رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دماء الأبرياء تصرخ للسماء


أول جريمة قتل فى تاريخ البشرية تخبرنا عنها التوراة وذلك عندما قام قابيل بقتل أخيه هابيل اللذين لم يكن على وجه الأرض غيرهما ولكنها لم تسعهما وسعى أحدهما إلى التخلص من الآخر وسفك دمه..وقد جاء تقرير السماء غاضباً ومندداً بما حدث حيث أعلنت السماء انزعاجها من مشهد الدماء وقد جاء الصوت صارماً قائلاً «ماذا فعلت صوت دم أخيك صارخ لى من الأرض فالآن أنت ملعون من الأرض التى فتحت فاها لتقبل دم أخيك من يدك» إنه نفس الصوت الذى تصرخ به دماء الألوف والربوات من الأبرياء من الأطفال والنساء الشيوخ و الرضع فى كل ربوع الوطن العربى وسط لعنات الأرض التى فتحت فمها لتستقبل دماءهم الطاهرة لمرتكبيها .. إنهم الفاسدون من الموتورين الذين شوهت الحقائق داخل عقولهم بفعل تلك الأفكار الشاذة والمريضة والتفاسير الغريبة للدين وهو منهم براء.. فراحوا يعيثون الفساد والدمار والخراب فى الأرض وإعمال القتل فى النفوس دون تمييز أو شفقة أو رحمة لقد حولوا ربوع الوطن العربى إلى جحيم لا يطاق.. إن السبب الحقيقى وراء ذلك السيل من الدماء هو الدوافع والأسباب السياسية وحب الهيمنة والسيطرة وتحقيق الطموحات والأمجاد الشخصية ..لقد تحول ذلك العصر الذى نعيش فيه إلى عصر دموى يضاف إلى مصاف عصور القهر والبربرية التى عاشها العالم وعانى من ويلاتها وكانت بمثابة خبرة مريرة تناقلتها الأجيال ورأت فيها لعنة ونقمة على البشرية سعت إلى تحاشها وحرصت على عدم تكرارها.. ولكن فيما يبدو أن الدم قد صار لعنة تلاحق العالم وفى كل يوم تصافح عيون العالم تلك المشاهد الدامية والمؤلمة للقتلى من الأطفال فى حلب والموصل والذين لطخت صفحات كراساتهم بدمائهم والتى تبعثرت أوراقها مع أشلاء أجسادهم الرقيقة تحت تلك الدعاوى الزائفة ..ذلك هو الباطل الذى يأتينا من بين أيديهم وهم يلونون حياتنا بلون الدماء التى صارت تلون خريطة الوطن العربى وكل رقعة فيه.. لقد ابتليت المنطقة العربية بالإرهاب الذى أسهمت فى خلقه الصهيونية بالتعاون مع العديد من الدول صاحبة المصالح فى تلك المنطقة التى شاء القدر أن تكون هى محور العالم وصرته وقاعدته التى يرتكز عليها والتى لايمكن لهذه الدول أن تحقق أحلامها فى الهيمنة والسيطرة العالمية دون إحكام قبضتها عليها.. إن حلم بناء الدولة العالمية يبدأ من هذه المنطقة كما أنها هى المنطقة التى يوجد بها أحلام الإمبراطوريات القديمة وأهمها حلم بناء واستعادة ما يعرف بالملك الصهيونى، أى دولة إسرائيل الكبرى التى تمتد من النيل إلى الفرات حسب ما يؤمنون به .. إن ذلك الحلم الذى بالنسبة لهم هو حقيقة قاطعة لا تقبل الجدل هو الذى يحرك الأحداث الدامية فى المنطقة وتلك المشاهد المؤلمة والمروعة وهو الذى وراء الخراب الذى حل بالعراق وكل صور العنف والتطرف البربرية.. هو الذى يقف وراء رحى العنف المجنون فى سوريا وهو اليد التى تسفك دماء الأطفال وتحرق المساجد والكنائس وتدمرها وهى التى تقف وراء تلك الفتن الطائفية ما بين الأديان والمذاهب داخل الديانة الواحدة.. ذلك هو الفاعل والجانى الحقيقى وهو المرتكب لهذه الجرائم أما تلك الجماعات والحركات والتنظيمات الجهادية ما هى إلا أدوات يحركونها كيفما شاءوا هى بمثابة آلات قتل وتدميروهم قد تم تغييبهم من خلال تلك الوسائل المعروفة وهى التسميم السياسى والبث العقائدى وغسيل المخ.. من الأمور التى يجب أن تؤخذ فى الحسبان هى أن هذه المنطقة هى منطقة صراع وصدام ما بين الحضارات التى يقف وراءها تلك الأحلام الإمبراطورية مثل حلم الخلافة العثمانية الذى تقوده تركيا وحلم الإمبراطورية الفارسية التى تقوده إيران.. من ثم لابد أن تسعى كل منها لإزاحة الأخرى والتخلص منها ومن قبل ذلك لابد من إضعاف دول المنطقة وتفكيكها وتحويلها إلى فرق وشيع متناحرة ومتقاتلة كما هو حادث الآن.