رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مافيا الاحتكار.. والتلاعب بالأسواق «2-2»


استكمالا لمقال أمس ننتقل إلى أزمة الأرز وارتفاع أسعاره فى الأسواق، سنجد أن وزارة التموين والتجارة الداخلية فى عهد الدكتور خالد حنفى تتحمل الجانب الأكبر منها، عندما سمحت بتصدير كميات كبيرة منه فى بداية الموسم الماضى بدعوى أن الإنتاج المحلى يغطى احتياجات السوق ويزيد، وعندما تفاقمت الأزمة فتحت الوزارة الباب على مصراعيه أمام كبار المستوردين لتغطية احتياجات السوق المحلية من هذه السلعة الاستراتيجية ومن واقع الأرقام الرسمية يمكن القول إن إنتاجنا من الأرز يحقق فائضًا بنحو مليون طن عن احتياجات السوق المحلية، ومن ثم فإن شُح المعروض منه، وزيادة الأسعار بشكل مبالغ فيه يؤكد أن هناك تلاعبات فى هذه السلع الإستراتيجية، ولا يمكن إغفال الدور الذى لعبته قيادات وزارة التموين فى الأزمة الراهنة، سواء باتخاذ قرارات غير مدروسة أو بإفساح المجال لمافيا التجاروالمستوردين لزيادة الاحتكار وإحكام سيطرتهم على حجم المعروض من الأرز فى السوق وليس أدل على ذلك مما قالته الدكتورة منى الجرف رئيس جهاز «حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية»، بأن الجهاز يعكف حاليًا على دراسة ملف الاحتكار، للتحقق من وجود ممارسات ضارة يقوم بها البعض، خاصة أن على الرغم من وجود فائض كبير من الإنتاج فإن الفترة الماضية شهدت أزمة كبيرة أدت إلى ارتفاع الأسعار، ما دفع الجهاز إلى فتح الملف للفصل فيه.

إن الدراسات المبدئية حول سوق الأرز، كشفت عن أن أغلب البيانات والأرقام المتداولة فى السوق غير دقيقة، ووجود تهريب بنسب كبيرة جدًا إلى أسواق خارجية، مؤكدة أن الجهاز ليس دوره ضبط الأسعار، وإنما التحقيق فيما إذا كانت هناك ممارسات احتكارية تضر بالمنافسة فى الأسواق من عدمه، لافتة إلى أن ضبط الأسعار من اختصاص وزارة التموين، لأن لديها صلاحيات أوسع وأكثر مرونة وسرعة فى اتخاذ الإجراءات من الجهاز، بينما عمل الجهاز المتمثل فى دراسة سلعة بعينها خلال فترة زمنية محددة يتطلب وقتًا أطول لتجميع البيانات وفحصها والتأكد منها، ثم التحقق من وجود اتفاق بين المنتجين أو التجار لمنع سلعة معينة عن الأسواق أو زيادة سعرها.

بعيدًا عن الردود الدبلوماسية لبعض المسئولين، يمكن القول إن الأزمات الراهنة لا تحتاج إلى مزيد من الوقت والتمحيص، خاصة أن هذه السلع ليست من الكماليات، والمواطن البسيط لا يملك رفاهية الانتظار، فضلاً عن أن الذين يتحكمون فى الأسواق معروفون بالاسم لدى أجهزة الدولة، ويمكن إثبات ضلوعهم فى ارتكاب تلاعبات وممارسات أضرت بملايين المصريين ووضعت البلاد فى أزمات حقيقية لا يمكن السكوت عليها أو تجاهلها لأى سبب من الأسباب. وإذا كانت بعض الأجهزة الرقابية على الأسواق تتحجج بأنها تقوم بدراسة ما يشهده السوق من ممارسات ضارة بالمستهلكين، فقد قمنا بتقصى آراء بعض المسئولين والمراقبين لتجارة السلع الغذائية، للحصول منهم على أسماء أباطرة السوق.. ووفق ما توصلنا إليه فقد وجدنا أن هناك نحو 100 رجل أعمال يفرضون سطوتهم على حركة تجارة السلع الإستراتيجية فى مصر.