رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"السلطان العثماني يتحرر من أغلاله"..توسيع الصلاحيات مراوغة "أردوغان" الأخيرة لاغتصاب السلطة .. والانقلاب ورقته الرابحة لتغيير نظام الحكم

جريدة الدستور

علي إعتاب مرحلة جديدة صارت الدولة التركية تنتظر تحولًا مرتقبًا في طبيعة نظامها السياسي الذي ظلت لعقود طويلة يقع في قبضة المجلس النيابي، حتي أصطدم بأطماع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الرامية نحو توسيع صلاحياته بعد التحول إلي النظام الرئاسي بدلا من البرلماني.

ففي عشرينات القرن الماضي اتجهت للنظام العلماني، بعد خروجها من النظام الاسلامي العثماني، وكان التغيير بقيادة مصطفي كمال أتاتورك "أبو الأتراك" وبدأ في تأسيس الجمهورية التركية الحديثة، وتم وضع دستور عام 1924، وتلاه بعد سنوات طوال دستور 1961و 1982، والأخير هو المعمول به حتي الآن، والذي يرسخ مكانة كبيرة للجيش التركي، ويفتح باب للانقلابات العسكرية كما يصفه مؤيدوا حزب الحرية والعدالة التركي الحاكم.

ويحاول حزب العدالة والتنمية جاهدًا، تعديل الدستور التركي، من النظام البرلماني القائم حاليًا، للنظام الرئاسي، وطالب الرئيس التركي الحالي، ورئيس الوزراء الأسبق رجب طيب أردوغان، أكثر من مرة بتعديل الدستور، ليكون النظام الرئاسي هو نظام الحكم في تركيا.

ويمنح الدستور التركي الحالي صلاحيات متوازنة بين رئيس الوزراء والبرلمان، في حين يكون رئيس الجمهورية مهمش بشكل كبير، دوره مقتصر علي المراسم والاحتفلات والزيارات، بدون سلطات تنفيذية حقيقة، كما يحق للبرلمان عزل الحكومة، وايضًا عدم تشكيل الحكومة قد يحل البرلمان.

وهو النظام الذي تسبب في أزمة كبيرة في الانتخابات التركية التي جرت في منتصف العام الماضي، وتسبب في أزمة تشريعية، وغياب للسلطة تزامنت مع أعمال شغب وتفجيرات، حتي تم انتخاب البرلمان التركي، بينما لم يتمكن حزب العدالة والتنمية من تحقيق نسبة كفيلة بمنحه الحق في تشكيل الحكومة، وكان لزامًا عليه أن يتعاون مع أحزاب المعارضة، والتي رفضت بدورها أن تشارك، إلا بعد وضع شروطها المرفوضة من جانب العدالة والتنمية.

وبعد مرور فترة 45 يوم وهي الفترة الممنوحة لرئيس الحكومة، أحمد داود أوغلو، والتي انتهت بالفشل وعدم القدرة علي تشكيل حكومة جديدة للبلاد بالتعاون مع باقي الاحزاب، دعا الرئيس التركي رجب طيب ارودغان لإعلان اجراء انتخابات برلمانية جديدة في تركيا، طبقًا للدستور التركي.

وتمكن حزب العدالة والتنمية من حصد الإغلبية التي تسمح له بتشكيل الحكومة في 1 نوفمبر 2015 في انتخابات الاعادة، وعقب فوز الحزب في الانتخابات دعا رئيس الوزراء احمد داود أوغلو الأحزاب التي دخلت البرلمان إلى وضع دستور وطني مدني جديد، وقال" فلنعمل معا نحو تركيا لا يوجد فيها صراع وتوتر واستقطاب ويعيش فيها الجميع في سلام".

ومنذ لك الحين ولا ينفك رئيس الوزراء السابق أحمد دواد أوغلو، او الحالي بن علي يلدريم، أو الرئيس التركي رجب طيب أرودغان، عن التصريح بأهمية اجراء تعديلات دستورية تحول تركيا من النظام البرلماني للرئاسي، الذي يحقق الاستقرار، ويضمن حريات المواطنين من وجهة نظر الحرية والعدالة.

ويطمح أردوغان الذي انتخب في العام 2014 للاستمرار علي رأس السلطة حتي العام 2024، لكي يكمل فترتي حكمه كرئيس للدولة، ولكن طموحه يشمل "صلاحيات واسعة" ليست متوفرة الآن، وهو ما يسعي الحزب له.

وفي هذا السياق، أعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، بالأمس، أن حزبه "العدالة والتنمية" سيعرض غدًا – أي السبت- على البرلمان، مقترح تعديل دستوري للانتقال إلى النظام الرئاسي تم إعداده بالتعاون مع حزب "الحركة القومية" المعارض، مشيرًا أن الانتقال إلى النظام الرئاسي من خلال المقترح المذكور، من شأنه أن يغلق الباب أمام الحكومات الإئتلافية في تركيا.

وأكد يلدريم خلال كلمة له في ميناء "يلوس" أن العمل مستمر على تعديلات دستورية من أجل إنقاذ تركيا من الانقلابات، ومحو حالة عدم الاستقرار من تاريخ السياسة التركية تمامًا.

وكان قد صرح رئيس حزب الحركة القومية التركي المعارض دولت بهجلي في وقت سابق علس حساب التدوينات القصيرة الخاص به "تويتر"، عقب لقاء له مع يلدريم، بقوله "نرى أفكار رئيس الوزراء بشأن الدستور والتي أطلعني عليها إيجابية ومناسبة"، مضيفًا أنه "في حين لا يوجد اتفاق سياسي حتى الآن فإنني آمل أن تتمكن الفترة المقبلة من حل الوضع الفعلي الذي فُرض على البلاد".

وهنا تجدر الاشارة ان حزب العدالة والتنمية صاحب مشروع التعديل، يمتلك 317 مقعدا في البرلمان الحالي، وهو عدد غير كافي لتمرير التعديلات، وهناك حالة من اثنين، إذا حصل المقترح على موافقة 330 عضوا أو أكثر، - وهو أقل من ثلثي الأعضاء- يتم عرضه على رئيس الجمهورية، وفي حال إقراره، يتم نشر المقترح في الجريدة الرسمية تمهيدا لعرضه الاستفتاء شعبي.

والحالة الأخري، هي حصوله علي أكثر من 367 صوت، من 550 أي ثلثي اعضاء البرلمان، يتك اعتماده من رئيس الجمهورية، ونشره في الجريدة الرسمية ليصبح نافذ.

ويمتلك حزب العدالة والتنمية، حليف له في تلك التعديلات وهو حزب الحركة القومية، والذي يملك 40 مقعدًا، وهو ما يجعل تعاونهم معًا كفيل بتمرير التعديلات دون الحاجة للاستفتاء.

فيما ويمتلك حزب الشعب الجمهوري وهو أكبر الأحزاب لمعارضة 133 مقعدا، وحزب الشعوب الديمقراطي 59 مقعدا، إضافة إلى نائب مستقل واحد، وهو ما يبعدهم عن التأثير الحقيقي في المشهد.

وعن نقطة الاستفتاء، أكد بن علي يلدريم، أنه بعد مصادقة التعديلات من البرلمان سيتم إحالتها للشعب، في استفتاء جماهيري، مضيفًا "نحن نؤمن بأن الحل النهائي للمشاكل والأزمات في تركيا هو الشعب".