رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حزب الرئيس «2-2»


استكمالاً لمقالنا أمس نؤكد على أن التجربة الحزبية فى مصر أثبتت فشلها بعد أن تحولت الكيانات الحزبية إلى مجرد جمعيات دفن موتى، لا يتعدى دورها مجرد موالاة السلطة بداية من الاتحاد الاشتراكى الذى كان يوالى السلطة ومروراً بالحزب الوطنى الذى دأب على منافقة السلطة، وأخيراً دعم مصر الذى استكمل المسيرة ذاتها طمعًا فى تحقيق مكاسب شخصية. وأن الوضع الراهن يحتاج إلى تقليص عدد الأحزاب إلى ما لا يتعدى خمسة أحزاب فقط يمارسون عملًا حقيقيًا فى الشارع من خلال برامج محددة بالاعتماد على كوادر ولقاءات جماهيرية، لتهيئة مناخ سياسى لكى تظهر أحزاب حقيقية. إن فكر النظام الحالى سيخنقه فى النهاية فهو يعتمد بشكل رئيسى على احتواء الجنرال فى دائرة ضيقة للغاية، واستبعاد كل القوى المدنية الأخرى، وتشكيك الإعلام الموالى له بشكل مفضوح فى 25 يناير.

كما أن الدستور المصرى الجديد يقف عائقاً أمام إنشاء حزب الرئيس، يل يمنع ذلك، ولعلنا نتذكر جيداً مساعى رئيس الوزراء الأسبق الدكتور الجنزورى لتشكيل تجمع وطنى لخوض الانتخابات البرلمانية، وقيل وقتئذ، إن الهدف هو تشكيل «تحالف» انتخابى محسوب على الرئيس السيسى، ومن هنا أجهضت هذه المحاولة، وتراجعت الأحزاب التى أعلنت موافقتها للانضمام إلى هذا التكتل الانتخابى الوطنى. عانت التنظيمات السياسية فى مصر خلال فترة حكم الرئيس محمد حسنى مبارك «1981-2011» من عدة أزمات أدت إلى تراجع مستوى الدور الذى تمارسه على صعيد العمل السياسى والاجتماعى والثقافى، وبعض هذه الأزمات يتعلق بمشكلات عامة تواجهها غالبية هذه التنظيمات بغض النظر عن طبيعتها أو نوعية نشاطها، ويتعلق البعض الآخر بطبيعة تلك التنظيمات ومجال عملها. وتأتى أهمية دراسة التنظيمات السياسية وخاصة التنظيمات الحزبية، باعتبارها من أهم القوى السياسية الفاعلة فى المجتمع والمؤثرة فى توجهات السلطة الحاكمة، حيث يشير الواقع إلى أنه لا يمكن أن يستقيم العمل السياسى ولا السلطة السياسية الحاكمة فى أى بلد دون وجود الأحزاب السياسية المعبرة عن إرادة وآراء واتجاهات فئات واسعة فى المجتمع، كما أن النظم الآخذة فى النمو تحتاج أكثر من غيرها إلى الأحزاب لتنشيط الحياة السياسية وتحقيق فرص أوسع للوصول إلى الديمقراطية، مما دعا البعض للقول بأن السمة الأساسية للتعددية السياسية تتمثل فى تعدد الأحزاب السياسية وإمكانية تداول السلطة بينها، ومن ثم إمكانية التغيير السلمى للسلطة وتحقيق مبدأ الديمقراطية ألا وهو تداول السلطة.

ليست الظروف المحيطة، وبيئة العمل السياسى فى مصر صحية بالدرجة الكافية، فالطبيعى أن أزمة التنظيم فى مصر تأتى عاكسةً لأزمة الوضع العام، ونكون قساةً إذا ما حمَّلنا أنفسنا فقط الأزمة، لكنْ يجب أن نحترس من أنْ تتحول الأزم العامة لمشجب/ شماعة، نُعَلْقُ عليه فشلنا وأخطاءنا، التعلم من الأخطاء يجب أنْ يكونَ سمة أساسية لأى ماركسى حقيقى، وإلا بات بوقًا أجوف لا يقدم ولا يؤخر!! إلا أن ذلك ظل نخبويًا، بل إنَّ البعض كان ينظر إلى تلك الرؤى نظرة سلبية، بل و يتهمها، وهو ما عاق تعميم تلك الرؤى داخل الأحزاب و التنظيمات فى عمومها، إلا القليل منها، ومن ثم وضعها فى سياقها الموضوعى و البناء عليها فى المستقبل، لتركيم «وهى على وزن تفعيل: من مراكمة» معارف و خبرات علمية خاصة بمصر، وأنْ تكون هناك رؤية ماركسية لمصر، أى نابعة من الواقع المصرى، ليست جاهزة ودخيلة عليه، وبالتالى يكون هناك رؤية مصرية للماركسية «الجدل بين الخطين»، كما فعل «لينين» فى روسيا، و«ماو» فى الصين، وبعض التجارب «الأفريقية»، وأمريكا «اللاتينية»، ما يمكن أن نسميه مصرنة الماركسية أو تمصيرها.