة لاختفاء هذه الرحلة".

وتابع، أن "فرنسا تبقى، كما كانت منذ وقوع هذه الحادثة المأساوية تحت تصرف السلطات المصرية المعنية للمساهمة في هذا التحقيق، بما في ذلك من خلال خبرائها"، مؤكدًا أن فرنسا تأمل، بعد إحالة هذا التقرير إلى النيابة العامة، أن يتم تسليم جثامين الضحايا في أسرع وقت ممكن إلى ذويهم.

"مسألة جنائية"
الدكتور إبراهيم أحمد رئيس قسم القانون الدولي بجامعة عين شمس سابقًا، أكد أن العثور على متفجرات في أشلاء الضحايا يعد دليًلا على وجود عمل إجرامي وإرهابي وراء الحادث، وبالتالي تصبح المسألة جنائية وليس حادث بسبب خطأ فني أو خطأ في القيادة، وإنما بفعل فاعل.

وأضاف في تصريحات خاصة لـ "الدستور"، أن الدلائل تشير إلى أن هذا الحادث وقع داخل كبينة الطائرة وهي مقلعة من فرنسا، وهو ما يعني أنه في حالة وجود متفجرات وراء الحادث، فإنها قد دخلت إلى الطائرة المصرية أثناء وجودها على الأراضي الفرنسية.

وأشار أحمد، إلى أن وجود الطائرة المصرية في فرنسا يجعل الأخيرة مسؤلة عن تأمين الطائرة وحمايتها، وهو ما يقتضي بالضرورة اتباع كافة الوسائل المتعارف عليها دوليًا لمنع دخول أية مواد مواد متفجرة للطائرة، لافتًا إلى أن الدلائل الأخيرة تترتب عليه وقوع مسؤلية أمنية على السلطات الفرنسية، لعدم اتباعها الإجراءات الأمنية اللازمة.

وأوضح، أن الأمر يستلزم وجود تعاون مشترك مع باريس لاستكمال التحقيقات مع مسؤلي المطار، التي أقلعت منه الطائرة، خاصة أن هناك اتفاقية تعاون قضائي بين مصر وفرنسا، وبالتالي لابد من التعاون الثنائي بينهما للوقوف على ملابسات الحادث، والوصول إلى المتهم.

وفيما يخص التعويضات، صرح أحمد، أن الدلائل الأخيرة حول وجود متفجرات في رفات الضحايا، سوف يساعد في أن تكون الحكومة الفرنسية هي المسؤلة عن التعويضات، وليست شركة "مصر للطيران"، خاصة إذا انتهت التحقيقات إلى إدانة السلطات الفرنسية.

من جانبه، قال اللواء نصر سالم الخبير الأمني، أنه مع الاكتشاف الأخير، تم إحالة الأمر إلى النيابة العامة للتحقيق فيها على أنها جناية، لافتًا إلى أنه مع الدلائل الجديدة يتضح الحادث باعتباره عمل إرهابي، وهو ما سيتم التأكد منه من خلال التتبع مع الجانب الفرنسي.

وأضاف في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن وجود هذه المتفجرات يلقي بالمسئولية على كاهل فرنسا، التي خرجت منها الطائرة، وهي المسئولة عن تأمينها، مشيرًا إلى أن التحقيقات سوف تستمر في مسارها الطبيعي بين القاهرة وباريس، لمعرفة من قام بوضع هذه المتفجرات، وتحديد المسؤلية الفرنسية، سواء من خلال التأمينات أو التعويضات.