رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حزب الرئيس «1-2»


إن تأسيس حزب تحت قيادة الرئيس يقضى على التجربة الحزبية فى مصر، ولن يؤدى إلى أى تحول ديمقراطي، هناك وجهتا نظر فى هذا الشأن. الأولى تؤيد هذه الفكرة وترى أن هذا الحزب سيكون بمثابة الظهير السياسى للرئيس، ويمكنه الاعتماد عليه كأداة للتواصل مع المواطنين، وآلية للحشد والتعبئة لمساندة سياساته.

عدد قليل من أنصار وجهة النظر هذه يتحدث عن دور حزب الرئيس فى تقديم المشورة والمقترحات، أو أنه يُمكن أن يكون آلية لتفريخ وإعداد القيادات السياسية، أو ضمانة لاستمرار نهج الرئيس بعد انتهاء فترة حكمه. هل كانت مفاجأة أن ينتهى مؤتمر شرم الشيخ دون أن يعلن السيسى عن «حزب الرئيس» الأحزاب الناجحة التى نتحدث عنها تقوم على أفكار وإطار أيديولوجى واضح يحدد حركتها السياسية والاقتصادية، ولا تبنى على أشخاص فقط حتى لو امتلكوا سمات الزعامة. والرئيس السيسى يبدو حتى الآن أنه ينتمى إلى المدرسة البرجماتية العملية التى تسعى لحل المشاكل دون الارتباط بإطار أيديولوجى معين. أى يتعامل مع التحديات التى تواجه مصر بمرونة أيديولوجية، والمهم لديه أن يتم مواجهة هذه التحديات. إنشاء حزب يرتبط بالرئيس فى هذه المرحلة سوف يعني، بكل وضوح، أنه حزب الدولة، وسوف تجد مؤسسات الدولة حرجاً فى ألا تساعد هذا الحزب.والسؤال: هل كان المؤتمر أصلاً للإعلان عن تشكيل حزب لدعم السيسى؟.. وهل كان الرئيس فى حاجة إلى حزب من هذا النوع، على غرار الاتحاد الاشتراكى وحزب مصر؟.. أم أن الرئيس مازال مدعوماً بأكبر حزب مصرى حتى الآن؟

ولو فكر الرئيس فى حزب سياسي، لسقطت الأحزاب الأخرى فوراً!. فى مصر يهرول الناس فرادى وجماعات نحو حزب السلطة، ظناً منهم أنهم يناسبون الحكومة، وانهار الحزب الوطنى أسرع من قصور الرمال التى تجرفها الأمواج، لأنه احتكر السلطة وقوض مفهوم التعددية السياسية، ولم يسمح بظهور حزب معارض آخر، يتبادل معه الحكم إذا أرادت الجماهير التغيير، ولم يؤمن أبداً بالقاعدة التى تقول «أهم من الحزب الذى يحكم هو الحزب المرشح للحكم»، فلا تعددية بحزب واحد وحوله أحزاب كومبارس، يتم استدعاؤها أيام الانتخابات وصرفها بعدها.

أن تشكيل حزب سياسى يدعم الرئيس ويكون له ظهير سياسى وشعبي، أصبح أمراً مهماً جدًا خاصة بعد الأزمات وحالات الجدل التى ثارت الأيام الماضية فى العديد من القضايا العامة، دون أن يكون هناك من يستبق البيانات الرسمية للحكومة، بتصريحات إعلامية تتضمن معلومات إضافية. لأن الرئيس السيسى، يحتاج إلى ذراع سياسية للتواصل مع الكيانات السياسية الأخرى والقواعد، خاصة بعد فشل ائتلاف «دعم مصر» فى تشكيل جبهة موحدة قوية، مشيرًا إلى ضرورة إنجاز قومى جديد لدعم شعبية الرئيس، عن طريق إنجاز مشروعات قومية كبيرة على غرار قناة السويس الجديدة، أو إنجاز مشروع استصلاح الـ 1.5 مليون فدان. إنه من المنطقى أن ينتمى رئيس الجمهورية لحزب سياسي، ولكن الخبرة التاريخية المصرية وطبيعة الظروف التى تمر بها البلاد تجعل من الأفضل ألا يؤسس السيسى حزباً، على الأقل فى هذه المرحلة، لأن هذا الحزب - ومهما خلصت النوايا – سوف يحمل ميراث أحزاب الدولة التى أنشئت منذ عام 1952 وسوف يمثل قيداً على حركة الرئيس. إنه عندما يشكل حزب يحظى بدعم الرئيس سرعان ما يهرع كل المنافقين والراغبين فى الاستفادة من سلطة الرئيس، وليس بالضرورة المؤمنون بمبادئه وأفكاره، بخلاف إن الأمر غير طبيعى ويخالف المتعارف عليه من أن يأتى الحزب بالرئيس إلى السلطة وليس العكس.