رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فتوح الشاذلي يكتب ..رسالة حب ... درس من إيطاليا

جريدة الدستور

خرج رئيس الوزراء الإيطالي مانيو رينزي علي شعبه منذ أيام بخطاب تاريخي أعلن فيه إستقالته من منصبه .. قال رئيس الوزراء في الخطاب الذي نقله التليفزيون الإيطالي علي الهواء مباشرة .. لقد تحدث الشعب الإيطالي بشكل واضح لا شك فيه ومهمتي كرئيس للوزراء تنتهي هنا .. وأتحمل مسئولية نتائج الإستفتاء كامله ..

فهم رئيس الوزراء رسالة شعبه والتي جاءت عبر صناديق الإقتراع .. واستجاب لتلك الرساله وكتب لنفسه صفحة بيضاءفي سجل القاده والرؤساء .

تولي رينزي رئاسة وزراء إيطاليا في بداية عام 2014 أي منذ ما يقرب من 3 سنوات وكان عمره وقتها 39 عاما ' وكان أصغر رئيس وزراء في تاريخ إيطاليا ' واكتسب خبره كبيره في العمل السياسي وإدارة شئون الدوله من كونه رئيسا لمقاطعة فلورنسا في فتره سابقه .

منذ عدة أشهر ظهرت في الأفق بوادر أزمه إقتصاديه في إيطاليا تحرك علي اثرها رئيس الوزراء ووضع خطه عاجله تقوم علي إعادة النظر في منظومة الحكم في البلاد ' وكذلك السلطات الممنوحه لبعض المؤسسات .

قرر رينزي طرح الإصلاحات في استفتاء شعبي ' وتعهد بالإستقاله في حالة رفضها من قبل الشعب .. وأثارت التعديلات لغطا كبيرا خاصه فيما يتعلق بالإصلاح الدستوري الذي يتضمن تقليص اختصاصات مجلس الشيوخ .

خرج الشعب بكثافه ووصلت نسبة  التصويت 65% وهي نسبه حضور غير مسبوقه..  وكانت الرساله واضحه لا للتعديلات حيث وصلت نسبة الرافضين إلي 59% .. هنا احترم رئيس الوزراء نفسه واحترم شعبه وقرر أن يتنحي .. لم يكن التنحي تمثيلية وهو المفهوم السائد عندنا في دول العالم الثالث وتجسد في تمثيلية التنحي التي أخرجها الرئيس عبد الناصر في أعقاب هزيمة يونيو .. ولكن الرجل تنحي بالمفهوم الحقيقي حيث وجه خطابا إلي شعبه أعلن فيه إحترامه لنتيجة الإستفتاء وأعلن إستقالته وأعقب ذلك باجتماع لمجلس الوزراءقدم فيه الشكر لأعضاء حكومته .. ثم تقدم بخطاب الإستقاله مكتوبا إلي الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا .

كان بإمكان رئيس الوزراء الإيطالي أن يستمرفي الحكم لأن الاستفتاء لم يكن علي شخصه وإنما كان علي تعديلات تقدم بها .. ولكن الرجل فعل ما فعله الزعيم شارل ديجول مؤسس فرنسا الحديثه عندما طرح تعديلات علي الشعب الفرنسي في استفتاء عام وتعهد بالاستقاله في حالة رفضها .. واستقال الرجل بكل شموخ بعد أن قال الشعب الفرنسي كلمته..  ورحل عن الدنيا بعدها بعام .. ولكنه ظل باقيا في ذاكرة التاريخ .

إنهم قاده احترموا أنفسهم واحترموا شعوبهم .. أما نحن فرئيس الوزراء عندنا يعلم يقينا أن الشعب يرفضه ويرفض سياساته الفاشله ويكتوي بنيران قراراته العشوائيه وأن هذا الرفض يزيد عن 80% إن لم يكن أكثر لأن الفئات المستفيده والتي لا تعاني لا تتعدي 10% '  ورغم ذلك فالرجل باقي غير عابئ بما يحدث وكأن الأمر لا يعنيه وسيتوجه إلي البرلمان خلال أيام ليلقي بيان الحكومه الدوري وكأن شيئا لم يكن .. هذا هو الفارق بيننا وبيهم فأين نحن منهم .?