رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"الكنانة" ميزان العدالة العربية.. تدشين أول "محكمة تحكيم دولي" في القاهرة.. خسائر اللجوء للخارج تعجل من إنشائها.. وقوانين النظام القضائي تعرقل تنفيذها

جريدة الدستور

حدثًا فريدًا يشهده العالم العربي للمرة الأولى من نوعه، بعد أن أعلنت الجمعية العمومية للاتحاد العربي، عن تدشين أول محكمة عربية للتحكيم الدولي في المنازعات التجارية والاستثمارية، بهدف حل هذه المنازعات داخل المنطقة الواحدة بما يكفل تنمية العلاقات التجارية والاقتصادية بين الدول العربية.

ومن المقرر اختيار القاهرة مقرًا للمحكمة العربية بوصفها دولة مؤسسة لمجلس الوحدة الاقتصادية، على الرغم من تقدم دول أخرى بطلبات لاستضافة مقر المحكمة إلا أنها لا تتمتع بعضوية مجلس الوحدة الاقتصادية، لذا أوصت الجمعية العمومية للاتحاد بإمكان إنشاء فروع أخرى للمحكمة فى تلك الدول.

وتتشكل المحكمة من هيئات تحكيم يختارها الأطراف المتنازعة، وفي حال عجزها عن الاختيار تتولى إدارة المحكمة اختيار المحكمين، وتم اختيار الدكتور أحمد فتحي سرور رئيسًا للمحكمة العربية للتحكيم الدولي، كذلك تم اختيار الدكتور حسن حماد أمينًا عامًا للمحكمة، ومحمد أبوالعينين نائبًا لرئيس المحكمة عن رجال الاقتصاد.

ويجرى حاليًا استكمال تشكيل هيئة المحكمة لاختيار بقية النواب وأعضاء اللجنة الاستشارية، وكذلك أعضاء مجلس الأمناء ومن المقرر اختيارهم من رجال القضاء والمحاماة البارزين فى الدول العربية ومن المستثمرين أيضًا.

وتضم المحكمة 10 دوائر وتخصص المحكمة دائرة للمنازعات الاقتصادية والاستثمارية بين الدول و9 دوائر للمنازعات بين الأفراد وسيكون لهذه المحكمة ممثلون فى كل دولة عربية يشكلون مجلس أمناء المحكمة، وسوف ينشأ بالمحكمة جدول للمحكمين لمن تتوافر فيهم شروط التحكيم، ومن المقرر أن تعلن المحكمة في الأيام المقبلة شروط اللجوء إليها والقواعد التى يخضع للتحكيم فيها.

وتباينت آراء الخبراء حول جدوى هذه الخطوة وأهميتها بالنسبة للدول العربية، حيث رأى البعض أنها خطوة جيدة وهامة في الوقت الراهن، وسوف تساهم في تشجيع الاستثمارات العربية وعمليات البيع والشراء بين الدول، فيما رأى آخرون أن قواعد التحكيم الدولي تتعارض مع قوانين القضاء الثابتة، وبالتالي لابد من مراجعة الأمر وإعادة النظر فيه.

الدكتور إبراهيم أحمد الرئيس الأسبق لقسم القانون الدولي بجامعة عن شمس، أكد أن فكرة إنشاء محكمة عربية للتحكيم الدولي أمر غير مفهوم ولابد من مراجعته وإعادة النظر فيه، نظرًا لوجود فرق بين قوانين المحكمة، وقواعد التحكيم، لافتًا إلى أن قواعد التحكيم تقوم على الاختيار والإرادة وفض كل نزاع على حدا، وهو ما يتعارض مع النظام القضائي للمحكمة الذي يملك قواعد ثابتة ومحددة.

وأضاف في تصريحات خاصة للـ"الدستور"، أن الغرض من هذه الفكرة ربما يكون إنشاء مركزًا للتحكيم العربي، وهو ما تفتقر إليه الدول العربية بالفعل، مشيرًا إلى أن الوطن العربي بحاجة إلى مركز موحد ومحايد يمكن اللجوء إليه، حيث تتوافر في كل دولة عربية مركزًا للتحيم، إلا أنها تتفاوت في أهميتها ودرجة اللجوء إليها، سواء من جانب الأطراف المتنازعة، أو من جانب السلطات لدى بعض هذه الدول.

وأشار أحمد، إلى أنه يتعين ضرورة إنشاء مركز عربي للتحكيم الدولي بين الدول العربية، يضم ما يحتاج إليه من خبرات، مشددًا على أنه لابد أن يكون هذا المركز بعيدًا عن أي سلطة، أو أي تدخل حكومي.

من جانبه قال السفير معصوم مرزوق مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن إنشاء محكمة عربية للتحكيم الدولي، تعد خطوة مهمة للغاية، حتى وإن جاءت متأخرة إلا أنها أفضل من ألا تأتي أبدًا، منوهًا إلى أن لجوء التعاملات العريبة إلى التحكيم الدولي في الخارج كان يعرضها لخسائر كبيرة ونفقات باهظة.

وأضاف في تصريحات خاصة للـ"الدستور"، أن هذه المحكمة سوف تكون أقرب إلى المجتمعات العربية وأكثر فهمًا لطبيعتها، وبالتالي سوف يكون عاملًا إيجابيًا للتعامل مع المشكلات الاقتصادية للدول العربية، ما يشجع هذه الدول على المخاطرة في مجالات الاستثمار والبيع والشراء.

وأوضح مرزوق، أن مصر بموقعها الجغرافي المتوسط بين جناحي الوطن العربي الشرقي والغربي، يجعلها مؤهلة لأن تكون مقرًا للمحكمة العربية، فضلًا عن امتلاكها الخبرات والقدرات الكافية التي تسطيع من خلالها إدراة هذا العمل بكفاءة، مؤكدًا أن هذا الأمر لا يقلل من شأن الدول العريبة الأخرى وليس هناك أي غضاضة منه، وإنما لابد أن تسعد الدول العربية بتوافر هذه الكفاءات بما يخدم المصلحة العربية.